رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حوَّلي عنِّي عينيك فإنهما قد غلبتاني... (نشيد الأنشاد 6 : 5). كلمات قالها العريس لعروسته.. كلمات قالها الرب يسوع لكنيسته.. أو بالأحرى تستطيع أن تقول كلمات قالها، ويقولها الرب يسوع لي أنا في هذا الصباح: حوِّل عينيكَ عنِّي فإنهما قد غلبتاني.. نعم، دعوة غريبة في هذا الصباح، فأنا أدعوك اليوم أن تغلب الرب !!! إغلب الرب... لقد أحسست، كم أنَّ قلب الرب مكسور في هذه الأيام، على شعبه، على أولاده، الذين يعيشون بغالبيتهم العظمى، كعيشة أهل العالم.. خائفين.. قلقين.. مرضى.. فقراء.. تُعساء.. حزانى.. عبيد.. شحَّاذين.. مهزومين.. نعم إنني أؤكد لكَ، وأنا مسؤول عن كلامي هذا أمام الرب، أنَّ قلبهُ مكسور جدًا، لأنَّه يرى أولادهُ هكذا، ولسببين وجيهين: أولهما: لأنه يحبنا كثيرًا، وينكسر قلبهُ، أن يرانا على هذه الحال، وهوَ قد بذلَ دمهُ الثمين، على الصليب حتى آخر نقطة، لكي نحيا الحياة الفيَّاضة، فالكلمة تُخبرنا أنَّ الآب السماوي: " لم يُشفق على ٱبنه بل بذله لأجلنا أجمعين، كيفَ لا يهبنا أيضًا معهُ كل شيء " (رومية 8 : 32)، لاحظ معي عمق هذه الكلمات، لم يُشفق على ٱبنه، لم يشفق على يسوع، فكيفَ لا يعطيك معهُ كل شيء، كل شيء.. الشفاء، البحبوحة، الفرح، النصرة، السلام، الطمأنينة، التمتع، الحرية... أنتَ لم تعد أجير، أو عبد، أو شخص عادي في نظر الرب، بل أنتَ ملك، ابن ملك الملوك: " يُقيم المسكين من التراب، يرفع الفقير من المزبلة للجلوس مع الشرفاء ويُمَلِّكَهم كرسي المجد، لأنَّ للرب أعمدة الأرض وقد وضعَ عليها المسكونة ". (سفر صموئيل الأول 2 : 8). هل تستطيع أن تستقبل هذا الكلام؟ لقد أقامك من التراب، ورفعك من مزبلة الحياة، وأجلسك مع الشرفاء، وملَّكَكَ كرسي المجد، لا بل أجلسك معهُ في السماويات، وهوَ سُرَّ أن يهبك كل شيء.. فهل الشفاء، أو البحبوحة المادية، أو الفرح، أو النصرة، أو الحرية أغلى من الرب يسوع على قلب الآب؟ بالطبع لا، ولهذا قالت الكلمة، أنَّ الذي لم يُشفق على أغلى ما في الوجود، أغلى ما على قلبه، كيف لا يهبك هذه الأشياء البسيطة إذا ما قارنتها مع الرب يسوع، إنها لكَ بكل تأكيد فلا تتأخر عن التركيز على هذا التأمل، والذي سأستخدم فيه الكثير من الآيات الكتابية، لكي أقودك إلى السبيل الوحيد الذي سيجعلك تتمتع بما وهبكَ إياه الآب في المسيح يسوع. ثانيهما: هل تعتقد أنَّ حياة بائسة وتعيسة كالتي نحياها، ستجذب من هُم حولنا لكي يتعرفوا على الرب يسوع المسيح؟ بالطبع لا، فإن كنا نقلق ونخاف ونكتئب ونمرض ونحتاج وننوح و... كما يحصل معهم تمامًا، فا هوَ الذي لدينا لكي يجذبهم؟ بالطبع لا شيء، والعكـس صحيـح، عندما يرون حياتك مختلفة، تعيشها كما أراد لكَ الله أن تعيشها، حياة فيَّاضة بكل معنى الكلمة، فهذه الحياة ستجذبهم للرب بكل تأكيد. لقد غلبت العروس، العريس، عندما ركَّزت عينيها عليه، لم تسمح لهاتين العينين، أن تفارقا عريسها حتى نالت مبتغاها، هذا ما يريده الرب منا في هذا الصباح، أن نُركِّز نظرنا عليه، ولا نسمح لعينينا أن تُفارقاه لحظة واحدة حتى ننال مبتغانا، نعم، ناظرين إلى رئيس إيماننا ومكمِّله الرب يسوع المسيح، هكذا تُعلِّمنا الكلمة. والآن.. كما سبق وذكرت لكَ، سنستعرض معًا عدد لا بأس به من الآيات، واثقًا أن الروح القدس سيعلمنا الكثير، وسنصل معًا بنعمة الرب إلى نهاية هذا التأمل، عارفين كيف نغلب الرب كما غلبته عروسه، وكما غلبه الكثير من المؤمنين الذين سنقرأ عنهم، هؤلاء الأشخاص الذين ٱخترتهم، لم يكونوا عاديين، كلهم جعلوا يسوع يتوقَّف، أو يقف، أو يتعجَّب، بسبب إيمانهم وإصرارهم، فنلتعلَّم منهم: " وقالَ: أطلقني لأنَّهُ قد طلع الفجر، فقالَ لا أُطلقك إن لم تباركني، فقالَ لهُ: ما ٱسمك، فقالَ: يعقوب، فقال: لا يُدعى ٱسمك في ما بعد يعقوب بل إسرائيل، لأنَّك غالبتَ الله والناس وغلبتَ، وسألَ يعقوب وقال أخبرني بٱسمك، فقالَ لماذا تسأل عن ٱسمي، وباركهُ هنـاك، فدعـا يعقوب اسم، المكان فنيئيل، قائلاً لأنِّي نظرت الله وجهًا لوجه ونجّيت نفسي " (تكوين 32 : 26 – 30). الرب يطلب من يعقوب أن يُطلقهُ، كما طلب العريس من العروس أن تُحوِّل عينيها عنهُ، لكنَّ يعقوب يرفض إطلاق الله، كيفَ يُطلق الله القادر على كل شيء، قبلَ أن يُباركهُ، ولم يتمكن الله أمام هذا الإيمان، وهذا الإصرار إلاَّ أن يُبارك يعقوب، ويقول له: " صارعتني يا يعقوب وغلبتني، فهذه بركتي لكَ ". وهل تعتقد أنهُ صدفة نسمع يعقوب فيما بعد يقول هذه الكلمات لأخيه عيسو: " فقالَ عيسو لي كثير، يا أخي ليكُن لكَ الذي لكَ، فقال يعقوب لا، إن وجدتُ نعمة في عينيك تأخذ هديتي من يدي، لأنِّي رأيتُ وجهك كما يرى وجه الله فرضيت عليَّ، خذ بركتي التي أتي بها إليك، لاَّن الله قد أنعمَ عليَّ ولي كل شيء... " (تكوين 33 : 9 – 11). يعقوب يريد أن يُقدِّم هدية لأخيه عيسو، لكن عيسو يرفض ويقول لهُ: " لي كثير "، لكـن يعقـوب يُلَّح عليه، ويقول: الله أنعمَ عليَّ " ولي كل شيء ". هل ترى الفرق؟ لدى عيسو الكثير، لكــن... لدى يعقوب كل شيء !!! والفرق كبير جدًا بين الكثير، وكل شيء، هكذا هوَ نصيب من يُنعم عليهم الرب، كل شيء... ألم نقرأ أنَّ الذي لم يُشفق على ٱبنه.. كيف لا يهبنا معهُ كل شيء.. وهذا كان نصيب يعقوب، فهل تريدهُ أن يكون نصيبك؟ وهل تعتقد أن الرب أحبَّ يعقوب أكثر مما يُحبك؟ إقرأ معي هذه الكلمات: " الحقَّ أقول لكم، لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان، ولكنَّ الأصغر في ملكوت السموات أعظم منهُ " (متى 11 : 11)، يوحنا أعظم من يعقوب، هكذا تقول هذه الآية، لأنهُ لم يولد من النساء أعظم من يوحنا، لكـــن... الأصغر في ملكوت السماوات، أي أنا وأنت أعظم من يوحنا ومن يعقوب، لأننا في العهد الأفضل، العهد الذي قطعهُ الرب بدمه الثمين، ولكن الفرق بيننا وبين يعقوب، أننا لا نُمسك الرب ولا نعود نُرخيه، قبل أن يباركنا، كما فعلَ يعقوب، وكما فعلت أيضًا عروس نشيد الأنشاد: " وجدني الحرس الطائف في المدينة فقلت أرأيتم من تحبه نفسي؟ فما جاوزتهم إلاَّ قليلاً حتى وجدتُ من تحبُّه نفسي فأمسكته ولم أرخهِ حتى أدخلته بيت أمِّي وحجرة من حبلت بي " (نشيد الأنشاد 3 : 3 – 4). هذا القلب، وهذا الإصرار، وهذا الإيمان، يغلبون الرب، ويجعلونه لا يستطيع إلاَّ أن يتوقَّف لكي يصنع لنا المستحيل، ولكي يكون لنا ليسَ الكثير كعيسو، بل كل شيء كيعقوب.. ماذا بعد؟ " وجاءوا إلى أريحا، وفيما هو خارج من أريحا مع تلاميذه وجمع غفير، كان بارتيماوس الأعمى ابن تيماوس جالسًا على الطريق يستعطي، فلمَّا سَمِعَ أنَّه يسوع الناصري ٱبتدأَ يصرخ ويقول يا يسوع ٱبنَ داود ٱرحمني، فانتهرهُ كثيرون ليسكت، فصرخَ أكثر كثيرًا يا ٱبن داود ٱرحمني، فوقفَ يسوع وأمرَ أن يُنادى، فنادوا الأعمى قائلين له ثقّ، قُمّ، هوَّذا يُناديك، فطرحَ رداءَهُ وقامَ وجاءَ إلى يسوع، فأجابَ يسوع وقال له: ماذا تريد أن أفعل بكَ، فقالَ لهُ الأعمى: يا سيدي أن أُبصر، فقالَ لهُ يسوع: " إذهب، إيمانك قد شفاك، فللوقت أبصرَ وتبعَ يسوع في الطريق " (متى 10 : 46 – 52). إنهُ أعمى أريحا المشهور " بارتيماوس " ، لمَّا سمع، لمَّا عرف، لمَّا أدرك، أن يسوع يشفي المرضى، ويُحرِّر المقيدين، ويُطلق الأسرى، ويُقيم الموتى، نعم لمَّا سمع أن يسوع يمرّ بالقرب من المكان الذي يجلس فيه ليستعطي، بدأَ بالصراخ: " يا ٱبنَ داود ٱرحمني "، ولمَّا حاول الكثيرون أن يسكتوه ماذا فعل؟ أوقف الصراخ وقالَ ليس لي نصيب في الشفاء ربما، لا لم يفعل ذلكَ أبدًا، لكنهُ " صـرخَ أكثر كثيرًا " هكذا تقول الكلمة، وماذا كانت النتيجة؟ وقفَ يسوع وأمرَ أن يُنادى هذا الأعمى لكي يشفيه. فطرح برتيماوس رداءَه، الذي كان مُخصصًا للعميان في تلك الحقبة من الزمن، طرحه لأنهُ وثقَ أنه لن يبقى أعمى بعدَ أن يتقابل مـع الرب، طرح ثوب العبودية، ثوب العمى، وأيقنَ أنه سيصبح ابن ولن يبقى عبد بعد اليوم، والابن يرث كل شيء، فشفاه الرب وتبعه في الطريق. هل لديك إصرار برتيماوس؟ يسوع كان يمر قرب برتيماوس، ولم يُفوِّت ذلك الأعمى الفرصة، لكن يسوع اليوم ساكن فيك بالروح، وهوَ معكَ كل يوم، ولكننا ما زلنا عميان لا نستطيع أن نُبصر ما أعدَّ الله لنا، لأنه ربما صرخنا في إحدى المرات " يا ٱبن داود ٱرحمنا "، وكما حصل مع برتيماوس، عندما حاول الكثيرون أن ينتهروه ليسكت، ربما جاءت المعوقات والحروب وضغوطات العدو أو تأخرت الإستجابة، وٱنتهرتنا لنسكت فسكتنا، ولم نعد نصرخ، فلم يُرغم صراخنا وإيماننا الرب يسوع لكي يتوقَّف، فأكمل يسوع طريقهُ دون أن ننال معجزتنا الخاصة بنا، لكن اليوم هل ستتعلم من برتيماوس، تصرخ للرب، وإن عاكستك الظروف، أو الحروب أو أكاذيب العدو، تصرخ أكثر كثيرًا وتجعل هذا الإيمان وهذا الإصرار يُرغمان الرب يسوع أن يتوقف ويقول لكَ لقد غلبتني قل ما تريد وليكن لكَ .. أليسَ هوَ من أعطانا المثلين المتعلقين باللجاجة بالصلاة عندما نرى أن الأمور لم تتحقق بعد؟ وأخبرنا قصة قاضي الظلم الذي لم يكن يريد أن يُنصف تلكَ الأرملة، لكن بسبب مجيئها إليه مرارًا وتكرارًا، قام وأنصفهـا، رغمًا عنـه، ليختم الرب ويقول: " أفلا يُنصف الله مختاريه الصارخين إليه نهارًا وليلاً وهوَ مُتمهِّل عليهم، أقول لكم أنهُ يُنصفهم سريعًا، ولكـــن... متى جاءَ ٱبن الإنسان ألعلهُ يجد الإيمان على الأرض " (لوقا 18 : 7 – 8). نعم، هل يجد في قلبك الإيمان الذي يجعلهُ يتوقَّف، ويُنصفك ويُلبي حاجتك فورًا، لأنه دون إيمان وإصرار الإيمان لا يُمكن إرضاؤه أبدًا، وإليك الآن هذه المقاطع المعبِّرة، المملؤة من الإيمان، والتي جعلت الرب يتعجَّب من هذا الإيمان، ويصنع معجزات غير ٱعتيادية: " ولمَّا دخلَ يسوع كفرناحوم جاء إليه قائد مئة يطلب إليه ويقول: يا سيد غلامي مطروح في البيت مفلوجًا متعذبًا جدًا، فقالَ لهُ يسوع أنا آتي وأشفيه، فأجاب قائد المئة وقالَ يا سيد لستُ مستحقًا أن تدخل تحت سقفي، لكن قُل كلمة فقط فيبرأ غلامي، لأنِّي أنا أيضًا إنسان تحت سلطان، لي جند تحت يدي، أقول لهذا إذهب فيذهـب ولآخـر إئتِ فيأتي ولعبدي إفعل هذا فيفعل، فلمَّا سمأع يسأوع تعجَّب وقال للذين يتبعـون، الحقَّ أقولُ لكم لـم أجـد ولا فـي إسرائيل إيمانًا بمقدار هذا " (متى 8 : 5 – 10). تعجَّب الرب من إيمانه.. هكذا تقول الكلمة، فنالَ كل ما كان يريده وبطريقة ملفتة للنظر، فنحن تعودنا أن نقرأ أنَّ يسوع كان يضع يديه على المرضى فيبرأون، لكن هنا برأَ الغلام دون أن يذهب يسوع إليه، كانت معجزة مميَّزة على قدر هذا الإيمان المميَّز الذي جعلَ يسوع يتعجَّب !!! " وإذا ٱمرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم صرخت إليه قائلة: ٱرحمني يا سيد يا ٱبن داود، إبنتي مجنونة جدًا، فلم يُجبها بكلمة، فتقدَّمَ تلاميذه وطلبوا إليه قائلين ٱصرفها لأنها تصيح وراءنا، فأجاب وقال لم أُرسل إلاَّ إلى خراف بيت إسرائيل الضالة، فأتت وسجدت له قائلة: يا سيد أعنِّي، فأجاب وقال ليس حسنًا أن يُؤخذ خبز البنين ويُطرح للكلاب، فقالت نعم يا سيد، والكلاب أيضًا تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها، حينئذٍ أجاب يسوع وقال لها يا ٱمرأة عظيم إيمانك، ليُكن لك كما تريدين، فشفيت ٱبنتها من تلك الساعة " (متى 15 : 22 – 28). تجاهلها يسوع في البداية " لم يجبها بكلمة "، لكنها استمرت تتبعه وتصيح، ولم يُوافق الرب على مساعدتها " لم أُرسل إلاَّ إلى خراف بيت إسرائيل الضالة "، لكنها لم تتراجع وأكملت وصرخت لهُ "أعنيِّ"، ولم يُوافق الرب أيضًا، لا بل وجَّهَ لها كلمات قاسية – إذا جاز التعبير – " ليس حسنًا أن يُؤخذ خبز البنين ويُطرح للكلاب "، لكنها لم تهتم وقبلت باللقب وقالت " والكلاب أيضًا تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها "، فلم يعد يستطيع الرب أن يتجاهلها، فالكلمة تقول: حينئذٍ... حين رأى الرب هـذا الإيمان، وهذا الإصرار، وهذا الصراخ، لم يعد يستطيع أن يتجاهلها: " عظيم إيمانك، ليُكن لكِ كما تريدين.. "، لقد غلبت الرب، ولم تُحوِّل عينيها عنهُ حتى نالت مبتغاها، فنالت شفاء آخر مميَّز عن بعيد، دون أن يذهب الرب كالمعتاد ويضع يدهُ على ٱبنتها. ماذا بعد؟ " حينئذ كلَّم يشوع الرب يوم أسلمَ الرب الأموريين أمام بني إسرائيل وقال أمام عيون إسرائيل: يا شمس دومي على جبعون ويا قمر على وادي إيلون، فدامت الشمس ووقف القمر حتى ٱنتقم الشعب من أعدائه... فوقفت الشمس في كبد السماء ولم تُعجِّل للغروب نحوَ يوم كامل، ولم يكن مثل ذلك اليوم قبله ولا بعده سمع فيه الرب صوت إنسان... " (يشوع 10 : 12 – 14). هل ما زلتَ تقرأ بدقة معي؟ لقد غيَّر الرب نظام الكون من أجل يشوع، ولم يكن مثل ذلكَ اليوم قبلهُ، ولا بعدهُ، سمع فيه الرب صوت إنسان !!! يشوع ليسَ أعظم من يوحنا المعمدان، أليسَ هذا ما قرأناه قبل قليل؟ ويوحنا ليسَ أعظم من أصغر مؤمن في الملكوت، أي أنا وأنت، لكنَّ يشوع آمنَ بإلهه، وثقَ فيه، بأنه مستعد أن يُغيِّر نظام الكون من أجله، فكافأَ الرب ذلكَ الإيمان، وصنعَ معجزته مع يشوع، ألم يقل دانيال عنهُ، أنه الإله الذي يُغِّير الأوقات والأزمنة؟ " وهو يُغيّر الأوقات والأزمنة، يعزل ملوكًا ويُنصِّب ملوكًا، يُعطي الحكماء حكمة ويُعلِّم العارفين فهمًا " (دانيال 2 : 21). نعم يُغِّير نظام الكون من أجلك أنت، إن أنت آمنت به فقط !!! أشخاص، أرضوا الله بإيمانهم، لا بل أدهشوه، جعلوه يتعجَّب، يتوقَّف، وغلبوه عندما ركَّزوا عيونهم عليه، فنالوا الوعود وتمتعوا بما أعدَّ الله لهم، وهذه هي دعوة الرب لنا في هذا الصباح، أن نُركِّز عيوننا عليه، نُصِّر عليه، نلِّج في الصلاة، لا نُطلقه قبل أن يُباركنا، نجري وراءه إن أحسسنا أنهُ يتجاهلنا، ولا نُنصِت لأي ظروف تحاول إسكاتنا، بل نصرخ أكثر كثيرًا، لنرى الرب يتوقَّف، ويتعجَّب ويندهش من هذا الإيمان وهذا الإصرار، ويقول لنا: " ليكن لكم كل ما تريدون وعلى قدر إيمانكم ". حَزِنَ الرب عندما كان على هذه الأرض، عندما لم يتمكَّن أن يجري معجزة في قريته الصغيرة، واسمعهُ معي يقول: " ليس نبي بلا كرامة إلاَّ في وطنه وبين أقربائه وفي بيته، ولم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة واحدة، غيرَ أنه وضع يديه على مرضى قليلين فشفاهم، وتعجَّب من عدم إيمانهم... ". (مرقس 6 : 4 – 6). تعجَّب يسوع هنا أيضًا، لكن من عدم إيمانهم، وتقول الكلمة أنه أحسَّ أنه بلا كرامة في بيته، وهوَ اليوم ساكن في وسطنا، في بيته، في كنيسته، فهل ستكسر قلبه وتجرحهُ وتجعلهُ يشعر بأنه بلا كرامة في وسط بيته، بسبـب عدم إيماننا؟ وبالتالي نحرمه، نحرم قلبه المحب، والمكسور علينا، من أن يصنع في وسطنا معجزات لكي يُشبع قلوبنا ويجعلنا نُشبع قلوب من هم حولنا؟ أم ستُركِّز عينيك عليه، تُصِّر عليه، تتمسك به ولا ترخيه وتدخله بيتك كما فعلت العروس، وتغلبهُ أخيرًا؟ لماذا تحرم نفسك من كل بركات الملكوت التي أعدَّها الله لكَ؟ لماذا تلبس ثوب العبودية، والرب حررك وألبسك ثياب البنوة، ثياب الملك؟ هل ترى نفسك خاطىء، وهذه الخطايا جعلتكَ تشعر بأنكَ غير مستحق أن تدعى له ابنًا؟ لا بأس.. تأمَّل بقصة الابن الضال، الذي عادَ إلى نفسه، وتاب عن خطاياه، وقرَّرَ أن يقول لأبيه: " لستُ مستحقًا بعد أن أُدعى لكَ ٱبنًا،إجعلني كأحد أُجراءك"، وتأمَّل معي عندما ٱلتقاه أبوه، كيفَ لم يسمح لهُ أن يُكمل ما نوى قوله بأن يجعله كاحد أُجرائه، بل ألبسهُ على الفور، الحلَّة الأولى، والخاتم وذبح له العجل المسمن، فإن كان وضعك هكذا، لا بأس.. مهما كنتَ بعيدًا، ومهما كانت خطاياك، ومهما كان إحساسك بأنك أجير ولا تستحق أن تكون ابن، تأمَّل معي بهذه القصة، ولا تسمح لإبليس أن يحرمك البركات التي أعدَّها لكَ الآب السماوي، بل تعالَ إليه كما فعلَ ذلكَ الابن الضال، لترى ماذا سيفعل لكَ، وتأمَّل معي بكل الأشخاص الذين ذكرناهم، فقائـد المئة أيضًا كان يعتبر نفسه غير مستحق أن يأتي الرب إليه، لكنه آمن به، ونال كل ما أراده، أرجوك في هذا الصباح لا تهمل هذه الرسالة، فأنا أؤكِّد لكَ أن قلب الرب مكسور في هذه الأيام علينا، بسبب نوع الحياة التي نحياها، فرِّح قلبه، تجاوب مع هذه الرسالة، وقرِّر أن تكون مثلَ يعقوب، ويشوع، ودانيال، وبرتيماوس، وقائد المئة، والمرأة الكنعانية، وعروس نشيد الأنشاد، والابن الضال أيضًا، فقط ثق به كما يثق الأطفال ببراءة متناهية، لتراه يُغيِّر الظروف والأوقات والأزمنة ونظام الكون كله من أجلك لكي تعيش كما يُحب ويريدك أن تعيش: مَلِكْ يتمتع بكل بركات المُلْكْ. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|