26 - 12 - 2022, 06:43 PM | رقم المشاركة : ( 81 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب صانع الخيرات 100 رسالة تعزية للمتضايقين - القس بيشوي فايق
أنِرْ عينيَّ رأى معلمنا بولس الرسول الرب يسوع المسيح وهو في طريقه إلى دمشق، وتأثر جدًا بشخصه المبارك، فتغيرت حياته من تلك اللحظة، كقوله: "فَقَاَلَ وَهُوَ مُرْتَعِدٌ وَمُتَحَيِّرٌ: يَارَبُّ، مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ؟ فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: قُمْ وَادْخُلِ الْمَدِينَةَ فَيُقَالَ لَكَ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلَ" (أع9: 6). لم ينتهي الأمر عند رؤية شاول الطرسوسي للرب في الطريق إلى دمشق، لكن الرب أعلن ذاته لبولس الرسول من خلال إعلانات روحية كثيرة. لقد التهب قلب بولس الرسول بالحب الفائق، الذي لا يعطله جوع أو عري أو شدة أو سيف أو... إن رؤية أو معاينة الرب لها تأثير جبار على النفس البشرية، وهي سرٌّ عظيم يحتاج لإعلان إلهي، كقول الرب لبطرس الرسول: "فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ، لكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ" (مت16: 17). يعلن الرب أسراره لطالبيه وخائفيه، فتلتهب قلوبهم حبًا وشوقًا له. لقد امتلأ قلب داود النبي بمشاعر فياضة نتيجة لإعلان الله له عن ذاته فعبر عن ذلك، بقوله: "فَاضَ قَلْبِي" ووصف لسانه الذي ترنم لله بقلم كاتبٍ ماهرٍ. وعندما حارَ في وصف عظمة جلال الرب، قال عنه: "أَنْتَ أَبْرَعُ جَمَالًا مِنْ بَنِي الْبَشَرِ. انْسَكَبَتِ النِّعْمَةُ عَلَى شَفَتَيْكَ، لِذلِكَ بَارَكَكَ اللهُ إِلَى الأَبَدِ" (مز45: 2). إن الإعلانات الإلهية ليست بالضرورة رؤى سماوية، لكنها معرفة روحية عميقة، وهي من نصيب الراغبين الطالبين لله من القلب، كقول الرب: "... كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي. وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ مَنْ هُوَ الابْنُ إِلاَّ الآبُ، وَلاَ مَنْ هُوَ الآبُ إِلاَّ الابْنُ، وَمَنْ أَرَادَ الابْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ" (لو10: 22)، فالإعلانات السماوية إذًا ليست مجرد معرفة نظرية، لكنها إدراك روحي مصحوب بمشاعر روحية عميقة، فقد يشعر الإنسان بعظمة الخالق، فيجد نفسه في حالة الفرح والشكر العميق، أو يمتلئ قلبه بالخشوع بسبب إدراكه لهيبة وعظمة الله، أو بمشاعر عميقة نحو حب الله للإنسان على الصليب، أو يشعر بإيمان ويقين أكيد بقدرة الله أو... أو... إن الرب يسند ضعفنا بإعلاناته الإلهية، لكي تلتهب قلوبنا فنتمكن من المضي في الطريق غالبين المعوقات المعاكسة. لقد ترجى داود النبي الرب لكي ينعم عليه بنوره (إعلان ذاته له). لئلا يهلك كقوله: "انْظُرْ وَاسْتَجِبْ لِي يَا رَبُّ إِلهِي. أَنِرْ عَيْنَيَّ لِئَلاَّ أَنَامَ نَوْمَ الْمَوْتِ" (مز13: 3). فهل تترجي يا أخي الرب دائمًا، لكي ينير عينيك فتجري في طريق الحياة؟. |
||||
26 - 12 - 2022, 06:45 PM | رقم المشاركة : ( 82 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب صانع الخيرات 100 رسالة تعزية للمتضايقين - القس بيشوي فايق
عون من لا عون له غارت راحيل من ليئة ضرتها، لأنها ولدت بنين، بينما كانت هي عاقرًا، فذهبت وهي مُرّة النفس لتتشاجر مع يعقوب زوجها، كقول الكتاب: "فَلَمَّا رَأَتْ رَاحِيلُ أَنَّهَا لَمْ تَلِدْ لِيَعْقُوبَ، غَارَتْ رَاحِيلُ مِنْ أُخْتِهَا، وَقَالَتْ لِيَعْقُوبَ: "هَبْ لِي بَنِينَ، وَإِلاَّ فَأَنَا أَمُوتُ!" (تك 30: 1). ولكن يعقوب رفض طلبها، وبين لها أن حلّ مشكلتها ليس في مقدرته، إنما هو أمر يخص الله ذاته، كقوله: "فَحَمِيَ غَضَبُ يَعْقُوبَ عَلَى رَاحِيلَ وَقَالَ: أَلَعَلِّي مَكَانَ اللهِ الَّذِي مَنَعَ عَنْكِ ثَمْرَةَ الْبَطْنِ؟" (تك 30: 2). لقد أعطى الله الإنسان قدرة على إتمام الكثير من الأعمال، ومع هذا فالإنسان ضعيف، محدود في قدراته، أما الله فهو كلي القدرة، كقوله: "هأَنَذَا الرَّبُّ إِلهُ كُلِّ ذِي جَسَدٍ. هَلْ يَعْسُرُ عَلَيَّ أَمْرٌ مَا؟" (إر 32: 27). يخطئ البشر عندما يعشَمون كثيرًا في مساندة إخوتهم لهم. وعندما لا ينالون معونة منهم يصابون بخيبة أمل فيهم، وقد لا يغفرون لهم تقصيرهم في حقهم. لقد تحاور والد غلام به روح نجس ومعه جمع من كتبة اليهود مع تلاميذ الرب يسوع المسيح، لأنهم لم يقدروا أن يخرجوا الروح النجس من الغلام، فلما أتى الرب إليهم أخبره والد الصبي بأن التلاميذ لم يقدروا أن يخرجوا الروح النجس من ابنه، ولكن الرب شفاه، كقول الكتاب: "فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أَنَّ الْجَمْعَ يَتَرَاكَضُونَ، انْتَهَرَ الرُّوحَ النَّجِسَ قَائِلًا لَهُ: أَيُّهَا الرُّوحُ الأَخْرَسُ الأَصَمُّ، أَنَا آمُرُكَ: اخْرُجْ مِنْهُ وَلاَ تَدْخُلْهُ أَيْضًا!" (مر 9: 25). القارئ العزيز... لا ترتبك وقت الشدة لأنك لم تجد معونة من أحبائك، ولا تلومهم. لا تضيع وقتك كثيرًا في لوم من كنت تعشم في مساعدتهم لك. لأنك إن فعلت ذلك سيمتلئ قلبك بالألم والمرارة من الناس، وقد تنسى -وسط غضبك منهم- أن تلجأ لله السند الحقيقي، الذي يجب الاتكال عليه، كقول الكتاب: "فِي يَوْمِ خَوْفِي، أَنَا عَلَيْكَ أَتَّكِلُ" (مز56: 3). لقد اختبر معلمنا بولس الرسول -أثناء محاكمته الأولى- يد الله القوية التي سندته، عندما تخلى عنه جميع أحبائه، ولكنه مع هذا صفح لهم تقصيرهم في حَقِهِ، كقوله: "فِي احْتِجَاجِي الأَوَّلِ لَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ مَعِي، بَلِ الْجَمِيعُ تَرَكُونِي. لاَ يُحْسَبْ عَلَيْهِمْ. وَلكِنَّ الرَّبَّ وَقَفَ مَعِي وَقَوَّانِي، لِكَيْ تُتَمَّ بِي الْكِرَازَةُ، وَيَسْمَعَ جَمِيعُ الأُمَمِ، فَأُنْقِذْتُ مِنْ فَمِ الأَسَدِ" (2تي4: 16- 17). فياليتنا لا نعشم كثيرًا في معونة البشر، ولا ننشغل بلوم مَن لم يقدم لنا معونة وقت الشدة، ولكن علينا بالحري التعلق بالله القادر، عون من لاعون له ورجاء من لا رجاء له. |
||||
03 - 01 - 2023, 10:36 AM | رقم المشاركة : ( 83 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب صانع الخيرات 100 رسالة تعزية للمتضايقين - القس بيشوي فايق
فرحَ الرَّب.. قوتك لا يمكن أن يتمتع الإنسان بالقوة وهو حزينًا، لأن الحزن يُضعف الهَمَّم ويطفئ الحماس، فإذا كثر الحزن دخلت الكآبة لنفس الإنسان، فيفقد الرغبة والإرادة في العمل ويغلبه اليأس، كقوله: "... تُعَزُّونَهُ، لِئَلاَّ يُبْتَلَعَ مِثْلُ هذَا مِنَ الْحُزْنِ الْمُفْرِطِ" (2كو 2: 7). أما الفرح فَيُوَلِّد في الإنسان أملًا وقوة وقدرة، كقوله: "... لأَنَّ الْيَوْمَ إِنَّمَا هُوَ مُقَدَّسٌ لِسَيِّدِنَا. وَلاَ تَحْزَنُوا، لأَنَّ فَرَحَ الرَّبِّ هُوَ قُوَّتُكُمْ" (نح 8: 10). لقد خلق الله الإنسان ووضعه في جنة أسماها "عدن" أي: "جنة الفرح"، وَهَيَّأ له فيها كل أسباب الفرح؛ من أشجار مبهجة ذات ثمار، وأشكال مختلفة وألوان جميلة، وخلق له الحيوانات النافعة العجيبة في تنوعها، وهي التي تشهد بقدرة الله وحكمته الفائقة، وخلق له أيضًا السماء الزرقاء الصافية التي تنساب فيها السحب وغيرها... وبالرغم من الخطية والألم الذي اقتحم العالم بسبب شر الإنسان إلا أن الله ما زال يقدم للإنسان أمور كثيرة مفرحة ليعزيه، ويخلصه من غمّه كما فعل مع يونان النبي، كقوله: "فَأَعَدَّ الرَّبُّ الإِلهُ يَقْطِينَةً فَارْتَفَعَتْ فَوْقَ يُونَانَ لِتَكُونَ ظِلاُ عَلَى رَأْسِهِ، لِكَيْ يُخَلِّصَهُ مِنْ غَمِّهِ. فَفَرِحَ يُونَانُ مِنْ أَجْلِ الْيَقْطِينَةِ فَرَحًا عَظِيمًا" (يون 4: 6). إن الله يهيئ للبشر وخاصة المتضايقين منهم خيرًا كثيرًا ليغلبوا الظروف القاسية التي أصابتهم، فيبعد عنهم اليأس، فقد يكون الإنسان مثلًا مريضًا أو يمر بضائقة مادية أو واقع تحت ظلم متجبر، لكن الله الصالح يحيطه بتعزيته (خيره) ليسنده ويخلصه من غمّه. إنني لا يمكنني أن أعدد لكل إنسان تعزيات الله له، لكن كل إنسان يمكنه أن يكتشف أمثال هذه الخيرات الموهوبة له إذا أراد ذلك. لقد اقترب أحد الرهبان من مسكين يسكن الصحراء في العراء، فوجده يصلي ويشكر الله، الذي لم يهبه غطاء يحميه من البرد، ولكنه وهبه جلد يحتمل البرد. القارئ العزيز... إن اكتشافك لمحبة الله لك من خلال عطاياه واهتمامه بك وقت الشدة يعزيك، ويفرج عنك ضيقك، وينقلك من الحزن للفرح، وعندئذ سيشرق الله عليك بنور أمل جديد وسط ضيقك، لأنه إله الرجاء الذي يعزي المتضايقين والمتألمين، كقوله: "لأَنَّهُ كَمَا تَكْثُرُ آلاَمُ الْمَسِيحِ فِينَا، كَذلِكَ بِالْمَسِيحِ تَكْثُرُ تَعْزِيَتُنَا أَيْضًا" (2كو1: 5). فلا تستسلم للأحزان، وتغلق عينيك عما حولك من خير، لئلا يظلم العدو الشرير بصيرتك، لأنه كثيرًا ما أهلك الناس باليأس. |
||||
03 - 01 - 2023, 10:37 AM | رقم المشاركة : ( 84 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب صانع الخيرات 100 رسالة تعزية للمتضايقين - القس بيشوي فايق
اللؤلؤة كثيرة الثمن ليس من الطبيعي أن يفرح الإنسان عندما يُهان كما حدث لتلاميذ الرب الذين جّلِدوا بسبب تبشيرهم بالرب يسوع المسيح، كقوله: "وَأَمَّا هُمْ فَذَهَبُوا فَرِحِينَ مِنْ أَمَامِ الْمَجْمَعِ، لأَنَّهُمْ حُسِبُوا مُسْتَأْهِلِينَ أَنْ يُهَانُوا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ" (أع 5: 41). أما معلمنا بولس الرسول فقد خسر من أجل مسيحه القدوس وضعه الديني المتميز، كقوله: "مِنْ جِهَةِ الْخِتَانِ مَخْتُونٌ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ، مِنْ جِنْسِ إِسْرَائِيلَ، مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ، عِبْرَانِيٌّ مِنَ الْعِبْرَانِيِّينَ. مِنْ جِهَةِ النَّامُوسِ فَرِّيسِيٌّ" (في3: 5). وخسر أيضًا أصدقائه وأنسبائه بالجسد، وخسر راحته وتعرض للاضطهاد والشدائد وهو يبشر باسم المسيح، كقوله: "... فِي الأَتْعَابِ أَكْثَرُ، فِي الضَّرَبَاتِ أَوْفَرُ، فِي السُّجُونِ أَكْثَرُ، فِي الْمِيتَاتِ مِرَارًا كَثِيرَةً" (2كو11: 23). لم يستكثر الرسول ما خسره، بل اعتبر كل ما خسره نفاية لا نفع منها. إن الاستفسار الذي يحير البعض هو كيف تتحول الآلام والأحزان للفرح كما حدث مع الرسل الذين فرحوا عندما أُهينوا؟ أو كيفية تحولها إلى ربح، كقول معلمنا بولس الرسول: "بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضًا خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ" (في3: 8). إنه من الطبيعي أن يخسر الإنسان ما هو أقل قيمة، لكي يربح ما هو أكثر قيمة، وكلما كان الربح عظيمًا جدًا، كلما قلت في عيني الإنسان قيمة الأشياء التي يمكن أن يخسرها، حتى أنها قد تتضاءل لتصبح، وكأنها نفاية بالنسبة للمكسب العظيم جدًا جدًا. إن الرب يسوع المسيح هو الجوهرة أو اللؤلؤة الكثيرة الثمن، التي أمامها يرخص ويتضاءل كل غال حتى يصير نفاية، كقوله: "أَيْضًا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَانًا تَاجِرًا يَطْلُبُ لآلِئَ حَسَنَةً، فَلَمَّا وَجَدَ لُؤْلُؤَةً وَاحِدَةً كَثِيرَةَ الثَّمَنِ، مَضَى وَبَاعَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ وَاشْتَرَاهَا" (مت13: 45- 46). القارئ العزيز... إن من له إيمان ومعرفة روحية عميقة يمكنه بسهولة أن يترك، وأن يقبل بفرح وبدون انزعاج أي خسارة من أجل الرب يسوع المسيح، لأنه يرى ويدرك بعين الإيمان من هو الرب يسوع المسيح الحبيب العجيب، وهو يدرك أيضًا أن الرب لن ينسى تعب محبته له. أما الشدائد والآلام فستزول وتنسى سريعًا، ليحل محلها الأفراح والأمجاد، كقوله: "اَلْمَرْأَةُ وَهِيَ تَلِدُ تَحْزَنُ لأَنَّ سَاعَتَهَا قَدْ جَاءَتْ، وَلكِنْ مَتَى وَلَدَتِ الطِّفْلَ لاَ تَعُودُ تَذْكُرُ الشِّدَّةَ لِسَبَبِ الْفَرَحِ، لأَنَّهُ قَدْ وُلِدَ إِنْسَانٌ فِي الْعَالَمِ" (يو16: 21). |
||||
03 - 01 - 2023, 10:38 AM | رقم المشاركة : ( 85 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب صانع الخيرات 100 رسالة تعزية للمتضايقين - القس بيشوي فايق
الرحمة تحميك وتخلصك وقت الضيق تنبأ إرميا النبي بالويلات التي ستأتي على أورشليم في زمان صدقيا الملك، لكن أعوان الملك من رؤساء مملكته اغتاظوا من النبي وطالبوا بقتله، وبالفعل سلمه لهم صدقيا الملك، فألقوه في جُبِّ ليس به ماء، لكنه مملوء وحلًا (طين) فغاص النبي في الوحل منتظرًا نهايته المأساوية، لكن عبد الملك صدقيا الكوشي (أسود البشرة) تقدم في شجاعة مدفوعًا برقة قلبه ليخرج النبي من الجبِّ، مستنكرًا ما فعله الرجال، قائلًا للملك: إن إرميا سيموت في السجن بسبب المجاعة، فلماذا نُميته نحن، وهكذا نجح في الحصول على أمر من الملك بإخراجه من الجُبّ، كقوله: "فَأَمَرَ الْمَلِكُ عَبْدَ مَلِكَ الْكُوشِيَّ قَائِلًا: خُذْ مَعَكَ مِنْ هُنَا ثَلاَثِينَ رَجُلًا، وَأَطْلِعْ إِرْمِيَا مِنَ الْجُبِّ قَبْلَمَا يَمُوتُ" (إر38: 10). لم ينته الأمر عند ذلك، لأن الله أمر إرميا النبي أن يرسل لعبد الملك الكوشي، ليبلغه أنه سينقذه من الضيق والشدة، بسبب ما عمله من عمل رحمة، قائلًا: "وَلكِنَّنِي أُنْقِذُكَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، يَقُولُ الرَّبُّ... بَلْ إِنَّمَا أُنَجِّيكَ نَجَاةً، فَلاَ تَسْقُطُ بِالسَّيْفِ، بَلْ تَكُونُ لَكَ نَفْسُكَ غَنِيمَةً، لأَنَّكَ قَدْ تَوَكَّلْتَ عَلَيَّ، يَقُولُ الرَّبُّ" (إر39: 17- 18). يتمنى الكثيرون أن يرحمهم الله وقت الشدة، ولكن الرحمة مقصورة على الرحماء، كقول الرب يسوع المسيح: "طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ، لأَنَّهُمْ يُرْحَمُونَ" (مت5: 7). أما من لا يؤمن بأهمية الرحمة على الغير، فليس منطقيًا أن يطلب رحمة الغير عليه وقت الشدة، كقوله: "لأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ بِلاَ رَحْمَةٍ لِمَنْ لَمْ يَعْمَلْ رَحْمَةً، وَالرَّحْمَةُ تَفْتَخِرُ عَلَى الْحُكْمِ" (يع2: 13). لقد وعد الرب أن يتحنن، وينقذ من يهتم بالمساكين، كقوله: "طُوبَى لِلَّذِي يَنْظُرُ إِلَى الْمِسْكِينِ. فِي يَوْمِ الشَّرِّ يُنَجِّيهِ الرَّبُّ... وَلاَ يُسَلِّمُهُ إِلَى مَرَامِ أَعْدَائِهِ. الرَّبُّ يَعْضُدُهُ وَهُوَ عَلَى فِرَاشِ الضُّعْفِ..." (مز41: 1- 3). القارئ العزيز... القساوة تُعجل بوقوع الضيق، وعلى العكس من ذلك فالرحمة تجلب للإنسان السلام والطمأنينة، فإنه هكذا نصح دانيال النبي نبوخذ نصر الملك، قائلًا: "لِذلِكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ، فَلْتَكُنْ مَشُورَتِي مَقْبُولَةً لَدَيْكَ، وَفَارِقْ خَطَايَاكَ بِالْبِرِّ وَآثَامَكَ بِالرَّحْمَةِ لِلْمَسَاكِينِ، لَعَلَّهُ يُطَالُ اطْمِئْنَانُكَ" (دا 4: 27). إن أي عمل رحمة تقدمه يقبله الله منك، وكأنك قد قدمته له شخصيًا حتى ولو نسيته أنت، فالله سيذكر لك مجرد كأس ماء بارد فقط، ولن يضيع أجرك أبدًا. |
||||
03 - 01 - 2023, 10:39 AM | رقم المشاركة : ( 86 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب صانع الخيرات 100 رسالة تعزية للمتضايقين - القس بيشوي فايق
شبيه ابن الآلهة أمر نبوخذ نصر الملك بإلقاء الثلاثة فتية شدرخ وميشخ وعبدنغو في آتون النار المحمى، لأنهم لم يسجدوا لتمثال الذهب الذي نصبه الملك، ولكن الملك فوجئ بالفتية يتمشون وسط الآتون محلولين من قيودهم، ولاحظ وجود شخص رابع له منظر مهيب بصحبتهم، كقول الملك: "... هَا أَنَا نَاظِرٌ أَرْبَعَةَ رِجَال مَحْلُولِينَ يَتَمَشَّوْنَ فِي وَسَطِ النَّارِ وَمَا بِهِمْ ضَرَرٌ، وَمَنْظَرُ الرَّابعِ شَبِيهٌ بِابْنِ الآلِهَةِ" (دا 3: 25). لقد ذهل الملك من هؤلاء الرجال الذين لم تكن للنار قوة على أجسادهم، فأمرهم بالخروج من الآتون فخرج الرجال، ليشهدوا لإلههم، كقول الكتاب: "فَاجْتَمَعَتِ الْمَرَازِبَةُ وَالشِّحَنُ وَالْوُلاَةُ وَمُشِيرُو الْمَلِكِ وَرَأَوْا هؤُلاَءِ الرِّجَالَ الَّذِينَ لَمْ تَكُنْ لِلنَّارِ قُوَّةٌ عَلَى أَجْسَامِهِمْ، وَشَعْرَةٌ مِنْ رُؤُوسِهِمْ لَمْ تَحْتَرِقْ، وَسَرَاوِيلُهُمْ لَمْ تَتَغَيَّرْ، وَرَائِحَةُ النَّارِ لَمْ تَأْتِ عَلَيْهِمْ" (دا3: 27). تغيَرَّت طبيعة النار بمشيئة إلهية، لكي لا تؤذي أجسام الفتية القديسين، مع أنها أحرقت الحبال المقيدة لهم، ومع أن الكثيرين قد اقشعرت أبدانهم، وصاروا في رعبٍ شديد من مجرد النظر إلى ألسنة النيران المشتعلة، ولكن مشاعر القديسين وهم وسط الآتون لم تكن الخوف، بل الفرح والفخر بإلههم، كقول الكتاب: "وَيَفْرَحُ جَمِيعُ الْمُتَّكِلِينَ عَلَيْكَ. إِلَى الأَبَدِ يَهْتِفُونَ، وَتُظَلِّلُهُمْ. وَيَبْتَهِجُ بِكَ مُحِبُّو اسْمِكَ" (مز5: 11). إن آتون التجارب قد يبدو لمن هم خارجه نار مميتة. أما لأولاد الله فهم يتمتعون وسط التجربة بحضور مبهج لابن الله، الذي وصفه نبوخذ نصر بأنه شبيه بابن الآلهة. إننا نلمس ذلك بصورة عملية من السلام والتعزية التي تغمر أولاد الله أثناء مرضهم أو فقدانهم لأحبائهم، فالعالم يتعجب من ثباتهم وعدم اضطرابهم في هذه الأوقات العصيبة. إن السبب وراء ذلك هو تعزيات الله لهم، والتي وصفها المرنم، بقوله: "عِنْدَ كَثْرَةِ هُمُومِي فِي دَاخِلِي، تَعْزِيَاتُكَ تُلَذِّذُ نَفْسِي" (مز94: 19). القارئ العزيز... لا تهتم، ولا تقلق مقدمًا بخصوص الضيقات أو الاضطهادات أو المشاكل، التي قد يحتمل أن تتعرض لها مستقبلًا، لأن الرب يسوع المسيح ابن الله الحي قد وعد أن يكون معنا كل الأيام إلى انقضاء الدهر، ووعد أيضًا أن يمنحنا في وقت الضيق قوة ونعمة، لا يقدر عليها جميع المعاندين أو المقاومين لنا... سيحل روح الله القدوس عليك بنعمتة ويملأك كقوله: "... رُوحَ الْمَجْدِ وَاللهِ يَحِلُّ عَلَيْكُمْ. أَمَّا مِنْ جِهَتِهِمْ فَيُجَدَّفُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مِنْ جِهَتِكُمْ فَيُمَجَّدُ" (1بط4: 14). فلا تقلق لأن التجربة ستخلصك فقط من بعض القيود التي تضايقك. |
||||
03 - 01 - 2023, 10:40 AM | رقم المشاركة : ( 87 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب صانع الخيرات 100 رسالة تعزية للمتضايقين - القس بيشوي فايق
صخر الدهور الذي لا يتغير يصرّ الكتاب المقدس على تسمية الله بالصخرة، فقد لقبه إشعياء النبي بصخر الدهور، كقوله: "تَوَكَّلُوا عَلَى الرَّبِّ إِلَى الأَبَدِ، لأَنَّ فِي يَاهَ الرَّبِّ صَخْرَ الدُّهُورِ" (إش26: 4). وهذا يعني أنه ثابت لا يتغير على مدى الأجيال والدهور. وقد لقبه موسى النبي بالصخر الكامل، قائلًا: "هُوَ الصَّخْرُ الْكَامِلُ صَنِيعُهُ. إِنَّ جَمِيعَ سُبُلِهِ عَدْلٌ. إِلهُ أَمَانَةٍ لاَ جَوْرَ فِيهِ. صِدِّيقٌ وَعَادِلٌ هُوَ" (تث32: 4). وقد تكرر هذا الوصف كثيرًا في سفر المزامير. لكن ماذا يعني الوحي الإلهي بهذا الوصف؟ إن الله ثابتٌ في طبيعته، كقوله: "يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ" (عب13: 8). فهو سيظل محبًا وصادقًا في وعوده ولن يتغير أبدًا، وهو المُخَلّص الأمين الذي يخَلّص من الشدة ولا يترك طالبيه، كقوله: "لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ لاَ أَتَغَيَّرُ فَأَنْتُمْ يَا بَنِي يَعْقُوبَ لَمْ تَفْنُوا" (مل 3: 6). إن كلام الله أساس متين للحياة الأبدية ويجب العمل به، لأنه هو الأمين، كوصف سفر الرؤيا له: "... هذَا يَقُولُهُ الآمِينُ، الشَّاهِدُ الأَمِينُ الصَّادِقُ، بَدَاءَةُ خَلِيقَةِ اللهِ" (رؤ3: 14). إن الرب يسوع هو هو ولن يتغير، وملكه لن يزول، ولن يفنى إلى الأبد، وهكذا رآه نبوخذنصر في حلمه، كقول دانيال النبي: "كُنْتَ تَنْظُرُ إِلَى أَنْ قُطِعَ حَجَرٌ بِغَيْرِ يَدَيْنِ، فَضَرَبَ التِّمْثَالَ عَلَى قَدَمَيْهِ اللَّتَيْنِ مِنْ حَدِيدٍ وَخَزَفٍ فَسَحَقَهُمَا" (دا 2: 34). هو صخر الدهور، لأنه ثابت، وقد تأُسست كنيسته على هذا الإيمان، كقوله لبطرس: "وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا" (مت16: 18). هو ثابت في وعوده، التي لا بد أن تتحقق، كقوله: "فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ" (مت5: 18). وهو صادق لأنه الحَقُّ ذاته، وهو الطريق للحياة الأبدية. القارئ العزيز... إن الإيمان بإن الرب يسوع المسيح هو صخر الدهور أمر ضروري لخلاصك، ولنصرتك في تجاربك، لأن الإنسان لا يمكنه أن يبني حياته على شيء متغير، فإيمانك بدوام صدق الله وأمانته وعدم تغيره يُمَكَّنكَ أن تأتي لله باطمئنان وقت الضيق، فاتبع يا أخي الرب في كل ما يقوله لك، وارفض كل ما ينهيك عنه، لأن ما زاد على ذلك فهو من المُضِلِّ الشرير، الكذاب وأبو الكذاب، كقوله: "بَلْ لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ، لاَ لاَ. وَمَا زَادَ عَلَى ذلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ" (مت 5: 37). |
||||
03 - 01 - 2023, 10:41 AM | رقم المشاركة : ( 88 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب صانع الخيرات 100 رسالة تعزية للمتضايقين - القس بيشوي فايق
الرب بار في كل طرقه سبى ملك بابل شعب إسرائيل، وأذاقهم العبودية والذل بسبب كثرة شرورهم. لقد سبق الله وحذر ملوكهم من سوء أفعالهم، كقوله لحزقيا الملك: "هُوَذَا تَأْتِي أَيَّامٌ يُحْمَلُ فِيهَا كُلُّ مَا فِي بَيْتِكَ، وَمَا خَزَنَهُ آبَاؤُكَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ، إِلَى بَابِلَ. لاَ يُتْرَكُ شَيْءٌ، يَقُولُ الرَّبُّ" (إش 39: 6). ولكن الله وعدهم بردهم إلى أرضهم بعد سبعين سنة، وقد يتسائل البعض بالقول، لماذا يسمح الله لهم بهذه الضيقات الشديدة، مع أنه رحيم وحنون، ثم يعود ويدافع عنهم ويعوضهم عن أتعابهم؟ لقد قيل عن الله في سفر أيوب: "لأَنَّهُ هُوَ يَجْرَحُ وَيَعْصِبُ. يَسْحَقُ وَيَدَاهُ تَشْفِيَانِ" (أي 5: 18). إن الله عندما يسمح بالضيق أو حينما يجرح كما ذُكر عنه، يدفع الإنسان للأمام في طريق خلاصه، وحينما يسمح بشفائه، ويغمره بخيراته فهو يدفعه أيضًا في طريق الخلاص بطريقة أخرى. هو صالح على الدوام، ولا يعرف غير الصلاح والخير، فإن سمح بالضيق أو بالخير للبشر فإن مقاصده خير، كقوله: "الرَّبُّ بَارٌّ فِي كُلِّ طُرُقِهِ، وَرَحِيمٌ فِي كُلِّ أَعْمَالِهِ" (مز 145: 17). وهو يستخدم وسائل كثيرة ليحقق هذه المشيئة المقدسة، وذلك كما يستخدم الطبيب الماهر في علاج مريضه دواء مرًا أو مرهمًا ملطفًا. لقد كشف الله عن قصده من السماح بسبي شعبه في القديم، قائلًا: "لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: إِنِّي عِنْدَ تَمَامِ سَبْعِينَ سَنَةً لِبَابِلَ، أَتَعَهَّدُكُمْ وَأُقِيمُ لَكُمْ كَلاَمِي الصَّالِحَ، بِرَدِّكُمْ إِلَى هذَا الْمَوْضِعِ. لأَنِّي عَرَفْتُ الأَفْكَارَ الَّتِي أَنَا مُفْتَكِرٌ بِهَا عَنْكُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ، أَفْكَارَ سَلاَمٍ لاَ شَرّ، لأُعْطِيَكُمْ آخِرَةً وَرَجَاءً" (إر 29: 10، 11). فمقاصد الله للإنسان إذًا هي الآخرة أو الحياة الأبدية، وهي أيضًا الفوز بالرجاء السعيد المبارك، الذي لا يخزى. لقد تعلق الكثيرون بأمور أرضية ولكنهم خزوا، لأنهم لم ينتفعوا بها وتركوها. ويخطئ البعض حين يظن أن الضيقات تصيب الأشرار فقط، فلم يكن أيوب شريرًا بل كاملًا ومتقيًا الله كشهادة الكتاب، وقد كان في زمانه أناس أشرار كثيرين لم يصبهم ما أصابه، لكن الله خصه بهذه الضيقات، لأنه قصد به خيرًا، كما قصد بيوسف الصديق خيرًا. القارئ العزيز... ثق في صلاح الله على الدوام، ولا تضطرب إن واجهتك أيام صعبة. إنه حكيم، وهو يعرف تمامًا ما يسمح به من تدبيرات لازمة لخلاص البشر. سلم للرب طريقك ولا تضطرب، لأنه أمين نحو البشر كما قيل عنه: "وَيَقُودُكَ الرَّبُّ عَلَى الدَّوَامِ، وَيُشْبعُ فِي الْجَدُوبِ نَفْسَكَ، وَيُنَشِّطُ عِظَامَكَ فَتَصِيرُ كَجَنَّةٍ رَيَّا وَكَنَبْعِ مِيَاهٍ لاَ تَنْقَطِعُ مِيَاهُهُ" (إش 58: 11). |
||||
03 - 01 - 2023, 10:43 AM | رقم المشاركة : ( 89 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب صانع الخيرات 100 رسالة تعزية للمتضايقين - القس بيشوي فايق
خرج غالبًا ولكي يغلب استعبد الشيطان الإنسان لأنه باع نفسه له مقابل التمتع بالشهوات والخطايا، ولكن الرَّب أتى وخلصه. إن الشيطان هو العدو الشرير الذي يحارب البشر أجمعين دون استثناء، وهدفه من ذلك هو إفناء إيمانهم بالله ليتمكن من إهلاكهم. أما الغلبة التي يغلب بها الإنسان الشيطان فهي الثبات في الإيمان بالله، كقوله: "لأَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ يَغْلِبُ الْعَالَمَ. وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا" (1يو5: 4). ويستخدم الشيطان وقت الشدة أساليبه الماكرة مستغلًا أعوانه الأشرار، لكي يضعف إيمان أولاد الله حتى يتمكن من إهلاكهم، ولكن الرب نزل خصيصًا من سمائه وتجسد، وصار إنسانًا لكي يغلب الشر، ونصرة الرب على الشيطان هي نصرة البشر، وبها يردنا ابن الله القدوس مرة أخرى للسماء وللمجد الذي خلقنا لأجله. لقد أكد الوحي الإلهي أن الغلبة بالرب يسوع المسيح أكيدة ومضمونة، كقوله: "فَنَظَرْتُ، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ مَعَهُ قَوْسٌ، وَقَدْ أُعْطِيَ إِكْلِيلًا، وَخَرَجَ غَالِبًا وَلِكَيْ يَغْلِبَ" (رؤ6: 2). ولكن البعض قد يضطرب، لأن إبليس رئيس مملكة الظلام قادر أن يجرب الجميع حتى الأبرار. ولكنهم ينسون أنه بالرغم من أن إبليس قادر أن يحارب أولاد الله بأساليبه المكارة، وأنه قد يتمكن أيضًا من تحريض أعوانه ليضطهدوا الأبرار، لكنه ليس له حرية التصرف كما يشاء، لأن الله هو ضابط كل الأمور ويوجهها لمشيئته المقدسة، حتى تتحول في النهاية لخير أولاده. فمؤامرة إبليس لصلب الرب يسوع المسيح أعظم مثال على ذلك، فقد حرض إبليس رؤساء الكهنة الأشرار ليصلبوا الرب يسوع، واستغل التلميذ الخائن ليتمم مشورته الرديئة، واستغل أيضًا قساوة الرومان في صلب الرب يسوع المسيح، ولكن الرب سحق الشيطان على الصليب وقبض عليه وقيده، لكي يتمكن كل مؤمن أن يهزمه أيضًا بنعمة الله، كقول معلمنا بولس الرسول: "وَإِلهُ السَّلاَمِ سَيَسْحَقُ الشَّيْطَانَ تَحْتَ أَرْجُلِكُمْ سَرِيعًا. نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَكُمْ. آمِينَ" (رو16: 20). القارئ العزيز... لا ينبغي أن تصغر نفسك أمام الأحداث السيئة المتلاحقة التي يثيرها الأشرار، ستتناغم كل هذه الأحداث معًا لتصب في صالح الكنيسة والمؤمنين، لأن قرار النصرة في حربنا مع إبليس محسوم مقدمًا، كقوله: "هؤُلاَءِ سَيُحَارِبُونَ الْخَرُوفَ، وَالْخَرُوفُ يَغْلِبُهُمْ، لأَنَّهُ رَبُّ الأَرْبَابِ وَمَلِكُ الْمُلُوكِ، وَالَّذِينَ مَعَهُ مَدْعُوُّونَ وَمُخْتَارُونَ وَمُؤْمِنُونَ... لأَنَّ اللهَ وَضَعَ فِي قُلُوبِهِمْ أَنْ يَصْنَعُوا رَأْيَهُ..." (رؤ17: 14-17). |
||||
03 - 01 - 2023, 10:43 AM | رقم المشاركة : ( 90 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب صانع الخيرات 100 رسالة تعزية للمتضايقين - القس بيشوي فايق
النعمة التي نحن مقيمون فيها شبه الوحي الإلهي (في مثل الابن الضال) علاقة المؤمنين بالله بعلاقة الأبناء بأبيهم، لكنه أوضح أيضًا أن هذه العلاقة لا قيمة لها بدون إقامة الأبناء في بيت أبيهم، أي: تحت رعايته وسلطانه، وهذا امتياز خاص للأبناء فقط. إن الله هو رب البيت الذي ضمَّ أولاده المؤمنين تحت رعايته وسلطانه. لقد أطلق الوحي الإلهي لقب رب البيت على الله في مواضع كثيرة في الأناجيل الأربعة، كقوله: "يَكْفِي التِّلْمِيذَ أَنْ يَكُونَ كَمُعَلِّمِهِ، وَالْعَبْدَ كَسَيِّدِهِ. إِنْ كَانُوا قَدْ لَقَّبُوا رَبَّ الْبَيْتِ بَعْلَزَبُولَ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَهْلَ بَيْتِهِ!" (مت10: 25). إن كل من يبقى في بيت أبيه يتمتع بخيراته ونعمه الكثيرة، كقول الابن الضال: "فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ وَقَالَ: كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لأَبِي يَفْضُلُ عَنْهُ الْخُبْزُ وَأَنَا أَهْلِكُ جُوعًا!" (لو15: 17). كلمة رب البيت تعني سيده، أي له سلطان وسيادة، وقادر على رعاية من له، إن المؤمنين يفتخرون بأبيهم رب البيت القادر على حمايتهم ورعايتهم، كقول معلمنا بولس الرسول: "الَّذِي بِهِ أَيْضًا قَدْ صَارَ لَنَا الدُّخُولُ بِالإِيمَانِ، إِلَى هذِهِ النِّعْمَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا مُقِيمُونَ، وَنَفْتَخِرُ عَلَى رَجَاءِ مَجْدِ اللهِ" (رو5: 2). الإقامة في النعمة بحسب قول الكتاب امتياز لكل ابن من أبناء الله، ولكن هل ندرك جميعنا هذا الامتياز العظيم؟ لقد أدرك القديسين هذا الامتياز، لأنهم تمتعوا بنعم الله الكثيرة. ومن أمثال هذه النعم ما يلي: نعمة السلام في وسط الضيق، ونعمة الإيمان والثقة في الله القدير، الذي يحول كل الأشياء لخير أولاده، ونعمة تعزيات الله التي تبدد الحزن من القلب وقت الألم، ونعمة الرجاء في وعود الله لمحبيه، والتي تعطي الإنسان صبرًا وقت الضيق والشدة. وهكذا... إن نعم الله لأبناءه المقيمين معه أي المتمسكين به، لا تعد لكثرتها، كقول الكتاب: "وَمِنْ مِلْئِهِ نَحْنُ جَمِيعًا أَخَذْنَا، وَنِعْمَةً فَوْقَ نِعْمَةٍ. لأَنَّ النَّامُوسَ بِمُوسَى أُعْطِيَ، أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَبِيَسُوعَ الْمَسِيحِ صَارَا" (يو1: 16- 17). القارئ العزيز... إن الاستفادة من النعم الكثيرة الموهوبة لك بالروح القدس (كنز الصالحات ومعطي الحياة) تتوقف على أسلوب حياتك، وعلاقتك بالله الذي قدم دم ابنه الثمين ليفديك، والذي سكب عليك روحه القدوس ليغنيك بنعمته. فياليتك تتعلق به وتهتم بالحياة به وله، كقول الكتاب: "بِهذَا أُظْهِرَتْ مَحَبَّةُ اللهِ فِينَا: أَنَّ اللهَ قَدْ أَرْسَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ إِلَى الْعَالَمِ لِكَيْ نَحْيَا بِهِ" (1يو4: 9). |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
احبوا أعدائكم باركوا لاعنيكم أحسنوا-القس بيشوي فايق-عظة قداس الاحد |
كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق |
صانع الخيرات |
يا صانع الخيرات |
كتاب رسالة تعزية للراهب كاراس المحرقي |