رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
رقم 153 المقدس _ أغسطينوس صيد السمك الكثير القديس أغسطينوس اليوم أيضاً كانت القراءة مأخوذة من إنجيل يوحنا، وكانت حول الأحداث التي حدثت بعد قيامة الرب. ولقد سمعتم معنا أيها الأحباء كيف أن الرب يسوع المسيح قد أظهر نفسه لتلاميذه عند بحر طبرية. ذاك الذي كان قد جعل منهم صيادين للناس وجدهم مازالوا صيادين للسمك. لم يصطدوا شيئاً طوال الليل كله، لكن عندما رأوا الرب طرحوا شباكهم بناء على طلب الرب، وحصلوا على عدد السمك الكبير (153) الذي سمعتموه يذكر أمامكم. إن لم يكن الرب يرغب في الإشارة إلى شيء ما يعود بالمنفعة إلينا، ما كان الرب أبداً أعطى هذا الأمر لتلاميذه. لماذا إذن كان إهتمام الرب يسوع بالأمر سواء أن كانوا صادوا سمكاً أم لا؟ هذا الصيد هو إشارة لنا. دعوني أتذكر معكم الحادثتين التي جمع فيهما التلاميذ سمكاً كثيراً تنفيذاً لأمر الرب يسوع. المرة الأولى كانت قبل الآلام، والثانية بعد القيامة. نجد الكنيسة في هذان الصيدان بأجمعها ممثلة، كما هي الآن، وكما سوف تكون مستقبلاً في القيامة من الأموات. الكنيسة في الوقت الحاضر بها جمع كثير بلا عدد محدد، بها صالحين وطالحين، لكن بعد القيامة سوف يكون لديها فقط الصالحين وبعدد محدد ثابت. لنسترجع إذن حادثة الصيد الأول (لو 5) التي فيها نرى الكنيسة كما هي الآن في الوقت الحاضر. وجد الرب يسوع تلاميذه يصطادون عندما دعاهم أولاً لتبعيته. في هذا الوقت لم يصطادوا شيئاً طوال الليل. لكن المسيح قال لهم: "ألقوا شباككم للصيد"، فأجابوه: "يا معلم قد تعبنا الليل كله ولم نأخذ شيئاً ولكن على كلمتك ألقي الشبكة". ثم ألقى التلاميذ شباكهم طاعة لطلب الرب القدير. ماذا يمكن أن يحدث إلا ما أراده الرب؟ بتلك الحادثة، تكرَّم بالإشارة إلى شيء مفيد لنا معرفته. في هذه الحادثة قبل آلام الرب وقبل قيامته، تم طرح الشباك، وأمسكوا سمكاً كثيراً جداً حتى ملأوا السفينتين وصارت شباكهم تتخرق من عدد السمك الكثير. وقال لهم الرب عقب ذلك: "هلم ورائي فأجعلكما صيادي الناس" (مت 19: 4). لقد إستلموا من الرب شباك كلمة الله، وألقوها في العالم، كما ولو في بحر عميق، وأمسكوا جمهور كثير من المسيحيين، الأمر الذي نراه ونتعجب بشأنه. علاوة على ذلك، السفينتين ترمزان إلى شعبين، اليهود والأمم، أعضاء المجمع والكنيسة، الختان والغرلة. فالسفينتين مثل حائطين آتيين معاً من إتجاهين مختلفين، ويسوع المسيح هو حجر الزاوية (أف 2). رأينا أيضاً في هذه الحادثة أن السفينتين أخذتا في الغرق بسبب كمية السمك الكثير. الآن في الوقت الحاضر، يحدث نفس الشيء. فالعديد من المسيحيين الذين يعيشون حياة شريرة يسحبون الكنيسة إلى أسفل. وغير كاف بالنسبة لهم كسرها، إلا أنهم أيضاً يقطعون الشباك، لأنه إذا لم تكن الشباك قد تقطعت، ما كانت الإنشقاقات قد حدثت في الكنيسة. لننتقل إذن من هذا الصيد الذي نشترك فيه نحن في الوقت الحاضر، ولنذهب إلى ذلك الصيد الذي نرغب فيه بحماس ونشتاق إليه بإخلاص. السيد الرب مات ثم قام من الأموات، ثم ظهر لتلاميذه قرب البحيرة، وأمرهم بإلقاء الشباك لكن ليس بشكل عشوائي. لنلاحظ هذا الأمر: في حادثة الصيد الأولى لم يقل لهم ألقوا شباككم جهة اليمين أو جهة اليسار، لأنه إذا كان سيحدد "جهة اليسار" فقط لكان قد أشار للأشرار فقط، وإذا كان سيحدد "جهة اليمين" فقط لكان قد أشار للأبرار فقط. لذلك لم يحدد الرب الجهة سواء اليمين أو اليسار، لأن الصيد كان سيأخذ خليط من الأبرار والأشرار. لكن بعد القيامة، أسمعوا وأدركوا، أبتهجوا وترَّجوا، وتفهموا ما هي طبيعة الكنيسة، إذ قال: "ألقوا الشبكة إلى جانب السفينة الأيمن" (يو 6:21). أولئك الذين على الجانب الأيمن فقط يؤخذون إلى السفينة، ولا يؤخذ الأشرار. إذ أنه قال - كما تعلمون - أنه سوف يفصل الخراف عن الجداء، ويقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار، ويقول لأولئك الذين عن اليسار: "اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية"، وللذين عن اليمين: "تعالوا يامباركي أبي رثوا الملكوت" (مت 25). أرأيتم لماذا قال: "ألقوا الشبكة إلى جانب السفينة الأيمن". لقد ألقوا الشبكة وإصطادوا عدداً محدداً وثابتاً، ليس هناك شخص واحد خارج هذا العدد. فأي عدد من الناس يفوق هذا العدد المحدد، يقتربون من مذبح الكنيسة، وينضمون ظاهرياً لشعب الله، لكنهم غير مكتوبين في سفر الحياة. هكذا نرى أن العدد ثابت. لنسعى جميعاً أن نكون بين هذا العدد الذي لتلك الأسماك، ليس فقط بالإنصات والتسبيح، بل أيضاً بالفهم والحياة الصالحة. هكذا نرى الشباك ألقيت، وتم إصطياد سمك كبير، فليس هناك مكان للضعيف، حيثما يتساوى الإنسان بالملائكة (مت 22: 30). لذلك، تم إصطياد 153 سمكة كبيرة. قد يقول لي أحد: "وهل سيكون هناك ذلك العدد من القديسين؟ لا يمكن توقع مثل هذا العدد الصغير من القديسين في الملكوت، حتى من كنيسة وحدها. إن العدد ثابت، لكن سوف يكون هناك آلاف على آلاف من شعب إسرائيل، القديس يوحنا في سفر الرؤيا (رؤ 7) يقول أنه من شعب إسرائيل وحده سوف يكون هناك إثنتى عشر في إثنتى عشر ألفاً (144 ألف)، و"الذين لم يتنجسوا مع النساء" الذين عاشوا بتوليين. وهو قال أيضاً أنه جاء جمع كثير وهم متسربلين بثياب بيض، من كل الأمم والقبائل والشعوب والألسنة، ولم يستطع أحد أن يعده. هذا العدد إذن يحمل مغزى ما، وفي عظة هذا العام سوف أذكركم بما تعودتم على سماعه كل عام. كان هناك 153 سمكة، هذا العدد يشير إلى آلاف مؤلفة من القديسين والمؤمنين. لماذا إذن تكرَّم الرب وإستعمل ذلك العدد المعين لتشبيه الآلاف الكثيرة المعينة للدخول إلى ملكوت السموات؟ لنسمع السبب: أنتم تعلمون أن الناموس أعطي لشعب الله بواسطة موسى، وفي الناموس نجد ذكر الوصايا العشر بشكل مُحدّد. أول هذه الوصايا يتعلق بعبادة الله الواحد، الوصية الثانية: لا تنطق باسم الرب إلهك باطلاً (خر 20)، الوصية الثالثة تتعلق بحفظ السبت، هذا الذي يحفظه المسيحيين بطريقة روحية، أما اليهود فينتهكونه بطريقة دنيوية. تلك الوصايا الثلاثة تخص الله، أما السبعة الآخريات فتتعلق بالإنسان. لهذا السبب هناك وصيتان رئيستان: "تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك، هذه هي الوصية الأولى والعظمى .. وتحب قريبك كنفسك، بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والأنبياء" (مت 22). ولأن تلك الوصيتين هما الرئيستين، نجد في الوصايا العشرة، ثلاثة منهم يتعلقن بمحبة الله، وسبعة يتعلقن بمحبة القريب. لا أحد يحفظ الوصايا العشرة بقدرته الذاتية ما لم تسنده نعمة الله. وبما أنه لا أحد يُتمم تلك الوصايا بقوته الخاصة ما لم يساعده الله بروحه، لنتذكر الآن أنه كما أن الروح القدس يُشاد به من خلال رقم سبعة – وفقاً للنبي القديس - هكذا يمتلأ الإنسان بروح الله، "روح الحكمة، والفهم، روح المشورة، والقوة، روح المعرفة، والصلاح، وروح مخافة الله" (إش 11: 2 س). تلك المفاعيل السبعة تستودع - من خلال رقم سبعة – الروح القدس، الذي في نزوله إلينا يبدأ بالحكمة وينتهي بالمخافة، أما نحن فنبدأ في رحلة صعودنا بالمخافة ونُكمَّل بالحكمة، لأن "رأس الحكمة مخافة الله". إذن هناك إحتياج للروح القدس حتى نُتمم وصايا الناموس، أضف سبعة إلى عشرة، تحصل على عدد سبعة عشر. إذا جمعت كل الأعداد من 1 إلى 17، تحصل على مجموع 153. ليست هناك حاجة للجمع الآن، أجمعهم في البيت، أجمع هكذا: 1 + 2 + 3 + 4 ... حتى 17، وهكذا تحصل على الرقم المقدس الذي للمؤمنين والقديسين، الذين سوف يكونون مع الرب في ملكوت السموات. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أغسطينوس عام 596 |
شرح أغسطينوس تعليم الكتاب المقدس عن السقوط وإرث الخطية |
أغسطينوس |
رقم 153 المقدس _ أغسطينوس |
فن نحت الخشب _ أغسطينوس |