ان الله يريد ان يصنع مصالحة بين السماء والارض , بيننا نحن القاطنين هنا فى وادى البكاء وبينه هو الساكن فى علاه ,
اراد ان يزيل القطيعة ويفتقد ابناء البشر , ولكن حرم الانسان نفسه من هذا المجد الالهى بعد السقوط فى الخطية ,
بعد هذا عاشت البشرية فى قطيعة وحرمان من هذا الحضور الالهى اللهم الا بعض ظهورات طفيفة لبعض من اصفياء الله واحباءه مثل ابراهيم ويعقوب وموسى وبعض غيرهم .. ولكن الله قرر فى احشاءه اى فكره ان يكون ظهوره علنيا يراه الكل ...
وهكذا شاءت مشيئته ان يصبح على الارض بشرا سويا , وبين الملايين من الناس , عين واحدة . فى بطنها يحل ذاك الواحد مع الاب فى الجوهر ...
هنا سيحل ابن الله جنينا بشريا ليأتى الينا عن هذا الطريق لحما من لحمنا وعظما من عظمنا . فيا لغنى احسانات الله الاله السرمدى يريد ان يقترب منا نحن البشر , ويوحد ذاته معنا ...
وهكذا اعد الله الرسالة السماوية لتستبقلها عذراء الناصرة , فقد وافاها جبرائيل الملاك البشير ثانى رؤساء الملائكة فى منزل خطيبها يوسف النجار حين كانت وحدها ..
فدخل اليها الملاك وقال السلام لك ايتها الممتلئة نعمة .. الرب معك .. مباركة انت فى النساء .. فلما رأته اضطربت من كلامه وفكرت ماعسى ان تكون هذه التحية ..
فقال لها الملاك : لا تخافى يامريم لانك وجدت نعمة عند الله وهاانت ستحلبين وتلدين ابنا وتسميه يسوع . هذا يكون عظيما وابن العلى يدعى ويعطيه الرب كرسى داود ابيه ويملك على بيت يعقوب الى الاب ولا يكون لملكه نهاية ..
فأعترضت مريم على قول الملاك دفاعا عن عذراويتها وحفاظا على ماقد نذرته ان تعيش مكرسة للرب كل حياتها فى بيت يوسف
فقالت للملاك : كيف يكون هذا وانا لست اعرف رجلا . فأجاب الملاك وقال لها " الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظلك فلذلك ايضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله " فقالت مريم هوذا انا امة الرب . فليكن لى كقولك . فمضى من عندها الملاك ...
مكتوب من كتاب زهرة البخور مريم العذراء
القمص مينا جاد جرجس