كرامة الإنسان
إننا نفرح بالقيامة، ونراها لازمة وضرورية وممكنة. ونراها تعبيرًا عن محبة الله للبشر، وتعبيرًا أيضًا عن عدله.
القيامة أيضًا تعطينا فكرة عن محبة الله للبشرية،
الله الذي أحبنا حتى أنعم علينا بالخلود، كما أحبنا من قبل وأنعم علينا بالوجود. الله المحب منح البشرية هذا الخلود العجيب، فيحيون إلى الأبد في نعيم دائم.
القيامة أعطت الإنسان قيمة معينة، أعطت لحياته قيمة.
فلو كانت حياة الإنسان تنتهي عند القبر، لأصبح مخلوقًا فانيًا زائلًا، مثله مثل الحيوان تمامًا، ومثل باقي الكائنات التي لها مجرد حياة أرضية فقط.
ما هي إذن الميزة التي لهذا الكائن البشرى العاقل الناطق، الذي وهبه الله من العلم موهبة التفكير والاختراع، والذي سلطه على كل الكائنات الأرضية الأخرى..! هل يعقل أن هذا الإنسان العجيب، يؤول جسده إلى مصير كمصير بهيمة أو حشرة أو بعض الهوام؟! إن العقل لا يمكنه أن يصدق هذا..
إذن قيامة الجسد تتمشى عقليًا مع كرامة الإنسان.
الإنسان الذي يتميز على جميع المخلوقات ذوات الأجساد، والذي يستطيع بما وهبه الله أن يسيطر عليها جميعًا، وأن يقوم لها بواجب الرعاية والاهتمام إذ أراد. فكرامة الجسد هذا المخلوق العاقل، لابد أن تتميز عن مصير باقي أجساد الكائنات غير العاقلة غير الناطقة.
وهذه الميزة تظهر في قيامة الجسد وتجليه.
لذلك نشكر اللهلأنه بالقيامة أعطى لحياتنا امتدادًا كبيرًا إلى غير نهاية، حيث يعيش الإنسان في حياة أخرى لا تنتهي إلى الأبد.
عندما خلق الله الإنسان خلقه حيًا، ذا نفس حية، ولم يكن تحت سلطان الموت.
إذن الموت دخيل على العالم، والحياة هي الطبيعة الأصلية للإنسان.
وبالقيامة يرد الله الإنسان إلى رتبته الأولى، إلى الحياة التي خلق بها ولأجلها.