صلاة البراكليسي
في الـ15 من آب، تعيّد الكنيسة المقدسة لرقاد سيّدتنا والدة الإله. وقد رتّبت فترة استعداد مدّتها خمسة عشر يومًا يُعِدّ خلالها المؤمن نفسه لاستقبال هذا العيد المجيد، تتخلّلها صلاة يوميّة مسائيّة تُعرف باسم “خدمة البراكليسي”، كما يرافقها ما يُعرف بـ “صوم السيدة”، وهو انقطاع عن الزفرين، أي عن كل نتاج الحيوان من لحمٍ وبياض، ينتهي بعد قداس العيد.
أما البراكليسي فمعناها “الابتهال”، وهي صلاة خشوعيّة لها نواتها التي تعود الى القرن الخامس، ثم تطوّرت فاتّخذت في القرن التاسع شكل “قانون” شعريّ ذات تسع تسبيحات. وفي القرن الخامس عشر، أُضيفت الى هذا القانون الطلبات والطروباريات التي نعرفها اليوم، فاكتمل ترتيب خدمة البراكليسي بشكلها النهائي، وباتـت تُـقام في طلب شفاء مريض، وذلك إمّا في الكنيسة أو في منزل المريض. ولم تدخل حيّز العبادة الجماعية خلال النصف الأوّل من شهر آب إلّا في أواخر القرن الخامس عشر او أوائل القرن السادس عشر.
أما مضمون البراكليسي فهو مناجاة حارّة نرفعها نحن “طالبي الخلاص” “المنسقمين نفسًا وجسمًا معًا” الى “الشفيعة الحارّة” “رجاء المؤمنين” التي “وَلدت الرب المتحنّن والمقتدر” والتي “لا ترفض مجاري دموعنا” حتى “تُبادر الى الشفاعة” “لدى ربّها وابنها”، “فتشفي أمراض نفوسنا وأوجاع أجسادنا” و “تنجّينا من الشدائد والأهواء” و “من الموت والفساد”، و “من أضرار العدوّ الرديئة” (غالبا ما يَخفى علينا أن “العدو الرديء” هو الخطيئة المتمكّنة في القلب والتي تعصف به)، و”تزيل عنا حزن الخطيئة” و “الجهل” (جهْلنا الحقَّ، وجَهْلنا الصلاةَ)، و “تُخلّص شعبها ومدينتها” (وشعبها اليوم هو الرعية، ومدينتها اليوم هي قلب المؤمن). وعندما تنسى النفسُ النبيهةُ المناجية “الساجدة لأيقونة السيدة”، عندما “تنسى شعبَها وبيتَ أبيها” والمكان الذي تقف فيه، حينئذ تُخطف مع العذراء عبر سُحُب التمجيد “مع صفوف العادمي الأجساد” الى حيث يمكث ابنُ العذراء في “المدينة ذات الإثني عشر سورًا” (رؤيا21). وهكذا تكون خدمة البراكليسي أروع صلاةٍ جماعية تهيّء المؤمنين لأعظم أعياد والدة الإله.
كاهن رعيّة المحيدثة (جبل لبنان)