25 - 11 - 2012, 01:03 PM
|
رقم المشاركة : ( 2 )
|
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: القديس مرقس الرسول كاروز الديار المصرية
مرقس " خذ مرقس واحضره معك لأنه نافع لى للخدمة" ( 2تى 4 : 11)
مقدمة فى واد جميل فى إيطاليا ، يعد من أجمل وديان العالم ، حيث المناظر الجميلة الرائعة الخلابة، كان الزائرون يستمتعون بأبهج مناظر الطبيعة هناك ، ولم يكن ما يشوش المنظر سوى كتلة صخرية صماء رابطة على تل يشرف على الوادى ، وقد مر الكثيرون بالمكان ، وقد ضاقوا بها، وتأذوا من منظرها ، إلا شاب فى شرخ الشباب ، تعود أن يذهب إليها ، ويطيل النظر ، ثم يعود إلى بيته ، وبعد بضع زيارات حمل إزميله وبدأ يعمل فيها ، وبعد فترة صنع من الكتلة تمثالا رائعاًلملاك يحنو على الوادى ويرفرف بجناحيه ، وتحول المنظر الكئيب إلى أبهج منظر يتوج التل والوادى معاً ، كان هذا الشاب هو المثال الإيطالى العظيم مايكل أنجلو !! .. كان يوحنا مرقس فى لحظة من اللحظات أشبه بهذه الصورة المشوهة ، حتى لمسته اليد العظيمة التى تصنع من حياتنا أوان للكرامة ، ونجح الفخارى الأعظم ، فى أن يصنع من الشاب الذى لفظه بولس ، ورأى أنه لن يصلح للخدمة قط ، .. ولكن رأى بولس لا يمكن أن يضيع نعمة اللّه وإحسانه ورحمته وحبه ، ونجح الشاب ، وسر بولس بخطأ تصوره ، وأكذوبة تفكيره ، فى الشاب الذى نجح بعد الفشل الذريع ، وعاد إلى موقعه من المعركة ، حيث لم يرتد قط إلى الوراء ، وذهب شهيداً ، وعلى الأغلب فى الاسكندرية حيث قضى الجزء الأخير من حياته فى بلادنا ، وقد أخذ بولس بالحياة العظيمة للشاب ، وكان فى حاجة إليه ، إذا به يقول لتلميذه تيموثاوس: «خذ مرقس وأحضره معك لأنه نافع لى للخدمة » ... هذه هى القصة التى أرجو أن نتأملها ، وعلى وجه الخصوص لأن صاحبها يمثل الفرصة الثانية التى يعطيها اللّه فى العادة لنا نحن المتعثرين فى الطريق لننهض بعد الكبوة التى كثيراً ما تلحق بالكثيرين منا . وهنا نحن نراه فيما يلى :
مرقس ومن هو ؟؟ إن الاسم « مرقس » لفظ لاتينى يعنى « مطرقة » ... ويبدو أن هذه المطرقة كانت من النوع الكبير وليست ما يطلق عليه « مرسيليوس » أو المطرقة الصغيرة ، وقد أعطى له هذا الاسم إلى جانب اسمه اليهودى يوحنا ، كما أخذ بولس اسمه إلى جانب شاول ، ... والاسم يشير إلى القوة التى تمكنت فى حياة هذا الرجل فيما بعد ، حتى أصبحت حياته كالمطرقة التى تحطم الوثنية والشر بين الأمم الذين ذهب إليهم ، .. وكان الرومان يسمون أولادهم كثيراً بالاسم مرقس ، وعلى وجه الخصوص كانوا يعطون هذا الاسم للابن البكر ، وكان شيشرون الخطيب الرومانى الأشهر يسمى « مرقس توليوس شيشرون » إذ كان الابن البكر فى عائلته ، ... وإن كنا لا نعرف اسم أبى مرقس ، لكننا نعرف أن أمه كانت تدعى مريم ، وأنها كانت من الشخصيات القوية التى أخذت مركزاً ممتازاً فى الكنيسة المسيحية الأولى ، وكان بيتها فى أورشليم على الأغلب ، البيت الذى صنع فيه المسيح الفصح مع التلاميذ ، والمكان الذى ألف التلاميذ أن يلتقوا فيه ، ويظن أن فيه أيضاً ولدت الكنيسة الأولى يوم الخمسين ، وهو البيت الذى ذهب إليه بطرس بعد أن أخرجه الملاك من السجن إذ كان كثيرون مجتمعين هناك للصلاة ، والظاهر من ذلك أن يوحنا وأمه كانا على جانب ليس بقليل من الثراء ، إن لم يكونا غنيين ، فلابد وإن الأم كانت كأخيها برنابا الذى باع حقله وقدم ثمنه للرسل ، .. ويقول البعض إن الشاب وقد كان من سبط لاوى ، كان يمارس الخدمة ككاهن ، .. على أنه لا يستطيع أحد أن يقطع بكيفية تجديد الشاب ، هل تجدد فى أثناء خدمة المسيح ، وهل كان للعشاء الربانى فى بيته ، وبينما كان التلاميذ هناك تم القبض على السيد ، ثم ما أعقب ذلك من الصلب ، والقيامة اثارها فى حياته !! ؟ أم أنه جاء إلى المسيح يوم الخمسين أو بالعشرة مع بطرس فترة من الزمن ؟ ! وهل دعاه بطرس : « ومرقس ابنى » ( 1 بط 5 : 13 ) باعتبار أنه ابنه الروحى الذى ولده فى المسيح أم باعتبار الشركة العميقة التى تربط بين شيخ وشاب أحبا بعضهما البعض حباً عميقاً ، أياً كان الأمر ، فمن الثابت أن الشاب كان مسيحياً مجدداً ، وأنه خرج فى رحلته التبشيرية الأولى مع بولس عام 48 م وكان برنابا خاله رفيق بولس فى تلك الرحلة ، وفى برجة بمفيلية تركهما وعاد إلى أورشليم ، وقد رفض بولس أن يأخذه فى رحلتهما التبشيرية الثانية عام 50 م ، وافترق عن برنابا لهذا السبب ، على أنه عاد فقبله إذ ظهر أنه تغير كثيراً عما كان عليه أولا ، وبقى معه إلى النهاية ، ومن الواضح أنه ذهب إلى رومية ، ... وعندما قال بطرس : « تسلم عليكم التى فى بابل المختارة ومرقس ابنى » ( 1 بط 5 : 13 ) .. ظن البعض أن بابل هنا هى روما بالمعنى الرمزى ، غير أن آخرين يعتقدون أنه لم يكن من داع للرسول بطرس إلى أن يشير إلى رومية بهذا المعنى ، .. وأنه يقصد حقاً بابل التى كان بها جالية يهودية كبيرة ، ويعتقدون أن الرسول قصدها مع مرقس ابنه ، ... ومن المرجح أن مرقس وهو يكتب إنجيله ، الذى يعتقد أنه أقدم البشائر الأربع ، استقى الكثير من معلوماته من بطرس نفسه ، وقد تواترت شهادات ايرانيوس وترتليانوس وجيروم بذلك، ... وقد كتب جيروم يقول : « كان القديس مرقس مترجماً للرسول بطرس ، والأسقف الأول لكنيسة الاسكندرية وقد جمع الحقائق ، التى تلقنها من وعظه ، وضمنها الإنجيل بحسب الحق الذى تضمنته مواعظ بطرس وليس بترتيب الزمن الذى وقعت فيه » .. وقال أوغسطينوس إن نهج مرقس كان أكثر تركيزاً مما جاء فى متى ، مما تلقنه من الرسول بطرس ، ولأجل ذلك جاءت المعلومات الكثيرة فى إنجيله أكثر تركيزاً مما جاء فى إنجيل متى الذى اهتم بعرضها وشرحها !! .. وقد سر الرسول بطرس بالإنجيل الذى كتبه مرقس ، وطلب أن يقرأ - على ما يقول جيروم - فى الكنائس ، وقد حمل إنجيله إلى الإسكندرية حيث أسس الكنيسة المسيحية فيها ، ويقال إنه مات شهيداً بها ، وحمل جسده من الإسكندرية إلى البندقية عام 827 م . على يد بعض التجار المسافرين ودفن هناك وبنيت فوق القبر كنيسة من أجمل وأروع الكنائس فى العالم المسيحى ، وقد أعاد الفاتيكان رفاته منذ سنوات قليلة إلى مصر !! .. ومن المعلوم أن رمزه بين البشائر رمز الثور ، أو رمز القوة التى كان يبهر بها الرومان ، وجاءت المسيحية لتؤكد قوتها وصبرها واحتمالها وشجاعتها !! ..
مرقس بين النجاح والفشل انفرد مرقس بالحديث عن القبض على المسيح ، بذكر قصة الشاب الذى كان لابساً ازاراً على عريه ، وكان أشجع من التلاميذ إذ تبع المسيح ، فى الوقت الذى هرب فيه الجميع ، ويبدو أنه كان نائماً أو مقبلا على النوم عندما سمع عن واقعة القبض على السيد ، وهو يمثل خصائص الشباب على أدق الوجوه ، إذ أنه لم يتمهل ليلبس ثيابه ، بل أخذ الازار ولفه على جسده العارى ، وجرى مسرعاً وراء الموكب ، ومن الغريب أن بعض المفسرين كيوحنا فم الذهب اعتقدوا أن هذا الشخص هو يوحنا الرسول ، وآخرون قالوا إنه يعقوب أخو الرب ، ... لكن الرأى الأرجح الذى يأخذ به غالبية المفسرين يتجه إلى أنه يوحنا مرقس نفسه ، وأنه عندما كتب القصة أوردها كما حدثت معه ، واختبرها بنفسه ، والذى يشجع على هذا الاعتقاد ، هو أنها تعطينا صورة طبيعية حقيقية لحياته كشاب بين الاندفاع والتراجع ، بين الإقدام والإحجام على نحو مباغت عنيف ، كما ستراه فيما بعد .، وكما يبدو الشباب فى الأغلب قبل أن تعركهم الحوادث ، وتصلب وتثبت إرادتهم الأيام !! .. وفى الحقيقة أننا لا نحتاج إلى الوقت الطويل مع أى شاب - إذا قورن بالشيخ - لنحركه فى الاتجاه العاطفى الذى ينقله من النقيض إلى النقيض فى سرعة بالغة.
كان الشاب طموحاً يعتقد أن اللّه سيساعد طموحه ، ويدفعه إلى النجاح بسرعة مذهلة، وسيعطيه المال الوفير الذى يحقق كل آماله وانتظاراته ، ووضع كل ماله من زراعة الخوخ، وبدأت الأشجار تبشر بمحصول جيد ، مما زاده يقيناً بأن اللّه سيعطيه الكثير من الخير،... ولكنه صدم ذات يوم بنزول الصقيع الشديد الذى أتلف كل المحصول،... وتغيب الشاب عن الاجتماعات الكنسية التى لم يتعود من قبل أن يهملها أيام الآحاد ، .. فذهب القسيس ليسأل عنه ، إذا به يواجهه بثورة عارمة قائلا : إنه لا علاقة له بالإله الذى يتلف بستانه بالصقيع ، وصمت القسيس برهة ثم قال : اللّه يحبك أكثر مما يحب الخوخ ، فإنه يعلم أن الخوخ قد يكون أفضل بدون الصقيع ، ولكنه يعلم أيضاً أنك قد تكون أفضل بالصقيع !! ..
مرقس الفاشل كانت نقطة الفشل البارزة فى حياة مرقس ما حدث عند برجة عاصمة بمفيلية فى جنوب آسيا الصغرى ، وكان ذلك فى أثناء رحلة بولس التبشيرية الأولى ، فبعد أن سار مرقس مع بولس وخاله برنابا فى هذه الرحلة ، وبعد أن ربحوا سرجيوس بولس وإلى قبرس ، وركبوا البحر متجهين نحو آسيا الصغرى رجع مرقس إلى أورشليم رافضاً الاستمرار مع الرسولين ، ولم يفصح الكتاب عن السبب ، ولكن بولس صدم فى الشاب صدمة قاسية ، .. فهل رجع مرقس لما رأى من هول االصعاب والمتاعب لأن برجة عاصمة بمفيلية تقع فى بقعة منخفضة واطئة تنتشر فيها الأمراض والحميات ، ويرجح بروفسور رامسى أن بولس نفسه أصابته حمى الملاريا فى هذه البقعة ، وخلفت له شوكة الجسد التى ناء بها ، والرحلة من برجة إلى أنطاكية كانت من أشق وأخطر الرحلات لصعوبة المواصلات ، وكثرة اللصوص ، والمرتفعات والمنخفضات التى كانت تواجه المسافرين ، وعندما يصل المسافر إلى أنطاكية بيسيدية كان عليه أن يصعد إلى المدينة التى ترتفع عن سطح البحر أربعة آلاف قدم ، وكانت واحدة من ست عشرة مدينة بناها سيلوقس الأول ودعاها جميعاً باسم أبيه ، ... وعلى أية حال فالتعب والجهد والمنخفضات والمرتفعات والأوبئة والأمراض ، واجهت الشاب الغض ، ولعلها ردته عن الخدمة ، وهو كما نعلم الشاب الثرى الذى تعود الفراش الوثير والحياة الناعمة ، ولم يألف الجبال ،البحار والمخاطر أو المتاعب ، ... وما أكثر الذين تراجعوا عن الخدمة لما واجهوا من متاعب أو مشقات أو صعاب !! ... وربما كان السبب حب الوطن والحنين إليه ، ولعلها كانت المرة الأولى التى فارق فيها أمه ، وافتقد فيها حبها وأحضانها !! .. وما أكثر ما ضعف الخدام الكثيرون عندما كان عليهم أن يتركوا بلادهم إلى أوطان غريبة ، دون رجاء فى عودة أو أمل فى رجوع ، ... على أن البعض يعتقد بأن مرقس رفض التقدم إلى الأمام لأنه ضاق بتقدم بولس على خاله برنابا ، ... أليس برنابا هو الأسبق ، وهو الذى شجع بولس نفسه وفتح أمامه الطريق ، ... وها بولس يظهر فى الرحلة متقدماً على خاله ، ومبرزاً عليه كقائد للرحلة ومن فيها ، ... وهو لا يستطيع كشاب غيور على خاله ، وعلى مركزه ، أن يقبل مثل هذا الوضع ، ... وعلى أية حال أياً كان السبب ، فمن الواضح أن بولس استاء بعمق من هذا التصرف وتمكن فى ذهنه وقلبه ، أن هذا الشاب لن يصلح مرة أخرى للخدمة ، ... ولكننا نشكر اللّه لأنه حتى تصور بولس لا يصلح أمام نعمة اللّه قياساً للفشل أو النجاح فى الحياة !!
مرقس الناجح أما كيف تحول مرقس من الفشل القاسى إلى النجاح العظيم ، فتلك قصة تروى ، ولعلنا نستطيع أن نراها من الزوايا التالية :
مرقس ودرس بولس وحق لكلوبس تشابل أن يرى بولس الذى بدا كما لو أنه عقبة فى سبيل نهوض الشاب ، سبباً فى قيامه على قدميه ، إذ أن يوحنا مرقس كان أدنى إلى الشاب الناعم الذى يخرج من بيته والملعقة الذهبية ملتصقة بفمه ، والثوب الناعم ينساب على جسده ، وكانت تعوزه - إلى حدبعيد - حياة الخشونة والرجولة التى لا يمكن أن تكون فى الهدوء والدعة والأمن وكانت ثورة بولس فى رفضه لقبوله رغم حبه وإعزازه لبرنابا ، ورغم حنانه ولطفه كإنسان مسيحى ، سبباً فى أن يتنبه الشاب إلى حقيقة موقفه ، ... كانت جروح المحب التى أحدثها فيه ، أفضل من أية قبلات غاشة ومخادعة، يمكن أن تقضى على مستقبله وخدمته ، .. كان من رحمة اللّه بمرقس ، أن قسا بولس عليه ، .. فى قصة مثيرة عن الحرب العالمية الأولى ، إن ثلاثة من الشباب الضباط الإنجليز فى إحدى الكتائب كانوا يتأهبون لدخول المعركة ، عندما بدا واحد منهم فزعاً مرتاعاً خائفاً من الحرب ، وقد استطاع عن طريق أبيه الذى كان من الرجال ذوى النفوذ السياسى أن يتخلف عن المعركة ، وينجو من دخول الحرب ، ... وذهب الشاب إلى ايرلندا ، حيث خطب لنفسه فتاة حلوة جميلة ، وتأهب للزواج ، ... وبينما كان الشاب وخطيبته فى جلسة يتضاحكان جاء رجل البريد يحمل صندوقاً صغيراً استلمه ، وإذ فتحه وجد فيه ريشتين صغيرتين بيضاوين، فضحكت الفتاة للمنظر ، واستفسرت منه عما تعنيان ، وكان الشاب أميناً فأخبرها بالقصة، وكيف أن زميليه فى الجيش أرسلا له الطرد ، كتعبير عن جبنه وتخلفه عن المعركة ، وتلاشت بسمة الفتاة، وامتلأ وجهها بالجد ، وأخذت من قبعتها ريشة مماثلة ، وضمتها إلى الريشتين ، وتركته وخرجت ، .. فامتلأ الشاب من الخزى والعار ، ... ثم وقف قليلا متأملا ، وسرعان ما ذهب إلى لندن ، وهناك دخل الجيش تحت اسم مستعار ، وما هى إلا أسابيع قليلة حتى وجد نفسه فى الكتيبة القديمة التى كان قد خرج منها ، .. واحتدمت المعركة ذات ليلة ، ولم يعد أحد زميليه ، وإذ به يسأل قائده أن يذهب بحثاً عن الرجل ، .. وحاول القائد أن يمنعه دون جدوى مؤكداً له أنه يغامر بذلك بحياته ، ولكنه إذ أصر سمح له بالذهاب ، وعاد يحمل الضابط الجريح الذى قال له: ياتوم أنا أعلم أنه كان لابد لك من العودة ، لأنك لا يمكن أن تكون جباناً ، وسرعان ما أخرج توم ريشة من الثلاث وسلمها لزميله فأخذها بيده وقبض عليها ، وهو يحتضر، ومات وهى فى يده،... وفى هجمة من الهجمات أصيب زميله الثانى بشظية ، وكان يصرخ طالباً الماء،... ولم يكن مع توم سوى القليل منه ، فأسرع وأعطاه لزميله الذى شربه إلى آخر نقطة، وإذ بدأ الجريح ممنوناً أسرع توم وأخرج الريشة الثانية وأعادها إلى زميله الذى أخذها بحب وفرح ، ... وإذ عاد إلى بلاده مثخناً بالجراح ، خرجت الجماهير تستقبله وزملاءه الأبطال ، وأسرعت إليه فتاة كانت تلبس ثياب الممرضات فى الصليب الأحمر ، فقدم لها صندوقاً ممزوجاً بالطين والدم ، فأخذته ، وفى غرفتها فتحت الصندوق لتجد الريشة الثالثة ، ... لقد تحول الجبان بطلا !! ... وهكذا كان مرقس فى المعركة الأسمى والأعظم ، وكان بولس وهو لا يدرى عاملا فى عودة البطولة إلى الجبان الرعديد !! ..
على أنه إذا كان بولس قد عالج مرقس بالشدة والتوبيخ ، فإن بطرس قد عالجه بالرجاء والتعزية،... ولعل قصة بطرس نفسه كانت خير مشجع له على العودة إلى معركة المسيح!... ألم يتحول بطرس فى اللحظة الحرجة جباناً أمام الجارية ، بطرس الذى بلغت به الجرأة إلى تحدى المسيح نفسه بالزعم أنه سيبقى أميناً حتى ولو أنكره الجميع ، ولكن المسيح كان يعرف بطرس أكثر مما يعرف بطرس نفسه ، وكان يرى بطرس ، وهو كالوعل الذى يتخبط فى الشبكة ، عندما أمسكت به الشراك ، ... ولم يكن له من أمل ، إلا فى النظرة الحلوة العطوف التى لاحقته فى أعماق تجربته ، والغفران الواسع الشامل الذى طوقه فى الوقت الدقيق . وعرف يوحنا مرقس من بطرس ، أن الرجاء الدائم ينبغى أن يثبت فى المسيح ، ... ومهما يختلف تلاميذ المسيح بين بطرس وبولس وبرنابا فى سعة قلوبهم أو ضيقها تجاه ضعفات الآخرين ، فإن قلب المسيح أوسع وأكمل وأصدق وأحن ، ضاق قلب بولس عن قبول مرقس ، ولكن يسوع المسيح قبله !! ..
على أنه يجمل بنا - مهما كان الأمر - أن لا ننسى دور برنابا هنا فى إنقاذ الفتى من الفشل العميق ، وبرنابا يعطينا درساً من أعظم الدروس فى السماحة وكرم النفس ، وهو دائماً المشجع للضعيف والخائف والمنهزم والمتردد ، لكن مهما تكن السماحة عنده ، فإن الدرس الخاص الذى يعطيه لنا هنا ، هو أن السماحة إذا كانت مع جميع الناس ، فلا يجوز بالأولى أن تقف أو تردد دون القريب والأهل والصديق ، ... إن بعض الناس الأتقياء كثيراً ما يجهلون هذا الدرس أو يتجاهلونه ، وهم يكونون فى العادة أشد قسوة على أقرب الناس إليهم ، بل كثيراً ما يقفون بعيدين عنهم ، خشية تصور الناس أنهم يفعلون هذا بهم لأنهم أهل وأقرباء ، ... على أن النزاهة فى حد ذاتها لا ينبغى أن تتحول عائقاً فى طريق مساندة الضعيف متى كان قريباً أو صديقاً ، وقد كان برنابا شجاعاً ، فلم يخش أن يتصور أحدهم أنه يساند يوحنا مرقس لأنه ابن أخته ، ليكن ما يكون طالما أن الشاب يحمل علامات التوبة ورغبة الرجوع الصادقة ، فهذا واجب الأقوياء تجاه من هم أضعف أو أصغر أو أقل أمام التجربة ، ... وفى الحقيقة لقد أنقذ برنابا الشاب من الفشل والتراجع، عندما أخذه على مسئوليته ، واصطحبه فى الرحلة ، يعلمه ، ويدربه ، ويشجعه ، ويقويه ، ويعطيه أفضل الدروس فى القوة والشجاعة والحماس والثبات ، ... وأبى الصغير أن يخيب رجاء الكبير فيه ، وتعلم منه كيف يأخذ المروء الفرصة الثانية إلى الحياة الأقوى والأشجع والأكمل والأصلح ... كان شاب من ولاية الينوى فى أمريكا ، قد فشل فى عمله ، وفى السنة التالية سعى إلى المجلس التشريعى وهزم . ثم فشل فى العمل مرة ثانية ، ولما كان عمره تسعة وعشرين عاماً ، حدث له انهيار عصبى ، ثم هزم فى معركة الخطابة فى المجلس ، وكذلك هزم فى انتخابات مجلس الولاية ، وفى انتخابات البرلمان ، ولم ينجح فى انتخابات مجلس الشيوخ وبعد سنة هزم فى معركة الترشيخ نائباً للرئيس ، سعى مرة أخرى إلى مجلس الشيوخ وفشل ، وفى سنة 1860 انتخب رئيساً للجمهورية ، وكان هذا الشاب هو ابراهام لنكولن !! ..
وهل يمكن أن نختم القصة دون أن نعجب للشاب اللابس الأزار على عريه ، والذى هرب يوم الصليب عرياناً بعد أن ترك أزاره بين يدى من حاولوا القبض عليه ، والشاب الذى عاد فاشلا إلى أورشليم بعد توقفه عند برجة بمفيلية ، والشيخ الذى قضى شاهداً وشهيداً فى مدينة الاسكندرية فى بلادنا المصرية ، وشتان بين الصورتين الأوليتين والصورة الأخيرة ، ولكنها نعمة اللّه هى التى غيرت إلى الأفضل والأحسن والأنفع ، ... فإذا ذكرنا كل هذه ، وتذكرنا القصة التى يقولونها عن بيت كان في قلب غابة أوربية ، يذهب إليها الصائدون ، فإذا غنموا صيدهم استراحوا فى ذلك البيت ، وكان جميلا فى بنائه وتصميمه ، وكانت به ردهة كبيرة ، حدث أن أفسد جمالها بعض من شربوا الصودا وسكبوا بعضها على جدرانها ، وكان المنظر مشوهاً حتى جاء رسام بارع فرسم غزالا يخوض ماء بحيرة فوق البقعة المشوهة ، وتحول القبح جمالا ، حتى إن الغادين والرائحين ، كان يستهويهم المنظر الساحر الذى غطى التشويه المتخلف عن الصودا المسكوبة ، ... فإذا كان هذا الرسام قد استطاع لا أن يغطى القبح فحسب ، بل أن يحوله جمالا رائعاً ، ... فإن الرسام الأعظم قد فعل الشئ نفسه ، فى حياة مرقس وحياتى وحياتك، إذ حول قبحنا إلى جمال ، وضعفنا إلى قوة ، وفشلنا إلى نجاح ، وهزيمتنا إلى نصر يحق معه القول : « خذ مرقس وأحضره معك لأنه نافع للخدمة » .
|
|
|
|
25 - 11 - 2012, 01:04 PM
|
رقم المشاركة : ( 3 )
|
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: القديس مرقس الرسول كاروز الديار المصرية
نشأة مارمرقس:
القديس مرقس هو يهودى من سبط لاوى، بشر بين اليهود والأمم، وبين الأمم بالأكثر. وهو يحمل إسمين : إسماً يهودياً يوحنا ومعناه الله حنان أو الله حنون، وإسماً اممياً - رومانياً مرقس ومعناه مطرقة. ولد فى كيرين (القيروان) إحدى الخمس مدن الغربية فى إقليم ليبيا، فى بلدة تدعى أبرياتولس.
نشأ مارمرقس فى أسرة متدينة، كان لكثير من أفرادها صلة بالسيد المسيح نفسه. فأمه مريم إحدى المريمات اللاتى ذهبن إلى القبر. وأبوه أرسطوبولس هو إبن عم أو إبن عمة زوجة بطرس الرسول، وهو يمت بصلة قرابة للقديس برنابا الرسول أحد التلاميذ السبعين.
هذه الأسرة ذات الصلة الوطيدة بالسيد المسيح، أوجدت وسطً دينياً صالحاً نشأ فيه الشاب مرقس.
كان أبواه وعمه غنيين ويشتغلان بالزراعة. كما كانت أسرته ميسورة، لذلك أحسنت تثقيفه، وعلمته اللغات اليونانية واللاتينية والعبرية، فأتقنها جميعاً وبرع فيها. ويقول التاريخ أن بعض القبائل الهمجية البربرية هجمت على أملاك أسرته فى القيروان ونهبتها، وكان ذلك فى عهد أوغسطس قيصر، فإضطرت هذه الأسرة الصالحة إلى الهجرة، فهاجرت إلى فلسطين. وكانت قد إستقرت هناك عندما بدأ السيد المسيح خدمته.
بيت مارمرقس :
إرتبط بيت مارمرقس بالسيد المسيح، ولا يوجد بيت نال شهرة أكثر من بيت مارمرقس لأن فيه:
غسل السيد المسيح أرجل التلاميذ. (يو 13 : 4-5)
صنع السيد المسيح الفصح مع تلاميذه. (مر 14:16)
أسس السيد المسيح سر الإفخارستيا. (مر 14: 22-25)
إجتمع التلاميذ والرسل والمؤمنين مع النساء مواظبون على الصلاة (أع 1: 13-14)
حل الروح القدس على التلاميذ والرسل والمؤمنين يوم الخمسين. (أع 2: 1-4)
لذلك ليس عجيباً أن يكرس هذا البيت ويصبح أول كنيسة عرفتها المسيحية.
كما صار بيت مارمرقس أول كنيسة فى العالم، وصار مركزاً لكنيسة أورشليم ومقر أسقفها القديس يعقوب. هكذا عاش مارمرقس كل الأحداث الخاصة بالسيد المسيح وكان شاهداً لها. وهو أول من كتب الإنجيل بوحى من الروح القدس، كتبه بكل ما لديه من أخبار وأحداث وتفاصيل عن حياة السيد المسيح، لأنه لمسها وشاهدها وعاينها بنفسه، فهو حقاً ناظر الإله. كتب إنجيله باللغة اليونانية سنة 45 ميلادية. وأجمع كل علماء الكتاب المقدس وكل الدارسين فيه أن إنجيل مرقس أقدم ما كتب من الأناجيل.
مارمرقس وكنيسة الإسكندرية
عندما جاء مارمرقس إلى الإسكندرية، كانت تلك المدينة العظيمة هى العاصمة الثقافية للعالم فى ذلك الحين وكانت مدرسة الإسكندرية الشهيرة هى مركز العلم والفلسفة فى العالم الوثنى، تزدحم بعدد كبير من كبار العلماء، كانت تزدحم مكتبتها بمئات الآلاف من المخطوطات القيمة .
وكانت الإسكندرية مدينة عامرة بالسكان، يزيد عدد سكانها عن نصف مليون نسمة والبعض يقدرهم بثلاثة أرباع المليون من مصريين ويونانيين ويهود ورومان وأحباش ونوبيين وشتى الأجناس، لذلك واجه مارمرقس فى الإسكندرية أكبر وضع دينى معقد، إذ وقف أمام جمهرة من الديانات والعبادات المتنوعة فالمدينة خليط من عشرات العبادات الوثنية، ومجالاً للجدل الفلسفى والنقاش بين العلماء والفلاسفة ورجال الدين ...ووقف مارمرقس وحيداً أمام كل هذه الأديان والفلسفات، يصارعها جميعاً، وينتصر عليها جميعاً بقوة الله العاملة فيه ومعه.
وصل مارمرقس إلى الإسكندرية حوالى سنة 60م أو 61م قادماً من الخمس مدن الغربية .. ولما دخلها كان حذاؤه قد تمزق من كثرة السير فى الكرازة والتبشير، فمال إلى إسكافى فى المدينة إسمه انيانوس ليصلحه له. وفيما هو يصلحه دخل المخراز فى أصبعه، فصرخ قائلاً " ايس ثيئوس " أى[ يا الله الواحد] فرقص قلب الرسـول طرباً عندما سمع هذه الكلمة، ووجدها فرصة مناسبة ليحدثه عن هذا الإله الواحد ... وهكذا تفل على الطين ودهن به أصبع انيانوس، وقال باسم يسوع المسيح إبن الله ترجع هذه اليد سليمة . فالتأم جرحه فى الحال كأن لم يكن قد حدث شىء وأمن بالسيد المسيح له المجد وقد إختاره فيما بعد القديس مارمرقس ليكون أسقفاً لكرسى الإسكندرية، ليدبر شئون الكنيسة فى خدمة ورعاية المؤمنين، وأقام معه ثلاثة آباء من الكهنة، وسبعة شمامسة، من أجل العمل الرعوى.
مارمرقس ومدرسة الإسكندرية اللاهوتية
عندما حضر مارمرقس إلى مصر، كانت الإسكندرية مركزاً هاماً للثقافة الوثنية، وفى مدرستها ومكتبتها الشهيرة تخرج كثير من الفلاسفة والعلماء. فكان لابد أن يقوم مارمرقس الرسول صاحب الريادة والمبادرة التى تميز بها، بتأسيس مدرسة الأسكندرية اللاهوتية (الإكليريكية الأولى) لتكون أول معهد لاهوتى فى تاريخ المسيحية المبكر، لترد على أفكار الوثنيين ولتثبيت المؤمنين ولشرح العقيدة واللاهوت. وكان مارمرقس نفسه مثقفاً ودارساً للغات العبرية واللاتينية واليونانية. وحسب ثقافته أدرك مقدار خطر الفكر الوثنى وضرورة تأسيس مدرسة لاهوتية. وهكذا أنشأ مدرسة لاهوتية مسيحية فى الإسكندرية عين لرئاستها العلامة القديس يسطس.
وقد صاغت مدرسة الإسكندرية عقل وفكر الكنيسة اللاهوتى وأكدت على ضرورة التعليم الكنسى. واختير من مديرو وأساتذة المدرسة اللاهوتية الكثيرون للكرسى المرقسى. وكثيرون لم يتتلمذوا فى مدرسة الإسكندرية اللاهوتية، ولكنهم تتلمذوا على كتب علمائها. ومن هؤلاء القديسون باسيليوس الكبير، وأغريغوريوس الناطق بالإلهيات ويوحنا ذهبى الفم الذين تتلمذوا على كتب أوريجانوس، ودافعوا عنه . وقد احتمل ذهبى الفم المحاكمة فى سبيله.
ومن علماء هذه المدرسة المشهود لهم الفيلسوف اثيناغوراس، وهو من المدافعين المشورين عن المسيحية وعقائدها، ومن فلاسفتها أيضاً القديس بنتينوس الذى بشر فى الهند وبلاد العرب، والذى له الفضل الكبير على اللغة القبطية. ثم القديس أكليمنضس الاسكندرى الذى آمن بالمسيحية على يد بنتينوس، وصار من أشهر علماء المسيحية، ووضع كتباً عديدة أشهرها المتفرقات. ومن علماء هذه المدرسة أيضاً البابا ديونسيوس البطريرك الرابع عشر وقد أعتبر حجة فى اللاهوت. ومن العلماء الأفذاذ الذين تخرجوا من هذه المدرسة البابا القديس أثناسيوس الرسولى .
|
|
|
|
25 - 11 - 2012, 01:06 PM
|
رقم المشاركة : ( 4 )
|
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: القديس مرقس الرسول كاروز الديار المصرية
عودة رفات مار مرقس رسول المسيح لأرض مصر
فى 8 / 5/ 1965 م قام البابا كبرلس السادس والآباء الأحبار نيافة الأنبا تيموثاوس مطران الدقهلية ونيافة الأنبا كيرلس مطران قنا ونيافة الأنبا أنطونيوس مطران سوهاج ونيافة الأنبا صموئيل .. بزيارة الرئيس جمال عبد الناصر فى منزله لدعوته لوضع حجر الأساس للكاتدرائية المرقسية الكبرى , وقد أعلن الرئيس أثناء الزيارة بمساهمة الدولة بمبلغ مائة ألف جنيه لبناء الكاتدرائية .
فى 24/ 7/ 1965م أثناء إحتفالات بعيد الثالث عشر لثورة يوليو .. إحتفلت الكنيسة بوضع حجر الأساس للكاتدرائية فى أرض الأنبا رويس .
فى الصورة المقابلة البابا كيرلس السادس والمذبح الذى أهدته الكنيسة الأرثوذكسية الروسية إلى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
وكتب المتنيح ألعلامة الأنبا غريغوريوس عن موضوع رفاة مار مرقس الرسول فى جريدة وطنى يوم الأحد جريدة وطنى 25 /6/2006م السنة 48 العدد 2322 فقال : " في روما-الفاتيكان
في يوم 15 من بؤونة من عام 1684 للشهداء الاطهار,الموافق السبت 22 من يونية لسنة 1978 لميلاد المسيح,وفي السنة العاشرة لحبرية البابا كيرلس السادس,وهو المائة والسادس عشر في سلسلة باباوات الكرازة المرقسية,تسلم الوفد الرسمي الموفد من قبل البابا كيرلس السادس رفات القديس العظيم مارمرقس الرسول كاروز الديار المصرية والبطريرك الأول للكرازة المرقسية,من يد البابا بولس السادس بابا روما في القصر البابوي بمدينة الفاتيكان.
وكان الوفد مؤلفا من عشرة من المطارنة والأساقفة (بينهم سبعة من الأقباط وثلاثة من المطارنة الأثيوبيين) وثلاثة من الأراخنة.أما المطارنة والأساقفة فهم علي التوالي بحسب أقدمية الرسامة:الأنبا مرقس مطراس كرسي أبو تيج وطهطا وطما وتوابعها ورئيس الوفد,والأنبا ميخائيل مطران كرسي أسيوط وتوابعها,والأنبا أنطونيوس مطران كرسي سوهاج والمنشاة وتوابعها,والأنبا بطرس مطران كرسي أخميم وساقلتة وتوابعها,والأنبا يوحنس مطران كرسي تيجري وتوابعها بأثيوبيا,والأنبا لوكاس مطران كرسي أروسي وتوابعها بأثيوبيا,والأنبا بطرس مطران كرسي جوندار وتوابعها والأنبا دوماديوس أسقف كرسي الجيزة وتوابعها,والأنبا غريغوريوس أسقف عام الدراسات العليا والثقافة القبطية والبحث العلمي,والأنبا بولس أسقف كرسي حلوان والمعصرة وتوابعها.
وأما الأراخنة المدنيون بحسب ترتيب الحروف الأبجدية,فهم :الأستاذ إدوارد ميخائيل الأمين العام للجنة الملية لإدارة أوقاف البطريركية,والأستاذ فرح أندراوس الأمين العام لهيئة الأوقاف القبطية,والأستاذ المستشار فريد الفرعوني وكيل المجلس الملي بالإسكندرية.
وقد غادر الوفد البابوي السكندري القاهرة بعد ظهر يوم الخميس 13 من بؤونة الموافق 20 من يونية في طائرة خاصة رافقه فيها نحو تسعين من أراخنة القبط بينهم سبعة من الكهنة.
وكان في استقبالهم بمطار روما بعض المطارنة والكهنة موفدون من قبل البابا بولس السادس,وسفير جمهورية مصر العربية لدي الفاتيكان.
وتحددت الساعة الثانية عشرة من صباح يوم السبت 15 من بؤونة الموافق 22 من يونية لمقابلة الوفد البابوي السكندري لبابا روما وتسلم رفات مارمرقس الرسول.وقبيل الموعد المحدد بوقت كاف تحرك الركب المؤلف من الوفد البابوي السكندري,وأعضاء البعثة الرومانية الكاثوليكية برياسة الكاردينال دوفال كاردينال الجزائر ومعه المطران فيلبراندز أمين عام لجنة العمل علي اتحاد المسيحيين,والمطران أوليفوتي مطران البندقية (فينسيا) وثلاثة من الكهنة في موكب رسمي.وقد أقلتهم عربات الفاتيكان الخاصة تتقدمها الدراجات البخارية إلي القصر البابوي بمدينة الفاتيكان.
وفي الساعة الثانية عشرة تماما دخل الوفد البابوي السكندري يتقدمه الأنبا مرقس مطران كرسي أبو تيج وطهطا وطما ورئيس الوفد,ويتبعه سائر أعضاء الوفد القبطي من المطارنة والأساقفة بحسب ترتيب الرسامة ثم الأراخنة,وكان البابا بولس السادس عند مدخل مكتبه الخاص وافقا يستقبل رئيس وأعضاء الوفد الواحد بعد الآخر.ثم جلس علي عرشه وجلس أعضاء الوفد وبدأ البابا بولس السادس يتكلم وهو جالس يحيي الوفد القبطي مشيدا بالبابا كيرلس السادس وبكنيسة الإسكندرية ويهنئ بافتتاح الكاتدرائية المرقسية الجديدة وباستلام رفات مارمرقس الرسول.ورد الأنبا مرقس رئيس الوفد بكلمة قصيرة قال فيها إنه يحمل إليه تحيات أخيه بابا الإسكندرية ثم سلمه خطابا من البابا كيرلس السادس يوجه فيه الشكر إليه ويفيده باسماء أعضاء الوفد الرسمي الذين أوفدهم نيابة عنه لاستلام رفات مارمرقس الرسول.ثم نهض البابا بولس ونهض أعضاء الوفد معه,وحمل بابا روما ورئيس الوفد القبطي معا الصندوق الحاوي لرفات مارمرقس,وسار الجميع اثنين اثنين في موكب رسمي,وانتقلوا من مكتب البابا إلي قاعة كبيرة كانت قد أعدت لتستقبل الأقباط المرافقين للوفد الرسمي ليشهدوا اللحظة المقدسة السعيدة,ووضع صندوق الرفات علي مائدة خاصة.ثم تقدم الحبر الروماني وسجد أمام الصندوق وقبله.وفعل كذلك رئيس الوفد البابوي القبطي وتلاه بقية أعضاء الوفد وفي أثناء أداء هذه التحية الإكرامية لرفات مارمرقس الرسول كان الكهنة القبط ينشدون الألحان الكنسية المناسبة,وقد استحوذت علي قلوب الجميع,مصريين وأجانب.ومرت تلك اللحظات رهيبة وسعيدة,وكان الموقف كله مثيرا وخيم علي القاعة جو عميق من الروحانية والتقوي والقداسة والورع.
ثم جلس بابا روما علي عرشه وعندئذ نهض الأنبا غريغوريوس وألقي نيابة عن الوفد القبطي خطابا باللغة الإنجليزية نقل فيه تحية البابا كيرلس السادس إلي البابا بولس السادس,معبرا عن سعادة مسيحيي مصر وأثيوبيا بعودة رفات مارمرقس الرسول بعد أحد عشر قرنا ظل فيها جسد مارمرقس غريبا عن البلد الذي مات فيه شهيدا.
ورد بابا روما في خطاب رسمي باللغة الفرنسية كان يقرأه وهو جالس علي عرشه,أشاد فيه بتاريخ كنيسة الإسكندرية,ونضالها الطويل الرائد في ميدان العقيدة,وأشاد أيضا بأبطالها وعلمائها من أمثال أثناسيوس الرسولي,وكيرلس عمود الإيمان,وبنتينوس,واكليمنضس,راجيا أن يكون حفل اليوم علامة محبة ورابطة تربط بين كنيسة الإسكندرية وكنيسة روما,وطلب البابا الروماني في خطابه إلي رئيس وأعضاء البعثة البابوية الرومانية,أن يحملوا تحياته ومحبته وتقديره إلي البابا كيرلس السادس واكليروس كنيسة الإسكندرية ومصر وشعبها.
بعد ذلك نهضا البابا بولس السادس والأنبا مرقس رئيس الوفد ليتبادلا الهدايا التذكارية.فقدم الأنبا مرقس هدايا البابا كيرلس السادس وكنيسة مصر القبطية وهي أربع:
(1) صندوق فاخر مغطي ومبطن بالقطيفة الحمراء,ويضم كتاب العهد الجديد باللغة القبطية البحيرية وهو مجلد بجلد فاخر بلون بني ممتاز,وكتب عليه الإهداء باللغتين القبطية والإنجليزية من البابا كيرلس السادس إلي البابا بولس السادس مع الإشارة إلي تاريخ اليوم وهو السبت 22 من يونية لسنة 1968 لميلاد المسيح الموافق 15 من بؤونة لسنة 1684 للشهداء.
(2) صندوق فاخر مغطي ومبطن بالقطيفة الحمراء ويشتمل علي قطعة نسيج أثرية ثمينة ترجع إلي القرنين الخامس والسادس الميلاديين عثر عليها في بلدة الشيخ عبادة بمحافظة المنيا,وقد كانت هذه القطعة ضمن محفوظات معهد الدراسات القبطية بالقاهرة قدمها للبابا كيرلس السادس مساهمة وتعبيرا عن السرور العام بعودة رفات مارمرقس.
(3) صندوق فاخر مغطي ومبطن بالقطيفة الحمراء ويحمل اسطوانات القداس الباسيلي وألحانه كاملة,التي أصدرها قسم الموسيقي والألحان بمعهد الدراسات القبطية.
(4) صندوق فاخر مغطي ومبطن بالقطيفة الحمراء ويحمل سجادة ممتازة طولها متران,30 سنتيمترا من صنع فلاحي قرية الحرانية بمصر تحت إشراف الفنان الدكتور رمسيس ويصا واصف,وقد سجلت علي هذه السجادة رسوم عدة,تمثل قصة يوسف الصديق كاملة.
وقد أعجب بابا روما بهذه الهدايا الثمينة كل الإعجاب وشكر بابا الإسكندرية شكرا جزيلا وقال إنه سيحتفظ بهذا كله في الفاتيكان ذخيرة لكل الأجيال.ثم وزع البابا بولس السادس بيده هدية تذكارية لكل أعضاء الوفد البابوي القبطي,عبارة عن صليب رسم عليه المسيح مصلوبا,ويقفان علي جانبي الصليب القديس بطرس الرسول علي يمين المسيح,والقديس بولس الرسول علي يساره.ومن خلف الصليب نقش اسم بولس السادس الحبر الأعظم.كما أهدي البابا لجميع الكهنة والمرافقين ميداليات تذكارية نقشت عليها صورتا ماربطرس وماربولس الرسولين من جهة,وعلي الوجه الآخر نقشت صورة بولس السادس الحبر الروماني.
ثم قدم البابا الروماني للأنبا مرقس رئيس الوفد البابوي القبطي وثيقة رسمية بتاريخ 28 من مايو لسنة 1968 تشهد بصحة الرفات,وإنها بالحقيقة رفات مارمرقس الرسول,وإنها استخرجت من مكانها الأصلي بكل وقار,وقد وقع عليها أسقف بورفير حارس ذخيرة الكرسي الرسولي الروماني ووكيل عام مدينة الفاتيكان.وكانت الساعة قد صارت الواحدة بعد الظهر,وبذلك انتهي الحفل الرسمي لتسليم رفات القديس مرقس,وعاد الوفد القبطي في موكبه الرسمي إلي فندق ميكل انجيلو (الملاك ميخائيل) بروما.
بركة مارمرقس الرسول تشمل الجميع.
المكان الذى يوجد فيه مزار (رفاة) القديس مار مرقس رسول المسيح إلى أرض مصر أسفل الكاتدرائية المرقسية بأرض الأنبا رويس بالقاهرة
|
|
|
|
25 - 11 - 2012, 01:07 PM
|
رقم المشاركة : ( 5 )
|
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: القديس مرقس الرسول كاروز الديار المصرية
عيد اكتشاف رأس مارمرقس الرسول
عيد اكتشاف رأس مارمرقس الرسول للمتنيح الأنبا غريغوريوس أسقف الدراسات العليا
يوم 30 بابة له في كنيستنا ذكري وهي اكتشاف رأس مارمرقس الرسول,وفي هذا الموضوع قصة يجب أن نعلمها خصوصا في هذه المناسبة وفي هذا اليوم.
إنكم قد تعرفون أنه بسبب مجمع خلقيدونية سنة 451م الذي انقسمت بسببه الكنيسة الجامعة إلي شرقية وإلي غربية,وكنيستنا لا تقبل مجمع خلقيدونية,كنيسة مارمرقس الرسول وكذلك جميع الكنائس الأرثوذكسية الشرقية القديمة ومنها الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية والكنيسة الحبشية أيضا.
فمنذ ذلك التاريخ سنة 451م كانت الدولة البيزنطية قد تبنت وقبلت تحديدات مجمع خلقيدونية,فبدأت تضطهد الكنيسة القبطية والكنائس الشرقية القديمة لأنها لم تقبل هذه التحديدات.
ومنذ ذلك التاريخ من سنة 451م بدأت الدولة البيزنطية ومركزها القسطنطينية تفرض علي الأقباط بطريركا هو بطريرك وحاكم في نفس الوقت,وبسلطان الدولة يمنع بطريرك الإسكندرية من دخول الإسكندرية ,استمر هذا الوضع في الفترة من 451م إلي 641م وهو العام الذي دخل فيه العرب إلي مصر,أي نحو 200 سنة تقريبا,كان بطاركتنا يعيشون في الأديرة ولا يظهرون في الإسكندرية,لأن الدولة البيزنطية كانت تفرض علي الأقباط بطريركا وهو الحاكم في نفس الوقت.
وهذا هو ما يعرف بالبطريرك الملكاني ولعلكم تعرفون أن في القاهرة توجد كنيسة يسموها كنيسة الملكانية الكاثوليكية,الملكانية نسبة إلي الملك.
كان بطريركنا في ذلك الوقت عند دخول العرب مصر هو البابا بنيامين,وتعداده الثامن والثلاثون من بطاركة الإسكندرية,لكن كما قلنا كان هناك بطريركا آخر تفرضه الدولة البيزنطية وهو ما عرف في التاريخ باسم المقوقس عند دخول العرب إلي مصر.والطلبة الذين كانوا يدرسون التاريخ كانوا يقولون عنه إنه بطريرك الأقباط ولكن هو في الواقع لم يكن البطريرك القانوني,ولكنه كان البطريرك الذي فرضته الدولة البيزنطية علي الأقباط في ذلك الوقت.
فعند دخول العرب دخل عمرو بن العاص وهو الذي فتح مصر (الفتح العربي) في حرب مع الدولة القائمة في ذلك الوقت,وقتل البطريرك الملكاني وهو المقوقس( تعليق من الموقع : لم نستدل على مرجع يذكر أن المقوقس قتل ربما سم نفسه ).ولعل هذا هو السبب الذي جعل الأقباط يرحبون بدخول العرب إلي مصر في ذلك الوقت,لأنهم كانوا يعانون من اضطهاد الدولة البيزنطية.
ومن صور الاضطهاد للأقباط من الدولة البيزنطية أن الحاكم المقوقس قتل مينا أخا البطريرك بنيامين ووضعه في تليس ورماه في النيل,هذا ما دفع الأقباط أن يرحبوا بدخول العرب إلي مصر.
وأرسل عمرو بن العاص مصر بعد قتل المقوقس إلي البابا بنيامين وكان في ذلك الوقت في الصعيد ,وأرسل إليه ما عرف بالفرمان,وهو يخول له أن يعود ليتسلم عمله في الإسكندرية.
كان جسد مارمرقس الرسول في فترة الحكم البيزنطي موجودا في كنيسة خارج الإسكندرية.وسرقه البحارة البنادقة في القرن التاسع الميلادي,وذهبوا به إلي فينيسيا وهي البندقية,ورحبوا بهذا الجسد وتباركوا به وأقاموا عليه الكنيسة التي عرفت بالكنيسة الذهبية الموجودة الآن في فينيسيا وهي التي يسمونها البندقية,وهي حاليا تابعة لإيطاليا,لكن وقتها كانت دولة لوحدها أو مملكة لوحدها وجعلوا العلم لها هو أسد مارمرقس المجنح أي له جناحان ,وهذا طبعا إشارة إلي المركز الإلهي,مثل الملاك له جناحان.وعندما ذهبنا سنة 1968م لكي نتسلم بعض رفات مارمرقس الرسول من فينيسيا ,وجدنا هناك الكنيسة الذهبية,ونشكر الله أن صلينا فوق المذبح نفسه الذي تحته جسد مارمرقس الرسول,طبعا نحن أخذنا جزءا منه لكن الجسد كله مازال باقيا هناك في فينيسيا,ولكننا أخذنا عظمة صغيرة,هذا كان في عهد البابا كيرلس السادس والتي وضعت في الكنيسة الجديدة الكاتدرائية في العباسية,هذا الرفات لمارمرقس الرسول استحضرناه من روما بعد أن انتقل من فينيسيا.بطريرك فينيسيا رفض في مبدأ الأمر,أن يعطينا هذا الرفات,فالبابا بولس السادس له الشكر طلب من بطريرك فينيسيا وقال له إعطه لي,ولذلك نحن استلمنا الرفات.من روما ,ومن البابا بولس السادس.
عندما دخل عمرو بن العاص إلي مصر ,كان هناك بعض كنائس الإسكندرية مازالت تابعة للكنيسة الملكانية,فواحد من بحارة عمرو بن العاص دخل إحدي هذه الكنائس فوجد التابوت الذي كان فيه جسد مارمرقس ووجد فيه العلبة التي كان فيها رأس مارمرقس,وتصور أن بها كنزا أو ذهبا,فأخفاها في (خن)المركب,والخن مكان مخفي في المركب,فلما أمر عمر بن العاص أن يبحروا,لم يستطيعوا أن يحركوا المركب فرموا كل شئ فيها ليخففوها فلم تتحرك,عملوا كل الوسائل الطبيعية التي تعمل لتتحرك المركب فلم تتحرك,فأمر عمرو بن العاص أن يبحثوا في المركب,فوجدوا هذه العلبة التي فيها رأس مارمرقس الرسول,فأدرك عمرو بن العاص أن ماحدث بسبب هذه الرأس,وعندما أخرجوها خارج المركب تحركت المركب,شاء الله أن هذه الرأس لا تفارقنا وإنما تستمر في مصر بركة لنا,فتأكد عمرو بن العاص أكثر أن هذا الموضوع كان بسبب رأس مارمرقس,فأرسل إلي البابا البطريرك يؤمنه وأيضا يطلب إليه أن يأخذ رأس مارمرقس,وفي الوقت نفسه عمرو بن العاص أعطي مبلغ 10000 دينار في ذلك الوقت لكي تبني كنيسة لهذه الرأس,ولاشك أن عمرو بن العاص في أول الأمر كان فعلا متسامحا جدا,وكانت روحه طيبة,أولا قتل البطريرك الملكاني,ثم أصدر فرمانا لكي يؤمن البابا بنيامين ويعود ويستلم الكنيسة كبطريرك قانوني,وفي نفس الوقت عندما اكتشف رأس مارمرقس التي سرقها هذا البحار أعطي 10000 دينار لكي تبني كنيسة أخري لتوضع فيها هذه الرأس.
كان هذا في 30 بابة,ولذلك تعيد الكنيسة في 30 بابة باكتشاف رأس مرقس الرسول .
عندنا تقليد في كنيستنا أن أي بطريرك يرسم جديدا يذهب إلي الإسكندرية ويكشف هذه الرأس ويتبارك بها ويقبلها ويغير الغطاء الخاص بها بغطاء جديد,ويعرضها علي الشعب والشعب يأخذ بركة من هذه الرأس.والبطريرك يكون حاضنا هذه الرأس,كعلامة علي أنه هو خليفة مارمرقس الرسول,وأصبح هذا تقليدا مستمرا في الكنيسة القبطية,حتي لو رسم البطريرك في القاهرة,لابد أن يذهب إلي الإسكندرية ويخرج الرأس ويبارك الشعب وهو يحضنها ويغير غطاءها,وهذه علامة علي أنه هو البطريرك الذي أصبح من خلفاء مارمرقس الرسول.
فهذه بركة عظيمة نذكرها اليوم وهي اكتشاف رأس القديس مرقس.
بركته فلتكن مع جميعنا آمين.
|
|
|
|
25 - 11 - 2012, 01:09 PM
|
رقم المشاركة : ( 6 )
|
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: القديس مرقس الرسول كاروز الديار المصرية
كتاب عودة رفات مارمرقس إلى مصر
http://www.4shared.com/office/pEWy83...00_0085___.htm
ظهور رأس مارمرقس الانجيلي الرسولي وتكريس كنيسته
ظهور رأس مارمرقس الانجيلي الرسولي وتكريس كنيسته سنة 360ش في مثل هذا اليوم تذكار تكريس كنيسة القديس البتول مار مرقس الإنجيلي كاروز الديار المصرية ،
وظهور رأسه المقدس بمدينة الإسكندرية . صلاته تكون معنا امين .
برنامج النهاردة وظهور رأس مارمرقس الانجيلي الرسولي و تكريس كنيسته
|
|
|
|
25 - 11 - 2012, 01:17 PM
|
رقم المشاركة : ( 8 )
|
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: القديس مرقس الرسول كاروز الديار المصرية
عودة رفات القديس مارمرقس الرسول عام 1968
في مثل هذا اليوم من سنة 1684 للشهداء الأطهار الموافق الاثنين 24 من شهر يونيو سنة 1968 لميلاد المسيح
وفي السنة العاشرة لحبرية البابا كيرلس السادس وهو البابا المائة والسادس عشر في سلسلة باباوات الكرسي الإسكندري
عاد إلى القاهرة رفات القديس العظيم ناظر الإله الإنجيلي مار مرقس الرسول كاروز الديار المصرية
والبطريرك الأول من بطاركة الإسكندرية .
وكان البابا كيرلس السادس قد انتدب وفدا رسميا للسفر إلى روما لتسلم رفات القديس مرقس الرسول من البابا بولس السادس . وتألف الوفد من عشرة من المطارنة والأساقفة بينهم ثلاثة من المطارنة الأثيوبيين ومن ثلاثة من كبار أراخنة القبط .
أما المطارنة والأساقفة فهم حسب أقدمية الرسامة :
الأنبا مرقس مطران كرسي أبو تيج وطهطا وطما وتوابعها ، ورئيس الوفد
الأنبا ميخائيل مطران كرسي أسيوط وتوابعها ،
الأنبا أنطونيوس مطران كرسي سوهاج والمنشاة وتوابعهما
والأنبا بطرس مطران كرسي أخميم وساقلته وتوابعهما ،
والأنبا يوأنس مطران تيجراي وتوابعها بأثيوبيا ،
والأنبا لوكاس مطران كرسي اروسي وتوابعها بأثيوبيا ،
والأنبا بطرس مطران كرسي جوندار وتوابعها بأثيوبيا ،
والأنبا دوماديوس أسقف كرسي الجيزة وتوابعها ،
والأنبا غريغوريوس أسقف عام للدراسات اللاهوتية العليا والثقافة القبطية والبحث العلمي
والأنبا بولس أسقف حلوان وتوابعها
وأما الأراخنه المدنيون بحسب ترتيب الحروف الأبجدية فهم
الأستاذ إدوارد ميخائيل الأمين العام للجنة الملية لأوقاف البطريركية
والأستاذ فرح إندراوس الأمين العام لهيئة الأوقاف القبطية
والأستاذ المستشار فريد الفرعوني وكيل المجلس الملي بالإسكندرية .
وطار الوفد البابوي الإسكندري إلى روما في يوم الخميس 13 بؤونه سنة 1684 الموافق 30 من يونيو سنة 1968م في طائرة خاصة أقلتهم ومعهم نحو 90 قبطيا من المرافقين
كان من بينهم سبعة من الكهنة
وتحددت الساعة الثانية عشرة من صباح يوم السبت 15 بؤونة الموافق 22 يونيو لمقابلة الوفد البابوي السكندري لبابا روما وتسلم رفات مار مرقس الرسول وقبيل الموعد المحدد بوقت كاف تحرك الركب المؤلف من الوفد البابوي السكندري وأعضاء البعثة الرومانية الكاثوليكية برياسة الكاردينال دوفال كاردينال الجزائر ومعه المطران فيلبرا اندز أمين عام لجنة العمل علي اتحاد المسيحيين والمطران أوليفوتي مطران البندقية ( فينيسيا ) وثلاثة من الكهنة في موكب رسمي وقد أقلتهم سيارات الفاتيكان الفاخرة تتقدمها الدراجات البخارية إلى القصر البابوي بمدينة الفاتيكان .
وفي الساعة عشرة تماما دخل الوفد البابوي السكندري يتقدمه الأنبا مرقس مطران أبو تبج وطنطا رئيس الوفد يتبعه المطارنة والأساقفة بحسب ترتيب الرسامة ثم الأراخنه ، وكان البابا بولس السادس عند مدخل مكتبه الخاص واقفا يستقبل رئيس وأعضاء الوفد الواحد بعد الأخر ثم جلس علي عرشه وجلس أعضاء الوفد وبدأ البابا بولس السادس يتكلم وهو جالس يحيي الوفد ومشيدا بالبابا كيرلس السادس وبكنيسة الإسكندرية ويهنئ بافتتاح الكاتدرائية المرقسية الجديدة وباستلام رفات مار مرقس الرسول ورد الأنبا مرقس رئيس الوفد بكلمة قصيرة قال فيها أنه يحمل إليه تحيات أخيه بابا الإسكندرية ثم سلمه خطابا من البابا كيرلس السادس يوجه فيه الشكر إليه ويفيده بأسماء أعضاء الوفد الرسمي الذين انتدبهم نيابة عنه لاستلام رفات مار مرقس الرسول ثم نهض البابا بولس ونهض أعضاء الوفد معه وحمل بابا روما ورئيس الوفد السكندري معا الصندوق الحاوي لرفات مار مرقس وسار الكل اثنين اثنين في موكب رسمي وانتقلوا من مكتب البابا إلى قاعة كبيرة كانت قد أعدت لاستقبال الأقباط المرافقين للوفد الرسمي ليشهدوا اللحظة المقدسة السعيدة ووضع صندوق الرفات علي مائدة خاصة ثم تقدم الحبر الروماني وسجد أمام الصندوق وقبله وفعل كذلك الوفد البابوي السكندري وتلاه بقيه أعضاء الوفد وفي أثناء أداء هذه التحية الإكرامية لرفات مار مرقس الرسول كان الكهنة القبط ينشدون الألحان الكنسية المناسبة وقد استحوذت السعادة علي قلوب الجميع مصريين وأجانب ومرت تلك اللحظات رهيبة وسعيدة وكان الموقف كله مثيرا وقد خيم علي القاعة جو عميق من الروحانية والتقوى والقداسة والورع
ثم جلس بابا روما علي عرشه وحينئذ نهض الأنبا غريغوريوس وألقي نيابة عن الوفد خطابا باللغة الإنجليزية نقل فيه تحية البابا كيرلس السادس إلى البابا بولس السادس معبرا عن سعادة مسيحيي مصر وأثيوبيا بعودة رفات مار مرقس الرسول بعد أحد عشر قرنا ظل فيها جسد مار مرقس غريبا عن البلد الذي مات فيه شهيدا.
ورد بابا روما في خطاب رسمي باللغة الفرنسية كان يقرأه وهو جالس علي عرشه أشاد فيه بتاريخ كنيسة الإسكندرية ونضالها الطويل الرائد في ميدان العقيدة وأشاد أيضا بأبطالها وعلمائها من أمثال أثناسيوس الرسولي وكيرلس عمود الإيمان وبنتينوس واكليمنضس راجيا أن يكون حفل اليوم علامة محبة ورابطة تربط بين كنيسة الإسكندرية وكنيسة روما وطلب البابا الروماني في خطابه إلى رئيس وأعضاء البعثة البابوية الرومانية أن يحملوا تحياته ومحبته وتقديره إلى البابا كيرلس السادس وأكليروس كنيسة الإسكندرية ومصر وشعبها .
بعد ذلك نهض البابا بولس والأنبا مرقس رئيس الوفد ليتبادلا الهدايا التذكارية فقدم الأنبا مرقس هدايا البابا كيرلس السادس وهي أربع كالآتي :
1 – صندوق فاخر مغطي ومبطن بالقطيفة الحمراء ويحمل كتاب العهد الجديد باللغة القبطية البحيرية مجلد بجلد فاخر بلون بني ممتاز وكتب عليه الإهداء باللغتين القبطية والإنجليزية من البابا كيرلس إلى البابا بولس السادس مع الإشارة إلى تاريخ اليوم وهو السبت 22 يونيو 1968 الموافق 15 بؤونة 1684ش .
2 – صندوق فاخر مغطي ومبطن بالقطيفة الحمراء ويشتمل علي قطعة نسيج أثرية ثمينة من القرن الخامس والسادس الميلادي عثر عليها في بلدة الشيخ عبادة بمحافظة المنيا وقد كانت هذه القطعة ضمن محفوظات المعهد العالي للدراسات القبطية بالقاهرة قدمها للبابا كيرلس السادس مساهمة وتعبيرا عن السرور العام بعودة رفات مار مرقس .
3 – صندوق فاخر مغطي ومبطن بالقطيفة الحمراء ويحمل اسطوانات القداس الباسيلي وألحانه كاملة التي أصدرها قسم الموسيقي والألحان بالمعهد العالي للدراسات القبطية .
4 - صندوق فاخر مغطي ومبطن بالقطيفة الحمراء ويحمل سجادة ممتازة طولها متران و30 سنتيمترا من صنع فلاحي قرية الحرانية بمصر تحت أشراف الفنان الدكتور رمسيس ويصا واصف الأستاذ بالمعهد العالي للدراسات القبطية وقد سجل علي هذه السجادة رسوم عدة تمثل قصة يوسف الصديق كاملة .
وقد أعجب بابا روما بهذه الهدايا الثمينة كل الإعجاب وشكر بابا الإسكندرية شكرا جزيلا وقال أنه سيحتفظ بهذا كله في الفاتيكان ذخيرة لكل الأجيال . ثم وزع البابا بولس السادس بيده هدية تذكارية لكل أعضاء الوفد البابوي السكندري عبارة عن صليب رسم عليه المسيح مصلوبا ويقف علي جانبي الصليب القديس بطرس الرسل علي يمين المسيح والقديس بولس الرسول علي يساره ومن خلف الصليب نقش اسم بولس السادس الحبر الأعظم . كما أهدي البابا لجميع الكهنة والمرافقين مداليات تذكارية نقشت عليها صورتا مار بطرس ومار بولس الرسولين من جهة وعلي الوجه الآخر نقش صورة بولس السادس الحبر الروماني ثم قدم البابا الروماني للأنبا مرقس رئيس الوفد البابوي السكندري وثيقة رسمية بتاريخ 28 مايو سنة 1968 م تشهد بصحة الرفات وأنها بالحقيقة رفات مار مرقس الرسول وأنها استخرجت من مكانها الأصلي بكل وقار وقد وقع عليها أسقف بورفير حارس ذخيرة الكرسي الرسولي ووكيل عام الفاتيكان وكانت الساعة قد صارت الأولي بعد الظهر وبذلك أنتهي الحفل الرسمي لتسليم رفات القديس مرقس وعاد الوفد إلى فندق ميكل أنجلو ( الملاك ميخائيل ) بروما .
وفي اليوم التالي وهو الأحد 16 بؤونة الموافق 23 يونيو أقام الوفد البابوي السكندري قداسا حبريا احتفاليا بكنيسة القديس أثناسيوس الرسولي بروما خدم فيه جميع المطارنة والأساقفة العشرة والكهنة المرافقون وقد حضر أعضاء البعثة البابوية الرومانية وجميع المرافقين من القبط وعدد كبير من الأقباط المقيمون بروما ومن الأجانب ومندوبي الصحف ووكالات الأنباء وكان قداسا رائعا رفع بروحانية عميقة . وبعد قراءة الإنجيل حمل المطارنة والأساقفة صندوق الرفات المقدس وطافوا به 3 مرات أنحاء الكنيسة ثم بخر المطارنة والأساقفة أمام الرفات بحسب ترتيب أقدمية الرسامة وكان الكهنة والشمامسة يرتلون الألحان المناسبة . وعاد الوفد البابوي السكندري ومعه أعضاء البعثة البابوية الرومانية يحملون الرفات المقدس في يوم الاثنين في موكب رسمي تتقدمه الدراجات البخارية إلى المطار . ومن هناك استقلوا طائرة خاصة قامت خصيصا من القاهرة ووصلت إليها في العاشرة والنصف من مساء اليوم نفسه . وكان البابا كيرلس في انتظار وصول الرفات وكان يصحبه مار أغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس وعدد كبير من المطارنة والأساقفة الأقباط والأجانب ورؤساء الطوائف والأديان مصريين وأجانب وألوف من أفراد الشعب مسيحيين ومسلمين يرتلون وينشدون أحلي الأناشيد الدينية وكان المطار كله يدوي بالترانيم وعند مارست الطائرة صعد البابا إلى سلم الطائرة وتسلم من يد رئيس الوفد الصندوق الثمين الذي يحمل رفات مار مرقس الرسول وفي هذه اللحظة رأي الكثيرون وخاصة المطلون من شرفات المطار ثلاث حمامات بيضاء ناصعة البياض حلقت فوق الطائرة ولما كان الحمام لا يطير في هذا الوقت من الليل فلم يكن هذا أذن بحمام عادي ولعله أرواح القديسين ترحب برفات القديس العظيم مار مرقس ونزل البابا كيرلس يحمل صندوق الرفات علي كتفه بين ترتيل الشمامسة ويتبعه موكب ضخم من كتل بشرية تعد بالألوف يرنمون مع الشمامسة فرحين متهللين حتى أن رئيس البعثة البابوية الرومانية ذهل من تلك المظاهرة الدينية الكبيرة وأعرب عن تأثره البالغ بتدين الأقباط وعظيم إجلالهم وإكبارهم للقديس مرقس وقال أن ما رآه فاق كل تقديره فما كان يتوقع بتاتا أن يكون استقبال رفات مار مرقس بهذه الحماسة الروحية البالغة خاصة وان الجماهير ظلت منتظره بالمطار منذ الخامسة مساء - حيث كان مقررا وصول الطائرة - إلى الساعة الحادية عشرة مساء أو يزيد . وعاد البابا في سيارته ومعه صندوق الرفات إلى الكاتدرائية المرقسية الكبرى القديمة بالأزبكية ووضع الصندوق علي المذبح الكبير المدشن باسم مار مرقس وظل الصندوق هناك إلى اليوم الثالث لوصوله . وفي صباح يوم الأربعاء 19 بؤونة الموافق 26 يونيو في نحو السادسة صباحا حمل البابا صندوق الرفات وأتي به في سيارته الخاصة إلى دير الأنبا رويس الذي كان يعرف بدير الخندق والمقامة علي أرضه الكاتدرائية المرقسية الجديدة التي افتتحها البابا كيرلس بحضور الرئيس جمال عبد الناصر رئيس جمهورية مصر العربية والإمبراطور هيلاسلاسي الأول إمبراطور أثيوبيا في اليوم السابق مباشرة وأعني به الثلاثاء 18 بؤونة الموافق 15 يونيو وقد وضع البابا رفات مار مرقس علي مائدة في منتصف شرقية هيكل الكاتدرائية الجديدة . وظل كذلك طوال مدة القداس الحبري الحافل الذي رأسه البابا كيرلس السادس واشترك معه البطريرك مار أغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس وعدد من مطارنة السريان والهنود والأرمن الأرثوذكس وحضر القداس الإلهي جلالة هيلاسلاسي الأول إمبراطور أثيوبيا وعدد كبير من رؤساء الأديان ومندوبي الكنائس والطوائف من مختلف بلاد العالم وعدد من أفراد الشعب يزيد علي ستة آلاف نسمة . وبعد القداس نزل البابا في موكب رسمي يحمل صندوق الرفات إلى المزار الجميل المعد له تحت الهيكل الكبير ووضع الصندوق في جسم المذبح الرخامي القائم في وسط المزار وغطي بغطاء رخامي ومن فوقه مائدة المذبح وأنشدت فرق مختلفة ألحانا مناسبة تحية لمار مرقس بسبع لغات مختلفة أي بالقبطية والأثيوبية ، والسريانية ، والأرمنية واليونانية واللاتينية والعربية وكان يوما سعيدا من أسعد الأيام التي شهدتها مصر وكنيسة الإسكندرية والكرازة المرقسية . بركة مار مرقس الرسول تشمل الجميع ، آمين
تمجيد القديس مارمرقس الإنجيلي والشهيد
الرب الإله العظيم دبر لنا تدبير لخلاص البشريين أرسل مرقس بشير
أرسل لمصر رسول ينادى فيها بالأنجيل عرفهم سر الثالوث حتى أمنوا بالتبشير
صاروا من اهل الملكوت بعجائب شتى وأيات كم شفى من مرضى وكم اقاماموات
وكم فتح عميان وابط لعبادة الأوثان كسر جيش الشيطان وهزم كل قواه
نور حقيقى اشرق فى مصر وتخومها بعد ان كانت ظلام بالأيمان انارها
مصر زينى ابوابك لكاروز عمانوئيل اسكندرية ادعى اصحابك وتلقيه بالتهليل
تفرح مدينة نيقية والمدن الغربية وجبال افريقيا والبلاد النوبية
يفرح كل المصريين والحبشة متهللين تقول السلام للوكيل الأمين من اتاهم بالأنجيل
السلام للمبشربالحياه الأبدية مرقس ناظر الإله كاروز الديار المصرية
السلام لكاروز الأيمان المبشر العظيم السلام لتلميذ الديان مداوى كل سقيم
السلام لرسول السلام معزى المؤمنين السلام لمن قد كان راحة للمتعبين
السلام للشهيد القديس مار مرقس مبشر العهد الجديد لخلاص كل الأنفس
السلام لك يا مبدد عبادة الأوثان السلام لك يا مجدد لنا شريعة الأيمان
السلام للقديس الطاهر مرقس الأنجيلى السلام للبطل الظاهر صاحب القول المجلى
السلام لمؤسس رتبة البطريركية السلام للمثبت الأمانة الأرثوذكسية
أطلب من الديان صاحب الجود والأحسان يثبتنا فى الأيمان الأن وكل أوان
اشفع فينا يامرقس أمام الحضرة الإلهية ليخلصنا من كل دنس
تفسير اسمك فى افواه كل المؤمنين الكل يقولون يا إله مارمرقس أعنا أجمعين
|
|
|
|
25 - 11 - 2012, 01:21 PM
|
رقم المشاركة : ( 9 )
|
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: القديس مرقس الرسول كاروز الديار المصرية
ماذا فعلت الكنيسة المولودة حديثاً وسط بحر الثقافات هذا؟
رأى مارمرقس ان الاسكندرية بلد عالمى كبير ويسكنها عدد كبير من الفلاسفة والمفكرين والعلماء الذين يناقشون النظريات والاراء في مدرستهم الوثنية. فوجد لزاما عليه ان يتحدث إلى هؤلاء من خلال منهج علمى منظم فانشأ المدرسة الاكليريكية واقام عليها القديس يسطس مديرا لها. ولم يكن للمدرسة فى بادئ الأمر تلاميذ يدفعون نقوداً للحصول على التعليم المسيحى , ولكن بدأت المدرسة تعليم الموعوظين سواء لطالبى من الوثنيين أو يهود الأسكندرية فى ذلك الوقت , ولم تكتفى مهمة المدرسة فى تعليم الداخلين الجدد للمسيحية , بل لأبناء الكنيسة أيضاَ لتقوية إيمانهم بالرب يسوع ولم تلبث مدرسة الأسكندرية أن فتحت أبوابها لجميع الناس بمختلف ديانتهم وثقافتهم ومراكزهم الإجتماعية. ذهبت المدرسة إلى ابعد من ذلك لأنها قامت بتعليم الجنسين معا دون تفريق.
أختلفت الدراسة فى مدرسة الأسكندرية عن دراسة المدرسة الوثنية فقد أهتمت بالدرجة الأولى هو ربط الجياة المسيحية بدراسة المسيحية وذلك عن الحياة الإيمانية والتقوى والمحبة الحقيقية , فكانت من مؤهلات مدرسى هذه المدرسة هو الصلاة والنسك والصوم , ولم يكونوا يتناولون طعامهم غير مرة واحدة كل يوم .
وقد ذكر المؤرخون المسيحيون والمؤرخ اليهودى فيلو قائلاً عن مدرسة الأسكندرية : " كانوا جميعهم زاهدين فى الدنيا لا يكترثون بشئ من حطامها , وإنما كانوا يهتمون بالرب فقط , كانوا متحدين بمحبة صافية وفائزين بسلام الأرواح السمائية , ولم يكن بينهم فقير ولا غنى , لأن الأغنياء منهم كانوا قد أعطوا أموالهم للفقراء , لكى يفكر كل واحد فيهم فيما يجعل الأنسان غنيا بالرب , ولم يكونوا يتناولون مأكلاً سوى مرة واحدة كل يوم وذلك بعد غروب الشمس , وبعضهم كان يصوم ثلاثة ايام أو خمسة من دون أن يأكلوا شيئاً , وكان مأكلهم الخبز ومشربهم الماء لا غير "
مارمرقس الرسول وبولس الرسول (الكرازة في روما)
عندما كان بولس الرسول يُسكب سكيبا ووقت إنحلاله قد حضر ولم يكن إلى جواره غير لوقا البشير أرسل يطلب حضور مارمرقس ليكون إلى جواره يعاونه في الخدمة "لوقا وحده معي خذ مرقس واحضره معك لأنه نافع لي للخدمة" (2تي4: 11).
ظل القديس مرقس الرسول ملاصقا لبولس الرسول في خدمته "يسلم عليكم أبفراس المأسور معي في المسيح يسوع ومرقس وأرسترخس وديماس ولوقا العاملون معي" (فل24)، "يسلم عليكم أرسترخس المأسور معي ومرقس ابن أخت برنابا الذي أخذتم لأجله وصايا إن أتى إليكم فاقبلوه ويسوع المدعو يسطس الذين هم من الختان . هؤلاء هم وحدهم العاملون معي لملكوت الله" (كو4: 10، 11)
ويتضح من هذا أن مارمرقس الرسول قد ساعد بولس الرسول في تأسيس كنيسة روما وظل معه إلى أن نال بولس الرسول إكليل الشهادة حوالي سنة 67م، فرجع مارمرقس إلى الأسكندرية بعد أن ثبت الأخوة هناك بعد إستشهاد بولس.
استشهاد مارمرقس الرسول
لقد كان الوثنيون يُبغضونه بُغضاً شديداً كلما رآوا نجاح عمله فى الكرازة بالمسيح وكثرة إتباع الناس له، وكانوا يخافون خوفاً شديداً من خطر هذا الغريب الذى زعزع ديانتهم كما خشيت خطره أيضاً الحكومة الرومانية إذ كان هناك إعتقاد إنه إن ضاعت الوثنية ضاعت معها حكومتهم لذلك عقدوا النية على التخلص منه ظناً منهم أنه بقتله يَبيدون المسيحية معه وهكذا كانوا يتحينون الفرصة للفتك به.
وفى حوالي سنة 68م فى السنة الرابعة عشر لحكم نيرون الظالم فى يوم 29 برمودة حيث كان المسيحيون يحتفلون بعيد الفصح (القيامة) فى كنيسة بوكاليا وقد تصادف أن نفس ذلك اليوم كان هو يوم الإحتفال الوثني العظيم بعيد الإله سيرابيس ذي الشهرة الكبيرة الذى كان يشترك فى الإحتفال به المصريون واليونانيون على السواء، وكانت الإحتفالات تقام فى معبده وتزدان بها باقي المعابد .... وفى ذلك اليوم استشاط الوثنيون غضباً وتجمعوا لقتل مارمرقس لذلك هيج الوثنيون الشعب وأهاجوا الحكام أيضاً ضده فتجمهرت جماعة منهم وهجموا على كنيسة بوكاليا واقتحموها حيث وجدوا القديس مكملاً الذبيحة الإلهية فشتتوا المسيحيين وقبضوا على القديس مرقس، وربطوه بحبل ضخم وجروه فى الشوارع والطرقات وهم يَصيحون ((جروا التنين إلى دار البقر)) وظلوا يسحبونه بقساوة عظيمة وجسمه يرتطم بالأحجار على الأرض حتى انصبغت الأرض بدمه وتمزق لحمه وتناثر هنا وهناك وخلال ذلك كان القديس يسبح الله ويشكره على أنه جعله أهلاً لأن يتآلم من أجل اسمه؛ ولما تعبوا من جره وتعذيبه ألقوه تلك الليلة مُهشماً فى سجن مظلم إلى أن يتشاوروا بأية وسيلة يميتونه.
قضي مارمرقس تلك الليلة فى السجن مُهشم الجسد ولكن نفسه كانت عالقة بالرب فكان يُصلي فى السجن ولا يُفكر إلاَّ فى اللقاء بإلهه ولم يتركه الله وحده؛ ففي نصف الليل ظهر له ملاك ولمسه وقواه قائلاً: "يا مرقس . أيها الخادم الصالح: قد أتت ساعتك وستنال مكافئتك حالاً . تشجع فقد كتب اسمك فى سفر الحياة" فتعزى القديس ورفع يديه نحو السماء وقال: "أشكرك يا مخلصي يسوع الذى لم تتخلى عني أبداً ووضعتني فى عداد الذين نالوا رحمتك" وما أن توارى (إختفى) عنه الملاك حتى ظهر له المخلص وأعطاه السلام وقال له : "يا مرقس يا تلميذي يا إنجيلي ليكن السلام لك"
فصرخ التلميذ قائلاً: "يا سيدي يسوع" ، وعندئذ إختفت الرؤيا ففرح وتعزى واستعد قلبه لملاقاه الرب.
وفى صباح الغد 30 برمودة رجع الوثنيون مرة أخرى وأخذوا مارمرقس من السجن وربطوا عنقه بحبل غليظ وظلوا يَعيدون الكره كاليوم السايق فى سحبه وجره على أحجار وهو فى كل ذلك يصلي من أجلهم ويطلب لهم المغفرة وأخيراً استودع روحه الطاهرة فى يد الله، ونال إكليل الرسولية وإكليل البشارة وإكليل البتولية وإكليلل الشهادة .......... نال الإكليل الذي لا يضمحل.
على أن موته لم يُهديء ثائرة الوثنيين وحقدهم ففكروا فى حرقه أيضاً إمعاناً فىالتنكيل به فجمعوا حطباً كثيراً وأعدوا ناراً لحرقه ولكن فى اللحظة التى أوشكوا فيها أن يُلقوا جسده ليحترق هبت عاصفة شديدة مصحوبة بمطر غزير فتفرق الشعب وإنطفأت النيران، وأتى جماعة من المؤمنين الباسلين فأخذوا جسد أبيهم فى الإيمان وحملوه إلى كنيسة بوكاليا ووضعوه فى تابوت حيث صلى عليه خليفته القديس إنيانوس مع الإكليروس وكل الشعب وتبارك الجميع منه، ودفنوه فى قبر نحتوه له فى تلك الكنيسة فى الجانب الشرقي منها ولقبت الكنيسة باسم القديس مرقس وفى نفس مكان دفنه، إستشهد البطريرك الاسكندري القديس البابا بطرس خاتم الشهداء فى نفس المكان وبإستشهاده (البابا بطرس) إنتهى عصر الإستشهاد.
بركة صلاته فلتكن معنا جميعاً أمين رأس القديس مارمرقس الرسول
ظل جسد ورأس القديس مارمرقس الرسول معا في تابوت واحد حتى سنة 644م إلى أن حاول أحد البحارة سرقتها إبان الفتح العربي فيقول ابن السباع وهو من علماء القرن ال13:
"أحد البحارة عبر ليلاً إلى كنيسة القديس مرقس الإنجيلي التي على ساحل البحر المالح المعروفة بالمعارة فنزل إليها فوجد تابوت القديس مرقس فتوهم أن فيه ذهباً، فوضع يده في التابوت فوقعت على الرأس فأخذها في الليل وأخفاها في خُن المركب، وعندما عزم عمرو بن العاص على المسير تقدمت المراكب كلها وخرجت من الميناء ماعدا المركب التي كان يوجد بها الرأس المقدس مخبأ فيها، فإن هذه المركب لم تستطع مغادرة الميناء إطلاقا على الرغم من كل محاولات البحارين في بذل جهدهم لإخراجها عند ذلك علموا أن في الأمر سراً فأمر عمرو بن العاص بتفتيشها (وفي سنكسار 8 طوبة يُقال أن هذا السارق خاف فإعترف قبل عملية التفتيش) فوجدوا الرأس في تلك المركب مخبأة فأخرجوها فخرجت المركب حالا وحدها ففهم عمرو بن العاص وكل من معه وللوقت استحضر من كان سببا في تخبئه هذه الرأس فاعترف بعد وقت بسرقتها فضربه وأهانه ثم سأل عمرو بن العاص عن بابا الأقباط وكان في حاله هروبه إلى الصعيد (هو البابا بينيامين ال38 وكان هاربا من إضطهاد الملكيين وظل 13 عام بعيداً عن كرسيه قبل الفتح العربي) فكتب له عمرو خطابا بخط يده يطمئنه فحضر البابا واستلم منه الرأس بعد ما قص عليه ما حصل، وبجله عمرو وعظمه وأعطاه 10 آلاف دينار برسم بناء كنيسة عظيمة على صاحب هذه الرأس فبنى هذه الكنيسة بالأسكندرية المعروفة بالمعلقة الكائنة في شارع المسلة بالثغر واستقر الرأس فيها ودُفن إلى القرن ال13 ، وفي خلال القرن ال11 وحتى ال14 تنقل رأس القديس مارمرقس في كثير من بيوت أعيان الأقباط بالأسكندرية وربما كان ذلك محاولة لإخفائها عن أعين الحكام الذين كانوا يفتشون عنها سعياً وراء المال يأخذونه من الأقباط أو يبيعونها للروم الملكيين فكانت بيوت الأعيان أضمن من الكنيسة أو مكان إقامة البطريرك فى اخفاء الرأس لأنها غير معروفة.
فكيف يمكن القول أنها ظلت مدفونة إلى القرن ال13 ؟ نقول أن موضعها الأصلي هو الكنيسة فإذا ثارت موجة من الاضطهاد خشى فيها على رأس القديس أو حدث طاريء ما سبب خطراً معيناً عليها عند ذلك تودع فى بيوت الأعيان وتظل قائمة حتي تهدأ الأمور مرة أخرى إلى الكنيسة.
على أن آخر خبر وصل إلينا من جهة رأس القديس مرقس كان في سيرة البابا بطرس السادس ال104، وبعده أي من بداية القرن ال18 بطل طقس إحتضان الباباوات لرأس مارمرقس عقب رسامتهم وإلباسهم كسوة جديدة ولم نعد نسمع أو نبصر شيئاً من جهة رأس مارمرقس ويقول الشماس "كامل صالح نخلة" في كتابه عن مارمرقس ص122 "وقد علمت من شيوخ الأقباط المتأصلين أي الأرثوذكسيين في الأسكندرية وحسبما تسلمه الآباء عن الأجداد أن الرأس الطاهرة وُضعت مع جماجم أخرى خاصة بالقديسين في جرن من الرخام ووضعت في مكانها المذكور بالجهة البحرية الشرقية بالكنيسة المرقسية الحالية بالأسكندرية التي تُعرف بالمقصورة حتى لا يمكن الإهتداء إليها ولا تمتد يد السُرَّاق لسرقتها.
سرقة جسد مارمرقس
يروي ابن كبر عن جسد القديس مرقس فيقول:
"لم يزل مدفونا بالبيعة الشرقية على شاطئ البحر بالأسكندرية إلى أن تحايل بعض الفرنج البنادقة (الإيطاليين) وسرقوا الجسد وتركوا الرأس وتوجهوا بالجسد إلى البندقية والسبب في أنهم لم يسرقوا الرأس أن الرأس لم تكن مع الجسد وإنما في حوزه الأقباط وقد تمت حادثة السرقة هذه حوالي سنة828م أو 829م وبعد سنين عدة وحوارات ومباحثات كثيرة شاءت العناية الإلهية أن يرجع لنا جسد كاروزنا مارمرقس الرسول في أيام حبرية قداسة البابا كيرلس السادس(116) وقد تسلم قداسة البابا كيرلس السادس فى مطار القاهرة فى يوم 24 يونية 1968م رفات كاروزنا مارمرقس الرسول. هل إنجيل مرقس هو مذكرات بطرس؟
هناك رأي غريب منتشر في الأوساط الغربية، مؤداه أن بطرس الرسول بشر في روما ومعه مارمرقس (تلميذه، كاتبه، سكرتيره، ترجمانه حسبما تقول تلك الروايات!) وأن بطرس الرسول لم يكتب إنجيلا فتوسل أهل روما إلى مارمرقس فكتب لهم العطات التي سمعها من القديس بطرس أو كتب ما أملاه عليه بطرس ولذلك يسمون إنجيل مرقس "مذكرات بطرس" !!!
وأصحاب هذا الرأي يحاولون تأييده بشهادات من الخارج منسوبه إلى بعض الآباء في القرون الأولى وبأدلة من داخل الإنجيل نفسه الذي يقولون أنه أظهر ضعفات بطرس وأخفى ما يمجده تواضعاً من القديس بطرس صاحب الإنجيل الحقيقي.
أول رواية منسوبة للآباء في هذا المجال هي رواية بابياس التي تقول أن أهل روما طلبوا من مرقس أن يترك لهم أثرا مكتوبا عن التعالي التي سبقت أن وصلتهم شفاها من بطرس! فكتب بدون ترتيب كل ما تذكره عن ما قاله المسيح أو فعله لأنه لا سمع الرب ولا تبعه ولكنه فيما بعد تبع بطرس الرسول!!!!!!
لو صدقنا هذه الرواية في أن مرقس لا سمع الرب ولا تبعه كان لزاما علينا أن نكذب عقيدة كنيستنا في مارمرقس ، إذ تلقبه ناظر الإله والرسول وتعتقد أنه كان واحد من السبعين، ويجُمع علماء الكتاب على أنه الشاب الذي تبع الرب ليلة القبض عليه وكان يلبس إزارا على عريه (مرقس14) ما أغرب هذا الكلام أن مارمرقس لا سمع الرب ولا تبعه !!! كيف هذا وقد كانت أمه إحدى المريمات اللائي تبعن المسيح وفي بيته صنع الرب الفصح وفيه غسل أرجل التلاميذ وفيه سلمهم جسد ه ودمه وألقى خطابه عليهم. إن ربع إنجيل يوحنا تقريبا يختص بحديث الرب وعمله في بيت مارمرقس (يو13-17).
مرقس الرسول في القداس
صلاة البركة: تكاد لا تخلوا صلاة في الكنيسة من اسم القديس مرقس فاسمه يُذكر في صلاو البركة التي نختم بها إجتماعاتنا، هذه الصلاو التي نقولها بعد رفع بخور عشية وبعد رفع بخور باكر وفي نهاية القداس بعد التناول، وفي نهاية كل صلاة طقسية وكل إجتماع والتي نبدأها "بالسؤالات والطلبات التي تصنعها عنا كل حين سيدتنا كلنا والدة الإله القديسة الطاهرة مريم وناظر الإله الإنجيلي مرقس الرسول القديس والشهيد" ذاكرين هذه العبارة خمس صفات أساسية لهذا القديس العظيم.
صلاة التحليل: وفي تحليل الخدام الذي يُقال بعد رفع الحمل يطلب الكاهن الحل للكهنة والخدام والشمامسة والإكليروس وكل الشعب "من فم الثالوث الأقدس ..... ومن فم الكنيسة ..... ومن أفواه الإثنى عشر رسولا ومن فم ناظر الإله الإنجيلي مرقس الرسول القديس والشهيد ..." بنفس الصفات الواردة في صلاة البركة.
مواضع أخرى في القداس: نطلب شفاعته في الهيتينيات قائلين "بصلوات ناظر الإله الإنجيلي مرقس الرسول يا رب أنعم علينا بمغفرة خطايانا"، وله مرد في الإبركسيس أوله "شيري ناك أوبي مارتيروس" "السلام لك أيها الشهيد السلام للإنجيلي السلام للرسل مارمرقس ناظر الإله"، ونذكره أيضا في صلاة المجمع قائلين: "وناظر الإله الإنجيلي مرقس الرسول القديس والشهيد". مرقس الرسول في صلوات الأجبية والتسبحة
صلاة الأجبية: في ختام تحليل نصف الليل للكهنة يُقال: "بشفاعة ذات الشفاعات معدن الطهر والجود والبركات سيدتنا كلنا وفخر جنسنا العذراء البتول الزكية مرتمريم، والشهيد الكريم مامرقس الإنجليلي الرسول كاروز الديار المصرية وكافة الملائكة والآباء والأنبياء والرسل والشهداء والقديسين والسواح والعباد والنُسَّاك المجاهدين".
صلوات التسبحة: في تسبحة نصف الليل له ربع يٌقال فيه "اطلب من الرب عنا أيها الناظر الإله الإنجيلي مرقس الرسول ليغفر لنا خطايانا كما تٌقال له ذكصولوجية من الذكصولوجيات نقول في بدايتها: "يا مرقس الرسول والإنجيلي الشاهد لآلام الإله الوحيد"، كما له أيضاً ربع من أرباع الناقوس الذي يُقال بعد صلاة رفع بخور عشية وباكر كما له أيضاً ذكصولوجية تقال بعد أوشية الراقدين أو المرضى والمسافرين.
وفى ذكصولوجية آدام فى باكر التى تقال بعد مزامير باكر له ربع يقال فيه:"السلام لأبينا مرقس الإنجيلي مبدد الأوثان" وله فى هذه الذكصولوجية ربع آخر أوله: "أيها المبشر العظيم فى كورة مصر مرقس الرسول مُدبرها الأول. ناظر الإله الإنجيلي مرقس الرسول القديس والشهيد
إننا مدينون بإيماننا لهذا القديس العظيم الذي كرز في بلادنا باسم المسيح، وسفك دمه الطاهر على أرضنا من أجل توصيل كلمة الرب إلينا ونحن مدينون أيضا لهذ القديس الذي كان أو من كتب لنا إنجيلاً يسجل فيه حياة السيد المسيح وأعماله وفداءه للبشرية.
ونحن مينون لذها القديس الذي تسمت أول كنيسة في بلادنا على اسمه وفيها دُفن جسده الطاهر ومن عند ذلك الجسد كان البطاركة يُختارون وكان أول عمل لهم هو التبرك بقبره وإحتضان رأسه الطاهرة وإلباسها كسوة جديدة، هذا القديس العظيم الذي بشر باسم المسيح في مصر وليبيا وقبرص وفي بعض بلاد أسيا وفي روما وبعض بالد أوروبا وتكرمه كثيرا ڤينسيا وتلتمس بركاته مدن وبلاد عديدة هذا الرسول والكاروز والإنجيلي والشهيد ناظر الإله الذي كان بيته أول كنيسة في العالم (أع12: 12) وفي بيته أسس الرب سر الإفخارستيا وفيه أيضا حل الروح القدس على التلاميذ هذا القديس صانع الكثير من المعجزاتالذي يُرمز إليه بأسد وهذا الأسد أيضا هو رمز إنجيله وطابعه.
كم كان أشد تقصيرنا نحو هذا القديس العظيم في الماضي ولكننا الآن نحول بكل ما نستطيع أن نكرمه من كل قلوبنا كآبٍ لجميعنا.
استقبلنا رفاته بإحتفال عظيم وبيننا الكاتدرائية الكبرى على اسمه وكثرت على اسمه الكنائس الجديدة في كل موضع وبخاصة في بلاد المهجر حيث يفتخر أبنائنا في الخارج بأنهم أبناء هذا الكاروز العظيم وأُطلق اسمه على أول أسقف لنا في فرنسا وأصبحت أعياده ذكرة طيبة تبعث في القلب إحساسات عميقة.
على أن أجمل ما نقدمه لهذا الكاروز العظيم هو أن نتبع طريقه، ونُكمِّل عمله في الكرازة والتبشير تمذكرين جهاده من أجل الإيمان وأسفاره الكثيره وخدماته في قارات العالم الثلاث وقت ذاك وتعبه في وهو يسير المسافات الطولية ماشيا على قدمية حتى تمزق حذاءه، فلتكن روحه معنا وليعطنا الرب أن نسير مع هذا الرسول على الطريق فلا نفتخر باطلا بأننا أبناء القديسين دون أن نعمل عملهم مكملين رسالتهم.
قداسة البابا شنودة الثالث بيت مرقس
لا يوجد بيت نال شهرة أكثر من بيت مار مرقس: فيه أكل السيد المسيح الفصح مع تلاميذه، وفيه غسل أرجلهم، وفيه أعطاهم عهده جسده ودمه الأقدسين وفيه إختفى التلاميذ قبيل القيامة، وفيه حل الروح القدس على التلاميذ وتكلموا بألسنة كما كان هذا البيت العظيم هو أول كنيسة مسيحية في العالم وإحدى قاعاته هي علية صهيون المشهورة وكما تورد هذه الحقائق جميعا كل مراجعنا القبطية التاريخية كذلك تؤكدها كتب الكاثوليك والبروتستانت وكافة الطوائط الأخرى.
لأن السيد المسيح صنع الفصح في بيت مارمرقس لذلم أجمع العلماء على أن مارمرقس كان هو الرجل حامل جرة الماء الذي عناه الرب بقوله لتلميذيه: "اذهبا إلى المدينة فيلاقيكما إنسان حامل جرة ماء اتبعاه، وحيثما يدخل فقولا لرب البيت إن المعلم يقول أين المنزل حيث آكل الفصح مع تلميذي. فهو يريكما علية كبيرة مفروشة معدة" (مر 14: 13-15)؛ (لو22: 10-12).
هذه العلية التي في بيت مارمرقس هي التي كان يجتمع فيها تلاميذ الرب "يواظبون بنفس واحدة على الصلاة والطلبة مع النساء ومريم أم يسوع ومع أخوته" وهي التي قصدها الكتاب بقوله "ولما دخلوا صعدوا إلى العلية التي كان يقيمون فيها" (أع1: 13-14).
وفي هذه العلية حيث كانوا مجتمعين حل عليهم الروح القدس (أع2) وبالتالي يكون هذا البيت المقدس قد شهد بدء قيام الكنيسة الأولى.
يُجمِع جميع مؤرخي الأقباط في كافة عصورهم على أن مارمرقس كان من السبعين رسولا الذين ذكرهم لوقا الإنجيلي (لو10) وذكر هذه الحقيقية أيضا المقريزي (من مؤرخي المسلمين في العصور الوسطى) .
معلومات عن مارمرقس ناظر الأله
مار مرقس ( وإسمه الأصلى يوحنا ) هو أحد الإنجيليين الأربعه و لم يكن من الإثنى عشر تلميذاًو أصله يهودى من سكان الخمس مدن الغربية ... هاجر والده أرسطو بولس و مريم إلى فلسطين موطن أجدادهم و سكنا أورشاليم فى وقت ظهور السيد المسيح .
كان من أوائل الذين قبلوا دعوته فإختاره من جملة السبعين رسولاً و قد إجتمعت تقاليد المسيحية على أن الرب يسوع كان يتردد على بيته ... و أنه فى هذا البيت أكل الفصح مع تلاميذه ، و فى إحدى غرفه حل الروح القدس على التلاميذ يوم الخمسين. و جاء فى سفر أعمال الرسل أن الرسل بعد الصعود كانوا يجتمعون فى بيته ( أع 12 : 12 )
رافق مار مرقس بولس الرسول و برنابا ( خاله ) إلى أنطاكية سنة 45 م وذهب معهم إلى قبرص ثم إلى بعض جهات أسيا الصغرى و لما جاءوا إلى برجة بمفيليه تركهما هناك و عاد إلى أورشاليم . و قد ذهب مرة ثانية مع خاله برنابا إلى قبرص و هناك إفترقا فقصد مار مرقس شمالى إفريقيا وحده حيث بشر الخمس مدن الغربية سنة 52 م ثم غادرها إلى الأسكندرية سنة 60 م و أخذ يبشر فيها بالمسيح .
لم تكن أخبار المسيحية مجهولة من أهل الأسكندرية قبل أن يذهب إليها مار مرقس لأن بعضهم حضر حلول الروح القدس على التلاميذ فى يوم الخمسين و لما عادوا إلى الأسكندرية خَّبروا بما سمعوا وبما رأوا . و كانت الأسكندرية مأهولة بعدد كبير من اليهود و اليونانيين ، هذا بالإضافة إلى المصريين فظل القديس مار مرقس يسير فى شوارع الأسكندرية حتى تمزق حذاؤه فدخل إلى إنيانوس الإسكافى ليصلحه و أثناء ذلك أُصيب بالمخراز فصرخ من الألم " يس ثيؤس " أى يا الله الواحد ... فانتهز مار مرقس هذه الفرصة و بعد ما أبرأ له جرحه أخذ فى الحال يعلمه عن هذا الإله الحى الواحد . و كان هذا سبب التعارف بينهما فدعاه الإسكافى إلى بيته و جمع أصحابه و جيرانه فبشرهم بالمسيح و عمدهم بما آمنوا ... و بهذه الخميرة الصغيرة إختمر العجين كله بمصر ، و سرعان ما نمت الكنيسة فرسم مار مرقس إنيانوس أسقفاً و أقام معه قسوساً و شمامسة ووضع لهم قداساً و هو الذى يعرف الآن بالقداس الكيرلسى نسبة للبابا كيرلس عمود الدين الذى دونه و رتبه فى صورته الحالية .
|
|
|
|
أدوات الموضوع |
|
انواع عرض الموضوع |
العرض العادي
|
الساعة الآن 03:18 AM
|