رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تأملات في سفر نشيد الأناشيد23 السبت 25 مايو 2013 بقلم قداسة البابا شنودة الثالث الروحيون يقرأون هذا السفر,فيزدادون محبة الله.أما الجسدانيون,فيحتاجون في قراءته إلي مرشد يفسر لهم,لئلا يسيئوا فهمه ويخرجوا عن معناه السامي إلي معان عالمية.. في الليل علي فراشينش3:1 نود أن نتأمل في قول عذراء النشيد: في الليل علي فراشيطلبت من تحبه نفسي طلبته فما وجدته...إني أقوم وأطوف في المدينة في الأسواق وفي الشوارع أطلب من تحبه نفسي,طلبته فما وجدتهنش3:2,1 عبارةفي الليللها معنيان:إما الليل بمعناه الحرفي,وإما الليل بمعناه الرمزي,أي في الظلمة في الحيرة والقلق في التعب الروحي الذي أنا فيه.. وعلي فراشيتعني:في كسلي,في تهاوني في رقادي,في بعدي عن الله..في كل هذاطلبته فما وجدته..أو يقصد بها معناها الحرفي. والتي تقول هذا,إما أنها إنسانة أممية وسوداء,ليست من شعب الله أو هي نفس خاطئة كسلانة راقدة علي فراشها لم تفتح بعد قلبها للرب فتحول عنها وعبرنش5:6. وهي نفس تعيش في مرحلة التخلي لقد تخلي عنها الرب-ولو جزئيا-لذلك هي تصرخ وتقول طلبته فما وجدته. مرحلة التخلي وأسبابها: عجيب أن إنسانا يطلب الله فلا يجده.بينما قال الرباطلبوا تجدوامت7:7وهو الواقف علي الباب يقرع لنفتح له!رؤ3:20وأيضا هو القائل:من يقبل إلي,لا أخرجه خارجايو6:37.إذن لماذا هذا التخلي منه تجاه نفس تطلبه؟! إن التخلي يأتي إما بسبب الإنسان أو لحكمة الله في التدبير. قد يأتي بسبب قسوة قلب الإنسان وعناده وإصراره علي الخطيئة ورفضه إنذارات الله المتكررة,أو رفضه عمل النعمة,كما عمل فرعون..أو بسبب عدم استسلامه للروح القدس وعدم استجابته لنداء الله ونداء الضمير..فيصل إلي مرحلة التخلي التي قد تتطور إلي حالة الرفض الكامل.. وربما يتخلي الرب جزئيا ومؤقتا عن إنسان حتي لايرتفع قلبه في بره..فيقوده هذا التخلي إلي الاتضاع. إنسان سالك في البر وربما يظن أنه قد وصل!فيرتفع قلبه..أو يحارب بهذا فيتخلي الرب عنه-ولو قليلا-لكي يعرف ضعفه. أو قد يكون بارا.وفي عدم سقوطه لايشفق علي الساقطين فيتخلي عنه الرب فيسقط,وحينئذ يحنو علي الخطاة إذ قد جرب حروب العدو وشدتها ويعرف حكمة الرسول في قولهاذكروا المقيدين كأنكم مقيدون معهمواذكرواالمذلين كأنكم أنتم أيضا في الجسدعب13:3. إذن ليس كل الذين يتخلي عنهم الرب أحيانا كانوا أشرارا وساقطين! من تحبه نفسي: في الليل علي فراشي,طلبت من تحبه نفسي.طلبته فما وجدته إن عبارة من تحبه نفسيقد تكررت هنا كثيرا... وعجيب أن هذه العروس-علي الرغم من كسلها وسوادها وتهاونها-لاتزال تكرر القول بأنها تحب الرب!!وكأنها تقول له: إنني أخطيء ولكنني أحبك. المحبة موجودةلم تسقط أبدا1كو13:8علي الرغم من الضعف البشري,الذي بسببه قد أسقط أحيانا.مثلما حدث للقديس بطرس الرسول الذي أنكر الرب ثلاث مراتمت26:75ومع ذلك قال له بعد القيامة:أنت تعلم يارب كل شيء. أنت تعلم أني أحبكيو21:17.ومثلما قال القديس بولس الرسولالإرادة حاضرة عندي.وأما أنا أفعل الحسني فلست أجد لأني لست أفعل الصالح الذي أريد بل الشر الذي أريده فإياه أفعلرو7:19,8أنا يارب نائمة حقا,ولكني أحبك إنني أخطيء حقا,ولكني أحبك أنا أحبك من أعماقي ولست أفعل الخطية عن نقص في محبتي بل عن ضعف أو تعود أو عثرة أو لشدة الحرب أو لدوافع خارجة عني... حقا إنني لا اعمل أعمالا تليق بمحبتي لك ولكني علي الرغم من ذلك أحبك إن حبي لك يشبه بذرة حية فيها كل عناصر الحياة ولكنها حياة كامنة لم تظهر بعد..ربما لو توفرت لها التربة الخصبة والماء والري وكل ظروف الإنبات لظهرت هذه الحياة في جذر وساق وفروع وأزهار وثمار..هكذا أنا. ولكن عدم ظهور حياة الحب في,لايمنع أنها موجودة..! في الليل علي فراشي: +زكا العشار طلب الرب في الليل وهو علي فراشه في ظلمة الظلم لو19.لم يترك أعمال العشارين ويطلب الرب.بل طلبه وهو رئيس العشارين حتي أن اليهود تذمروا علي السيد كيف يدخل بيت رجل خاطيء!لو19:7. +واللص اليمين طلب الرب بالليل علي فراشه علي الصليبلو23:42. +وأوغسطينوس طلب الله وهو في عمق الليل في عمل الخطية والشك! +مريم القبطية بيلاجية موسي الأسود...كل أولئك طلبوا الرب في الليل! المهم أن كل هؤلاء طلبوا الرب في الليل وعلي فراشهم فوجدوه أما هذه العذراء فقد طلبته ولم تجده! وعلي الرغم من ذلك ظلت تسعي وراءه حتي وجدتهنش3:4,3. +++ هناك نوعان من الناس في طلب الله وهم خطاة... خاطيء يجاهد وينتظر حتي يتطهر ويتقدس فيجرؤ أن يتصل بالله,وخاطيء آخر لاينتظر ذلك بل في خطيئته وسقوطه-يطلب الله لكي يطهره الله ويقدسه وكأنه يقول للرب: لست أنتظر حتي أتطهر فأطلبك إنما أطلبك لكي تطهرني. لست أنتظر حتي أصير مجتهدا وقويا في الروح ثم أطلبك إنما وأنا كسلان سأطلبك الآن لكي تنجيني من كسلي وتقويني. هل أتوب أولا ثم أطلبك؟!أم أطلبك وأقولتوبني فأتوبأر31:18. نعم,سأطلبك وأنا بعيد عنك لكي تقربني أنت إليك. سأطلبك وأنا علي فراشي لكي توقظني من نومي أطلبك وأنا في الخطية لكي تنجيني منها..النية موجودة عندي.ولكني لم أسر بعد في الطريق بل أطلب نعمتك لكي تقودني إن الابن الضال لم يلبس الحلة الأولي وهو في كورة الخنازير إنما ألبسه إياها أبوهلو15:22وقد رجع هو إليه بثيابه المتسخة. إن الله يريدك أن تأتي إليه كما أنت فلا تنتظر. لاتنتظر حتي تصل إلي الصلاة الطاهرة ثم بعد ذلك تصلي اكلا.. بل صل حتي وأنت في طياشة الفكر وعدم الفهم وعدم القابلية!حينئذ يمنحك الله الصلاة الطاهرة مكافأة علي ثباتك وأنت في ضعفك. +في الليل علي فراشي طلبت من تحبه نفسي. لو كان الذين يطلبونك يارب هم القديسون وحدهم لضعنا جميعا ولكن الخطاة أيضا يطلبونك وهذا يعطينا رجاء. جميل جدا ومعز للغاية أن يشعر الواحد منا أن الله في وسط الليل أوجد نجوما وكواكب تنير ظلمة الليل.. كذلك وأنت في ظلمة الخطية هناك أضواء تحيط بك يكفي أنك مازلت تحب الله وتطلبه. أنا يارب أريد أن أكون معك حتي وأنا في الخطية!!إن الخطية تحطم النقاوة في حياتي ولكنها لاتحطم عواطفي نحوك مثل ابن يخالف أباه لتحقيق شهوة ما,ولكنه لايزال يحب أباهفي الليل علي فراشي طلبت من تحبه نفسيطلبته وأنا علي فراشي ليس في الكنيسة ولا في أماكن العبادة ولا في اجتماع روحي...لذلك لاتحتقروا الذين لايحضرون الكنيسة..ربما يطلبون الله علي فراشهم. +++ ربما كلمةالليلتعني الليل بمعناه الحرفي. فقد لا أجد فرصة ألتقي فيها مع الله خلال ضوضاء النهار وزحمة الناس وكثرة اللقاءات وكثرة المشغوليات وما يقدمه النهار من مشاكل وأحداث وأخبار,أكون في وسطها مثل التائه.. ولكنني في الليل في هدوئه وسكونه أجد فرصة للانفراد بك وهكذافي الليل علي فراشي طلبت من تحبه نفسيحسب قول المزمور: في الليالي ارفعوا أيديكم أيها القديسون وباركوا الربمز134. نعم في الليل علي فراشي ولذلك حسنا قال الرب عن الصلاة:ادخل إلي مخدعكمت6:6كذلك قول المرتل في المزمورالذي تقولونه في قلوبكم اندموا عليه في مضاجعكممز4 . إذن ما معني:طلبته في الليل فما وجدته؟ أنا أتيت في الليل وفكري مشغول بأحاديث وأحداث النهار فلما طلبتك لم أطلبك بفكر مركز فيك,بل وأنا مهتم ومضطرب لأجل أمور كثيرة بينما الحاجة إلي واحدلو10-42,41لهذا ما وجدتك! أو ربما أجدك لأن هناك حواجز بيني وبينك. لهذا أنا أدعو وأنت لاتستجيب وأشعر أنه تقف أمامي عبارتك التي تقول فيها:حين تبسطون أيديكم أستر وجهي عنكم وإن أكثرتم الصلاة لا أسمع أيديكم ملآنة دماأش1:15. توجد حواجز بيني وبينك لأنني تركت محبتي الأولي وفقدت الدالة التي كانت تربطني بك وخنت عشرتك ..وأشعر في مذلة نفسي أن كلماتي لاتدخل إليك وكأنني لست ابنك!! أريد أن أصطلح معك وأسترجع المحبة القديمة التي كانت بيننا أريد أن أعتذر إليك وأطيب قلبك من جهتي نعم أريد. عذراء النشيد,كانت أحكم من أبينا آدم حينما أخطأ. أبونا آدم أخطأ فهرب من الله واختبأ خلف الشجرةتك3:8.أما عروس النشيد فإنها تسعي إلي الله لكي تجده,حتي لو كانت في حالة سيئة!لكي يوجد حديث وسعي وبحث في الشوارع والأسواق عنه. حقا يارب إنني في مرحلة تخلي ولكني سأسعي وراءك بكل قوة لكي أرجع علاقتي بك.سأبحث عنك وأسأل الناس عنك حتي أجدك.. احترس يا أخي إذن من جهة علاقتك بالله لاتقل قد تخلي الرب عني سأتخلي أنا أيضا!!لاصلاة ولا كنيسة ولا اعتراف.. قل له:أنت لو تخليت عني فلن تخسر شيئا,أما أنا فسوف أفقد كل شيء إن تخليت عني سأضيع.لأن فيك وجودي وحياتي ومصيري. لو تخليت عني سأجري وراءك في الشوارع والأسواق,وأقوم وأطوف في المدينة أطلب من تحبه نفسينش3:2سأفتش عليك في كل موضع لأنني بدونك لا أستطيع شيئايو15:5وإن كنت غاضبا مني,أو غاضبا,علي سأحاول أن أصالحك وأعتذر إليك.لن أهرب منك كما فعل جدي آدم,إذ بك نحيا ونوجد ونتحركأع17:28. وكما قال عبدك الرسول بولس لي الحياة هي المسيحفي1:21. + نفسي علي فراشها ولكنها فترة مؤقتة,ستزول بعد حين. مجرد كسل عارض فلا تحسبه صفة العمر كله.. حقا إنني تركتك يارب بعض الوقت وجريت وراء شهوات العالم ولكنها مجرد شهوات وليست حبا فالحب بحقيقته هو لك وحدك والحب كله في عمقه. أما ما يربطني بالعالم فهو مشاعر طارئة زائلة,مجرد ملاذ وقتية لايمكن أن ترتقي إلي مستوي الحب لأن الحب هو عاطفة عميقة عميقة في عمق أعماق القلب الذي هو لك وأنت لي. العالم بالنسبة لي كان عرضا لا جوهرا أما الحب فهو لك والقلب هو لك أنت الذي تحبه نفسي حتي إن اشتهيت غيرك أحيانا. +++ تقول عروس النشيد:طلبته فما وجدته ولكن ليس معني هذا أنني سوف لا أجده طول العمر!فإن لم أجده اليوم سأجده غدا! ذلك لأن نفسي لاتستطيع أن تحيا إن لم تجده فهي لاتحيا بدونه كما أنها-فيما أبحث عنه-هو يبحث أيضا عني حتي يجدني ومتي وجدني سوف يضعني علي منكبيه فرحا ,كما فعل مع خروفه الضال حينما وجده لو15:5,4. إن هذه العروس تعطينا مثالا للنفس التي لاتيأس مهما فقدت الرب! وكما يقول الرببصبركم تقتنون أنفسكملو21:19 +++ هذا التخلي من الله كانت له فائدته لأن النائمة قامت. تركت فراشها وظلت تبحث عنه تحركت وتقدمت وطلبت نش3:2وهكذا بتخلي الله الجزئي يجعلنا نتحرك إذ لايصح أن نستلقي علي ظهورنا وننام ونطلب من النعمة أن تعمل كل شيء!! إن كان روح الله يعمل فيها فيجب علينا أن نشترك مع روحه في العمل فهذه هيشركة الروح القدسكما يذكرها الكتاب 2كو13:14. إنك قد قلت ياربمن يحبني يحفظ وصاياي ..وأنا أحبك ولكنني لم أحفظ وصاياك بعد!!إذ لم أصل حتي الآن إلي هذه الدرجة ومع ذلك فإنني أطلبك لكي تعطيني القوة التي أحفظ بها وصاياك فأحبك حينئذ بالعمل وليس بمشاعر القلب فقط. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|