علاقات مترددة بين كرسي الإسكندرية وكرسى القسطنطينية
كانت العلاقات بين بابا الإسكندرية وبطريرك القسطنطينية تختلف حسب الظروف السياسية واتجاهات الإمبراطور وبطريرك القسطنطينية.
نذكر على سبيل المثال أن زينون إذ اغتصب عرش القسطنطينية أمر بنفي البابا بطرس الثالث (البابا 27)، فاختفى الأخير في إحدى الضواحي لمدة خمس سنوات، وقاطع الشعب البطريرك الدخيل جورجيوس الذي عينه الوالي... بعد فترة رأى الأقباط مواجهة الإمبراطور، فانتدبوا وفدا برئاسة يوحنا طلايا، قابلوا زينون وطالبوه بحق الشعب في اختيار راعيه، لكن زينون تردد إذ شعر أن يوحنا يأمل في اعتلاء الكرسي المرقسي، فأقسم الأخير أنه لن يقبل الكرسي حتى لو انتخبه كل الشعب، فأكد لهم زينون أنه سيعمل على تحقيق رغبتهم. وفى عام 482 م. مات جورجيوس فنسى يوحنا القسم واستطاع بعلاقته مع الوالي أن يحتل المركز. بعث رسالتين إلى أسقف روما وأسقف القسطنطينية (أكاكيوس)، وبتدبير إلهى ذهب مندوبه إلى أبولس شخص له دالة في البلاط فوجده متغيبا لذلك وصلته الرسالة متأخرة فحسب أكاكيوس هذا التأخير ازدراء به وتمييزا لأسقف روما عنه، فنصح زينون أن يعيد للمصريين باباهم الشرعي بطرس الثالث. أرسل أسقف روما إلى أكاكيوس وزينون يعلن سروره باعتلاء يوحنا طلايا الكرسي الإسكندري لكن زينون رد عليه بأن مثل هذا الإنسان لا يليق لهذه الكرامة السامية لأنه حنث بيمينه (4). وبالفعل عاد البابا بطرس وتبادل مع البطريرك أكاكيوس 14 رسالة. فيها أعلن أكاكيوس تركه الاعتراف بمجمع خلفيدونية وطلب الشركة المتبادلة بين الإسكندرية والقسطنطينية... لا تزال هذه الرسائل محفوظة. من ثمارها طلب مندوبين من الإسكندرية لحضور مجمع في القسطنطينية، وظهور منشور الملك زينون.