حقًا كان داود الملك محصورًا وسط المرّ، فمن جانب رأى ابنه وصديقه الحميم اتفقا معًا على قتله، ومدينته المحبوبة لديه صارت مركزًا للمؤامرات يسودها العنف والغش والمؤامرات في الداخل وحول أسوارها. لقد اشتهى أن تنطلق نفسه كحمامة إلى السماء، فتستريح أعماقه في أحضان الرب. هكذا أيضًا المؤمن، إذ يجد العدو الحقيقي الخطير هو أهل بيته، حين يجد اقرب من له: جسده وعواطفه وأحاسيسه تثور على نفسه، لكي تنتزع ملكوت الله من داخلها. ليس من عدو أخطر للإنسان من الإنسان نفسه، فإن لم يطلب إبادة مملكة إبليس وتحطيم سلطانه في داخل نفسه لا يتمتع بسلام المسيح ومجده الداخلي.
لنهرب من أنفسنا بالالتصاق بذاك الذي يرد لنا صورتنا الأصلية، فتتناغم الروح مع الجسد، وتعمل كل الطاقات للبنيان.
لنشكو للرب خاصتنا الداخلية، فيبدد الشر الذي فيها، ويحوَّلها من روح العداوة إلى روح الحب الصادق. فقد اختبر السيد المسيح ذلك، ليس من حيث جسده ومشاعره، وإنما من حيث أقربائه الذين أسلموه للموت، لكن من رجع منهم إليه بالإيمان صاروا عاملين لحسابه.