رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الوَزَنات على صعيد الأمانة في استثمارها يُعلمنا مثل الوَزَنات أولا أنَّ كل المواهب والقيم والثَّروة التي بين أيدينا تعود لله؛ حيث يثق الله بنا ويُسلمنا إياها "فأَعْطى أَحَدَهم خَمسَ وَزَنات والثَّانيَ وَزْنَتَين والآخَرَ وَزْنَة واحدة" (متى 25: 15)، وهي وديعة لدينا، ويُريدنا أن نتحمل مَسْؤوُلِيَّة حياتنا بأنفسنا. وينتظر الله مِنَّا أن نقوم ببعض المُبادرات لاستثمارها. ويعلق المجمع الفاتيكانيّ الثاني " أمام هذا المشروع، كثيرة هي الأسئلة التي تُطرح بين النّاس: ما معنى هذا العمل والكدّ؟ وما قيمته؟ كيف نستعمل كل هذه الثّروات؟ إنّ المؤمنين لَمتأكدون من شيءٍ وهو أن النشاط الإنسانيّ يتجاوب وتصميم الله لتحسين أوضاع حياتهم ويتمجَّد اسم الله"(فرح ورجاء": دستور رعائي في الكنيسة في عالم اليوم، الأعداد 33-35). ربما نلاحظ عدم المُساواة في توزيع الحِصص، ولكن هناك مُساواة في منح الفُرص والإمكانات، إنَّه يطالب "كُلاًّ مِنهم على قَدْرِ طاقَتِه" (متى 25: 15). فمن استثمر وزنتين يُكافا مكافأة متساوية مع الذي استثمر الوَزَنات الخَمْس، وهي دخول نعيم سَيِّده: " أَحسَنتَ أَيُّها الخَادِمُ الصَّالِحُ الأَمين! كُنتَ أَمينًا على القَليل، فسأُقيمُكَ على الكَثير: أُدخُلْ نَعيمَ سَيِّدِكَ " (متى 25: 21). ونجح الخَادِمان في استثمار وَزَناتهم لأنهما عرفا أن سَيِّدهما شخصًا مُعطاءً (متى 25: 20، 22) فبادلاه بالمِثل. ونعلم من الكتاب المقدس أنَّ الرَّبّ سيأتي ثانية للدَّينونة؛ وهذا لا يعني أن نكفَّ عن أشغالنا لنخدم الله، بل أن نستخدم أوقاتنا ووَزَناتنا ومواهبنا بكل اجتهاد لنخدم الله في كل ما نفعله. ينبغي أن نستخدم ذكائنا وطاقاتنا وإمكانياتنا ومواهبنا في تقدّم البشرية جمعاء كي تنمو وتخصب وتكثر، كما فعل بولس الرَّسول إذ يقول: " أَفتَخِرَ يَومَ المسيح بِأَنِّي ما سَعَيتُ عَبَثًا ولا جَهَدتُ عَبَثًا" "(فيلبي 2: 16). يُعلمنا مثل الوَزَنات ثانيًا عدم التَّشبه بالخَادِم الثَّالث الأخير الذي لم يفكر إلاَّ في نفسه، ولم يَقُمْ بأيِّ جَهدٍ لاستثمار الوَزْنَة التي سُلمت إليه فيُمجِّد بها الله. قام بحراستها ولم يستثمرها، قام بذلك بدافع الخَوف (متى 25: 25) النَّابع من معرفة مغلوطة لسَيِّده وانعدام الثِّقة به. وهكذا اخذ يبرَّر كسله بالطَّعن في سلوك سَيِّده والانتقاد الذي وجَّهه إليه ووصفه بشخص طمّاعٍ (متى 25: 24). ولزم جانب الأمان وحماية نفسه من سَيِّده القاسي الشَّديد، فحُكم عليه التَّقوقع على نفسه. إنه يعاني من عدم الثِّقة في نفسه، ويشعر نفسه أنه أضعف من أن يؤدِّي عملا كبيراً، ويجد المُبرِّرات لعجزه عن بلوغ الهدف؛ فالعَالَم بحاجة إلى صاحب الوَزْنَة الواحدة كما هو بحاجة إلى صاحب الوَزَنات الخَمْس. فكلٌّ من المؤمنين يبني في جسد الكنيسة كل منهم بحسب مقدار مواهبه ونوعها. ولكن لا بدَّ في الإدَّاء أن يُكمِّل الواحد الآخر (أفسس 4: 11-16)؛ وفي هذا الأمر، صدق إبراهيم لنكولن، رئيس الولايات المتحدة، حين قال "إنَّ الله يحب عامة الشَّعب لأنه خلق الأغلبية منه. إنَّنا في حاجة ماسة إلى الإنسان العادي الذي يؤدي عمله اليومي عن رضاء وضمير صالح مغتبط"؛ فالرَّجُل صاحب الوَزَنات الخَمْس لن يقدر أن يفعل شيئا بدون تعاون صاحب الوزنتين أو الوَزْنَة الواحدة. يُعلمنا مثل الوَزَنات ثالثًا وجوب العمل بكل قوانا وانتهاز كل فرصة لنا في خدمة الرَّبّ، وفي هذا الصدد يقول صاحب الجامعة " أكُلُّ ما تَصِلُ إِلَيه يَدُكَ مِن عَمَل فاْعمَلْه بِقوّتكَ فإِنَّه لا عمل ولا حُسْبانَ ولا عِلمَ ولا حِكمَةَ في مَثْوى الأَمْواتِ الَّذي أَنتَ صائرٌ إِلَيه" (الجامعة 9: 10). ويوصي بولس الرسول " كونوا إِذًا، يا إِخوَتي الأَحِبَّاء، ثابِتينَ راسِخين، مُتَقَدِّمينَ في عَمَلِ الرَّبّ دائِمًا، عَالَمينَ أَنَّ جَهْدَكُم لا يَذهَبُ سُدً ى عِندَ الرَّبّ" (1 قورنتس 15: 58). ولا يجوز أن نلتمس الأعذار لتجنب ما دعانا الله إلى عمله. فان كان الله هو سيدنا حقًا، فيجب أن نطيعه عن رغبةٍ، فأوقاتنا وقدراتنا وكلُّ ما لنا، ليست لنا في المقام الأول، بل نحن وكلاء، ولسنا مالكين، فنحن خدمةٌ، وليس أسياد، فعندما نتجاهل أو نُبدِّد أو نسيء استخدام ما أُعطي إلينا نستحق عقاب الدَّينونة. ولذلك يدعونا الله من خلال مثل الوَزَنات إلى العمل، لاستغلال كل طاقاتنا وإمكانياتنا بحيث لا نسمح لأنفسنا إضاعتها مثل الخَادِم الشِّرِّير الكسلان البَطَّال، بل علينا الجَد والاجتهاد ليُثمر الإيمَان فينا. يُعلمنا مثل الوَزَنات أخيرًا بان نجاهد ونجتهد من أجل أن يثمر الإيمَان فينا. فالإيمَان من غير أعمال عقيم. فعلينا أن نُقرِّر مستقبلنا بأيدينا بحيث تُثمر المواهب التي أعطيت لنا. فإن لم نستخدم المواهب، نُحرم منها ونُصبح فارغي الأيدي يوم الدَّينونة على مثال الخَادِم الثَّالث الذي اخذ وَزْنَة واحدة. ما كان يَهُمُّه خلاصَ نفسه، فلم يقم بعمل أيِّ شيء يستفيد منه للمستقبل، بل نسي أنّ سَيِّده سيعود ليُحاسبه عَمّا صنع بماله، فهو سيظهر فارغ اليدين أمام الدَّيان. فالمطلوب أن نستغلَّ مواهبنا كي نكنز لنا كنوزًا في السَّماء "لا تَكنِزوا لأنفُسِكم كُنوزًا في الأرض. بلِ اكنِزوا لأنفُسِكم كُنوزًا في السَّماء" (متى 6: 19). ومن هذا المنطلق، يتوجب علينا السَّهر منتظرين مجيء الرَّبّ ليس بأيد مكتوفة فارغة، بل باستثمار كل مواهبنا ومسؤولياتنا. إنَّه وقت العمل لأجل الله واستثمار ما ائتُمِنَّا عليه، إنه الوقت الذي علينا أن نبقى فيه أمناء "على القَليل ليقيمنا على الكَثير" (متى 25: 21). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|