المحنطون
قلما حنط العبرانيين موتاهم (تكوين2: 50و 26 وقارن2 أخبار14: 16 ويوحنا 39: 19), أما المصريون فكانوا يمارسونه منذ أقدم العصور. وكان المحنطون طائفة كبيرة العدد, وكانوا يسكنون في المدافن, وكان المحنطون والأطباء يحسبون من ضمن الكهنة. وكانوا ينقسمون إلى ثلاث فرق: الفرقة الأولى كانت تقوم بفتح الجثة, والثانية كانت تهتم بالأطياب والعطور والعقاقير, والثالثة كانت تقود الطقوس الدينية عند وضع الجثة في المدفن. وفي عصر الأسرة الثامنة عشرة وصلوا بفنهم إلى حد الكمال الأقصى. فكان المخ يسحب من الأنف بخطاف حديدي, ويملأ مكانه بالتوابل. وكانت الأحشاء تنزع, وتجويف البطن يغسل بواسطة حقنة بخمر البلح, ثم يملأ بمسحوق من المر والقثاء الهندي, و القرفة, والتوابل الأخرى. ثم تنقع الجثة كلها في النطرون (محلول ملح البارود) وتترك فيه نحو 70 يومًا. ثم تلف في لفافات أو عصائب عرضها 3 أو 4 بوصات فقط, لبوصات فقط, لكنها كانت تصل في الطول إلى 700, أو ربما إلى 1000 ياردة. وكان يستخدم الصمغ العربي لحفظ اللفافات في مكانها, وأخيرًا بعد أن تحنط الجثة, كانت توضع في تابوت من خشب الجميز أو الحجر أو الفخار, مصنوع على شكل إنسان, ومنقوش وملون ليمثل الشخص الراحل.
و كثيرًا ما كانت توضع في صندوق آخر خارجي من الخشب أو تابوت حجري. والطريقة الأقل نفقة لم تكن تتطلب فتح الجثة, بل كانت تذاب الأعشاب بواسطة حقنها بزيت الأرز. وفي حالة الفقراء, كان التجويف البطني يغسل فقط وينقع في النطرون. وبحسب المؤرخ ديودوروس سيكولوس, كان دفن إنسان غني يكلف نحو خمسمائة جنيهًا, وكان هناك نوع من التحنيط أرخص جدًا لعامة الشعب. وتوقف التحنيط نحو 500م. ويوجد كثير من الموميات في المتاحف. وعندما تنزع اللفافات عن إحداها وتتعرض للهواء تتفتت.
وحنط بنو إسرائيل جثتي يعقوب ويوسف ليحافظوا عليهما لينقلوهما إلى أرض كنعان (تك2: 50 و26). ووضع آسا في سرير ملآن بالأطياب والعطور (2 أخبار14: 16). وأعدَّت النساء حنوطًا, كما أعد نيقوديموس مرًا وعودًا لتكفين جسد المسيح.