الضيقة العظيمة
حدثت ضيقات كثيرة وشديدة في تاريخ الأمة اليهودية مثل الضيقة التي حدثت في أيام أنطيوخوس أبيفانوس ملك سوريا في الفترة من (168 ق.م إلى 165 ق.م) وسبقت الإشارة إلى ذلك عند الكلام عن ال 2300 صباح ومساء في الفصل الأول.
كما حدثت ضيقة مريرة وشديدة في حصار أورشليم على يد تيطس الروماني إذ لاقى اليهود المحاصرون أشد الأهوال وقد سجل يوسيفوس المؤرخ اليهودي أهوال هذا الحصار وأخيراً انتصر الرومان وهدموا الأسوار والهيكل والمدينة وكان ذلك سنة 70 ميلادية.
لكن كل الضيقات التي صادفت اليهود ليست شيئاً إزاء الضيقة العظيمة التي لم تأت والتي تنبأ عنها الأنبياء.
ونجد ذكراً صريحاً لهذه الضيقة في سفر إرميا (ص 30: 6، 7) ويسميها ضيقة يعقوب – لأنها تقع بصفة خاصة على الشعب اليهودي كما أشار إليها دانيال النبي عندما ذكر في أواخر سفره عن حروب وقت النهاية (ص 11: 36 – 45) أنه في ذلك الوقت (وقت النهاية المقضى بها على شعب دانيال) يقوم ميخائيل الرئيس الملائكي القائم لمعونة البقية الصغيرة التقية من الشعب اليهودي لكي يحفظها في زمان الضيق من اضطهاد رئيس الأمة (النبي الكذاب) الذي تنقاد وراءه أغلبية الأمة غير المؤمنة. وأشار دانيال النبي في (ص 12: 1) قائلاً بأنه سيكون زمان ضيق لم يكن منذ كانت أمة إلى ذلك الوقت.
كما أشار الرب يسوع إلى هذه الضيقة عينها في متى 24: 20 – 22 بقوله "لأنه يكون حينئذ ضيق عظيم لم يكن مثله منذ ابتداء العالم إلى الآن ولن يكون ولو لم تقصر تلك الأيام لم يخلص جسد ولكن لأجل المختارين تقصر تلك الأيام.
نعم إن الرب سوف يقصرها إذ جعلها مدة محددة يقول عنها أنها ثلاث سنين ونصف (النصف الخير من الأسبوع الأخير من أسابيع دانيال السبعين) كما يقول عنها أنها 42 شهراً أو1260 يوماً (رؤيا 11: 2، 3)، (رؤ 12: 6؛ 13: 5).
وسوف يستخدم الرب هذه الضيقة لتنبيه أذهان البقية الصغيرة من الأمة اليهودية الذين سوف يرجعون تائبين للرب يسوع نظير إخوة يوسف الذين ألزمتهم المجاعة أن يذهبوا إلى مصر ليشتروا قمحاً لمجاعتهم فوقفوا أمام يوسف وجهاً لوجه – وذلك بعد 22 سنة منذ أن طرحوا يوسف أخاهم في البئر ثم باعوه للمدنيين عبداً. بعد هذه المدة الطويلة تذكروا فعلتهم وقالوا بعضهم لبعض "حقاً إننا مذنبون إلى أخينا الذي رأينا ضيقة نفسه لما استرحمنا ولم نسمع لذلك جاءت علينا هذه الضيقة" (تكوين 42: 21).
هذه الضيقة هي أشد ضيقة في تاريخ البشرية وفي بدايتها يطرح الشيطان من السماء لذا يقال "ويل لساكني الأرض والبحر لأن ابليس نزل إليكم وبع غضب عظيم عالماً أن له زماناً قليلاً" (رؤيا 12: 12) – زمناً مدته 42 شهراً وبعد ذلك يقيّد ويطرح في الهاوية طول مدة الملك الألفي (رؤيا 20: 1 – 3).
كما أنه في نهاية ال 42 شهراً سيقبض على الوحش (الإمبراطور الروماني) أي الوحش الأول الطالع من البحر (رؤيا 13: 1) كما سيقبض على النبي الكذاب أي الوحش الثاني الطالع من الأرض (رؤيا 13: 11) وهو الذي كان يصنع الآيات قدام الوحش الأول ويطرح الاثنان حيين إلى بحيرة النار (رؤيا 19: 11 – 20).
بعد ذلك تأتي دينونة الأحياء على الأرض المذكورة في (متى 25) (راجع دينونة الأحياء – الفصل السابع).
والفترة اللازمة لتطهير الأرض من الأشرار وفعلة الإثم تستغرق 75 يوماً كما أنبأ دانيال النبي بذلك أي بعد الثلاث سنين ونصف – بعدها يأتي الملك الألفي السعيد. كما قال دانيال "طوبى لمن ينتظر ويبلغ إلى الألف والثلاث مئة والخمسة والثلاثين يوماً (دانيال 12: 12) أي يبلغ إلى العصر السعيد ويصبح من رعايا الملك العظيم.