كما يقال الكلام عن الخدمة، يقال عن التوبة أيضًا. في أول عهد الإنسان بالتوبة، يكون نادمًا جدًا منسحقًا جدًا. لا يكاد يتصور كيف أحزن ورح الله الذي ناله في سر الميرون المقدس!! وكيف نجس هيكله، وكأنه يطرد روح الله من قلبه، ويفض شركته مع الله. وهذا الحزن المقدس كم عصر عينيه بالدموع، وكم ملأ صوته بالآهات، حتى صارت دموعه شرابًا له نهارًا وليلًا.. وكانت عبارة (غير مستحق) يقولها عن نفسه بكب اقتناع وبكل عمق.. أما الآن فقد جفت الدموع من عينيه، وقد بعدت حياته عن مرحلة التوبة! أو يظن أن التوبة مرحلة يمكن أن يبعد عنها، ويدخل في إيجابيات كثيرة رشحته لها حياة الانسحاق الملازمة للتوبة..إنه الآن يخدم، وكثيرون يتتلمذون علي يديه وعبارة (غير مستحق) إن قالها عن نفسه،. يقولها من باب الاتضاع لا أكثر، بغير عمق ولا اقتناع..! المرأة الخاطئة التي بللت قدمي المسيح بدموعها، أحبت كثيرًا لأنه قد غفر لها الكثير (لو7).
أما سمعان الفريسي الذي لم يكن يشعر أنه خاطئ مثلها، أو أن خطاياه ليست شيئًا علي الإطلاق إذا قورنت بخطاياها.. فهذا ما كان يحب الله مثلها وما كان منسحق القلب مثلها، ولا كان يبكي مثلها.. بل إنه يدينها علي خطاياها، ويدين السيد المسيح الذي سمح أن تبل قدميه بدموعها.. لذلك ذكره المسيح بأنه هو أيضًا خاطئ مثلها. عليه خمسون، وعليها خمسمائة. وكلاهما (ليس لهما ما يوفيان)..