قوة الأعصاب
·هناك لونان آخر من القوة، هو قوة الأعصاب.
الإنسان الضعيف الأعصاب: أقل كلمة تثيره وتهيجه، وتجعله يفقد هدوءه، ويفقد سيطرته على نفسه، ويخطئ في تصرفاته وفي ألفاظه، ويكون موضوع نقد من الآخرين.. لأن أعصابه ضعيفة لم تحتمل، مهما كان قويا في نواح أخرى.
حقا إن الأعصاب مسألة جسدية، ولكن العامل النفساني يؤثر عليها. فالإنسان الواقع في خطية الغضب، تجد أن أعصابه تلتهب بسرعة، كذلك الإنسان الواقع في محبة الذات، وفي الكرامة الشخصية: أقل كلمة تلمس كرامته، أو يظن أنها تلمس كرامته، تتعب أعصابه لا تستطيع أن تحتمل.
مسألة الأعصاب هى نقطة ضعف فيه.
لذلك قال الرسول: يجب علينا نحن الأقوياء أن نحتمل ضعفات الضعفاء (رو 15: 1) فالذى يعتدى على غيره هو الشخص الضعيف، بينما الذي يحتمل القوى. هو الجبل الراسخ الذي تثيره أخطاء غيره ضده.
هذا الجبل مهما ألقى أحد عليه طوبًا، يبقى راسخا لا يتزعزع.
أما الذي يثور ويحاول أن ينتقم ويسئ إلى غيره، هو إنسان مغلوب من ذاته، وليس مغلوبا من غيره. أقل كلمة تتعبه وتفقده هدوءه وتتلف أعصابه.
أما القوى، فهو قوى في أعصابه، وقوى في احتماله.
إذن الذي يحتمل هو القوى. والذي يهين غيره هو الضعيف.
ليتك إذن تمتحن نفسك، وترى ما هي ضعفاتك، وتبذل كل جهدك في الانتصار عليها.. إن القوى ليس هو الشخص الذي ينتصر على غيره، إنما هو الذي يستطيع إن ينتصر على نفسه. لأن البعض يظن أنه منتصر وقوى من الخارج. بينما هو في داخله ضعيف ومهزوم.
ليس فقط يحتمل إساءات الناس، إنما أيضا يحتمل الأحداث والمشاكل.
يحتمل المتاعب التي تتعب غيره. يحتمل الأمراض والضيقات والحوادث .
لقد كان السيد المسيح قويا في احتماله. كان قويا في احتماله التحدي وهو على الصليب، وقولهم له (إن كنت ابن الله انزل من على الصليب) وهكذا نقول له في القداس الإلهي: (احتملت ظلم الأشرار)
إن الاعتداء سهل. يمكن لأي إنسان ضعيف النفسية أو ضعيف الخلق أن يعتدي على غيره. أما القوى فهو الذي يحتمل.
في الحياة الزوجية: إن كان الطرفان ضعيفين لا يحتملان، قد يخرب البيت! أما إذا كان أحدهما على الأقل قويا، يمكنه أن يحتمل الطرف الآخر، حينئذ يمكن أن يستمر السلام بينهما..
قد يوجد إنسان ضعيف، لا يحتمل. ممكن أن خبرًا معينًا يجعله ينهار: يؤثر على أعصابه، وعلى نفسيته، على أفكاره. صحته لا تحتمل، يرتفع ضغط دمه، أو قلبه لا يحتمل. وربما يقع على الأرض لم تكن له القوة التي يحتمل بها ذلك الخبر!!