|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الاصول اللغوية لكلمة ” لوغوس ” بين الحضارة اليونانية و الكتاب المقدس لوغوس ( بالإغريقية : Λούος ) ( بالإنجليزية : Logos ) و هي من أشد الكلمات أهمية و أكثرها غموضا في الفكرين الغربيين الديني والفلسفي ، إذ تدل في سياقات شتى على مدلولات متعددة ، كالخطاب ، اللغة ، العقل الكلي ، كلمة الإله ، من بين معان أخرى . عند هرقليطس هرقليطس ، الفيلسوف اليوناني القديم اهتم بشكل عظيم بـ اللوغوس ، فقد اعتبره ” القانون الكلي للكون “. يقول هرقليطس : ” كل القوانين الإنسانية تتغذى من قانون إلهي واحد : لأن هذا يسود كل من يريد ، و يكفي للكل ، ويسيطر على الكل “ و وافقه الرواقيون وقالوا أن العقل أو اللوغوس هو المبدأ الفعال في العالم ، و هو الذي يشيع في العالم الحياة ، و أنه الذي ينظم و يرشد العنصر السلبي في العالم و يعنون ” المادة “. وقال ذيوجانس اللائرسي عن مذهب الرواقيين : “يقول الرواقيون أن اللوغوس هو المبدأ الفعال في الهيولي ، إنه الله ، و هو سرمديّ ، و هو الفعال لكل شيء من خلال المادة “. عند فيلون اليهودي قال فيلون عن اللوغوس أنه أول القوى الصادرة عن الله ، و أنه محل الصور ، و النموذج الأول لكل الأشياء . وهو القوة الباطنة التي تحيي الأشياء وتربط بينها . وهو يتدخل في تكوين العالم ، لكنه ليس خالقاً . و هو الوسيط بين الله و الناس ، وهو الذي يرشد بني الإنسان و يمكنهم من الارتفاع إلى رؤية الله . و لكن دوره هو دائماً دور الوسيط . و يقينه بأنه ” إلهي ” θέος ويميزه من الله بأداة التعريف التي تضاف إلى الله οθέος ولكنها لا تضاف إلى اللوغوس . في العهد القديم من بين اسفار العهد القديم في الكتاب المقدس ، هناك سفر باسم ” سفر الحكمة لسليمان ” و يصف فيه صاحبه الحكمة بأنها بالقرب من الله أو عند الله تشاركه عرشه الإلهي و أنها صادرة عن مجده ، و تساعده في عملية الخلق ، و تسري في كل الأشياء و تحقق وحدة العالم . و يمكن أن تتصل بمن من البشر مستعدين لتلقيها ، لتقدس أرواحهم و تؤمّن لها الخلود عند الله : و هذه الحكمة تسمى في عدة مواضاع باسم ” اللوغوس “ ، وهذا اللوغوس ( الكلمة ) الذي فيه جعل إله إسرائيل ، رب الرحمة ، كل الأشياء . وبه نجى شعب إسرائيل و سينجّي كل النفوس التي تتلقاه . في العهد الجديد يستهل يوحنا في الإنجيل الرابع المنسوب إليه ، بالحديث عن ( الكلمة ) : ” في البدء كان الكلمة ، والكلمة كان عند الله ، و الله هو الكلمة ، به كل شيء كان ، وبغيره لم يكن شيء مما كان “ وجاء في خاتمة رسالته الأولى و في الرؤيا المنسوبة إليه أيضاً أن هذا اللوغوس أو الكلمة ، هو الذي كان قبل خلق الكون ، كان عند الله ، و هو هو الله ، و هذا اللوغوس أو الكلمة ، تجسد ، أي اتخذ جسداً ، وحلّ بين الناس ، فكشف لهم حقيقة النجاة ( الخلاص ) و بث فيهم الحياة الخالدة ، ممكنا لهم من أن يصيروا أبناء الله . و بالجملة : أنه يسوع المسيح . وهذا اللوغوس ، عند القديس يوحنا ، لا يماثل تماماً الحكمة في سفر الحكمة ، و لا اللوغوس عند فيلون و الأفلاطونية المحدثة ، لأنه عند يوحنا هو الله نفسه ، وليس قوة تابعة لله كما هي الحال عند فيلون . عند آباء الكنيسة في أثر يوحنا جاء الآباء المسيحيون : يوستينوس ، وأكليمندوس السكندري ، و اوريجانوس السكندري ، فوجدوا في فكرة اللوغوس وسيلة لتفسير الاتفاق بين الفلسفة اليونانية والعقيدة المسيحية ، بأن ادعوا أن اللوغوس هو مصدر كلتيهما ، و الينبوع الوحيد لكل حقيقة . و في تصوّر آباء الكنيسة لـ اللوغوس ، أكدوا أمرين : التساوي التام بين اللوغوس و بين ابن الله و بين الله الآب . مشاركة الجنس البشري في اللوغوس من حيث هو العقل . عند الغنوصيين قرر الغنوصيون أن اللوغوس هو أدنى الأيونات ، وأ نه الذي يتولى تكوين العالم ، فتصدى لهم القديس ارينايوس و أكد المساواة التامة بين الله وبين اللوغوس وبين الروح القدس . عند أوريجانس فيما بعد حاول أوريجانس في القرن الثالث أن يفرّق في الدرجة بين الله الآب وبين اللوغوس . و قرر أنه يمكن ان ننعت اللوغوس بأنه وجود الموجودات ، وجوهر الجواهر ، وصورة الصور ، لكننا لا نستطيع أن ننعت الله الآب بمثل هذه النعوت ، لأنه يتجاوزها جميعا . صحيح أن اللوغوس أزليّ مع أزلية الله الآب ، لكن ذلك ليس بنفس المعنى . إن الله الآب هو الحياة و” الابن ” يستمد الحياة من “الآب”. قرار المجامع الكنسية رفضت الكنيسة في مجامعها ( نيقيه ، أفسس 325 – 431 ) تفسير أوريجانوس ، واعتبرته هرطقة . و بقيت على الرأي الأول و هو القول بالتساوي بين الله و بين الابن و الذي هو الكلمة ( اللوغوس ) . ومنذ ذلك التاريخ صار اللوغوس يشكل معنى دينياً ، أكثر منه فلسفياً . عند الصوفية المسلمين منذ تحول اللوغوس إلى معنى ديني ، وُجد خصوصا عند الصوفية المسلمين ، بخاصة عند ابن عربي . هناكَ مِن المعاصرين و هو الدكتور حسن ظاظا في كتابه ( اللسان والإنسان مدخل إلى معرفة اللغة ) ذهب إلى القول باضطراب القدماء حول اشتقاق كلمة اللغة ، و أنّه لا يوجد شاهدٌ واحدٌ على استعمال العرب لكلمة اللغة بهذا المعنى العلمي الذي نعنيه ، ثم قررَ أنَّ أصل كلمة ( لغة ) يوناني غير عربي ، وهو كلمة ( لوغوس ) ، التي تعني باليونانية الكلمة أو الكلام . عند الفلاسفة المحدثين لم يعد لـ اللوغوس مكان عند المحدثين ، اللهم إلا على سبيل التعبير الديني عن بعض الإتجاهات ، كما هو موجود عند فتشه Fichte في كتابه ” المدخل إلى الحياة السعيدة “ حين استشهد بمطلع إنجيل يوحنا للتدليل على الاتفاق بين مثاليته و بين المسيحية ، يرى فيي اللوغوس أنه هو ” الأنا “. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ المراجع : موسوعة الفلسفة ، الدكتور عبد الرحمن بدوي ، المؤسسة العربية للدراسات و النشر ط 1 1984، الجزء الثاني . |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|