رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كتاب القديسة مارينا الراهبة - المقدس يوسف حبيب مقدمة هذه سيرة فتاة قديسة تدعى"مريم" كانت تحيا حياة القداسة والعفاف منذ نعومة أظفارها. كان والداها على جانب كبير من الثراء، عاشا بتقوى الله وكانا ينشطان إلى البيعة المقدسة كل حين، فلا عجب إذا نشأت ابنتهما محبة للفضائل المقدسة- تيتمت من أمها "سارة" وهى صغيرة فرباها والدها (أوجانيوس) بالكمال المسيحي ولا سيما أنها الابنة الوحيدة وأشتاق أوجانيوس بعد وفاة زوجته إلى السلوك في طريق الرهبنة المقدس ولكن ماذا يعمل لرعاية ابنته؟ عرض عليها الفكرة، كما عرض عليها أن تقيم عند بعض ذويها أو تتزوج إذا كانت راغبة في ذلك. لكنها كاشفته أنها أيضا لن تريد عن الرهبنة بديلا واتفقا على ذلك وأبدل اسمها إلى مارينا وتزيت بزى الرجال، وانطلق كلاهما إلى أحد الديارات وأخبر والد القديسة رئيس الدير أنه حضر مع ابنه الشاب مارينا للرهبنة، وقبلهما الرئيس وخصص لهما قلاية واحدة يتعبدان فيهما ليلًا ونهارًا. تنيح والد القديسة وبقيت وحدها فضاعفت صلواتها وازدادت في نسكها ولم يعلم أحد أنها أنثى، واتفق أن رئيس الدير أرسلها مع ثلاثة من الرهبان لقضاء مصالح الدير ونزلوا في فندق المبيت وكان أحد جنود الملك نازلا فيه في تلك الليلة فأبصر ابنة صاحب الفندق وارتكب الخطية معها، ولقنها أن تتهم الآب مارينا الشاب بذلك. ولما ظهرت عليها أعراض الحمل وعرف أبوها أعلمته بأن مرتكب الجريمة هو الشاب مارينا الراهب، فانتقل والدها في فورة من الغضب والرغبة في الانتقام إلى الدير وبدأ يسب الرهبان والرهبنة، ولما ولدت طرح الطفل لمارينا وانصرف يصب نقمته على الرهبان في كل مكان بما أوتى من قوة. وكان جزاء الشاب مارينا مختلف صنوف الإهانات والطرد ومعه الطفل، وبقى زمانا طويلا ملقى على أبواب الدير، وكان بعض رعاة الأغنام يتحننون عليه ويسقون الطفل القليل من اللبن وبعدئذ تشفع إخوته الرهبان لدى الرئيس لأن يأذن له بدخول الدير على أن يوقع عليه قوانين صارمة للتوبة، فقبل رجاءهم وأدخل الشاب وابنه - ولما كبر صار راهبًا- وكانت مارينا تنفذ قوانين التوبة القاسية بكل تدقيق وتقوم بأشق الخدمات وأقساها وهى صابرة، وظلت أيام حياتها كلها على هذا الحال، تتلوك الألسنة وتتحدث عن صيتها الرديء وماضيها الدنس حتى انتقلت إلى الرب الذي أحبها. وحينئذ فقط انكشف أمرها وعرف أنها أنثى. ويل للبكاء والحزن الذي غشيت سحابته الآباء الرهبان وبالأخص رئيس الدير بسبب هذه الفتاة التي اتهمت ظلما. وكم أصاب صاحب الفندق من الدهشة والألم بسبب مكيدة ابنته الساقطة واتهام القديسة باطلا.. إن في تاريخ الكنيسة قصصا كثيرة عن اتهامات باطلة من هذا القبيل ولكنها كانت تتكشف بعد فترة من الزمن، طالت أو قصرت، في حياة القديسين. أما هذه القديسة العابدة الزاهدة الحكيمة فقد عاشت حياتها كلها في الدير وخارجه تتألم بالخزي والعار. لا ترى أن تدفع عنها التهمة الشنعاء التي لصقت بها، ولم تشأ أن تظهر أمرها وتبرر ذاتها وكانت تستطيع ذلك ولكنها فضلت احتمال صنوف الإهانات عن التمجيد والتكريم، ولا شك أنها بذلك تعطينا صورة رائعة وأعظم مثال في الصبر والاحتمال والتطلع إلى حسن المجازاة في الدهر الآتي، فنرى نقائصنا في مرآة فضائلها وبرارتها وحكمتها السماوية. فى هذه القصة درس نافع لنحتمل كل ما يصادفنا من أجل الرب،نحن الذين نسر ونفرح بالتكريم والتبجيل وأن ينظر إلينا بعين الوقار والاعتبار، ونجزع وتضيق صدورنا إذا جاءتنا ولو كلمة لوم بسيطة، عندئذ نثور وقد نهجر الكنيسة وقد نكون مخطئين بالفعل.. لأننا أحببنا مجد الناس أكثر من مجد الله - أما هذه القديسة فعاشت لمجد الله، أمضت كل أيام حياتها في انسحاق كامل من أجل الرب لكن في إشراق دائم وكانت لها الطوبى حسب قول السيد: طوبى لكم إذا طردوكم وعيروكم وقالوا فيكم كل كلمة شر من أجلى كاذبين، افرحوا وتهللوا فإن أجركم عظيم في ملكوت السموات، وخلصت من ذلك الإنذار الرهيب المخيف أجركم عظيم في ملكوت السموات، وخلصت من ذلك أجركم عظيم في ملكوت السموات، وخلصت من ذلك الإنذار الرهيب المخيف - الويل لكم إن قال لكم إن - الويل لكم إن قال فيكم كل الناس حسنًا. الرب قادر أن يعطينا الفهم والحكمة لنحتمل كل ما يصادفنا من أجل اسمه في بصيرة نيرة وحكمة ومعرفة.. وجسد القديسة موجود بكنيسة الروم بالقاهرة بركة صلواتها تكون معنا آمين. يوسف حبيب |
11 - 07 - 2014, 05:29 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديسة مارينا الراهبة - المقدس يوسف حبيب
ميلاد ونشأة مارينا البتول كان رجل مؤمن غنى يخاف الله يدعى أوجانيوس، وزوجته تدعى سارة، وكانا كلاهما بارين تقيين سائرين في طريق الله بلا عيب، محبين للبيعة المقدسة، محبين للصدقة والأيتام والأرامل والفقراء والمساكين، وكانا يتمنيان أن يكون لهما ولد لأنه لم يكن لهما بنون، وأكثرا الطلبة إلى الله أن يرزقهما ولدًا يرث نعمتهما، لأنهما كانا غنيين جدًا، فقبل الله دعاءهما ورزقهما ابنة أسمياها مريم(1). _____ الحواشي والمراجع: (1) الأرجح أنها ولدت في القرن الثامن ببلاد بيثينية كما أيد ذلك صاحب "مروج الأخيار". ولابد أن تميز عن سمياتها القديسات ولا سيما القديسة مارينا التي استشهدت في مصر، ومن تلك التي كانت بسوريا لأن هذه القديسة من العذارى الراهبات ولم تكن من الشهيدات. وكان اسمها مريم وعند رهبنتها سميت "مارينا". |
||||
11 - 07 - 2014, 05:30 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديسة مارينا الراهبة - المقدس يوسف حبيب
حوار مع والد القديسة كانت منذ صغر سنها تثابر على الصوم والصلاة ومطالعة الكتب الإلهية، وبعد انتقال والدتها إلى الرب في المظال الأبدية عنى والدها بتثقيفها بالعلوم والآداب والحكمة حتى صارت كاملة في كل شيء، فلما بلغت سن الزواج دعاها والدها، فلما حضرت بين يديه قال لها: يا ابنتي تعلمين شدة محبتي لك ولوالدتك القديسة وقد رأيت جمالها وكمالها، وكيف شربت مرارة الموت وغصته وهى نزيلة القبور. نعم، لقد تغير حسنها وجمالها وخرجت من هذه الدنيا كرها، والآن يا ابنتي المباركة مارينا الحسنة. لقد بلغت من العلوم والحكمة والأدب شأنا طيبا ونلت منها ما تصبو نفسك إليه. والآن قد بلغت سن الزواج وسيؤول هذا المال والأملاك والخدم والماشية إليك. لقد خطر ببالي أن أقسم هذا المال والأملاك والخدم والماشية ثلاثة أقسام. قسمان لك ولوالدتك وأنا قسم أفرقه على المساكين، وإني مودعك ومالك وخدمك عند أحد أقاربنا. أو تتزوجين بإنسان مبارك يخاف الله وترزقين منه أولادًا مباركين. فإني زهدت في هذا العالم الزائل وجميع قناياه ولذاته ونعمته التي ليس لها دوام. وسأتوجه إلى أحد الأديرة لكي ألبس الإسكيم الملائكي وأبكى على خطاياي الكثيرة لعلى أقدر أن أخلص نفسي الشقية وأنجو من سائر الأفكار الرديئة. فلما سمعت ابنته الطاهرة العذراء القديسة ذلك، بكت بكاءًا شديدًا ثم ألقت نفسها بين يدي أبيها قائلة له: يا أبى قد خطر هذا الفكر بقلبك أن تخلص نفسك من هذا العالم الزائل وتتركني وحيدة، فكيف تأخذ نعمة السماء وتجعلني أجابه أهوال هذا العالم؟ بل كيف تطلب الخلاص لنفسك وتتركني في ضيقة صعبة مرة؟ ألم تسمع يا أبى ما قاله الكتاب المقدس أن الراعي الصالح يبذل نفسه عن خرافه.. ليس حسنا أن تخلص نفسك وتعدها للحياة الأبدية وتورثني الشقاء والعذاب الدهري، أنت الذي قلت لي كيف شربت والدتي مرارة الموت وغصته وتغير جسدها وجمالها الفائق.. أما رأيت كيف غير الموت حسنها وما آلت إليه.. كيف مضت أيامها صراعا ودب فيها النتن، وكيف الذين يتمنون القربى إليها يلوذون بالهرب منها. ولو أتيح لها أن تقيم عندنا يومًا واحدًا بعد مفارقة نفسها من جسدها لما قدرنا أن نلازمها ساعة واحدة،لا أقدر أن أصف لك كيف رحلت من عندنا بغير رضاها. أتريد يا أبى أن أنطلق مثلها وأخرج بغير اختياري؟ ماذا ربحت والدتي من هذه الدنيا حتى أرغب فيها بعدها؟ ما ربحت غير المرض وتعب هذه الدنيا الفانية العابسة. يا أبتاه مالي حاجة فيها. فلما سمع والدها هذا الكلام بقى حائرا منزعج القلب ولحقه من العجب ما لم يره طول أيام حياته. ثم قال: ما هذا أيتها الابنة القديسة الطاهرة؟ أنا رجل وأمضى إلى دير الرجال الرهبان. وأنت لا يمكنك أن تدخلي موضع الرجال الذي أدخله، فأسألك أن تطيعي أمري وتأخذي ثلثي هذا المال وكامل الخدم والأملاك وأنا الثلث أتصدق به على المحتاجين، فقالت له القديسة، بلى تصدق بكامل المال عنى وعنك وعن والدتي وأما أنا فسأحلق شعر رأسي وأتزين بزى الرجال وأكون لكم تلميذة وأخدمك حتى تتنيح، فلم يقبل منها والدها هذا فبكت بين يديه بدموع غزيرة واستعطفته ألا يهلك نفسها في براثن هذا العالم الزائل وقالت له إن أنت تركتني وتخليت عنى فكل ما يحل بي من الخطايا فهو في عنقك. |
||||
11 - 07 - 2014, 05:31 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديسة مارينا الراهبة - المقدس يوسف حبيب
رهبنة أوجانيوس وأبنته فلما سمع أبوها هذا الكلام فرح لأجل رغبتها في خلاص نفسها من العالم الشرير وخاف لئلا تعجز عن تحمل مشاق الرهبنة. لكن لما تحقق من صحة عزمها وزهدها في العالم بدأ لساعته وصرف جميع الخدم وتصدق بجميع ماله على الفقراء والمساكين والضعفاء والأرامل والأيتام والمأسورين وأوقف على الكنائس بعض أملاكه ولم يبق شيء له أو لابنته ثم حلق شعر رأسها ليلا وألبسها ملابس الرجال، وخرجا من منزلهما طالبين رحمة الرب ومغفرة خطاياهما وتوجها إلى الشرق وصليا هكذا: "اللهم يا رب إنا أخطأنا أكثر ممن على الأرض، وكما قبلت الزانية وعند اعترافها تركت لها خطاياها، وكما قبلت اللص اليمين قاتل النفوس عند اعترافه لك على عود الصليب، وكما صفحت عن بطرس الرسول بعد جحوده إياك ثلاث دفعات، اصفح عنا وأغفر ذنوبنا وآثامنا. أنت قلت في الإنجيل المقدس إنك تفرح بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين صديقا لا يحتاجون إلى توبة. ونحن قد تركنا كل شيء وتبعناك بكل قلوبنا. فأقبل يا رب توبة العصاة لأنه ينبغي لك المجد والعظمة مع أبيك الصالح والروح القدس، الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور آمين". ولما أكملا صلاتهما أخذ أبوها بيدها وانطلقا سيرًا على الأقدام إلى أن وصلا إلى الدير الكبير، فقرعا بابه وخرج البواب وتلقاهما وسألهما عن حاجتهما،فقال له أوجانيوس إنا قصدنا الإقامة ههنا ونلبي زى الرهبان. قال لهما، اصبرا حتى استأذن رئيس الدير وأعرفه قصدكما، فدخل البواب إلى الآب وأعلمه بما قالاه له، فقال له الآب دعهما يأتيان إلى، فدخلا وانطرحا على قدمي الآب، فقبلهما الآب بفرح وسرور وقال لهما مرحبا بالآب الجديد وبالشاب الطوباوي. ثم قبل مارينا وعزاه وسأل الشيخ عن أمره، فقال له يا أبى هذا ولدى يعزيني في وحدتي ويتعلم السيرة المقدسة من آباء الدير، فقبلهما الرئيس وأعطاهما قلاية حسنة(1). _____ الحواشي والمراجع: (1) ذكر كتاب مروج الأخبار أن أوجانيوس ترهب أولا ثم عالجته أفكار كثيرة بشأن أبنته وخاف عليها من تيارات العالم الجارفة فأطلع رئيس الدير على اكتئابه وقال له إن لي ولدًا صغيرًا في العالم وأخاف عليه وهذا ما تضطرب له نفسي وتحزن ليلا ونهارًا، فقال له اذهب وأتى بهذا الولد لتربيته في الدير ففرح أوجانيوس بالإذن وعاد للدير ومعه ابنته وكان الرهبان يسمونها الأخ مارينا. |
||||
11 - 07 - 2014, 05:32 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديسة مارينا الراهبة - المقدس يوسف حبيب
الاختبار والإسكيم ولما أعلما الرئيس برغبتهما في ارتداء الإسكيم المقدس قال لهما إني أقوم بذلك بعد معرفتكما القوانين أولا مما يلزم للرهبان، فأقاما أيامًا ورآهما في الليل قياما وبالنهار يواظبان على الصلاة والابتهال لله مع صوم كثير. ولدى اختبار الصبية مارينا كانت في العلوم الإلهية كالنهر الجارف وعرف عنها أدب الحديث وبراعة الجواب، وقال الرهبان للرئيس يا أبانا أنت أوصيتنا أن نختبرهما ونعلمهما، نحن الذين ينبغي أن نتعلم منهما ولا سيما الشاب الصغير الذي ليس له لحية. إن ذكرنا له وصايا من الكتب وجدناه يحفظها، وإن ذكرنا نبوات وجدناه يتلوها، وإن ذكرنا الأربعة أناجيل فهو يستوعبها، وما نواجهه، من الكتب فهو يذكره لنا - وهكذا بعد الاختبار وتأكد الآب من طهارة سيرتيهما وتعبهما من أجل الرب ألبسهما الإسكيم المقدس. بعدئذ داوما على الجهاد الشديد والصوم والصلاة بمثابرة والسهر الكثير والمطانيات إلى أن هزلت أجسادهما. وكانت مارينا إذا وقفت تصلى مع الإخوة يظنون إن رقة صوتها بسبب كثرة النسك والتقشف وكانت في البهاء شبه ملاك الرب وذاع صيت قداستها وطهارتها، وصار لذلك الدير اسم عظيم وعرف بهذه القديسة وكانوا يحبونها بغاية المحبة. |
||||
11 - 07 - 2014, 05:33 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديسة مارينا الراهبة - المقدس يوسف حبيب
نياحة والد القديسة وحدث بعد سبع سنين(1) أن مرض الشيخ المبارك والدها، فأحضرها بين يديه وأوصاها قائلًا: "يا ابنتي من هذه الساعة -وهى ساعة انتقالي- خفت عليك وقد حذرتك فلم تقبلي، والآن أنت تعلمين لأي أمر خرجت من العالم، ولا يخفى عليك شيء، وقد تحقق لديك من كلام الأنبياء ومن وعظهم أن مصايد العدو منصوبة وفخاخه مهيأة وتجاربه كثيرة ووشيكة، وحيله دقيقه وفكره قوى وإشراكه عظيمة وإني أخشى من بعض ذلك(2)، وأسألك يا ابنتي بحق تعبي معك وتربيتي إياك ومحبتي لك أن تجاهدي وتطلبي معونة الله دائما، ولا تفضحي شيبتي بعد خروجي من العالم. فأنا من الآن أستودعك يد الرب يسوع المسيح الذي خرجنا على اسمه، ولا أوصيك بأكثر من هذا والرب يكون معك من الآن وإلى الأبد آمين. ثم طلب إلى الرئيس أن يحضر إليه، فلما حضر وجميع الإخوة قال: "يا أبى الروحاني، الرب يسوع المسيح يكافئك عنى بنعمة الروح القدس، على قدر ما فعلت معي من الخير، ولكن يا أبى الروحاني هذا ولدى الشاب الصبي الوحيد، الضعيف المنفرد، الذي ترك عنه لذات الدنيا وسائر نعيمها ورغب في ملكوت السموات. الآن أودعه إلى حضن ربنا يسوع المسيح وإليك. فبكى الرئيس والأخوة، وبعد أن سلمه في يده تمدد على الأرض وأسلم روحه الطاهرة بين خالقها وتنيح بسلام، وكان قد ظهر له قبل نياحته ملاك الرب قائلا له: طوباك يا أوجانيوس، قد قبل الله صلاتك وستر ذنوبك وبعد ثلاثة أيام تتنيح وتمضى إلى فردوس النعيم وتمكث مع الصديقين في الفردوس. ثم أن الأخوة بكوا عليه وكفنوه ودفنوه بغاية الوقار والكرامة باحتفال عظيم، ولم يزل الإخوة والرئيس ينوحون عليه إلى اليوم الثالث. وبقيت مارينا الطاهرة موضع والدها الجسداني والروحاني وذاع صيتها في بقاع كثيرة وبالأخص عن نسكها وطهارتها ومواظبتها على الصلوات، وأخذ كثيرون من الزوار يترددون على الدير. _____ الحواشي والمراجع: (1) ورد في السيرة بسنكسار René Basé ص 723 - 736 أن أباها سكن في قلاية واحدة مع ابنته مريم عشر سنوات. (2) لقد صدق حدس أوجانيوس لكن الله لا يشاء في النهاية إلا افتضاح حيل العدو. |
||||
11 - 07 - 2014, 05:34 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديسة مارينا الراهبة - المقدس يوسف حبيب
إيفاد القديسة في مهمة خارج الدير وكانت عادة الدير أن يرسل كل مرة أربعة رجال إلى البلاد المجاورة ليجلبوا الطعام. وأراد الرئيس أن يرسل بعض الرهبان لهذا الغرض واجتمع الإخوة عند الرئيس وطلبوا إليه أن يخرج الشاب مارينا معهم وقالوا له أن هذا الأخ أنار ديرنا، وهو مصباحنا، وكان للدير نتاج على يديه.. فلما سمع الآب الرئيس هذا الكلام بكى وقال لا تفعلوا يا أولادي هذا الأمر ولا تخرجوا الغصن الغض البهي الصورة، وقد كنتم حاضرين يوم نياحة والده ورأيتم كيف أودعه إلى يد السيد المسيح ولمسكنتي، ولا يخفى عليكم أنه مثل حمل صغير قد يلحقه أذى من بعض الذئاب الخاطفة فيهلك سريعا، وله سنين كثيرة لم يغادر الدير وأخشى عليه لئلا يوقعه العدو بحيله وإشراكه وفخاخه المنصوبة المهيأة لمثل هذا الحسن الصورة. فأطيعوا مشورة أبيكم الشيخ يعقوب الذي كان يخاف على ابنه يوسف.. لكن الرهبان كانوا يلحون ويرجون ويتوسلون إلى الرئيس أن يرسله معهم، وأخيرًا أجاب الرهبان إلى سؤال قلوبهم - وقال لمارينا، توجه مع الإخوة لإحضار لوازم الدير فأجاب سمعا وطاعة ثم استدعى ثلاثة من الإخوة وأنبا مارينا رابعهم وصلى عليهم وباركهم وأرسلهم إلى المدينة لقضاء حوائج الدير، وصنع الرهبان مطانيات للرئيس وانصرفوا لكن الآب كان يخاف بالأكثر على الشاب مارينا. انصرف الجميع بسلام ومعهم مارينا ولم يزالوا سائرين إلى أن وصلوا إلى المدينة وفيها التقوا بالأرخن المحترم الذي كان من عادته أن يضيفهم، فلما رأى مارينا الشاب بصحبتهم فرح فرحا كثيرا لكنه اندهش من الرئيس كيف سمح بخروج هذا الغصن الغض، حدث بعد هذا أنهم طلبوا إلى الأرخن أن يأذن لهم بالانصراف لأداء مهمة الدير،قال لهم يا أخوتي لا تدعوا هذا الأخ يغادر منزلي بل اتركوه عندي حتى عودتكم بسلام من الله فلما سمعوا ذلك خرجوا وتركوه عنده ورجعوا بعد قضاء مصالحهم وأخذوا حاجة الدير كالمعتاد. وحدث أن أقبل رسول لأحد الكبراء في مهمة ونزل أيضًا في فندق ذلك الأرخن المضيف للرهبان، وبينما هو في الفندق تطلع إلى ابنة صاحب الفندق وخفق قلبه شغفا بها، فلما أقبل الليل وكانت الشهوة الشريرة قد سيطرت عليه تماما ارتكبت الخطية معها ولقنها إذا علم بها والدها واستخبر عن حالها تقول له أن الراهب الشاب الذي أتى من الدير الكبير بصحبة الثلاثة رهبان الذي يدعى مارينا حضر في تلك الليلة عينها التي كنت فيها في الفندق وارتكب هذا الإثم(1). _____ الحواشي والمراجع: (1) ورد في سيرة القديسة بسنكسار Rene Basie.. أتفق أن رئيس الدير أرسل القديسة مع ثلاثة رهبان إلى المدينة لقضاء حوائج الدير لأنه لم يكن يعلم أنها امرأة بل كان يظن أن رقة كلامها لتزايد نسكها، فلما مضت مع الرهبان اتفق أن نزلوا في فندق.. وأن أحد جنود الملك نزل في تلك الليلة في الفندق فأبصر ابنة صاحب الفندق فارتكب معها الخطية ولقنها هكذا إذا قال لك أبوك شيئًا قولي أن أنبا مارينا الراهب الشاب هو الذي فعل هذا".. |
||||
11 - 07 - 2014, 05:35 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديسة مارينا الراهبة - المقدس يوسف حبيب
عودة مارينا مع الرهبان إلى الدير عاد الرهبان مع القديس مارينا وتوجهوا إلى ديرهم بشيء كثير وهم فرحون يمجدون الله إلى أن وصلوا إلى الدير، فلما رآهم الرئيس فرح بهم كفرح يعقوب لما رأى يوسف ثم قال للأخوة كيف كان طريقكم وكيف كان سلوك أخيكم الحبيب مارينا، فأثنوا عليه بعاطر الثناء، وسأل مارينا عن إخوته فضرب مطانية للرئيس شاكرًا الرب وأخوته - فشكر الرئيس الرب يسوع للمحبة القائمة بينهم. |
||||
11 - 07 - 2014, 05:38 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديسة مارينا الراهبة - المقدس يوسف حبيب
طرد القديسة من الدير وبعد فترة من الزمن تغيرت حالة ابنة صاحب الفندق الذي كان مضيفًا للرهبان. ومال لونها إلى صفرة، فلما عاين أبوها حالها، قال لها ما هذه الحالة التي أراك عليها؟ أخبريني إن كان بك علة أو مرض فأحضر لك أحد الأطباء يردك إلى العافية. وإن كان غير ذلك القول فما ينجيك إلا الصدق، ونعمتي وافرة والخير لدى كثير، وما رزقت في الدنيا سواك فقالت له يا أبتاه أنا أعلم أن الموت والحياة في يدي الله ويديك، وأنا ما أكتمك أمري فإنه في الليلة التي نزل فيها رهبان من الدير الأعظم وفرحت بهم وأمرتني أن أهيئ لهم الضيافة وكنت قد تعبت حتى صرت مثل الميتة وما أشعر إلا والراهب مارينا الجميل الوجه قد ارتكب الخطية معي. فلما سمع أبوها ذلك بكى ولطم على وجهه وانتحب وقال ليتني ما أبصرت الرهبان ولا عرفت طريقهم وانطلق فورا إلى الدير الأعظم ووقف على بابه وصرخ بأعلى صوته قائلًا، ما يحل لأحد أن يكرم راهبًا. فإنهم قوم منافقون ماكرون بطالون مراؤون نجسون يحسنون التظاهر بالديانة الحسنة، عليهم زى الورع من الخارج ومن الداخل ذئاب خاطفة، وأخذ يتلفظ ألفاظا كثيرة نابية.. فلما سمع رئيس الدير الضجيج والصراخ قال للرهبان ما هذا الصراخ؟ فأخبره الإخوة أنه صاحب الفندق، فخرج رئيس الدير مسرعا وقال له ما سبب صراخك وما هذا الضجيج ولم هذا السباب، أخبرني ما خطبك؟ إنك معروف لدينا بالوداعة والهدوء والمحبة للرهبان، ما الذي أصابك؟ أجاب قائلا هذا جزاؤنا من رهبان هذا الدير الذين نسارع في إرضائهم وقضاء مصالحهم، قال له الرئيس أعلمني بأمرك فقد شهرت بنا وأكثرت من السباب. أجابه الأرخن صاحب الفندق وقال يجب أن أسمعك شرًا من هذا فإنكم أسأتم إلى غاية الإساءة. قال له الرئيس يا صاح أفصح لي أمرك وماذا دهاك؟ قال أولادك حضروا وفرحنا بقدومهم وأكرمناهم احتراما لك ولما استقروا عندنا وبصحبتهم الراهب الشاب الذي يدعى مارينا بالغنا في إكرامهم ولم أر الراهب الشاب سوى هذه المرة، ولما سألت الإخوة عنه قالوا هذا الشاب الذي تراه ليس كمثله أحد فهو يكثر من صومه وصلاته وإنه زاهد في الدنيا وناسك كبير ويترجى الحياة الآخرة لكن قد تبين أنه ضد ذلك يدعى الصوم في النهار ويرتكب الخطية في الليل. قال له الآب ما هذا الكلام الذي أسمعه منك؟ قال صاحب الفندق لي ابنة وحيدة كنت أرجو أن أفرح بها قبل الموت فكدرتم حياتي وجعلتموني عارًا وسخرية في أفواه الناس. أتعبت ابنتي في إعداد الطعام للرهبان، ولما نامت من التعب مثل الميتة قام الشاب الذي بالغنا في إكرامه والذي كان الإخوة يشكرونه، وارتكب الخطية معها ولم أعلم عن هذا الأمر شيئا حتى حبلت وتغير لونها، وهذا جزاء من يخدم الرهبان ويكرمهم. فلما سمع رئيس الدير هذا الكلام اشتعل غضبًا وغيظًا وثار ثورة عنيفة وقال ما الذي أستطيع أن أفعله الآن؟ لا أقدر أن أفعل أكثر من طرده وإخراجه من الدير وفرزه من جماعة الإخوة على الفور،لا أقدر أن أعمل شيئا سوى هذا، وتضرع لصاحب الفندق وسأله أن يكف عن إهاناته. فلما انصرف الأرخن إلى منزله استدعى رئيس الدير مارينا والثلاثة إخوة الذين كانوا معه وقال له: "يا مارينا ما الذي صنعته في الفندق الذي نزلت فيه". قال له يا أبى: "ما صنعت فيه شرًا، قال له الآب" قد أتى صاحب الفندق وشهر بنا وأخبرنا بالخطيئة الشنيعة التي ارتكبتها مع ابنته والتي كتمت أمرها متظاهرًا بين أخوتك بمظهر الحمل الوديع والشاب العفيف المملوء حياء. فلما سمع مارينا هذا الكلام لم يحر جوابًا. فأوضح له الرئيس القضية التي ذكرها صاحب الفندق فصمت. أما الرئيس فانتهره بشدة ووبخه بعنف وقال له أما تجاوب عن قضيتك؟ وأعاد الآب سؤال إخوته فأقروا أنهم لم يسمعوا عن هذا الأمر شيئا وأنه مظلوم في هذا الادعاء.. أعاد الآب سؤال مارينا فأجابه القديس مارينا يا أبى أنى شاب في شرخ الصبا وقد أخطأت(1). قال ذلك بعد أن أصبح إنكاره للجريمة الشنعاء أمرا غير مقبول لدى الرئيس. ولم يكن أمام مارينا إلا احتمال الظلم بهذه النفس الراضية وعدم التملق بسراب العالم وتبرير النفس دون جدوى. أجهش مارينا في البكاء أمام الرئيس وأخوته والتمس العفو، واعتبر الأب هذا اعترافًا، وامتلأ غضبًا وأمر الإخوة أن يطردوه ويخرجوه من الدير. كانت هذه لحظة مريرة قاسية على نفوس الجميع وكان الكل ينوحون ويبكون غير مصدقين وكانوا في دهشة عظيمة لما عهدوه فيه من تقوى وورع وحياة وسيرة طاهرة، وهكذا خرج مارينا من الدير مشيعا بدموع إخوته الغزيرة رغم كل تفاصيل قضيته. _____ الحواشي والمراجع: (1) لاشك أن في هذا التصرف من القديسة حكمة خفية وفلسفة قوية وصبر عجيب وقوة روحية هائلة - فقد تشبهت بالسيد المسيح الذي قيل عنه مثل خروف سيق إلى الذبح وكشاة صامتة أمام جازيها، هكذا لم يفتح فاه - وإن بدا للبسطاء فيه شيء من السذاجة والضعف والخضوع غير اللائق.ما أجمل الصبر لله فيما يرمينا به العالم حين نقصر من دفعه بقوتنا الشخصية عندما تكون الظروف كلها في غير صالحنا والكلمة ليست لنا والله كفيل بنجاتنا وتخليصنا كما يشاء عند الصبر على المكاره. وما أجمل أن نضع الرجاء في الخالق عند اليأس من المخلوق. |
||||
11 - 07 - 2014, 05:40 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديسة مارينا الراهبة - المقدس يوسف حبيب
الوقوع في يدي الله خير من الوقوع في يدي البشر هكذا أحتمل مارينا الخزي والعار والطرد. وكان على باب الدير صخرة فجلس عليها وزاد في صومه وصلاته أكثر مما كان أولا. وكان كل من يراه ويأتي إلى الدير ويعبر به وهو جالس على تلك الصخرة يقاسى برد الشتاء وحر الصيف يقول له ويسأله ما بالك ولماذا طردت من الدير؟ فيقول لهم أنا أخطأت خطية عظيمة فطردوني وأخرجوني بسبب خطيتي وأبعدوني عن الدير.. صلوا عنى. وحدث أن وضعت الشقية ابنة صاحب الفندق طفلًا فأخذه أبوها وأتى به مسرعًا إلى الشاب مارينا وألقاه في حجره وقال له خذ الزرع الذي زرعته وانصرف ثائرًا. أخذ مارينا الطفل وكان يطوف به على الرعاة فيشفقون عليه ويقدمون له يسيرا من اللبن.. وكان مارينا صابرًا شاكرًا لله، وأقامت مارينا على هذا الحال ثلاث سنوات،ولما طالت مدة بقائها على تلك الصخرة اجتمع الإخوة وتشاوروا فيما بينهم قائلين، كيف يحل لنا أن نكون في داخل الدير والأخ تحت السماء يقاسى الحر والبرد لاسيما وأن معه طفلا صغيرًا وغدًا يسألنا السيد المسيح عن هذه الخطية، فاجتمعوا كلهم ودخلوا إلى الآب الرئيس وقالوا يا أبانا أن الشاب مارينا المظلوم له ثلاث سنوات خارج الدير يجلس على هذه الصخرة صابرًا على الحر والبرد ومعه الطفل، وكل من يسأله يقول له قد أخطأت خطية عظيمة استوجبت بسببها إبعادي عن الدير وفراق الإخوة. وبأي وجه يا أبانا نلقى المسيح يوم القيامة، وأي جواب نجيبه إذ يسألنا عن أخينا أنبا مارينا، وطلبوا إليه أن يأذن بدخوله الدير فلم يقبل أولًا لكن بعد شدة الإلحاح والتوسل ببكاء كثير ومحبة فياضة اضطر الرئيس لإدخاله الدير فسمح بدخوله. |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|