عظة على يوم الأنوار - الحضور إلى الكنيسة
للقديس غريغوريوس النيسي
عظة على يوم الأنوار
للقديس غريغوريوس النيسي
الحضور إلى الكنيسة
إنني الآن أرى قطيعي! إنني اليوم أرى منظر الكنيسة المعروف، إذ أراكم قد رفضتم الانشغال باهتمامات الجسد وحضرتم معاً إلى الكنيسة بأعدادٍ كبيرة لخدمة الله، فعندما تزدحم الكنيسة بالناس لكي يقتربوا من الهيكل المقدس، تضطر الجماهير التي لا تجد لها مكاًنا بالداخل إلى الوقوف خارجاً فيملأون الفناء كالنحل، فنحن نرى في خلية النحل مجموعة من النحل يعملون بالداخل ومجموعة أخرى يطنُّون بالخارج. فهكذا يفعل أبنائي ولا يتركون عنهم غيرتهم.
وأنا أعترف إليكم بأنني أشعر بمشاعر الراعي، إذ عند وقوفي على المنبر أحب رؤية القطيع مُجتمِعاً كما عند سفح الجبل. وعندما يحدث ذلك أمتلئ بكل حماس ونشاط وأتكلَّم بكل سرور في العظة كما ينشِد الرعاة أناشيدهم البسيطة. ولكن فعلتم سابقاً في يوم الرب الماضي (١) فإنني أتضايق كثيراً وأُفضل الصمت. وأَُفكَِّر في الهروب من هنا وأبحث عن جبل الكرمل الذي سكن فيه إيليا النبي أو عن أي مغارة أخرى بلا ساكن. فالذين يشعرون بالإحباط عادًة ما يُفضِّلون الوحدة والعزلة. ولكن الآن عندما أراكم جميعاً محتشِدين هنا مع جميع أُسرِكم أتذكَّر قول إشعياء النبي والذي نادى به متنبئًا منذ زمن بعيد مخاطِباً الكنيسة عن أبنائها الكثيرين الأبرار قائلاً: ? مَنْ هؤلاء الطائرون كسحاب وكالحمام بصغارها إليّ? (إش ٦٠: ٨) (٢). كما يضيف أيضاً قائلاً: ?ضيَّق عليَّ المكان، وسِّعي لي لأسكن? (إش ٤٩: ٢٠ ). هكذا كانت النبوة بقوة الروح القدس عن كنيسة الله الملآنة والتي ملأت الأرض فيما بعد من أقصى المسكونة إلى أقاصيها.