رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المحبة الأولى (1) القس بولس بشاى كاهن بكاتدرائية رئيس الملائكة ميخائيل بأسيوط ٥ فبراير ٢٠١٥ في ساعات قلائل دارت الأيام على أيوب البار وتحولت الحياة الحلوة إلى ذكريات بما فيها من غنى و جاه، ومن فيها من أهل وأصحاب حتى محبة الزوجة، يذكرهم أيوب جميعا بتحسر و يقول “أقاربي قد خذلوني والذين عرفوني نسوني نزلاء بيتي وإمائي يحسبونني أجنبياً صرت في أعينهم غريباً، عبدي دعوت فلم يجب بفمي تضرعت إليه نكهتي مكروهة عند امرأتي وخممت عند أبناء أحشائي.. كرهني كل رجالي والذين احببتهم انقلبوا علىّ” (أى 19 : 14). هكذا يكتشف الانسان في لحظة من الزمن أن أي محبة يعتمد عليها هي كبئر مشققة بما فيها محبة البشر، فالإنسان وإن لم يغدر فهو عاجز عن المحبة الكاملة، وكثيراً ما تتبدل أحوالها فأية محبة يمكن أن تنتهي لأي سبب و بأي صورة، فكم من روابط محبة سواء مادية أو بشرية تلذذ بها الإنسان فى حياته وكان يود لو أنه ثبت عجلة الزمن لتكون واقعاً ممتداً غير منتهي ولكن ما أكثر تقلبات الدنيا وسرعان ما يصبح اليوم أمساً وما فيه مجرد ذكرى و اطلال ” أورشليم ليس لها معزٍ من كل محبيها كل أصحابها غدروا بها صاروا لها أعداء” (مرا 1 : 2) “ناديت محبىّ هم خدعوني” (مرا 1 : 19) ولكن محبة واحدة لصديق ألزق من الأخ لا يمكن أن تخذلنا وتمتد بغير انتهاء يستحيل أن تشيخ مع الأيام أو يقدر لها فناء أو أن تكون في يوم من الأيام مجرد لحظات في الذاكرة. انصتوا إلى هذا المحب وهو ينادي أحبائه بل يتودد إليهم: “اسمعوا لي يا بيت يعقوب المحملين علىَّ من البطن المحمولين من الرحم وإلى الشيخوخة أنا هو وإلى الشيبة أنا أحمل” (اش 46 : 4). تلك هى علاقة الحب بيننا وبين الله الذي “ليس عنده تغيير ولا ظل دوران” (يع 1 : 17) “هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد” (عب 13 : 8) هكذا عبر أيوب عن الله المحب الوحيد الذي بقى له في أشد ساعاته ظلاماً ” أما أنا فقد علمت أن وليى حي الذي أراه أنا لنفسي وعيناي تنظران وليس آخر إلى ذلك تتوق كليتاي فى جوفي” (أى 19) بالحق أن هذه هي المحبة التي تستحق أن نعطيها كل قلوبنا ربما تفتر هذه المحبة من جانبنا، أما من ناحية الله فهي تظل اليوم كما بالأمس “محبة أبدية أحببتك” (أر 31 :3). بل أنه هو الذي يطرق باب محبتنا كلما فترت من جانبنا يستعيد معنا ذكرياتها الحلوة ليضرمها كما يقول لشعبه على فم أرميا “قد ذكرت لك غيرة صباك محبة خطبتك ذهابك ورائي في البرية في أرض غير مزروعة” (أر2:2) عجباً ان هذه المحبة قد تهون علينا لكن الله المحبة الذى احبنا حتى قبل أن يخلقنا في بطون أمهاتنا ما هان عليه فتورها فيسعى ورائنا “هأنذا اتملقها وأذهب بها إلى البرية وألاطفها وأعطيها كرومها من هناك.. وهي تغنى هناك كأيام صباها و كأيام صعودها من أرض مصر” (هو 2 : 14) أي يسعى ورائنا ولا يمل من عتابنا:- “عندى عليك أنك تركت محبتك الأولى” (رؤ2 :4) كانت هذه الرسالة موجهة إلى ملاك كنيسة أفسس أي أسقف الكنيسة الذي تميز بالنشاط في الخدمة والصبر في الجهاد كما شهد له الرب وقال: “أنا عارف أعمالك وتعبك وصبرك وقد احتملت ولك صبر وتعبت من أجل إسمي ولم تكل” (رؤ 2 :2-3). ألا يتمنى كل منا أن يكون مكان هذا الإنسان؟ و يسمع هذه الشهادة المفرحة من فم الرب نفسه لا من فم إنسان؟ ولكننا نتعجب كيف أن الرب يشهد له بكل هذا وأن تعبه من أجل اسمه المبارك “تعبت من أجل إسمي ولم تكل” وفي نفس الوقت يعاتبه الرب على ترك المحبة الأولى. كيف يتفق هذا العتاب مع هذه الشهادة المباركة؟! مع وجود هذا النشاط والصبر في الخدمة لكن هناك افتقار في جانب المحبة المقدمة بها هذه الأعمال. أو فيها محبة لكنها ليست المحبة الأولى، فيريد الرب أن تنال هذه الأتعاب درجة الكمال عندما تقدم من قلب مشتعل بالحب الكامل من كل القلب لإسمه المبارك كما يقول القديس بولس “لأن الله ليس بظالم حتى ينسى عملكم وتعب المحبة التي أظهرتموها نحو اسمه” (عب 6 : 10). هذا ما لن ينساه لنا الله تعب المحبة. فالأمر الذي يطلبه الرب هو المحبة التي ستوزن بها أعمال الإنسان. لقد صنع الفريسي وليمة للمسيح ولكن المسيح لم يكن له فيها المكانة الأولى ولا المحبة الأولى، ربما كان غرض الفريسي إشباع رغبة التفاخر أو ليجد فرصة للجدل مع المسيح أو لأى غرض آخر، المهم أن الفريسي قدم تعباً لم يكن مدفوعاً بالمحبة لشخص الرب وبذلك فرغ الوليمة من أغلى وأسمى أهدافها. كان الرب يريد أن تترك هذه الوليمة بصمة المحبة الأولى في قلب الفريسي لو كان له الإتضاع والإنسحاق، الأمر الذي فاته هو لتخطفه منه المرأة الخاطئة التي قدمت بحبها ما هو أعظم من العجول المسمنة، وبدأ الرب يعاتب الفريسي من خلال مقارنة بينت له ذلك “إنى دخلت بيتك وماءاً لأجل رجلي لم تعطِ و أما هي فقد غسلت رجلىّ بالدموع ومسحتهما بشعر رأسها، قبلة لم تقبلني وأما هي فمنذ دخلت لم تكف عن تقبيل رجلىّ” (لو 7 : 44-45) حقاً أنه “إن أعطى الإنسان كل ثروة بيته بدل المحبة تحتقر احتقاراً” (نش 8 : 7). وبنعمة الله نستكمل في المقال القادم كيف نستعيد محبتنا الأولى. |
06 - 02 - 2015, 12:59 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: المحبة الأولى (1)
مشاركة جميلة جدا ربنا يبارك حياتك |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
المحبة هي الرائحة الأولى للطبيعة الجديدة |
لا شك أن المحبة هي الفضيلة الأولى في المسيحية |
المحبة هي قمة الفضائل كلها هي الفضيلة الأولى |
المحبة في كورنثوس الأولى 13: 4- 7 |
المحبة الأولى (٢) |