رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ولكن، هناك صعوبات!.. ما هي؟.. إن الصور الخاطئة عن الله تنشئ صلاة خاطئة وسرعان ما تظهر الصعوبات. عندما نظن أن الله هو مجرّد "ملبي طلبات"، نأتي إليه فقط في حاجاتنا، سنصدم حتماً حين لا يلبي ما نطلب. وعندما نظنه مراقباً لتصرفاتنا تتصف صلاتنا بالخوف. علينا أن ننقّي فينا صورة الله. فيسوع الذي قال: "أطلبوا تجدوا.." قال أيضاً: "أطلبوا ملكوت الله وبره" (مت6/33). لا شكّ أن صلاة الطلب صلاة، ولكنها ليست هي فقط الصلاة. والطلب إلى الرب هو طلب الدالة البنوية لا الحاجة الاستهلاكية. وما لا شكّ فيه أيضاً، أن الله يهتم لتصرفاتنا، ولكنه لا يراقبنا كأنه شرطي أو قاضي. إن عدالته لا تحجب محبته. هذا لا يعني أن الله، إذا كان كيان محبة، لا يعنيه ما يصدر منا من شر، بل إنه معنا في حمل ما يتسبب الشر فينا من أزمات. يصلي القديس أغسطينوس لله: "لا تحجبك عني ظلمة خواطري القلقة". فلا نصلي لأنه يراقب ويعاقب بل لأننا نتوب ونتنعم بالغفران. من صعوبات الصلاة أيضاً: كثرة مشاغل الحياة وهمومها واهتماماتها وضيق الوقت، وبالمقابل حين نصلي نشعر بالملل والروتين والتكرار. أو الشعور أننا نخاطب أنفسنا حين نخاطب الله، خصوصاً إن كنا لا نعرف كيف نصمت لكي يتكلّم الله. هناك فخ حقيقي في أن تتحول الصلاة إلى تأمل نرجسي، فيظن المصلي أنه أمام الله، "لكنه في الحقيقة أمام نفسه، ويصبح طرح الأسئلة وإعطاء الأجوبة أمراً سهلاً. ويسمى مشيئة الله ما ليس سوى إرادة النفس، أو، ينصرف الإنسان إلى ثرثرة حميمة مع نفسه" . قد لا نشعر أحياناً بحضور الله في صلاتنا، وقد تكون صلاتنا حقيقة وصحيحة. وهذه خبرة عاشها كبار القديسين كيوحنا الصليب الذي يتكلم بعمق عن "ليل الإيمان". وقد لا نجد هذا "الليل" و"غياب الله" في المنشورات القديمة لمؤلفات القديسة تيريز خوفاً من تشكيك القراء. ينصح الآباء عادة في هذا الشعور بالصبر ومتابعة الصلاة وكافة الأفعال الروحية ولو كان صاحبها لا يجد لها معنى، يقول أحدهم: "لو كنت تصلي وقت تحب أن تصلي، يأتي يوم لا تصلي أبداً". قد يسمح الرب لنا بأن نشعر بغيابه ، ربما لأننا لا نتوجه إليه بشكل صحيح، أو لكي يقول لنا ما تطلبونه هو إنما من اختصاصكم، أو لكي يساعدنا أن ننمو ونتكل على ذواتنا. وهنا يوجد فخٌ آخر في مسألة تتميم مشيئة الله: "نعلم عن خبرة إلى أي حد يصعب علينا أن نقول حقاً: ليأتِ ملكوتك. فحتى في نشاطاتنا السخية والرسولية، حين نقول بالفم (نصلي): ليأت ملكوتك، نفكر في قلوبنا: لأعمل على مجيء ملكوتك،.. هذا القول قريب من: ليأتِ ملكوتي! ولو أردنا أن نكون قساة القلب إلى أقصى أحد، لأضفنا أننا نقول لله في صميم قلوبنا، من دون أن نشعر: ليأتِ ملكوتي عن طريق ملكوتك!.." . أظن أن هذه الصعوبة في الصلاة هي على الله وليست علينا! الصعوبة الكبرى، فيما أظن، هي عدم الانسجام بين صلواتنا وحياتنا. هناك ازدواجية بين ما نصلي وما نعيش. هل هذه الازدواجية متأتية بسبب واقع ضعفنا؟ أم هناك مشكلة في القناعة وقلة الإيمان. لقد انتقد يسوع هذا المظهر من الحياة الفريسية (لو18/9-14)، ولعله ألمح طريقاً لتجاوز هذه الصعوبة هو الاتضاع وطلب الرحمة. هناك صلاة عُرفت في التقليد الشرقي باسم "صلاة يسوع" تعبر عن الاتضاع وطلب الرحمة الآنفي الذكر. يصليها المؤمن مع حركة التنفس مرات عديدة حتى تتواصل في حياته كتواصل التنفس: "أيها الرب يسوع المسيح، ارحمني أنا الخاطئ" ، فتصبح حياته صلاة وصلاته حياة. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|