رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الصّليبُ وبِرُّ الله لنوضِحْ مَعنى كلمةِ بِرِّ الله: إنطلاقًا منْ مفهومِ القدّيسِ بولسَ أنَّ الإنسانَ كانَ يسيرُ نحوَ الهلاكِ الأبَديِّ واللهُ هُوَ الّذي قامَ بِدَفْعِ الدّيْنِ عَنِ الإنسانِ ليفتَدِيَهُ، فقدْ أجْلَسَ الرّبَّ يسوعَ كإنسانٍ عنْ يمينِهِ، وبَرَّرَ كلَّ مَنْ يؤمِنُ بِهِ تبريرًا مَجّانيَّا بِنعمةِ الرّوحِ القُدُسِ " «متبرِّرينَ مجّانًا بنعمتِهِ بالفِداءِ الّذي بِيسوعَ المسيحِ، الّذي قدَّمَهُ اللهُ كَفّارةً، بالإيمانِ بِدمِهِ. ليكونَ (اللهُ) بارًّا ويبرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ الإيمانِ بِيسوعَ» (رو3: 21-26). تساءَلَ أيّوبُ الصِّدِّيقُ متحيِّرًا: «كيفَ يتَبَرَّرُ الإنسانُ عندَ اللهِ؟» (أيّوب9: 2). لقدْ كانَ أيّوبُ يعرفُ أنَّ اللهَ غفورٌ رحيمٌ، لكنّهُ كانَ يعرِفُ أيضًا أنّهُ بارٌّ وعادلٌ. فإذا كانتْ محبّةُ اللهِ ورحمتُهُ تريدانِ مسامَحَةَ الخاطئِ، فإنَّ عدلَهُ وبِرَّهُ يحتِّمانِ إدانةَ الخاطئِ. وكأنَّنا هُنا في موقفِ قضاءٍ، فيهِ يَطلُبُ ممثِّلُ الادّعاءِ إيقاعَ أقصى العقوباتِ بمذنبٍ استهانَ بالمبادئِ السّماويّةِ وأخطأَ ضدَّ خالقِهِ، ويطلبُ ممثِّلُ الدّفاعِ استعمالَ الرأفةِ معَ المُتَّهَمِ المسكينِ، ويطالبُ لَهُ بالبراءةِ. لكنَّ قضيَّتنا لمْ يكنْ فيها الادِّعاءُ شخصًا والمحامي شخصًا آخرَ، بلْ إنّهما صفاتُ اللهِ الواحدِ ذاتُها: اللهُ الرحيمُ والبارُّ في آنٍ معًا، المحبُّ ولكنِ العادلُ في الوقتِ نفسِهِ. تَرِدُ عبارةٌ ملفتَةٌ للنّظَرِ في نبؤةِ أشعياء تقولُ: إنّ اللهّ «إلهٌ بارٌّ ومخلِّصٌ» (أش45: 21). فكيفَ يكونُ اللهُ بارًّا ومخلِّصًا في آنٍ معاً؟ كيفَ للهِ البارِّ أنْ يخلِّصَ الإنسانَ؟ أو بالأحرى كيف َيبرّرُ اللهُ الإنسانَ المذنِبَ النَجسَ؟ (أمثال17: 15). الجوابُ في الصّليبِ: لَمْ يسمحِ اللهُ للشرِّ أنْ يمرَّ مِنْ دونِ عقابٍ، ولكنّهُ أصغى إلى رغبتِهِ في خلاصِ الخاطئِ؛ فلَوْ أنّهُ سامَحَهُ هَكذا مِنْ دونِ كفّارَةِ، لما كانَ اللهُ في هذه الحالةِ قدْ تَصرَّفَ بالبرِّ معَ الخطأةِ، لكنَّ الصّليبَ أظهرَ برَّ اللهِ في إدانة الخطيئةِ، وأيضًا في تبريرِ الخاطئِ وقدْ أدّى يسوعُ الفديةَ عنّا نحنُ الخطأةِ. «الرّحمةُ والحقُّ التقيا، البرُّ والسّلامُ تلاثَما» (مز85: 10). فكِلا الرّحمةِ والعدلِ أصبحا يُطالبانِ بتبريرِ المذنبِ الّذي آمنَ بالمسيحِ. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الصّليبُ وبيانُ محبّةِ اللهِ |
الصّليبُ والأنا المَبْذولةُ |
لماذا الصّليبُ؟ |
نَرْسمُ الصّليبَ على جبهَتِنا، ثُمَّ على قلبِنا |
إذا أردتَ أنْ تكونَ مسيحيًّا، عليكَ أنْ تحمِلَ الصّليبَ |