يقول الرائي "ثم أعطيت قصبة شبه عصا، ووقف الملاك قائلًا لي: قم وقس هيكل الله والمذبح والساجدين فيه" (رؤ 11: 1).
وتفسير ذلك أن القصبة أعطيت ليوحنا للإشارة إلى أنه قد أعطى لخدام المسيح حق قياس المؤمنين، يحلون من يستحق الحل ويربطون من يستحق الربط، يقدمون لسر التناول من يرون قياسهم قانونيا، ويمنعون من يرون قياسهم ناقصا. فلا يليق بمن يتقدم للتناول ويمنعه الآب الكاهن أن يغضب ويثور، بل يجب أن يستمع للنصائح ويقبل التوجيهات. والجدير بالذكر من سلطانه أن يمنع ابنه في الاعتراف من التناول عموما مدة من الزمان كقانون تأديبي عن خطية اعترف بها، ولكن ليس من حق الكاهن أن يمنع أحدا من المؤمنين من التناول في أي كنيسة أخرى أو من أي كاهن آخر، فهذا من سلطة الأسقف فقط.
للاستحقاق معاني كثيرة منها:
1- الإيمان الصحيح بربنا يسوع المسيح، فيجب أن يكون المتقدم للتناول مؤمنًا مسيحيًا أرثوذكسيًا معمدًا في الكنيسة الأرثوذكسية، كذلك يكون مؤمنا إيمانًا قويًا بتحول الخبز إلى جسد المسيح والمزيج إلى دم المسيح وأنه يتناول جسد الرب يسوع ويشرب دمه لا محالة.
2- التوبة: فيجب أن يكون المتقدم للتناول يمارس التوبة والاعتراف بانتظام على أب اعتراف كاهن شرعي وقانوني، ويمكن للكاهن خادم الذبيحة أن يسأل المتقدم للتناول الذي لا يعرفه جيدا: هل تمارس سر الاعتراف؟ فإن جاوبه بالإيجاب ناوله وان جاوبه بالنفي منعه حتى يعترف، وهذا في صالح الشخص نفسه وفي صالح الكاهن أيضا الذي ينفذ وصية الكهنوت بدقة حتى يكون في الجانب السليم وفي ذلك يقول معلمنا بولس الرسول "ليمتحن الإنسان نفسه وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من الكأس" (1 كو 11: 28). وامتحان النفس هو محاسبتها عن خطاياها وأخطائها ثم الاعتراف بها بأمانة، في ذلك يقول القديس يوحنا ذهبي الفم "فلا يتقدم أحد غافلا ولا متراخيا بل فلنبادر جميعا بحماس وحمية ونكون ساهرين (مستعدين) لأن القصاص المعد للمشتركين بدون استحقاق ليس صغيرا". الإيمان الصحيح والتوبة النقية هما بداءة الحياة مع المسيح كما يقول معلمنا بولس الرسول "كلام بداءة المسيح التوبة عن الأعمال الميتة والإيمان بالله" (عب 6: 1).
3- الصلح مع الآخرين: يجب على من يتقدم للتناول أن يكون متصالحا مع الآخرين وليس بينه وبين أحد خصومات، ونصيحة الرب في هذا المجال واضحة وصريحة "إن قدمت قربانك إلى المذبح وهناك تذكرت أن لأخيك شيئا عليك (خصومة أو ظلم) فاترك هناك قربانك قدام المذبح، واذهب أولا اصطلح مع أخيك وحينئذ تعال وقدم قربانك" (مت 5: 23، 24). وتقرأ في قوانين القديس باسيليوس "إذا كان قوم من العلمانيين متعادين (بينهم عداوة) ويعلم الإكليروس ذلك في تعطى لهم الأسرار ولا يقبل منهم قرابين حتى يتصالحوا" (ق 91).
4- لا يكون متجاسرا على التناول كأنه يتناول طعامًا عاديًا: أو يتناوله لمجرد البركة فقط بل يكون عارفا مقدار وعظمة جسد الرب ودمه الأقدسين. فالتناول يشبه الجمرة التي قدمها السيرافيم لإشعياء النبي بعد أن اعترف بخطيته ونجاسة شفتيه "فقلت ويلي لي إني هلكت لأني إنسان نجس الشفتين.... فطار إلى واحد من السيرافيم وبيده مجمرة قد أخذها بملقط من على المذبح ومس بها فمي، وقال أن هذه قد مست شفتيك فانتزع إثمك وكفر عن خطيتك" (اش 6: 5 – 7). السيرافيم يرمز للكاهن خادم الذبيحة والملقط يرمز لأصابع ويد الكاهن التي يأخذ بها الجوهرة (مثال المجمرة) من الصينية التي على المذبح ويضعها بين شفتي المتناول.
5- الاستحقاق هو الشعور بعدم الاستحقاق وشعور الإنسان بأنه خاطئ: أن القدسات للقديسين وهو لم يصل بعد إلى القداسة، بل يجاهد لبلوغها. مهما كان الإنسان تائبا ومعترفا فليعتنق فكر معلمنا بولس الرسول المتضع المنسحق القائل "فإني لست أشعر بشيء في ذاتي لكنني لست بذلك مبررًا" (1 كو 4: 4).
يقول الكاهن: "أجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن نتناول من قدساتك". كما يصلى سرا في صلاة الحجاب قائلا "نسأل ونتضرع إلى صلاحك يا محب المبشر أن لا يكون لنا دينونة ولا لشعبك أجمع هذا السر الذي دبرته لخلاصنا بل محوا لخطايانا وغفران لتكاسلنا....".
ويقول الشماس: "صلوا من أجل التناول باستحقاق" لكي يأخذ المتناولون بركة ونعمة وتعمل الأسرار مفاعيلها الروحية في حياتهم.
وتوجه صيغة قديمة لاعتراف الشماس ما زالت مستعمله في بعض البلاد، صيغة فيها كلمات قوية ومؤثرة، نكتبها هنا كما هي:
"آمين آمين آمين. أومن أومن أومن. وأعترف أن هذا هو بالحقيقة آمين. شركة جسد ودم يسوع المسيح ابن الله الآتي إلى العالم الذي قال أنا هو خبز الحياة، من يقبل إلى فلا يجوع ومن يؤمن بي فلن يعطش أبدا. من يأكل جسدي ويشرب دمى يثبت في وأنا فيه، لأن جسدي مأكل حق ودمى مشرب حق. من يأكلني يحيا بي وأنا أقيمة في اليوم الخير".
أما من يتقدم إلى هذا الجسد المقدس والدم الكريم بغير تمييز يصير مثل يهوذا اللعين مطرودا من وسط التلاميذ.
"من كان طاهرا فليتقدم.. ومن كان عنده أثر البغضة فليهرب لئلا يحترق بنار اللاهوت. من له أذنان للسمع فليسمع"."رتلوا بنشيد الليلويا.. صلوا من اجل التناول باستحقاق من هذه الأسرار المقدسة الكريمة لمغفرة الخطايا. يا رب ارحم".