رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لم يكن هذا هو استخدام المسيح الوحيد للثعلب، لكن في موقف أخر نقرأ «فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَقَدَّمَ بَعْضُ الْفَرِّيسِيِّينَ قَائِلِينَ لَهُ: اخْرُجْ وَاذْهَبْ مِنْ ههُنَا، لأَنَّ هِيرُودُسَ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَكَ. فَقَالَ لَهُمُ: امْضُوا وَقُولُوا لِهذَا الثَّعْلَبِ: هَا أَنَا أُخْرِجُ شَيَاطِينَ، وَأَشْفِي الْيَوْمَ وَغَدًا، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ أُكَمَّلُ» (لوقا١٣: ٣١، ٣٢). وهنا أكثر من قصد لوصف المسيح لهيرودس بأنه ثعلب. القصد الأول، هو وصف مكر هيرودس الشديد، فقبلها بثلاثة إصحاحات نقرأ «فسَمِعَ هِيرُودُسُ رَئِيسُ الرُّبْعِ بِجَمِيعِ مَا كَانَ مِنْهُ، وَارْتَابَ... وَكَانَ يَطْلُبُ أَنْ يَرَاهُ» (لوقا٩: ٧، ٩). فبينما كان هيرودس هو المرتعب من المسيح، وفي نفس الوقت كان يطلب أن يراه، فإذ به يُرسل رسالة تهديد للمسيح، لكي يخرج من مناطق سُلطته في الجليل، على اعتبار أن المسيح هو الخائف منه وليس العكس!! وهنا قمة الخبث. أما القصد الثاني، فقد كان توبيخ المسيح لمكر الفريسيين أنفسهم، لأنهم حملوا رسالة تهديد هيرودس للمسيح بكل فرح، وهم يقولون: اخرج واهرب من هنا، وكأنَّ الفريسيين قلقون على حياة المسيح، وهم من قاموا بعدة محاولات لاغتياله علنًا!! أما القصد الثالث من استخدام المسيح لوصف هيرودس كثعلب، هو نفي صفة الهروب عن المسيح نفسه!! فمن المعروف أن الأوجرة التي تحفرها الثعالب في الصخور تحتوي على العديد من المخارج، لتتمكن من الفرار إذا تعرضت لهجوم الحيوانات المفترسة، والمعنى المقصود من المسيح، أنه لا يحتاج للهرب (مثل الثعالب) من أي أخطار طالما في مشيئة الله، وسيُكمل خدمته حتى الصليب، وهذا تم بالفعل فنقرأ «فَلَمَّا أَخَذَ يَسُوعُ الْخَلَّ قَالَ: قَدْ أُكْمِلَ. وَنَكَّسَ رَأْسَهُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ» (يوحنا١٩: ٣٠)، وهنا كان للمسيح مكان يسند فيه رأسه. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|