رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كتاب الآباء المؤرخون: مصادر التاريخ الكنسي ترجمة وإعداد: القمص أثناسيوس فهمي جورج مقدمة ومدخل يتقدم التاريخ في المسيحية إلى الأمام ليربط -في النهاية- الزمن بالأبدية، وفي تاريخ الكنيسة تقف يد الله مختفية وراء الأحداث لتصنع المواقف. تلك اليد الإلهية العالية، يد الله سيد التاريخ وخالق الزمن، هي التي باركت تاريخنا الزمني وقدست حياتنا على الأرض، لننطلق إلى اللازم، حيث الأبدية التي لا يحصرها ولا يحدها التاريخ. لقد الآباء التاريخ والزمن مؤكدين على أن دورات التاريخ التي بلا رجاء قد انتهت، وعلى أننا قد تركنا الزمن لننشغل بالأبدية الدائمة، ومن ثم رأوا أن التاريخ لا تدفعه الأيادي البشرية وحدها كما قد يبدو في الظاهر، بل يد الله فوق الكل، وهي التي تنفذ مقاصده الإلهية الخلاصية العالية عن الأفهام. لذلك رسم المنهج الآبائي صورة مبسطة للتاريخ الكنسي على اعتبار أن ذروة التاريخ ومركزه هو "المخلص" الذي به انفتحت النبوات واكتملت، وتحقق كل رجاء البشرية كمشتهى الأجيال كلها. ولأن الآباء اعتبروا أن تاريخ الكنيسة يبدأ بتاريخ العالم، لذلك كانت غاية التاريخ في المفهوم الآبائي هي الكشف عن علاقة مملكة الطبيعة والخلقة بملكوت النعمة الأبدي، والكشف عن عمل الله الخلاصي وخطته الإلهية عبر الأجيال وحتى نهاية التاريخ البشرى وإعلان "الله الكل في الكل" {كو 1:16} على اعتبار أن السيد المسيح هو مفتاح التاريخ كله. ولم تكن نظرة على الباترولوجي للتاريخ على انه مجرد سرد أحداث ماضية ميتة، أو تسجيل لوقائع منتهية، لكن التاريخ كعلم كنسي يحيط حياة الكنيسة من كل نواحيها بترتيب متصل ومتواصل، لأن المسيح هو ماضي الكنيسة وحاضرها ومستقبلها. لذلك أصبح تسجيل التاريخ الكنسي في كتابات الآباء، يهتم بالمفاهيم الروحية والمدلولات الرمزية بفكر كنسي واسخاتولوجي هادف، خلال الحياة والسيرة والعبادة والسلوك. فصارت الكتابات التاريخية عبارة عن فهم لعمل الله في وسط كنيسته عبر الأجيال، وإدراك الحقيقة الكنيسة وطبيعتها ورسالتها خلال تاريخها، وإذا تتبعنا تاريخ الكنيسة بهذا المفهوم الآبائي، فإننا نستطيع أن نتبيَّن الحقب المتتالية التي كانت وما زالت يوجهها الروح القدس الرب المحيى. وتناول علم الباترولوجي التاريخ الكنسي عبر الحقب الممتدة من عصر الرسل، عصر الآباء الرسوليين، عصر الاستشهاد والاضطهاد، عصر الرهبنة، عصر الهرطقات، فتناول بذلك تاريخ الاضطهادات والهرطقات والنظم الكنسية والترتيبات الليتورجية وتاريخ اللاهوت والعقيدة والرهبنة وتاريخ الطقس والعبادة وسير الآباء والمجامع المسكونية، وتاريخ التقليد والقوانين والرعاية والكرازة والدفاعيات... ولأن الإنسان ينسى {أش 59:15} لذلك سمح الروح القدس وألهم حكماء الكنيسة أن يسجلوا تاريخها جيلاَ أثر جيل، منذ ان خط القديس لوقا الطبيب أول حرف في سفر أعمال الرسل، وإلى صفوف المؤرخين والكُتاب الكنسيين الذين واصلوا تسجيل "أعمال الروح القدس" كل جيل بمؤرخيه. لقد تحقق معنى وقيمة التاريخ، لأنه مازال حياَ في الكنيسة يشكل الحاضر لمصدر دائم للإلهام، ليس بطريقة مجردة ولكن كاستعلان مجدد لروح الله، وكأبعاد أبدية للحياة الُمعطاة لنا في المسيح يسوع ربنا والمنقولة إلينا بواسطة الرسل الأطهار والآباء القديسين، فالشعب الحي يجب أن يعيش دائماَ على اتصال وجداني وفكري بتاريخه، لما للتاريخ من قوة هائلة على التنبيه والإحياء، فالتاريخ ينبوع قوة روحية وتراث مقدس يحمل ليس فقط مجرد معرفة أو ذاكرة أو ذكرى بل شركة ومطابقة باطنية، نتحقق بها ونرى أن ما عمله الرب قديماَ هو في حياة الكنيسة اليوم، لا يزول منه حرف واحد ولا نقطة واحدة. فالأصالة التاريخية للكنيسة ليست مجرد رمز تاريخي، ولكنها ثراء الحياة الذي لن يزول، فلنبحث في بطون التاريخ وأعماقه لنتعلم كيف نكون مسيحيين حقيقيين. إن من السمات البارزة في التقليد القبطي أن تذكار الأحداث والشخصيات هو جزء لا يتجزأ من جوهر العبادة الكنسية، فمن وراء ذلك معنى لاهوتي عميق وثراء روحي يظل ينبوعاَ للقوة الروحية وميراثاَ غنياَ دائم التدفق نحتاجه كسند يومي نتمثل به ونقتفى أثاره. وذخرت الكتبة القبطية بمجموعة من الميامر التاريخية التي تحمل سير البطاركة والشهداء والنساك والسواح والمتوحدين والرعاة الفعلة الأمناء، الذين بشروا بالمسيح وسفكوا دمائهم من أجله وفصلوا كلمة الحق باستقامة وجاهدوا عن الأمانة الأرثوذكسية، وسكنوا الجبال وشقوق الأرض من أجل عظم محبتهم في الملك المسيح. لقد كان القصد من إصدار هذا البحث عن "الآباء المؤرخون" هو التعريف بهؤلاء الذين أرخوا تاريخ الكنيسة المقدس وصنعوا بكلماتهم وأقلامهم نسيج حياتها على الأرض، مقدمين أيقونة مجسمة وواضحة ومتألقة للكنيسة الأولى، فلولا هؤلاء الآباء المؤرخين ما كان لنا أن نعرف تاريخ العمل الكرازي وتاريخ الهيرارخية الرعوية وتاريخ تطور وتعتبر أعمال هؤلاء الآباء المؤرخين الأبحاث الأولى في علم الباترولوجي، والتي صاغوا فيها التاريخ الذي صنعه الآباء صُناع التاريخ. نقدم هذا البحث كدليل للكتابات التاريخية التي يحتاجها الباحث في دراسة التاريخ الكنسي وفي كل الدراسات الباترولوجية، وبالرغم من أن بعض هؤلاء المؤرخين كان له انحرافاته الإيمانية، إلا أن أعمالهم ذات قيمة تاريخية هامة. نقدم هذه الموسوعة الآبائية اخثوس ΙΧΘΥΣ مساهمة في حفظ تراث الكنيسة التعليمي الآبائي اللاهوتي الواسع والعريض، مع التركيز على استيعابه ووعيه وعياَ عميقاَ وعملياَ، وسط احتفال الإكليريكية المئوي وابتهاج الكنيسة بافتتاح معهد الرعاية والمؤسسات العلمية في عهد قداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث -حفظه الرب- الذي عكف على السير على نهج الآباء في التعليم والرعاية والوعظ والكتابة. آملين أن يحظى علم الباترولوجي باهتمام أوسع في مناهج المعاهد اللاهوتية حتى تكون الدراسات الكنسية على مستوى يضارع أرقى المعاهد اللاهوتية في كنيسة صاحبة أقدم وأعظم مدرسة عرفتها المسيحية، وأن يحظى بمساحة أكبر في مناهج التربية الكنسية التي تُعدها اللجنة العليا للتربية الكنسية، فتتمتع الأجيال المتعاقبة بأعظم ذخيرة من التعليم الكنسي الأصيل والمستقيم. إننا نشكر الله من أجل جوده وسخائه إذ أعطانا أن نقدم هذا العمل بالرغم من ضعفنا وتقصيرنا، ونشكر أبينا المحبوب نيافة الأنبا بنيامين نائب قداسة البابا بالإسكندرية من أجل مساندته وتشجيعه الأبوي، وأيضاَ نيافة الحبر الجليل الأنبا ديسقورس الأسقف العام من أجل تدعيمه المتكرر لهذا العمل، كذا شكرنا لجناب الأب الموقر القمص أثناسيوس ميخائيل مدرس التاريخ الكنسي بالكلية الإكليريكية من أجل ملاحظاته القيمة ومراجعته للنسخ الطباعية الأولى، وليعوض الرب كل من له تعب ببركة وصلوات الآباء المؤرخين وصلوات جزيل الغبطة البابا شنودة الثالث، ولربنا السجود والمجد والإكرام. تذكار ظهور الصليب المقدس 27 سبتمبر 1993 م. 17 توت 1710 ش. |
15 - 05 - 2014, 05:40 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الآباء المؤرخون: مصادر التاريخ الكنسي
مصادر تاريخنا الكنسي أستمر التأريخ حتى بدايات القرن الرابع عملاَ وثنياَ، ففيما عدا سفر أعمال الرسل وما يشابه من الأسفار المنحولة، لم يكن هناك أي محاولة لتسجيل تاريخ الكنيسة المسيحية، وفي مستهل القرن الرابع، أدرك يوسابيوس القيصرى أهمية كتابة تأريخ يتضمن وصفاَ وسرداَ كاملاَ لتاريخ الكنيسة حتى أيامه، ولذا لُقب ويحق بـ"أبو التاريخ الكنسي"، ولأن عمله كان كافياَ وشاملاَ لمعاصريه ولمن بعده مباشرة، لذا لم يفكر أي منهم في كتابة تاريخ آخر، وكانوا يوقرون شمولية وكمال هذا العمل جداَ، ولكن احترامهم هذا، والذي زاد العمل عظمة في عيونهم، بعث فيهم أيضاَ الرغبة في محاكاته. وهكذا نشأت مدرسة من المؤرخين، وكُتب عدد من الأعمال المُكملة لتاريخ يوسابيس. - تاريخ فيلبس المؤرخ Philippus Sidete - تاريخ فيلاستورجيوس Philastorgius - تاريخ هيزيخيوس Hesychius وقد فُقد الأول بسبب صعوبته، والثاني لأن صاحبه كان آريوسياَ، لذا فقد عمله عدا شذرة حفظها لنا فوتيوس Photius والثالث فقد عمله كله. أما الثلاثة الباقيين فهم: سقراط وسوزمين وثيودورت، وقد جاءت أعمالهم متقاربة إلى حد ما مع التاريخ الكنسي ليوسابيوس القيصرى. وفى الغرب قام روفينوس بترجمة تاريخ يوسابيوس إلى اللاتينية وأضاف إليه بعض الأحداث حتى عصر ثيودوسيوس الكبير عام 392 م. وكتب أيضاَ عن التاريخ المبكر لأورشليم هيسيجيبوس Hegesippus، ثم أتى القديس جيروم بالكتاب التالي في الأهمية من حيث تاريخ الكتابات الآبائية وهو "مشاهير الرجال". أما أهم كتابات الآباء في التاريخ الرهباني القبطي فهي: - التاريخ اللوزياكى للقديس بالاديوس. - الهستوريا موناخورم أو تاريخ الرهبنة في مصر، ويُنسب إلى روفينوس. - مناظرات يوحنا كاسيان. أما بالنسبة لأهم الكتابات التاريخية القبطية فهي: - السنكسار القبطي cuna[arion الذي وضعه يوليوس الأقفهصي كاتب سير الشهداء، وأكمله القديس يوحنا أسقف البرلس في القرن السابع في عهد البابا دميانوس (البابا الـ35)، ثم أكمله القديس ميخائيل أسقف أتريب، ثم القديس بطرس المُلقب بالجميل أسقف مليج. - القديس يوحنا النيقيوسي الذي كان من علماء التاريخ القبطي في القرن السابع، كتب تاريخاَ من الخلقة إلى عصره باللغة القبطية ثم تُرجم إلى الحبشية. - ساويرس بن المقفع أسقف الأشمونين الذي جمع تاريخ البطاركة الأقباط، ثم أضاف الأنبا ميخائيل أسقف تانيس على هذا الكتاب، تاريخ البطاركة حتى عام 1243 م. - الشيخ المؤتمن أبو المكارم الذي وضع كتاباَ عن التاريخ منذ آدم وحتى عام 1257 م، فيه تاريخ البطاركة والملوك. |
||||
15 - 05 - 2014, 05:42 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الآباء المؤرخون: مصادر التاريخ الكنسي
يوليوس أفريقانوس Sextus Julius Africanus هو كاتب مسيحي عاش في الفترة من عام 160: 240 م، ومع أن الباحثين المحدثين يرون أنه ولُد في ليبيا، إلا أن الاحتمال الأرجح هو انه ولُد في أورشليم، وعاش لعدة سنوات في عمواس، والتحق بالجيش ضابطًا واشترك في حملة سبتيميوس ساويرس على إمارة الرها في سوريا الشمالية، وقام بوساطة ناجحة لدى الإمبراطور هليوجابالوس (218-222 م) لتجديد العاصمة، مما أدى إلى إعادة بنائها باسم نيكوبوليس، وقد كان يتمتع أيضاَ بعلاقات وثيقة مع البيت الملكي في أديسا. وفى عهد الإمبراطور الكسندروس سيفيروس (222-235 م) كان مساعداَ في إنشاء المكتبة العامة في البانثيون بروما قرب حمامات الكسندروس. وقد كانت له علاقات أيضاَ في الإسكندرية مع البابا ياروكلاوس والعلامة أوريجانوس، ذلك انه زار الإسكندرية في وقت رئاسة هيراكلاوس، وتعرف على أوريجانوس وقتها وصار صديقاَ له. وفى حركة التأريخ المسيحية يحتل أفريقانوس مكاناَ هاماَ، إذ يُعتبر عمله الأدبي الرئيسي "تاريخ العالم حتى 217 م" والذي اشتهر باسم "الحوليات Xronographia" أول محاولة لترتيب تاريخ العالم، فقد جاءت أخبار التوراة وأخبار اليونانيين الهيلينيين وأخبار اليهود في أنهار متوازية مرتبة ترتيباَ تاريخياَ منذ الخليقة وحتى عام 217 م. بعد الميلاد، وهي السنة الرابعة لملك هيلاجبلوس الإمبراطور الحمصي، وجعل أفريقانوس المدة بين الخليقة وميلاد المسيح 5500 عاماَ وانتظر نهاية العالم في عام 500 بعد الميلاد (3). وبجانب هذا العمل التاريخي الضخم، أعد يوليوس موسوعة في أربعة وعشرين كتاباَ عالج فيها مواضيع متنوعة طبية وزراعية وعسكرية وفلكية وأسماها "الوشاء" أو "الأحزمة المطرزة Kestoi "وقدمها هدية إلى الكسندر سيفيروس كموسوعة عن التاريخ الطبيعي والعلوم المتفرقة، ولم يصلنا من هذا العمل إلا بقايا مخطوطات. كما كتب أيضاَ رسالتين، إحداهما موجهة إلى أوريجانوس ويناقش فيها أصالة قصة سوسنة، والأخرى إلى أريستيدس حول أنساب المسيح في إنجيل معلمنا متى ولوقا، وكلا الرسالتين توضحان قدرة نقدية رائعة. |
||||
15 - 05 - 2014, 05:44 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الآباء المؤرخون: مصادر التاريخ الكنسي
العلامة يوسابيوس القيصري EUSEBIUS OF CAESAREA وُلد يوسابيوس القيصري في قيصرية فلسطين سنة 263 م. وتتلمذ على يديّ بامفيليوس كاهن كنيسة قيصرية، الذي شجعه وعلمه كيف يعتمد على نفسه وعلى ذهنه وزوده بنصائحه، ودان يوسابيوس لمعلمه بامفيليوس بالفضل الكثير في تعليمه وتدريبه الفكري، وتعبيراَ عن شكره ومحبته لأستاذه قرن اسمه باسمه فدعى نفسه "يوسابيوس بامفيليوس" أي أنه الابن الروحي لبامفيليوس. وهكذا دخل يوسابيوس في تاريخ آباء الكنيسة باسم "يوسابيوس بامفيليوس". واستلم يوسابيوس عن معلمه تكريم أوريجانوس تكريمًا عميقًا، وانشغل بتراثه الأدبي حتى يزيد من شهرة العلامة السكندري، وبدأ في إصدار مجموعة مراسلاته، الأمر الذي ساعد على عدم ضياع هذا التراث أو تشتته. وفى الاضطهاد الأخير نال بامفيليوس اكليل الشهادة، في العام السابع من اضطهاد دقلديانوس في السادس من فبراير سنة 310 م., وكتب يوسابيوس سيرته تكريمًا لذكراه واعترافًا بمحبته له، وقد هرب يوسابيوس إلى صور ومنها إلى برية مصر في طيبة (الصعيد) Thebais، ولكن قبض عليه هناك وسُجن. ويبدو أن العام الذي انتهت فيه الاضطهادات ضد الكنيسة {سنة 313 م} هو نفس عام تجليس يوسابيوس أسقفًا لقيصرية، وقد صارت له صداقة متينة مع قسطنطين الملك وكان ذا تأثير عليه، وبدأت شهرته كعالم تطغى على شهرة معلمه منذ ذلك التاريخ. وقد دخل يوسابيوس –كأسقف– في الجدال الآريوسى، الذي اعتقد أنه يستطيع أن ينهيه باقتراحات بتنازلات متبادلة من كلا الطرفين، بدون أن يدرك الأهمية الحقيقية للعقيدة موضع النقاش وكتب عدة رسائل يؤيد فيها آريوس، وكان له دوره المؤثر جدًا في مجمع قيصرية المكاني الذي أعلن أرثوذوكسية فكر وعقيدة آريوس رغم أنه طلب منه الخضوع لأسقفه، وبعد ذلك بقليل عُقد مجمع مكاني في أنطاكية سنة 325 حرم أسقف قيصرية لرفضه للصيغة الإيمانية المعارضة للتعليم الآريوسى المنحرف، وفي مجمع نيقية سنة 325 م. أراد أن يكون واسطة مصالحة، ورفض عقيدة "الوموأوسيوس Homoousios – مساواة الآب والابن في الجوهر" التي لأثناسيوس لأنه يظن أنها تؤدى إلى السابليانية Sabellianism، وأخيرًا وقع على قانون الإيمان النيقاوي كمجرد أرضاء خارجي لرغبة الإمبراطور، لكن بدون أي اقتناع حقيقي داخلي، ولم يستخدم قط في كتاباته بعد سنة 325 م. التعبير "هومواوسيوس"، بل أيد صراحة يوسابيوس أسقف نيقوميدية وقام بدور بارز في مجمع أنطاكية المكاني سنة 330 م، الذي خلع الأسقف يوستاثيوس Eustathius، وكان له أيضاَ دور هام في مجمع صور سنة 335 م. الذي حرم القديس أثناسيوس الرسولي، وبجانب ذلك كتب كتابين ضد مارسيللوس أسقف أنقرة الذي خلع من كرسيه بعد ذلك بعام. وكان إعجاب ومحبة يوسابيوس للإمبراطور، الذي أرسى السلام بين الكنيسة والإمبراطورية بعد سنوات من الاضطهادات الدموية، كبيرًا جدًا، وتمتع يوسابيوس نفسه بمكانة خاصة لدى قسطنطين، وفي التذكارين العشرين والثلاثين لتتويج الإمبراطور وتقليده الحكم، ألقى يوسابيوس كلمتي مديح للإمبراطور، وعندما تنيح قسطنطين في 22 مايو سنة 337 م، قدم يوسابيوس كلمة تأبين طويلة له، إذ يبدو أنه كان مستشاره اللاهوتي الأكبر، وقد مات يوسابيوس بعد إمبراطوره بأعوام قلائل في سنة 339 أو سنة 340 م. كتابات يوسابيوس فيما عدا العلامة أوريجانوس السكندرى، فاق يوسابيوس كل الآباء اليونانيين في المعرفة والعلم، وقد كان باحثًا ومجاهدًا لا يكل، واستمر يكتب حتى سن متقدم جدًا، وتقدم كتاباته مجموعة ضخمة من المقتطفات التي جمعها من الكتابات الوثنية المسيحية والتي فُقد الكثير منها، ولهذا السبب لم يندثر إنتاجه الأدبي بالرغم من اتجاهه الآريوسى، وتكشف لنا كتاباته عن سعة أفق مدهشة في التعلم ومنها يتضح لنا أنه دارس جيد للكتاب المقدس وللتاريخ الوثني والمسيحي، وللأدب القديم والفلسفة، والجغرافيا، وعلم التفسير، وعلوم اللغة، ويصفه فوتيوس بأنه "رجل غزير المعرفة"، وبالرغم من أنه مدافع خصب، إلا أنه لا ينتمي إلى اللاهوتيين البارزين في التراث المسيحي، فشهرته الواسعة إنما ترجع إلى أعماله العظيمة. الأعمال التاريخية 1) التاريخ The Chronicle 2) التاريخ الكنسي The Ecclesiastical History 3) شهداء فلسطين Martyrs of Palestine 4) حياة قسطنطين Vita Constantini
|
||||
15 - 05 - 2014, 05:46 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الآباء المؤرخون: مصادر التاريخ الكنسي
القديس جيروم JEROME وُلد ايرينيموس يوسابيوس Hieronymus Eusebius في مدينة صغيرة تُدعى ستريدون Stridonia بالقرب من أكويلا Aquileia، ويرى بعض الدارسين أن ميلاده كان نحو عام 321 م. بينما يرى آخرون أن ذلك كان عام 342 م. وكان لجيروم أخ أصغر يُدعى بولينان Paulinian وأخت صغرى، وسلك كلاهما مسلك جيروم في اختيار الحياة الرهبانية دربًا لحياتهما، مما يدل على أن والده يوسابيوس كان مسيحيًا تقيًا. ونحو عام 360 م. – 367 م. بينما كان لا يزال صغيرًا جدًا، درس جيروم مجموعة من الدراسات الممتازة في النحو والبلاغة في روما، وكان تلميذًا لدوناتوس Donatus، والذي كان يفتخر دومًا بتلمذته له، وفي شبابه المبكر قام بنسخ مكتبة قيمة تضم أعظم الأعمال الأدبية الشهيرة، وصار لهذه المكتبة فيما بعد قيمة عظيمة، ورغم افتخاره بأنه نال صبغة المعمودية المقدسة في روما، إلا أنه لا يتحدث عن الظروف التي صاحبت معموديته، ثم ترك روما وذهب إلى مدينة تريف، وهناك جذبه النموذج الشرقي للرهبانية وللحياة النسكية التقوية، وكان يقضى وقت فراغه في نسخ أعمال القديس هيلارى أسقف بواتييه، وبعد ذلك عاد إلى موطنه نحو عام 370 م. مع صديقه بونوسوس Bonosus، وعاش بضعة سنوات في شركة رهبانية نسكية مع روفينوس وكروماتيوس Chromatius وهليودورس Heliodrus. وفى عام 374 م. انطلق إلى فلسطين، لكنه تأخر في الطريق قليلًا في أنطاكية ليستمع إلى مواعظ أوليناريوس أسقف لادوكية، وهناك في حلم رأى نفسه مُدانًا أمام كرسي المسيح لأنه استمر فيلسوفًا ينتمي لسيسرو Cicero الفيلسوف أكثر منه مسيحيًا، وقد روى هذه الرؤية في رسالة إلى استوكيوم Eustochiumلكي يشجعها على دراسة الكتاب المقدس. وبعد هذه الرؤية مضى وتوحد في صحراء خالكيس بسوريا وظل بها مدة تتراوح ما بين أربعة إلى خمسة أعوام، وفي فترة خلوته هذه انتفع بوجود أحد اليهود الذين قبلوا الإيمان حديثًا لكي يتعلم منه اللغة العبرية. ثم عاد إلى أنطاكية حيث رسمه بولينوس كاهنًا، وفي سنة 480 م. ذهب إلى القسطنطينية حيث تتلمذ على يدي القديس أغريغوريوس النزنيزى. ومن القسطنطينية رحل إلى روما حيث عينه البابا داماسوس Damasus سكرتيرًا له، ولم يمنعه هذا العمل من خدمته للأرامل مارسيلا Marcella وبولا Paula والدة استوكيوم، واضطرته متطلبات دراساته الكتابية إلى تحسين لغته العبرية بمساعدة أحد الرابيين (معلمي اليهود) الذي وفر له الكتب والدروس، وفي روما ترجم جيروم الكتاب المقدس إلى اللغة اللاتينية، ولولا هذه الترجمة لما عرف الغرب الكتاب المقدس. بعد نياحة داماسوس، قدم جيروم ومعه بولا إلى مصر عام 385 م. حيث تعرف عن كثب على فردوس رهبان مصر لقديسين، وتتلمذ على يدي القديس ديديموس الضرير مدير مدرسة الإسكندرية اللاهوتية، كما زار أنطاكية وفلسطين. وفى عام 386 م. عاد جيروم إلى أورشليم واستقر في بيت لحم حيث أسس ديرًا للرهبان وآخر للعذارى، وكرس حياته للدراسة والبحث والترجمة. وقد واجه جيروم العديد من البدع والهرطقات مثل الآريوسية والبيلاجية التي اشترك مع أغسطينوس في مواجهة تعاليمها، كما كان له موقفه المقاوم بشدة للتعاليم الأوريجانية والذي اختلف بسببه مع صديق روفينوس ودخل في العديد من الجدالات، وفي عام 414 م. وقف جيروم ضد بيلاجيوس المبتدع في أورشليم مدافعًا عن العقيدة الصحيحة، وفي عام 416 م. انتقم البيلاجيون من جيروم وأحرقوا ديره، وبعد أربعة أعوام تنيح جيروم أي في عام 420 م. ودفُن في أورشليم في بيت لحم. وتتمثل إسهامة جيروم التاريخية في كتابه "مشاهير الرجال De Visis Illustribus" وهو تأريخ لسير وأعمال الكُتاب الكنسيين، ويقول في مقدمة هذا العمل "سأكتب أولًا عن هؤلاء الرجال المشاهير ورسائلهم إلى الأمم وعن كل الذين لهم مؤلفات وتأملات عن الإنجيل المقدس، بداية من آلام السيد المسيح وحتى السنة الرابعة عشر من عهد الإمبراطور ثيودوسيوس". وقد كتب هذا العمل في بيت لحم عام 392 م. استجابة لطلب صديقه دكستر Dexter، وكان يهدف بذلك إلى الرد على الوثنين والهراطقة الذين اتهموا المسيحيين بالجهل وبأنه ليس بينهم علماء ولا دارسين. ولأن جيروم عقد اعتمد على "التاريخ الكنسي" ليوسابيوس القيصرى، لذلك وقع في نفس أخطائه لكنه على أيه حال قدم لنا في عمله هذا مرجعًا هامًا وثمينًا في دراسة علم الباترولوجى. كما يذكر التاريخ لجيروم ترجمته لكتاب "التاريخ Chronicle" ليوسابيوس القيصرى، وأيضًا ترجماته للأعمال الجدلية ذات القيمة التاريخية الفائقة، كما ونجد بين رسائل جيروم وثائق هامة خاصة بالقديس ثيوفيلس السكندري، ومضابط مجمع مكاني عقُد في أورشليم، ونصوص شرقية أخرى ترجمتها ونُشرت في الغرب بهدف جدلي، ومن هذه الوثائق نذكر: - الرسالة رقم 51 من أبيفانيوس (انظر كتابنا "القديس إبيفانيوس أسقف سلاميس.. صائد الهرطقات" ضمن هذه السلسلة اخثوس) ΙΧΘΥΣ إلى يوحنا أسقف أورشليم. - الرسالة رقم 87 و89 من ثيوفيلس إلى جيروم. - الرسالة رقم 90 من ثيوفيلس إلى أبيفانيوس اسقف سلاميس - الرسالة رقم 91 من إبيفانيروس إلى جيروم. - الرسالة رقم 92 و93 وهما رسالة مجمعية أرسلها ثيوفيلس، ورد ديونيسيوس أسقف Lydda عليها. - الرسالة رقم 96 و98 وهما رسالتان فصحيتان كتبهما ثيوفيلس. - الرسالة رقم 113 من ثيوفيلس إلى جيروم. وبجانب هذه الأعمال العديدة ذات القيمة التاريخية الثمينة، كان لجيروم أعماله الأخرى، فترجم الأناجيل والأسفار القانونية الثانية، ونسخة منقحة من الهكسابلا (السداسيات)، ونسخة منقحة من المزامير، وترجم عظات أوريجين وديديموس الضرير، ووضع الكثير من التفاسير الكتابية والرسائل. |
||||
15 - 05 - 2014, 05:49 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الآباء المؤرخون: مصادر التاريخ الكنسي
روفينوس المؤرخ | الهستوريا موناخورم Tyrannius Rufinus / Rufinus of Aquileia وُلد تيرانوس روفينوس Tyrannius Rufinus نحو عام 344 أو 345 م. في مدينة كونكورديا Concordia بالقرب من أكويلا Aquileia من أسرة مسيحية، وتتضح لنا معرفته المبكرة بجيروم من انه عندما ذهب جيروم مع بونوسوس Bonosus إلى الغال (فرنسا) طلب روفينوس منه أن يرسل له نسخة من أعمال القديس هيلارى أسقف بواتييه عن المزامير وعن المجامع. ونار روفينوس صبغة المعمودية المقدسة وهو في عامه الثامن والعشرين (وقد كتب وصفًا لمعموديته في دفاعه)، وكان يحيا في ذلك الوقت في أكويلا، وكان عضوًا في شركة رهبانية تضم بين أعضائها جيروم. وعندما تفرقت هذه الجماعة النسكية، صاحب روفينوس السيدة الرومانية الثرية ميلانيا في رحلتها للشرق، وزار أديرة مصر وكان له اشتياق أن يبقى في براري مصر، إلا انه حدث أن شن أسقف الإسكندرية الآريوسى لوسيوس اضطهادًا ضد مستقيمي الإيمان بتأييد من الحاكم، فسُجن روفينوس لفترة من الوقت ثم طرد بعد ذلك من مصر. ويذكر في دفاعه أنه أقام في مصر لمدة ست سنوات، وأنه عاد إليها ثانية بعد فترة وقضى فيها عامين وانه كان تلميذًا للقديس ديديموس الضرير مدير مدرسة الاسكندرية اللاهوتية الذي كتب له مقالًا عن موت الأطفال، كما يذكر أنه تتلمذ للقديس ثيوفيلس الذي صار بطريركًا للإسكندرية فيما بعد، كما يخبرنا أن رأى العديد من المشاهير النساك الأقباط مثر سرابيون ومكاريوس. وبحسب جيروم، استقرت ميلانيا في جبل الزيتون عام 377 م. وفي الغالب سافر روفينوس معها عام 379 م. واستقر هناك لمدة 18 عامًا أي حتى عام 397 م. وفى أورشليم، سيم روفينوس شماسًا وكان ذلك في الوقت الذي صار فيه يوحنا -الذي كان على صلة وثيقة بروفينوس- أسقفًا لأورشليم خلفًا للقديس كيرلس الأورشليمى، وساعدت ميلانيا روفينوس بما لها من أموال فبنى ديرًا على جبل الزيتون وجعل العمل الأساسي لرهبانه هو الدراسة والأعمال الفكرية ونسخ المخطوطات. ومن جيروم نعرف أن روفينوس كان يقرأ لآباء الكنيسة اليونانية بمهارة ويحاضر عنهم، ومن المحتمل انه كان يحاضر باليونانية لأنه يقول عام 397 م. أن لغته اللاتينية قد ضعُفت بسبب عدم الممارسة. ويروى روفينوس أنه ذهب إلى أديسا وأنه رأى هناك جماعات من الرهبان شبيهة بهؤلاء الذين رآهم قبلًا في مصر، إلا أن تاريخ هذه الرحلة غير معروف، وربما قام بها لكي يزور بعض أماكن النفي من مصر والتي كان ينفى إليها مستقيمو الإيمان المقاومين للآريوسية، قبل أن يؤسس دير جبل الزيتون. وبعد حدوث الجدال الخاص بتعاليم أوريجانوس، والذي كان لجيروم فيه دورًا أساسيًا، عاد روفينوس إلى ايطاليا بصحبة ميلانيا في بدايات ربيع عام 397 م، وذهبت ميلانيا إلى روما أما هو فمكث في دير Pinetum بالقرب من Terracina. وفى سنة 398 م. انتقل روفينوس إلى روما حيث عاش مع ميلانيا وأسرتها، وإذ حدث جدال شديد بين روفينوس وجيروم بسبب صدور ترجمة روفينوس لكتاب أوريجانوس "المبادئ" مسبوقة بمقدمة من وضع روفينوس، غادر الأخير روما نحو عام 398 م.، بعد أن أخذ رسالة اعتماد من البابا سيريسيوس Siricius تقدمه إلى الكنائس الأخرى. وبعد ذلك عاد روفينوس إلى روما، ثم رافق ميلانيا في رحلتها إلى فلسطين كما يخبرنا في ترجمته لتفسير أوريجين لسفر العدد، وتنيح بعد ذلك بقليل. ورغم جداله وخلافه مع جيروم إلا أنه كان ذا مكانة وتقدير عال عند آباء الكنيسة المشهورين، مثل أغسطينوس الذي يتحدث عنه بكل حب وتوقير وبالاديوس الذي يصفه بكل إجلال واحترام. وإن كانت ترجمة روفينوس المنقحة والمزيدة لكتاب "التاريخ الكنسي" ليوسابيوس القيصرى تُعد من إسهاماته في التاريخ المسيحي، إلا أن العمل العظيم الذي يُنسب إليه هو الهستوريا موناخورم أو تاريخ الرهبنة في مصر. الهستوريا موناخورم: تاريخ الرهبنة في مصر Historia Monachorum in Aegypto وهو يروى قصة زيارة سبعة من الأخوة -من بينهم كاتب هذا العمل- لبراري مصر أثناء شتاء عام 394، 395 م.، ويصف الكثير من النساك والمتوحدين من أقصى الصعيد إلى أقصى الشمال. وأختلف العلماء والدارسون في تحديد شخصية كاتب هذا العمل الهام، فنهم من رأى أنه روفينوس، ومنهم من قال أنه تيموثاوس بطريرك الإسكندرية كما قال سقراط في تاريخه، وفريق ثالث قال أن سقراط قد أخطأ بينما المقصود ثيموثاوس الشماس، وآخرون يعتقدون انه الراهب بترونيوس الذي صار أسقفًا على بولونيا. ويستعرض هذا الكتاب أحاديث عن آباء صعيد مصر وآباء نتريا والقلالى وشيهيت، مع وصف لأقاليم اكسيرنيكوس (البهنسا) ونتريا ومنف والرهبان المقيمين بها، ومجموع الآباء المذكورين في هذا العمل هم 25 أبًا. ولهذا الكتاب مكانة هامة متميزة، وكان له أكبر الأثر في التعريف برهبان مصر في الشرق والغرب، فلعب دورًا مثيلًا لذلك الذي قام به كتاب التاريخ اللوزياكى لبالاديوس، والذي غالبًا ما يُكتب معه في المخطوطات. ونص هذا العمل موجود في نسختين يونانية ولاتينية، وكان يُظن قبلًا أن النسخة اللاتينية والتي وضعها روفينوس هي الأصل وأن النسخة اللاتينية والتي وضعها روفينوس هي الأصل وأن النسخة اليونانية هي ترجمة لها (ولهذا كان يُعتقد أن روفينوس هو كاتب هذا العمل)، لكن ثبت حديثًا أن النسخة اليونانية هي الأصل وأن النسخة اللاتينية ليست إلا ترجمة قام بها روفينوس. |
||||
15 - 05 - 2014, 05:50 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الآباء المؤرخون: مصادر التاريخ الكنسي
يوحنا كاسيان JOHN CASSIAN وُلد يوحنا كاسيان نحو عام 360 م. (اكتفينا هنا بعرض موجز لسيرة وأعمال كاسيان إذ أفردنا له كتابًا كاملًا ضمن هذه السلسلة اخثوس ΙΧΘΥΣ بعنوان "القديس يوحنا كاسيان")، ونال تعليمًا أدبيًا في شبابه، ونحو عام 380 م، انضم كاسيان وصديقه جرمانوس إلى دير في بيت لحم حيث قضى هناك عدة سنوات وتأدب بآداب أديرة سوريا، ثم قدم إلى مصر مع صديق جرمانوس ليتتلمذ على أيدي قديسيها. وبعد أن قضى الصديقان سبع سنوات في مصر، عادا إلى ديرهما في بيت لحم، لكن ما لبثا أن زارا مصر مرة ثانية. وبعد ذلك ذهب كاسيان إلى القسطنطينية حيث سامه القديس يوحنا فم الذهب شماسًا، وهناك شهد كاسيان وجرمانوس الأحداث التاريخية المؤدية إلى خلع ونفى فم الذهب. وفي عام 404 م. ذهب إلى روما حاملًا رسالة التماس إلى البابا أنوسنت Innocent من أكليروس القسطنطينية يؤيدون فيها القديس يوحنا فم الذهب، ومكث هناك لفترة من الوقت، وربما كانت سيامته كاهنًا بيد أنوسنت في ذلك الوقت. ومن روما عاد كاسيان إلى فرنسا حيث استقر في مرسيليا وأسس ديرين وسط الغابات الكثيفة، أحدهما للرهبان ويُقال أنه بُني على قبر القديس بقطر وهو شهيد من عصر دقلديانوس والآخر دير للعذارى. ولما كان لكاسيان من خبرة ودراية بالأنظمة الرهبانية في مصر، كان يُنظر إليه كمرجع ومصدر ثقة، ويُعد هو المنظم والمدبر الأول للرهبنة الغربية إذ نقل كل التراث القبطي من تعاليم وتسابيح وصلوات إلى الغرب. أما عن الدور التأريخي الهام الذي لعبه كاسيان، فنراه جليًا عند دراستنا لكتابيه "المناظرات"و "المؤسسات": المناظرات: أو المقابلات Conferences وهي أحاديث كاسيان وجرمانوس مع مشاهير الآباء الأقباط والتي يقدمون فيها التعاليم الرهبانية القبطية. المؤسسات: وفيه شرح كاسيان القوانين الرهبانية، والخطايا الثمانية التي تعيق الإنسان في جهاده الروحي. ويُعد هذان العملان من الأعمال الهامة في التأريخ للرهبنة والنسك القبطي في القرن الرابع، إذ يمدنا بصورة حية عن الأنظمة والتقاليد الرهبانية في ذلك الوقت مع التعريف بآباء تلك الفترة. وبجانب هذين العملين التاريخيين كتب كاسيان بحثًا في سبع مجلدات "عن التجسد ضد نسطور". |
||||
15 - 05 - 2014, 05:52 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الآباء المؤرخون: مصادر التاريخ الكنسي
بالاديوس PALLADIUS هو مؤلف "التاريخ اللوزياكي Historia Lausiaca - Lausiac History" وهو من أهم الوثائق التي تمدنا بمعرفة عن تاريخ الرهبنة القبطية في القرن الرابع (1). وُلد بالاديوس في غلاطية نحو عام 363 أو 364 م، ولا نعرف شيئًا عن أسرته إلا من إشارة وردت في تاريخه ونعرف منها أن أباه كان لا يزال على قيد الحياة حتى عام 394 م.، وأن أخاه وأخته قد اختاروا الحياة الرهبانية، ومن كتابه "الحوار" نعرف أن أخاه كان يُدعى بريسون وأنه كان أسقفًا، وقد نال بالاديوس تعليمًا وافيًا في الدراسات الكلاسيكية(2). ولما بلغ بالاديوس عامه الثالث والعشرين، ترهب في جبل الزيتون حيث تتلمذ على الأب اينوسنت عندما كان روفينوس وميلانيا يعيشان هناك، وفي حوالي عام 388 م.، قدم إلى مصر ليتتلمذ على نساكها، وبعد أن قضى عامًا في الإسكندرية تعلم فيه على يد ديديموس الضرير وتتلمذ للقديس ايسيذروس السكندري الذي علمه بدايات الحياة النسكية، تتلمذ على يدي دروثيوس Dorotheus الناسك في صوامع المتوحدين خارج المدينة على بعد خمسة أميال. وإذ اعتلت صحته، ذهب إلى نتريا (3) حيث كان هناك بعض الرهبان الذين عاصروا القديس أنطونيوس والقديس أمون، ثم ذهب إلى القلالي حيث قضى 9 سنوات أولًا مع مكاريوس السكندري قس هذه البرية، ثم مع إيفاجريوس البنطي الشهير بمار أوغريس والذي كان له أكبر الأثر على بالاديوس، ومن هناك ذهب لزيارة القديس يوحنا التبايسي الأسيوطي الشهير الذي تنبأ له بأنه سيصير أسقفًا إذا غادر البرية. وعندما مرض بالاديوس ثانية، رجع إلى الإسكندرية للعلاج (4)، ولكن الأطباء نصحوه بالعودة إلى فلسطين لأن الجو هناك أنسب لصحته، فغادر مصر في الغالب في نهاية عام 400 م.، بعد نياحة إيفاجريوس البنطي بزمان قليل، بينما كانت مهاجمة القديس ثيوفيلس البطريرك السكندري للأوريجانيين على أشدها. وسيم بالاديوس أسقفًا على هيلينوبوليس Helenpolis في بيثينية Bethynia وسرعان ما دخل في غمار الجدال الأوريجاني وفي عام 403 م. دافع عن القديس يوحنا فم الذهب، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى.وفي عام 405 سافر إلى روما أيضًا للدفاع عن ذهبي الفم أمام البابا أنوسنت، وفي العام التالي نفاه الأمبراطور أركاديوس إلى سيناء في مصر، ثم أمضى أربع سنوات في صعيد مصر في مدينة Antinoopolis وزار في ذلك الوقت أديرة تلك المنطقة. وفي عام 412، 413 م. سُمح له بالعودة من المنفى، فعاد إلى غلاطية، وكان في ذلك الوقت بحسب سقراط قد نُقل من كرسي هيلينوبوليس إلى كرسي أسبونا Aspona في غلاطية، وهناك نحو عام 419، 420 م. كتب عمله "التاريخ اللوزياكي"، وقد تنيح قبل مجمع أفسس الذي انعقد عام 431 م. بزمان قليل. التاريخ اللوزياكي Λαυσιακον - Historia LLausiaca وقد سُمي هكذا لأنه أهداه إلى لوزوس Lausus الذي كان يعمل في بلاط الإمبراطور ثيودوسيوس الثاني. وقد كتبه عام 419-420 م. عن "أصدقاء الله Φιλοθεοσ" أي الرهبان، وهو يقدم وصفًا للحركة الرهبانية في مصر وفلسطين وسوريا وآسيا الصغرى في القرن الرابع، ولذلك يُعد مصدر جل هام لتاريخ الرهبنة المبكر. ويأخذ هذا العمل شكل سلسلة من سير أهم وأشهر آباء ورهبان تلك الفترة، خاصة رهبان مصر، ويتحدث بالاديوس في الجانب الأكبر من العمل عن الرهبان الذين عرفهم شخصيًا، أو عن هؤلاء الذين استطاع أن يجمع عنهم شهادة أناس يعرفونهم خاصة في براري نتريا والقلالي أو الأسقيط، أما معرفته بالأديرة الباخومية فقد استمدها من إحدى الوثائق القبطية. ورغم أن العمل في ألفاظه وأفكاره يحمل أثار إيفاجريوس البنطي إلا أنه ليس هناك أي إشارة إلى آية نظرية نسكية عقلانية، لكن مجرد سرد للسير والحقائق. وبجانب هذا العمل التاريخي الهام جدًا، وضع بالاديوس عملين آخرين كان لهما أيضًا قيمتهما التاريخية العالية. 2) حوار عن حياة القديس يوحنا فم الذهب.Dialogue on the Life of St. John Chrysostom ويُعد هذا الكتاب أهم عمل تاريخي سجل السنوات الأخيرة من حياة القديس ذهبي الفم، وقد كتبه نحو عام 408 م. عندما كان في المنفى في سيناء، وهو حوار خيالي يُفترض أنه يحدث في روما بعد نياحة فم الذهب عام 407- 408 م. بزمان قليل، بين أسقف شرقي وبين شماس روماني يُدعى ثيودور، ويتضمن أساسًا دفاعًا عن فم الذهب. 3) عن شعب الهند والبراهمةOn The People Of India and The Barahmins وهي رسالة صغيرة محفوظة تحت اسم بالاديوس، وتتكون من أربعة أقسام، لكن يبدو أن القسم الأول فقط من وضع بالاديوس، ويصف هذا العمل خبرات دارس مصري في رحلته إلى الهند، والنص كله محفوظ في ترجمة لاتينية تُنسب إلى أمبروسيوس. |
||||
15 - 05 - 2014, 05:53 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الآباء المؤرخون: مصادر التاريخ الكنسي
سلبيسيوس ساويرس SULPICIUS SEVERUS يخبرنا ساويرس نفسه بلقبه "سلبيستوس"، والجانب الأعظم من معرفتنا بسيرته نستقيه من عمل جناديوس "مشاهير الرجال" ومن رسائل صديقه بولينوس Paulinus. وُلد في عائلة أرستقراطية في Aquitaine نحو عام 360 م. ودرس القانون والكلاسيكيات وعمل بالمحاماة. عندما تنيحت زوجته، ترك الحياة العامة (1) وتعمد عام 381 م. ومتبعًا مثال صديقه بولينوس، اتجه إلى الحياة النسكية إذ تأثر بمثال ونصيحة مارتين أسقف تورز Martin of Tours والذي كان يزوره دومًا، واستقر ساويرس في ضيعة في جنوب فرنسا حيث عاش مع مجموعة من أصدقائه في شركة رهبانية. ويذكر جناديوس أنه كان كاهنًا، رغم أن معاصريه يذكرون أنه كان علمانيًا، وقد تنيح بين عامي 420 م، 425 م. وتتركز أهمية ساويرس التاريخية في عمله "التاريخ Chronicle "والذي أصدره بعد عام 400 م، ويصف فيه التاريخ المقدس منذ الخليقة وحتى عام 400 م. بأسلوب كلاسيكي راق، مستعينًا بالأعمال الوثنية بجانب الأعمال المسيحية. وقد اعتمد في عمله هذا، على الكتاب المقدس، ولكنه اهتم بالتاريخ أكثر من اللاهوت والعقيدة، فعندما يتحدث عن الهرطقات، إنما يفعل ذلك لكي يسرد تتابع الأحداث فقط، كما اعتمد على ترجمة جيروم لكتاب "التاريخ" ليوسابيوس القيصري، وقد وصلنا كتاب ساويرس "التاريخ" في مخطوطة واحدة من القرن الثاني عشر (2). وبجانب هذا العمل التاريخي، كتب حياة مارتين، وثلاث رسائل، وكتاب "الحوارات" (3). ويذكر جناديوس أن ساويرس مال في آخر أيامه إلى البيلاجية، ومن الإشارات الواردة في أعماله نعرف أنه عاش حتى عام 420 م. |
||||
15 - 05 - 2014, 05:55 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الآباء المؤرخون: مصادر التاريخ الكنسي
سقراط المؤرخ Socrates of Constantinople وُلد (1) في مدينة القسطنطينية (2) نحو عام 379 م. أو 380 م. وتعلم على يدي أمونيوس وهيلاديوس وهما اثنان من معلمي البلاغة والنحو، وكانا من كهنة الأوثان في مصر، وهربا منها بعد انهدام السيرابيوم في زمان البطريرك ثيوفليس. وقضى سقراط معظم أيامه في القسطنطينية وكان يفتخر بمواطنته فيها ويروي الكثير عنها، وقد درس القانون واشتغل بالمحاماة لبعض الوقت، واستجابة لطلب شخص يُدعى ثيودورس Theodorus (3) كتب تكملة للتاريخ الكنسي الذي وضعه يوسابيوس القيصري. ويرى بعض المؤرخين أنه كان من اتباع نوفاتيان الهرطوقي ودليلهم على هذا هو أنه يذكر أسماء الأساقفة النوفاتيين الذين تتابعوا على القسطنطينية (4)، ويذكر أسماء آخرين(5) في أماكن أخرى، ويعرف مشاكلهم وأمورهم الداخلية (6)، ويسجل نقدهم للقديس يوحنا ذهبي الفم (7). إلا أن البعض الآخر من الدارسين يدافع عنه، ويقولون أن كل ما ذكره عن النوفاتيين في تاريخه، إنما كتبه بسبب موضوعيته الكاملة، علاوة على عدم اهتمامه بالاختلافات اللاهوتية والعقيدية، فهو يتناول باقي الهرطقات بنفس الطريقة وقانون الإيمان الذي كتبه سقراط بسيط جدًا، وأهم ما فيه هو عقيدة الثالوث، وفيه يدافع عن قانون الإيمان النيقاوي ضد الآريوسية وسائر الهرطقات التي تهاجمه، وكان يؤمن بالوحي والإلهام في في المجامع المسكونية تمامًا مثل الوحي الذي في الكتاب المقدس، وكان مقتنعًا بأنه لابد أن يقبل -دون نقاش- قرارات المجامع، كما يقبل تعاليم الكتاب المقدس بتسليم. وقد دافع عن أوريجانوس، وهاجم ميثوديوس ويوستاثيوس وأبوليناريوس (8) لأنهم حاولوا التقليل من شأن العلامة السكندري، إذ كان يرى أن خلاف أو جدال حول الأمور العقيدية هو غير ضروري، ويحب أن يحيل النقاط والموضوعات العقيدية إلى الإكليروس ليجيبوا عليها ويفصلوا فيها، لا يتردد في الاعتراف بعدم معرفته وعدم قدرته على الإجابة على التساؤلات اللاهوتية، وكان يحترم الكنيسة ومؤسساتها ويوقر ويجل رجال الإكليروس بسبب نعمة الكهنوت المعُطاة لهم، ورغم أنه انتقد فم الذهب وكيرلس الكبير، إلا أن الأسقف عنده محاط بهالة من القداسة والراهب هو نموذج التقوى والنسك. كذلك كان سقراط قارئًا ودارسًا للكتابات والأعمال الوثنية، وكان يرى أن دراستها ضرورية من أجل الرد على الوثنيين في الجدالات العقيدية. تاريخه الكنسي يذكر سقراط في عمله هذا أن دوافعه لكتابته كانت محبته للتاريخ خاصة تاريخ الأيام والأحداث التي عاصرها هو، واحترامه للعلامة يوسابيوس القيصري أبو التاريخ الكنسي، وطلب ثيودورس الذي يُهدي غليه العمل. ويستهل كتابه بشرح هدفه وهو المعالجة التاريخية لما أغفله يوسابيوس في تاريخه، وإعادة شرح كل ما لم يشرحه يوسابيوس شرحًا وافيًا (بحسب رأي سقراط)، وهكذا يبدأ عمله بجلوس قسطنطين على العرش في سنة 306 م.، وينتهي عمله بعام 439 م.، وهكذا تضمن تاريخه 133عامًا، وينتهي عمله بجلوس الإمبراطور ثيودوسيوس الصغير على العرش، وهي نفس نهاية عمل سوزومين. ولا نعرف لماذا لم يستكمل سقراط كتابه ليغطي فترة زمنية أحدث من ذلك، لكن ربما يكون هذا بسبب مفهومه عن أن التاريخ لا يُكتب إلا في أزمنة الاضطرابات والجدالات وليس في أزمنة السلام، والفترة بعد عام 439 م. كانت فترة سلام وهدوء. والفترة التي أرخ لها كانت مليئة بالأحداث، إذ عُقدت فيها أهم المجامع: مجمع نيقية عام 325 م مجمع القسطنطينية عام 381 م. مجمع أفسس الأول 431 م. مجمع أفسس الثاني 449 م مجمع خلقيدونية عام 451 م ففي هذه الفترة استراحت الكنيسة من الحروب الخارجية، وبدأت تواجه حروبا داخلية من الهراطقة والمبتدعين والمنحرفين عن الإيمان. ومن الناحية الجغرافية، كان عمل سقراط محصورا في الشرق، فلا يتحدث عن الكنيسة الغربية إلا في الأمور التي تتصل بالشرقية، وقسم العمل إلى سبع كتب بحسب تتابع الأباطرة في القسم الشرقي من الإمبراطورية الرومانية. والكتب السبعة تغطى فترة حكم 8 أباطرة شرقيين، اثنان منهما (يوليان 361: 363 م. – وجوفيان 363: 364 م) كان تاريخيهما موجزين فوضعا في كتاب واحد، وبعد ذلك أفرد المؤلف لكل إمبراطور كتابا خاصا به. الكتاب الأول: الكنيسة تحت حكم قسطنطين الكبير 306: 337 م. الكتاب الثاني: الكنيسة تحت حكم قسطنطين الثاني 337: 360 م. الكتاب الثالث: الكنيسة تحت حكم يوليان وجوفيان 360: 364 م. الكتاب الرابع: الكنيسة تحت حكم فالنس 364: 378 م. الكتاب الخامس: الكنيسة تحت حكم ثيودوسيوس الكبير 379: 395 م. الكتاب السادس: الكنيسة تحت حكم أركاديوس 395: 408 م. الكتاب السابع: الكنيسة تحت حكم ثيودوسيوس الصغير 408: 439 م. وهي الفترة التي كتب فيها العمل. وكما يتضح من عنوان العمل "التاريخ الكنسي" كان هدف العمل الأساسي هو التأريخ للأحداث الكنسية، لكن المؤلف يجمع بين التأريخ للكنيسة والتأريخ الأحداث السياسية وأمور الإمبراطورية. وكان سقراط يسعى دوما للوصول إلى المصادر الأولية، وجانب كبير من هذا العمل مأخوذ من التقليد الشفاهي، إذ كان يحاول الوصول إلى وصف شهود العيان بقدر الإمكان (9). ومن الأعمال المكتوبة، استخدم "التاريخ الكنسي" و"حياة قسطنطين" للعلامة يوسابيوس القيصرى (10)، وكذلك أعمال روفينوس، وكتاب "الأعمال" لمؤلفه أرشيلاوس Archelaus وكتاب "مجموعة من أعمال المجامع" لمؤلفه سابينوس Sabinus والذي ينتقده لعدم موضوعيته. كما استعان بكتاب "الإنسان الثابت- انكوراتوس" للقديس أبيفانيوس، وأعمال أثناسيوس (11) "الدفاع -عن المجامع- عن قانون الإيمان"، وأيضًا أعمال إيفاجريوس (12) وبالاديوس (13) ونسطور (14) وأوريجين (15). وهو على معرفة بالكتاب المسيحيين السابقين لأوريجين مثل إيريناؤس وكلمنضس السكندرى وسرابيون وآخرين، لكن يبدو أنه لم يستخدم كتاباتهم كمراجع في عمله. كذلك استعان بكتاب آخرين ووثائق رسمية ورسائل أسقفية ورعوية، وقرارات وأعمال ووثائق أخرى لا يذكرها بالتدقيق. وبالجملة يعتبر استخدامه لكافة هذه المصادر والمراجع دليلا على شمولية كتابه بالنسبة للزمان والظروف التي كتب فيها. ومن أهم السمات والمميزات في تاريخ سقراط هي الموضوعية التامة، فهو أكثر الكتاب المسيحيين في أيامه موضوعية في تاريخه للهراطقة والمبتدعين، وكي يحافظ على هذه الموضوعية لم يمدح أحدا قط ما عدا الإمبراطور ثيودوسيوس الصغير. كذلك يتميز أسلوبه بالبساطة والسهولة، فمن بداية الكتاب وهو يعلن رغبته في استخدام لغة سهلة واضحة غير متكلفة. لكن من مآخذ هذا العمل كانت الأخطاء العديدة في تأريخه للقديس باسيليوس الكبير وللقديس غريغوريوس النزينزى ويوسابيوس غيرهم، وأيضًا جهله بأمور الكنيسة الغربية. والنص الذي وصلنا هو الإصدار الثاني الذي نشره سقراط من هذا العمل، ذلك انه بعد أن نشر كتابه للمرة الأولى اكتشف أن بعض المصادر التي اعتمد عليها قد جانبها الصواب، خاصة روفينوس، والذي اكتشف أخطائه التاريخية من خلال قرائته لمؤلفات القديس أثناسيوس. وقد استعان سوزومين بتاريخ سقراط في كتابة تاريخه الكنسي، وفي بدايات القرن السادس ترجمه ابيفانيوس السكولاستك (أى الدارس أو المتعلم) مع تاريخ سوزومين وثيودورت. وأفضل مخطوطتين موجودتين ترجعان إلى القرن 10، 11 وقد عثر على ترجمة أرمنية لهذا العمل وترقى إلى القرن السابع ونشرت عام 1897 م. |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مقدمة فى التاريخ الكنسى |
كتاب العلامة يوسابيوس القيصري - أبو التاريخ الكنسي |
كتاب العلامة يوسابيوس القيصري، أبو التاريخ الكنسي |
الشهادة في التاريخ الكنسي القبطي |
مصادر التاريخ الكنسي |