شدرخ وميشخ وعبد نغو . الفتيان الثلاثة
الثلاثة الفتية ونصرهم العظيم
فى معسكرات الاعتقال الشيوعية ، قبض على جمع من الشباب ، وكانوا عشرين على ما أتذكر ، ودخل الضابط الشيوعى ، وعدهم قائلا أنتم عشرون وقال شاب : لا ، بل نحن واحد وعشرون ، وعد الضابط مرة أخرى ، ... وقال : أنتم عشرون . ورد عليه نفس الشاب : بل واحد وعشرون ، وإذ أعاد العد ، قال : ومن هو الواحد والعشرون !! فأجاب الشاب : إنه الرب يسوع المسيح !! .. وإذا كان المسيح معنا فى كل وقت ، فإنه أدنى إلينا وألصق بنا ونحن فى الأتون ، ... ومن اللازم أن نشير إلى أن الثلاثة الفتية كانوا يؤمنون بالنصر ، سواء عاشوا أو ماتوا !! .. فإذا عاشوا فهم شهود قدرته ، وإذا ماتوا فهم أوفياء لمحبته ، ومن المثير أن نبوخذ نصر قذف بهم موثقين ، فإذ به يراهم محلولين يتمشون فى وسط الزتون ، وما بهم ضرر ومعهم رابع شبيه بابن الآلهة ، ... لقد أخطأ الرجل أعمق الخطأ ، سواء فى فهم قيودهم ، أو فى فك هذه القيود ، ... لقد ظن أن يقيدهم بحبال البشر وما درى أن قيدهم الحقيقى هو حب اللّه، الذى يعيشون من أجله ، ويموتون فى سبيله ، ... ولقد ظن أن النار ستأتى عليهم وعلى قيودهم معاً ، وما عرف أو أدرك أنهم أحرار ، يتمتعون بأكمل صور الحرية رغم قيودهم ، أحرار فى ذلك الذى حل قيودهم وفكها ، وسار معهم داخل الأتون الملتهب ، دون أن ينالهم أدنى ضرر ، إذ هو القائل : « فإن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً » " يو 8 : 36 " ..
ولا حاجة إلى القول إن القصة تتكرر فى كل عصور التاريخ بهذه الصورة أو تلك ، من أتون التجارب ونيران الاضطهاد والمصاعب ، ولكن ابن اللّه يظل هناك على الدوام ، لا يتغير ولا يتبدل ، مهما كانت النتائج التى تتمخض عنها الأحداث ، وقد اشتعلت النيران طوال ثلاثة قرون فى مطلع التاريخ المسيحى ، وحمى الأتون سبعة أضعاف ، ... ولكن المسيحية خرجت من قلبه ، وجوليان الإمبراطورى يصيح : لقد غلبت أيها الجليلى !! ... إن الدرس العظيم الذى يعطيه الثلاثة الفتية للعالم ، إلى جانب الولاء المطلق للسيد ، هو اليقين الذى لا يتزعزع فى جوده وحبه ، ... وفى وجوده على صورة خارقة عجيبة تفوق الإدراك والوصف ، وتحير العقول وتذهلها كما تحير نبوخذ نصر وتعجب هو والمرازبة والشحن والولاة ومشيرو الملك وهم يرون « هؤلاء الرجال الذين لم تكن للنار قوة على أجسادهم ، وشعرة من روؤسهم لم تحترق وسراويلهم لم تتغير ورائحة النار لم تأت عليهم " دا 3 : 27 " !! ..
هل لنا مثل هذا الإيمان ، مهما تغيرت أو تلونت ظروف الحياة ... ومهما أحاطت بنا الصعاب والمتاعب ؟!! .. تحدث هنرى ورد بيتشر عن أبيه ، وكان خادماً للّه ، وقد مرت به ظروف قاسية صحية ومادية فى كثير من الأوقات ، قال الابن : لا أنسى أننا كنا نتناول الشاى فى المطبخ ، وإذا بأمى تقول لزوجها ، وكانت هادئة وديعة ، ... لا أعلم كيف نواجه المصروفات والفواتير ، وهى تخشى أن تموت فى بيت من بيوت العجزة المسنين ، ... وأجاب الزوج قائلا : ياعزيزتى : لقد وثقت باللّه طوال أربعين عاماً خلت ، ولم يخذلنى قط طوال هذه السنين ، ... وأنا لست مستعداً بعد أن أبدأ الآن بعدم الثقة فيه !! .. وقال بيتشر الابن : لقد أيقظتنى هذه العبارة ، وكانت لى أفضل قانون للإيمان ، ... لقد اجتزت فى بكور أيامى بين المرض والفقر وألوان المتاعب والضيقات ، دون أن تغيب عن ناظرى ، أو يتباعد رنينها عن أذنى : « لقد وثقت باللّه أربعين عاماً ، ولست مستعداً بعد أن أبدأ الآن بعدم الثقة فيه » !! ..
إنحنى نبوخذ نصر ، إنحنى الملك العظيم أمام ملك الملوك ورب الأرباب ، وسجل أمام اللّه والتاريخ فى مواجهة الأتون : « تبارك إله شدرخ وميشخ وعبد نغو ، الذى أرسل ملاكه وأنقذ عبيده الذين اتكلوا عليه وغيروا كلمة الملك وأسلموا أجسادهم لكيلا يعبدوا أو يسجدوا لإله غير إلههم . فمتى قد صدر أمر بأن كل شعب وأمة ولسان يتكلمون بالسوء على إله شدرخ وميشخ وعبد نغو فإنهم يصيرون إرباً إباًً وتجعل بيوتهم مزبلة إذ ليس إله آخر يستطيع أن ينجى هكذا .. حينئذ قدم الملك شدوخ وميشخ وعبد نغو فى ولاية بابل » " دا 3 : 28 - 30 " ..
نعم ، وليكن اسمه مباركاً إلى أبد الآبدين آمين فآمين !! ...