لستُ أعلمُ كيف يستطيع لكنني أعرف أنه يستطيع
تمتلئ صفحات الكتاب المقدس بعهديه بقصصٍ تشهد عن عظمة وسلطان وقوة الرب. منذ البداية في التكوين، نرى قدرته تتجلى بالخلق من العدم، وفي الخروج نرى كيف خلَّص شعبه من العبودية المريرة، وجعل البحر ينشق أمامهم، ويصنع لهم طريقًا ليكملوا المسيرة. وقصصًا أخرى في العهد الجديد، تشهد لإلهنا المجيد، وتعبر عن عظمته وحبه الأكيد. فنرى بداية معجزات يسوع في قانا الجليل، كيف حوَّلَ الماء إلى خمرٍ وفرَّحَ كل الجموع. ونراه في موقفٍ آخر يهدأ البحر الهائج بكلمة، ويعيد لنفوس تلاميذه السلام والأمان. حقاً لستُ أعلمُ كيف يستطيع، لكنني أعرف أنه يستطيع!
وحياتنا اليوم تمتلئ بالتحديات والصعوبات، إن كنا رجالاً ونساء، أو شباباً وشابات. فرب العائلة يفكر باستمرار كيف يعيل عائلته، والشباب يفكرون بمستقبلهم: ماذا بعد الثانوية العامة؟ ماذا بعد الجامعة؟ أين مكان العمل المناسب؟ من سأتزوج، ومن هي أو من هو شريك أو شريكة المستقبل؟ يواجه شبابنا اليوم هذه التحديات، وصعوبات أخرى مثل: امتحان القبول للجامعات، الذي أصبح اليوم من أكبر الإنجازات، كذلك كتحدي الحصول على رخصة لقيادة السيارة، حيث أمسى الأمر بحاجة إلى معجزة من المعجزات! وفي وسط كل هذه الأمور، يضطرب القلب والفكر يثور، هل أستطيع النجاح، هل أتمكن من العبور؟ لستُ أعلم كيف، لستُ أعلم هل أستطيع؟ لكنني أعرف من يستطيع! أريد في هذا المقال تشجيعكم أعزائي الشباب، في بعض النقاط حول قدرة الرب:
1) لا تتكلم عن الجبال التي في حياتك، بل كلّم أنتَ الجبل: "من أنتَ أيها الجبل العظيم، أمام زُربابل تصير سهلاً"(زكريا7:4). لكَ أن تضع أي تحدي يقف أمامك مكان كلمة "جبل"، وتعلن هذه الكلمات، من أنتِ أيتها المشكلة المادية، من أنتَ أيها الإمتحان؟ للأسف نحن بطبيعتنا سلبيين، نميل بكثرة للتكلم عن مشاكلنا وتحدياتنا، وكأنها لن تتغير. وننسى إلهنا ووعوده التي لا تتغير، فهو إله الأمس واليوم والأبد، لا تقف أمامه أعلى الجبال والسدود، تكلم إلى الجبل وقل: إلهي ليس بمحدود! إن هذا الأمر يتطلب منا الإيمان، فلقد قال يسوع: "لو كانَ لكم إيمان مثل حبة الخردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل.."(متى20:17). أطلب من الرب أن يعطيك هذا الإيمان، لكي لا يخيفك العيان، ولا ترهب من المنظور، بل يعطيك الرب أجنحة النسور لتحلق في السماوات، وتختبر حياة المعجزات.
2) رتب أولوياتك، وانتظر من الرب العمل: ان كنت تحيا حياتك وتضع الرب في مرتبه ثانية، فلا تندهش اذاً لماذا لا تستجاب صلاتك، او لماذا لا ترى أي تقدم في حياتك. فالفوضى وعدم النجاح هي نتيجة تلقائية لعدم سيادة الرب على الأمور. يقول الكتاب المقدس:"أطلبوا أولاً ملكوت الله وبره، وهذه كلها تُزاد لكم"(متى33:6). لكن بطبيعتنا نميل للعكس: نريد أن تكون وهذه كلها تزاد لكم قبل أن نطلب ملكوت الله. إن إلهنا إله غيور، ولا يحب أن يشاركه أحد، أو شيء في القلب. يجب أن يكون هو الكل في الكل، والرب على الكل. عندما يكون الرب في المركز وكل شيء يلتف حوله، سنختبر حياة البركة والقوة، وستترتب كل أمورنا تلقائياً بالترتيب الصحيح، ونختبر عظمة وقوة المسيح.
3) تمسَّك بالوعد وامتلئ بالأمل: في أيام البركة والانتعاش نتذكر وعود الرب، ونفرح بها، لكن سرعان ما نهملها وننساها عندما نتصادم مع المشاكل والمفشلات، وبدل أن نلهج بها، تتحول لغتنا إلى لغة سلبية، يائسة، وتعابير وجهنا تصبح بائسة. دعونا ننظر إلى مثالنا وقائدنا الأعلى يسوع، الذي لم تخلو حياته من الصعاب والتحديات، فهو كان مجَرّباً في كل شيء مثلنا (لأنه في ما هو قد تألم مُجرَّباً يقدر أن يعين المجربين- عبرانين18:2). ولذلك فإنه يفهمنا ويشعر بنا عندما نمر بآلام وضيقات. لقد كان الرب يسوع خلال حياته على الأرض ناظراً إلى أبيه السماوي طول الوقت، كما أنه كان يعرف المكتوب ويلهج به. ونحن يجب أن نتبع هذا المثال، عندما تسوء بنا الأحوال، وأن نبقي أعيننا على الرب الذي في السماء، وليس على الظروف الصعبة والعناء، فعندما نركز على الرب، يتغير ذهننا ويمتلأ بالرجاء، ويتغير كلامنا ويمتلأ نعمة وعزاء. أما التركيز على المشكلة والتحديق بها، ومحاولة إيجاد الحلول بمجهودنا وحكمتنا البشرية، فلن يغير شيئاً، بل بالعكس سيزيد الأمر سوءاً وتعقيداً. فبدل أن نتمسك بقوتنا وذكائنا، لنتمسك بوعد الرب وكلامه لنا. (قد علمتُ أنك تستطيع كل شيء ولا يعسر عليكَ أمر-أيوب1:42).
عندما تثور الأمواج والأمل في النجاة يضيع وعندما أكون وحدي وليس من سميع أرفع عيني إلى السماء حيث يجلس إلهي البديع وألهج باسمه،
فهو البرج الحصين المنيع وأعلن:
لست أعلم كيف، متى، أينَ لكنني أعرف أنك تستطيع!