هل تحسب أني سأحاسب وحدى
علي خطاياي ؟ كلا ، بـل أنكــــــــم
ستقتسمون الحســـاب مـعي . فــلو
اعتنت بي الكنيســــــــــــة ما كنـت
أصــــــــل إلي هـــذه الحالــــــة !!}
مــســــــاكــــيــن
**************
قال لي وهو ينفث دخان سيجارته في وجهي :
{ لعلك تعجب من حالتي الآن }
فنظرت إلي شعره الطويل المصفف اللامع
وعينيه الغائرتين ، واسنانه الصفراء ،
واصابعه المرتعشة في عصبية ظاهرة ، وشعرت نحوه بكثير من الأشفاق ..
أنه واحد من الذين فداهم المسيح بدمه . وقبل أن أجيبه بشئ استطرد في مرارة:
{ أنني لم أكن هكذا كما تعلم ..}
كنت قوي الروح ،رضي الخلق ، مواظبا علي الكنيسة ،
ثم أخذت أفتر شيئاً فشيئاً حتي انقطعت عن حضور الإجتماعات
فلم تفتقدني الكنيسة أو تسع لارجاعي ،
وزاد غيابي وزاد معه فتوري ، وضعفت ارادتي ،
وظللت أهوي من قمتي العالية قليلا دون أن يفتقدني أحد .. إلي أن أفتقدني الشيطان ...
وعندما أتي وجد قلبي مزينا مفروشا ووجد أرادتي منحلة ،
ولم يجد حولي انجيلا ولا صلاة ولا واحد من المرشدين الروحيين ،
وهكذا ضعت فريسة سهلة ، وسرت في الظلام ..
الظلام المحبوب الذي احبه الناس أكثر من النور
وهز رأسه في هدوء وقال :
{ أنني أشتري الآن أربع علب من التبغ كل يوم }
وشهقت في دهشة وألم
{ وأذهب إلي دور الخيالة ما لا يقل عن ثلاث مرات في الأسبوع ،
واقرأ القصص العابثة وأتسلي بالأغاني الماجنة .
وأصطحب جماعة كأنهم من زبانية الجحيم ..
في بدء سقوطي كنت أقاوم الخطيئة ولا استطيع لضعف أرادتي ..
أما الآن فأني لا أقاوم علي الأطلاق
ثم ضحك في استهتار وقال :
{ بل أخشي أن أقول أن الخطية هي التي تقاومني ،
ولكنها لا تستطيع لضعف أرادتها }!
وكنت خلال ذلك حزينا جدا ،
أما هو فنظر إليّ نظرة قاسية وقال في حدة :
{هل تحسب أنني سأحاسب وحدي علي خطاياي }
. كلا .
بل أنكم ستقتسمون الحساب معي .
{ فلو اعتنت بي الكنيسة ما وصلت إلي هذه الحالة }.
ليس المهم يا صديقي القارئ أن اكمل لك قصة هذا الشاب
فإنها واحدة من شبيهات كثيرات .
علي أنني أقول لك أنني رجعت إلي منزلي في تلك الليلة
وأنا في غاية الألم من اجله ومن أجل نفسي .
أخذت اسائل نفسي في صراحة :
كم شخص مثل هذا تدهورت حالته نتيجة لعدم افتقادي وعدم أهتمامي ؟
وأخذت استعرض أسماء الذين لم أفتقدهم منذ مدة ،
وأنتابني خوف وهلع ، وشعرت نحوهم بكثير من القلق ،
ثم تساءلت :
العل وجودي خادما هو معطل لخدمة الله .
ورنت في أذني عبارة الشاب
{ أنكم ستقتسمون الحساب معي }
وتذكرت قول القديس يعقوب الرسول :
{لا تكونوا معلمين كثيرين يا أخوتي
عالمين أننا ناخذ دينونة أعظم لأننا في اشياء كثيرة نعثر جميعاً }.
ولما استمرت حالة الاضطراب مدة معي ، طلبت أعفائي من الخدمة ،
وإذ رفض طلبي أرتميت أمام الله وبكيت بكاءاً مرا
عرفت أنني مسكين ..
مسكين عندما رضيت أن أكون خادماً ولم أقل عبارة أرميا
{ آه يا سيد الرب أني لا اعرف أن أتكلم لأني ولد }
ومسكين عندما كنت أحسب الدرس مجرد محاضرة
القيها في هدوء وأنصرف في هدوء .