مفاجأة.. "الدستورية" ترفض تعديلات "الشورى" على قانون الانتخابات.. التعديلات سمحت للمتخلفين عن التجنيد بسبب الجرائم الترشح.. ووسعت قاعدة تطبيق العزل.. والطعن بالبطلان والحل ينتظر المجلس القادم
كشفت مصادر قضائية بالمحكمة الدستورية، أن النصوص التى انتهت لها اللجنة التشريعية بمجلس الشورى، لا تعد ترجمة حقيقية لتوصيات وحيثيات المحكمة الدستورية بحكم تخصصها فى الرقابة السابقة على القوانين المكملة للدستور، حيث يوجد كثير من العوار فى النصوص التى تم تعديلها، ما يهدد الانتخابات البرلمانية القادمة بالبطلان وحل المجلس للمرة الثانية، وذلك بتطبيق ممارسة الرقابة اللاحقة فى حال طعن أى من المتضررين على قانون الانتخابات بعد فتح باب الترشيح.
ويقول مصدر قضائى رفيع المستوى بالمحكمة الدستورية العليا، إن التعديلات التى أجرتها اللجنة التشريعية بمجلس الشورى اليوم، الأربعاء، حول مسودة مشروع أحكام القانون رقم 38 لسنة 1972 الخاص بانتخابات مجلس النواب لا تتناسب بشكل نهائى مع الملاحظات التى أقرتها المحكمة على القانون، وهو ما يعنى مخالفتها للدستور الجديد، وبالتالى يكون القانون قابلا للطعن عليه سواء من الناخبين أو المرشحين ذوى الصفة فى حالة ما إذا تم إقراره بهذه الصيغة دون العودة إلى المحكمة مرة أخرى لمراجعته.
وكشف المصدر الذى فضل عدم ذكر اسمه، عن أهم التعديلات الخاطئة التى وضعتها اللجنة التشريعية لمجلس الشورى والتى تمثل مخالفة صريحة للدستور وهى أن نص البند (5) من المادة الخامسة من القانون نصت على "أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أعفى من أدائها أو استثنى منها ما لم يكن استثناؤه بناء على حكم قضائى بات ينطوى على الأضرار بالمصلحة العامة أو المساس بأمن الدولة طبقا للقانون، حيث إن الدستور لا يتضمن جملة استثنى منها، كما أن المادة (6) من قانون الخدمة العسكرية والوطنية الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 19980 تنص على أن "يستثنى من تطبيق حكم المادة (1) منه- أداء الخدمة العسكرية- الفئات التى تصدر بقواعد وشروط استثنائها قرار من وزير الدفاع طبقاً لمقتضيات المصلحة العامة أو أمن الدولة"، ومن ثم فإن النص الماثل يجيز أن يترشح لمجلس النواب من سبق استثناؤه من أداء الخدمة العسكرية طبقاً لمقتضيات أمن الدولة، فى حين أنه ما دام أن هذا الأخير قد استثنى للسبب المتقدم، فلا يكون مقبولاً أن يُسمح له بالترشح للمجلس النيابى الذى يتولى مهمتى التشريع والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.
ويقول المصدر، أما فيما يخص انتخابات المصريين فى الخارج من تشكيل لجنة عامة بمقر كل بعثة من عدد من أعضاء السلك الدبلوماسى أو القنصلى بإشراف قضائى كامل ويعين أمين لكل لجنة من العاملين بوزارة الخارجية فإن هذا التعديل يناقض نفسه بنفسه حيث من غير المعقول أن يكون هناك إشراف قضائى كامل للبعثات بالرغم من أن من يشرفون هم دبلوماسيون وليسوا قضاة وهو ما يخالف الواقع والدستور معا ولا بد من إرسال قضاة إلى تلك الدول التى ستكون بها انتخابات.
كما اختلف المصدر مع اللجنة التشريعية فيما يخص مادة العزل السياسى لأعضاء الحزب الوطنى، حيث نص القانون على ألا يكون من قيادات الحزب الوطنى المنحل، ويقصد بالقيادات كل من كان عضو بأمانته العامة أو مكتبه السياسى، أو كان عضوا بمجلسى الشعب أو الشورى فى الفصلين التشريعين السابقين على قيام الثورة، وهنا لم يضع تعريفا واضحا لعضو مجلس الشعب والشورى فى الفصلين التشريعين معا، واتخذ تعبيرا ليس واضحا، حيث إن العوار فى القانون مخالف لنص الدستور فى العزل، بحيث يكون العضو فاز فى دورة 2005 ثم فاز مرة أخرى فى 2010 وجمع بين الفصلين وتركها مفتوحة وهو بقصد زيادة عدد المعزولين سياسيا.
فيما يتفق المصدر مع اللجنة التشريعية فيما يخص المادة الثانية فى تطبيق أحكام هذا القانون من حيث إنه يقصد بالفلاح من امتهن الزراعة لمدة 10 سنوات على الأقل سابقة ترشحه لعضوية مجلس النواب، ويعتبر عاملا كل من يعمل لدى الغير مقابل أجر أو مرتب، حيث يؤكد المصدر أن اللجنة وضعت تعريفا محددا لمهنة الفلاحة والعمالة، بما يتفق مع ملاحظات المحكمة على هذا النص فى أنها لم تحدد بشكل دقيق تعريف الفلاحة والعمالة.
فيما رفض المصدر التعليق على اتهامات أعضاء اللجنة التشريعية بمجلس الشورى للمحكمة الدستورية العليا بأن قراراتها تم تسييسها، وأكد أنه لن تنزل المحكمة إلى هذا الأسلوب الذى انجر خلفه الأعضاء فى قذف وسب المحكمة الدستورية، مشيرا إلى أن المحكمة حيادية ونزيهة فى كل القرارات التى تتخذها ولم تأت بشىء من عندها وإنما مهمتها هى مقارنة نصوص القوانين ومطابقتها مع نصوص الدستور، وهو ما فعلته وستفعله ولا أحد يتدخل فى عملها أو فى قراراتها.
من ناحية أخرى هاجم الدكتور إبراهيم درويش، الفقيه الدستورى، جماعة الإخوان المسلمين وأعضاء مجلس الشورى الذين قاموا بإجراء التعديلات على قانون الانتخابات، مشيرا إلى أن الإخوان فصلوا الدستور على أنفسهم، وارتكبوا خطأ شنيعا فى الدستور من مادته الأولى وحتى مادته الأخيرة، ثم جاءوا فى قانون انتخابات مجلس النواب وقاموا بتفصيله، ولكنه فى نهاية الأمر اصطدم القانون مع الدستور.
واعتبر درويش فى تصريحات لـ"اليوم السابع" أن اليوم الذى ناقش فيه أعضاء الشورى ملاحظات المحكمة الدستورية هو من أسوأ أيام مصر من حيث البذاءات التى وجهها الأعضاء إلى المحكمة الدستورية، خاصة أنها جاءت من أساتذة يدعون أنهم فقهاء دستوريون وهم لا يفهمون شيئا، حيث إن هؤلاء هاجموا المحكمة لمجرد أنها عدلت القانون وفقا لدستور إخونجى لم تخترعه المحكمة من عندها لكن الإخوان ينسون ما يعملون دائما، ويظلون يكذبون ويكذبون ولا يتذكرون كذبهم وفى نهاية الأمر اصطدم الدستور مع القانون.
وسخر درويش من اللجنة التشريعية فى تقسيمها للدوائر الانتخابية، حيث قال "إن اللجنة زودت الدوائر شوية فى بعض المحافظات ونقصوا شوية فى أخرى وكله على مزاجهم"، كما انتقد درويش محاولة مجلس الشورى إضافة استثناء على من لم يؤدوا الخدمة العسكرية، مؤكدا أن معظم النظم فى العالم والدساتير المشابهة للنظام المصرى لا بد أن يكون المرشح للمجالس النيابية قد أدى الخدمة العسكرية أو أعفى منها فيما لم تنص على وضع استثناءات لإدخال القتلة والمحكوم عليهم جنائيا، ومن ساهموا فى قتل السادات فلا يجوز أن يحلوا لنفسهم تمثيل الشعب وهم من القتلة.
واختتم درويش قائلا: إن النص الخاص بتصويت المصريين والذى ينص على وجود رقابة قضائية كاملة على التصويت أمر غير صالح تماما، وكان من الأولى أن يقوموا فى الدستور الجديد بإزالة هذه العبارة إلا أن الإخوان وضعوها وهم لا يعلمون أنها ستسبب كارثة فى حالة ما لم يتم تطبيقها وإرسال قضاة إلى الخارج للإشراف على الانتخابات.
فى السياق ذاته قالت المستشارة تهانى الجبالى نائبة رئيس المحكمة الدستورية العليا سابقا، إن ما حدث فى مجلس الشورى من اتهامات للمحكمة الدستورية وقراراتها أمر مهين ويمثل عدوانا على المحكمة وقضاتها بالرغم من أن الدستور الذى وافقوا هم عليه هو الذى أتاح للمحكمة مطابقتها لنصوص القانون مع مواد الدستور.
وأضافت" الجبالى" أن التعديلات التى وضعتها اللجنة التشريعية على القانون لا تمثل الملاحظات التى وضعتها المحكمة، ووقعت فى أخطاء كثيرة قد تهدد القانون بالبطلان فى حالة الطعن عليه.