الراهب القمص إبراهيم الأنبا بولا -
ارجعي يا نفسي
كما علمتني كنيستي: "أقوم الآن وأرجع إلي أبي وأقول له يا أبت أخطأت إلي السماء وقدامك" (لو15: 18) أقوم وأرجع وأقف بجانب أبي، لا أعاند لا أقاوم إرادته، بل أخضع له لكي يقدر أن يجدد ويغير حياتي، وأجمع أفكاري وأقدمها له لكي يعطيني نعمه " وأقدر أن أحبه بكل فكري بكل قلبي، بكل قدرتي، كما أوصاني (مت 22: 37) لأنه لا يريد أن يخلصني بدون إرادتي..
انتبه إلي: "من ليس معي فقد عاندني ومن لا يجمع معي فهو يفرق" (لو 11:23).
1 – أرجع إليه 2 – لا أعانده 3 – أجمع معه
(1) أرجع إليه: "ارجعوا إليَّ أرجع إليكم" (ملا 3: 7).
* أرجع عن ذاتي وأتواضع، أرجع عن خبراتي وأتعلم، أرجع إلي مصدر التعليم، إلي أصل الطريق، إلي حضن المسيح، لذلك هكذا قال الرب: "إن رجعت أرجعك فتقف أمامي" (ار15: 19) "ولا أقطع عنك الإحسان وأجعل مخافتي في قلبك فلا تحيد عني "(ار 32: 40).
*أرجع عن محبة العالم: " لأنه لا يقدر أحد أن يعبد سيدين" (لو16: 13) لا أطمع ولا أشتهي مما في هذه الحياة، بل أرفع عينيَّ إلي السماء، إلي الهدف،إلي أبي لكي يجذبني ورائه.
*أرجع عن دنسي ونجاستي: ليشرق بنور فيَّ. كما قال مار افرام: طوبي للذي يحب القداسة مثل النور ولا يدنس جسده بالأعمال الشريرة أمام أعين الرب. فأرجع إلي سمائي، إلي كنيستي، إلي بيتي، إلي صورتي، إلي مجدي، فمن رجع فعلًا إلي الرب يتمسك به ويلتصق به، كما التصقت راعوث بحماتها، وقالت: "لا تلحي على أن أتركك وأرجع عنك لأنه حيثما ذهبت أذهب، وحيثما بت أبيت. شعبك شعبي وإلهك إلهي" (را 1: 16) وهنا يفرح بي الرب ويفتح أحضانه ويضمني إليه، ويقول: "قد محوت كغيم ذنوبك وكسحابه خطاياك، أرجع إليَّ لأني فديتك" (أش 44: 22) أنا أقتنيتك. أنت لي.
(2) لا أعانده: سبب العناد: الكبرياء، الطمع، النجاسة.
*كبرياء الابن الضال جعله: يعاند أباه ويتعدي وصاياه وسلطته، وطلب نصيبه وأعتبره كأنه ميت أعتبر أباه لا شيء، وأنه يفهم أحسن وأكثر منه.
وبالطمع: ظن أن حريته خارج بيت أبيه وسلطانه والمعيشة معه.
وبالنجاسة: انخدع بكلام أصدقاء السوء والمعاشرات الرديئة..
* "لا تعاند فيفتح لك الرب أذن" كما (أش 50: 4، 5) "السيد الرب فتح لي أذنًا، وأنا لم أعاند إلي الوراء لم أرتد. لأنه يوقظ (يضيف) كل صباح لي أذنًا (فهم جديد، خبره جديدة) لأسمع كالمتعلمين".
*عندما يعطيني الرب روحه لا أعاند أسمع، أفهم، أستنير، حب، أتكلم معه ولا أعانده.
(3) أجمع معه: أجمع ذاتي.. بيتي.. أهلي..
*أجمع ذاتي: فيه بالإتحاد به بشركة أسراره المقدسة، وبوصاياه "أنسي ما هو وراء، وأمتد إلي الإمام" (في 3: 13).
*أجمع بيتي: "بالحكمة يُبني البيت وبالفهم يثبت" (أم 24: 3). بروح الله وحكمته ونعمته نقف ضد الشيطان الذي يقسم النفس ضد الروح، والأخ ضد أخاه، والكنيسة ضد الخدام والشعب والعالم يفرَّق بين الغني والفقير، الأسود والأبيض، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. لذا قال رب المجد: "كل مملكه منقسمة على ذاتها تخرب" (لو 11:17) إمَّا بالتضحية والبذل نزيل الخلاف بيننا، "مثل إبراهيم مع لوط" (تك 13:8) "فنسامح ونغفر 70 مره سبع مرات" (مت 18: 22).
*أجمع أهلي: بأعمال الرحمة والمحبة، حتى تذوب نفسي في كل إخوتي، وبأصبع الله أجمع معه أي بروحه صاحب المواهب المتنوعة الذي يعمل في تكميل القديسين لعمل الخدمة، "ولبنيان جسد المسيح" (أف 4: 12) فأكون كموسي الحليم الذي أتكل الرب عليه وأختاره ليعمل معه وأمره قائلًا:
"اجمع لي الشعب فأسمعهم كلامي، ليتعلموا أن يخافوني.. ويُعلموا أولادهم" (تث 4: 10).
أنطلق معه تحب وتبذل، تجمع وتوحد معه.
هيا تحرر من ذاتك، من شهواتك، من أفكارك.