رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سرّ التّجسّد، في سبيل أنسنة الإنسان سرّ التّجسّد، في سبيل أنسنة الإنسان. أنت مسيحيّ إذن أنت إنسان. الإنسانيّة امتياز إلهيّ وجمال فكر وقلب أُبدِعَ على صورة الله كمثاله. الإنسان على صورة الله كمثاله، أي أنّ الإنسان له عقل يفكّر وقلب يحبّ، ويشترك العقل والقلب معاً في تحقيق صورة الله في العالم. ولا يكون الإنسان إنساناً، أو بمعنى أصح يبقى مشروع إنسان إلى أن يحقّق في ذاته صورة الله وينقلها إلى الآخر فتتحقّق إنسانيّته الكاملة. وكي يتمكّن الإنسان من تلمّس كيفيّة تحقيق هذه الصّورة، لا بدّ له أن ينظر إلى يسوع المسيح ويدخل في تفاصيله، لا أن يكتفي بالإعجاب به أو النّظر إليه على أنّه كائن بعيد أو أنّه ليس باستطاعتنا الاقتداء به. "الحقّ الحقّ أقول لكم: من يؤمن بي فالأعمال الّتي أنا أعملها يعملها هو أيضاّ، ويعمل أعظم منها" ( يوحنا 12:14). العمل الأوّل في حياة الإنسان هو تحقيق إنسانيّته بيسوع المسيح. والإنسانيّة تتحقّق بعاملين أساسيَّيْن: أولاً: احترام الآخر على أنّه كائن يخصّ الله: إنّ العامل الّذي يجرّ الإنسان إلى نبذ الآخر هو شعوره بأنّه وحده الكائن في هذا العالم، وأنّه وحده الّذي يحقّ له أن يمتلك الحقّ في الحياة والاستمتاع بها نابذاً حقّ أخيه الإنسان ومتغافلاً عن احترام كينونته كمخلوق مثله بيد المحبّة الإلهيّة وكأخ له في الإنسانيّة. كلّنا متساوون على مستوى المحبّة الإلهيّة ولا يتميّز واحدنا عن الآخر إلّا بقدر المحبّة الّتي يتفاعل بها كلّ واحد منا مع الله. ولمّا كان كلّ واحد منّا مخلوق على صورة الله كمثاله وجب علينا احترام بعضنا البعض على هذا الأساس. إنّ كلمة احترام لا تعني الذّوبان في الآخر أو الرّضوخ له أو موافقته على كلّ آرائه وتطلّعاته، وإنّما الاحترام يعني عدم التّسبّب له بأيّة أذيّة معنويّة كانت أم ماديّة بدءاً من الكلام والظّن السّيّء إلى الإهانة الجسديّة والمعنوية. الإنسانيّة خلاقة ومبدعة ومتى لمسها الآخر فينا تلمّس رحمة الله ومحبّته. كان يمكن ليسوع المسيح أن يشفي الأبرص من بعيد دون أن يلمسه، ولكنّ الربّ أراد أن يتعامل مع إنسانيّته المجروحة ويعيد لها كرامتها. "فأتى إليه أبرص يطلب إليه جاثياً وقائلاً له: إن شئت فأنت قادر أن تطهّرني، فتحنّن يسوع ومدّ يده ولمسه وقال له: «قد شئت، فاطهر!». ( لو 41،40:1). والعبارة المؤثّرة والمعبّرة عن رقيّ وسموّ إنسانيّين ( تحنّن يسوع)، تدلّ على أنّ يسوع رأى إنسانيّة الأبرص المعذّبة والمتألّمة والمجروحة في عمقها. فمدّ يده ولمسه متجاهلاً أحكام الشّريعة في حقّ من يصاب بالبرص لأنّ الإنسان كريم في عينيّ الرّبّ وأهمّ من كلّ شيء. كذلك في تعامله مع المرأة الخاطئة: "قال لها: " يا امرأة، أين هم أولئك المشتكون عليك؟ أما دانك أحد؟" فقالت: "لا أحد، يا سيد!". فقال لها يسوع: "ولا أنا أدينك. اذهبي ولا تخطئي أيضاً". ( ولا أنا أدينك) عبارة قويّة وعظيمة من فم من له سلطان الإدانة، وكان يمكن أن يقول لها بضع كلمات تنبّهها إلى قباحة سلوكها. إلّا أنّ السّيّد حاكى إنسانيّتها وكرامتها الإنسانيّة واكتفى بقوله: " اذهبي ولا تخطئي أيضاً" . ولا بدّ أن تلك المرأة لم تعد إلى الخطيئة لأنّ العمل الإنسانيّ أعظم من أيّة عظة وأرقى من أيّة نظرة سلبيّة بحقّ الإنسان. 2- محبّة الآخر محبّة الّذات. لقد أحبّنا يسوع حبّه لذاته ولربّما أكثر وإلّا لما تجسّد ومات وقام من أجل خلاصنا، ولكان اكتفى بأن يخلّصنا بإشارة. أحبّنا يسوع بالفعل وأثبت عن حبّ يفوق قدرة الإنسان على تصوّره. ونحتاج إلى قرون كي نتلمّس سرّ هذا الحبّ. ونحن مدعوّون بيسوع المسيح لأن نحبّ الآخر حبنا لذواتنا، وللتّعامل معه كما نتعامل مع ذواتنا. هي الطّريقة الأمثل لتحقيق محبّة الآخر في الله وتحقيق محبّة الله في الآخر. فبما أنّ كلّ واحد منّا يخصّ الله بالتّالي إذا أحببنا الآخر أحببنا الله والعكس صحيح. ولمّا كان الله قد حلّ فينا فكلّ فعل حبّ واحترام نكنّه للآخر يكون لله. ومهما عبّرنا عن محبّتنا لله بالقول والفعل وسعينا جاهدين لتحقيق هذه المحبّة في الآخر نبقى مقصّرين لأنّ الله أحبّنا أكثر. بمقدار ما نلج في سرّ المسيح المتجسّد بذات المقدار نقترب من إنسانيّتنا ونرتقي ونرتفع إلى مستوى المسيح. وبقدر ما نتمسّك بأنانيّتنا وتكبّرنا، بقدر ما نبتعد ونتوه عن المحبّة الإلهيّة وعن صورة الله فينا وبالتّالي عن إنسانيّتنا. فالإنسانيّة الحقّة والبهيّة هي صورة المسيح الآتي إلى العالم ليرمّم فينا صورته الّتي شوّهنا ملامحها بانحدارنا إلى ما دون الإنسانيّة. إنّ الّذي به خُلق كلّ شيء، نظر إلى كرامتنا الإنسانيّة وشاء أن يرفعها ويرتقي بها إلى درجات الألوهة. نظر إلى قلوبنا وأحبّنا ومدّ يده فلمسنا لنطهر فخلقنا من جديد وأحيانا. وحده الّذي له العزّة والمجد والإكرام، الآن وكلّ أوان وإلى دهر الدّاهرين . أمين. |
26 - 12 - 2017, 10:15 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: سرّ التّجسّد في سبيل أنسنة الإنسان
موضوع مثمر وجميل
ربنا يفرح قلبك |
||||
26 - 12 - 2017, 11:26 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: سرّ التّجسّد في سبيل أنسنة الإنسان
ربنا يفرح قلبك
|
||||
26 - 12 - 2017, 01:10 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: سرّ التّجسّد في سبيل أنسنة الإنسان
شكرا على المرور |
||||
26 - 12 - 2017, 02:35 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
..::| الإدارة العامة |::..
|
رد: سرّ التّجسّد في سبيل أنسنة الإنسان
ميرسي مرمر على الموضوع الجميل
ربنا يفرح قلبك |
||||
27 - 12 - 2017, 03:02 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: سرّ التّجسّد في سبيل أنسنة الإنسان
شكرا على المرور |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|