
وديعًا:
إن كانت سيرة القديس هي لغة الكرازة الحية، فأن الوداعة -في عيني القديس يوحنا- هي أهم أساسياتها.
إن كانت الخطية تجرح النفس وتذلها، فالخطاة محتاجون لا إلى من يزيد جراحاتهم بالغضب، بل إلى من يسندهم بوداعته.
هذا ما اكتشفه القديس يوحنا في معلمنا بولس الرسول، فأنه حتى إن أراد أن يوبخ "إنما قليلًا وبلطف(114)"، مستخدمًا الوداعة بكثرة، لأن الخطية تجعل الإنسان قاسيًا، فأن وبخهم الكارز بقسوة صار الإنسان جافًا ومتجاسرًا، "أما أن تلطف معه فأنه ينحني عنقه وتزول جسارته ويصير نظره مطرقًا نحو الأرض(115)".
"لا يوجد شيء يفيد الآخرين ويجتذب القلوب لله أكثر من وداعة من يكون مهانًا ومستهزءًا به ومثلوبًا ومعيرًا، يحتمل هذا كله بوجه باش وهدوء عظيم كأنه لا يشعر بشيء(116)".
"إن كان الأسقف ذا طبع ثائر، فانه يجلب كوارث عظيمة له ولأخوته(117)".
من من الجموع يمكن أن يكون وديعًا إن رأى قائده سريع التهيج؟!(118)".