21 - 12 - 2022, 04:35 PM | رقم المشاركة : ( 71 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب صانع الخيرات 100 رسالة تعزية للمتضايقين - القس بيشوي فايق
اقبل من يد أبيك الصالح فاجأت امرأة أيوب زوجها المتألم المضروب بالقروح من رأسه إلى قدميه، وهو جالس وسط الرماد، بقولها: "... أَنْتَ مُتَمَسِّكٌ بَعْدُ بِكَمَالِكَ؟ بَارِكِ اللهِ وَمُتْ!" (أي 2: 9). لقد كان إبليس هو المتكلم على لسانها، وذلك ليَبث فيه روح اليأس من استجابة الله له، بعد أن انتهى به الحال لهذا الوضع السيئ. لقد قصدت زوجته، بقولها "بارك الله" أن تهزأ بصلواته، التي بحسب رأيها لا نفع منها. لكن أيوب البار وبخها، بقوله لها: "... تَتَكَلَّمِينَ كَلاَمًا كَإِحْدَى الْجَاهِلاَتِ! أَالْخَيْرَ نَقْبَلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَالشَّرَّ لاَ نَقْبَلُ؟ فِي كُلِّ هذَا لَمْ يُخْطِئْ أَيُّوبُ بِشَفَتَيْهِ" (أي 2: 10). لقد علمنا أيوب الصديق، أن الإيمان يجب أن يكون بشخص الله. لقد آمن أيوب بالله الصالح الحنون والحكيم، الذي لا يتغير في جوهره، كقول الكتاب: "كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ" (يع 1: 17). إن الطفل الصغير لن يقطع صلته بأبيه أبدًا لأنه خَفَضَّ مصروفه، لأنه يدرك أن أبيه ما زال يحبه. وهو أيضًا لا يتردد أن يلجأ لوالده إن وقع في مشكلة ما، حتى وهو معاقب من أبيه. إنه يدرك تمامًا حب أبيه له ويخضع له بتلقائية، حتى وإن أدبه، كقول الكتاب: "ثُمَّ قَدْ كَانَ لَنَا آبَاءُ أَجْسَادِنَا مُؤَدِّبِينَ، وَكُنَّا نَهَابُهُمْ. أَفَلاَ نَخْضَعُ بِالأَوْلَى جِدًّا لأَبِي الأَرْوَاحِ، فَنَحْيَا؟" (عب 12: 9). لا يظن الابن (المحب لأبيه) السوء به، حينما يرى تصرفه نحوه لا يوافق رغباته، لأن الحب الذي يربطه بأبيه يدفعه دائمًا للثقة فيه، فلا يسمح لنفسه تحت أي ظرف أن يظن السوء في أبيه الحبيب، كقول الكتاب عن المحبة: "وَلاَ تُقَبِّحُ، وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلاَ تَحْتَدُّ، وَلاَ تَظُنُّ السُّوءَ" (1كو 13: 5). بل على العكس من ذلك نجده يخضع لأبيه طائعًا، لأنه يشعر بالأمان المطلق في نوايا أبيه من نحوه، ولا يشك ولو للحظة أن أباه يمكن أن يؤذيه. لقد أحب أب الآباء إبراهيم الله، الذي آمن به كأب حبيب عظيم، حكيم، قدير، لذلك لم يتردد في طاعة أمره له، بتقديم إسحاق ابنه الوحيد محرقةً له، كقول الكتاب: "وَقَالَ: بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ، أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هذَا الأَمْرَ، وَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ، أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً..." (تك 22: 16، 17). القارئ العزيز... إياك أن تتكلم على أبيك السماوي وقت ضيقك، كما يتكلم الجهال، الذين لا يعرفونه. فهل تنسى أنك قد صرت ابنًا له بالإيمان؟ وأن محبته قد انسكبت في قلبك بالروح القدس. |
||||
21 - 12 - 2022, 04:37 PM | رقم المشاركة : ( 72 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب صانع الخيرات 100 رسالة تعزية للمتضايقين - القس بيشوي فايق
أسرع اهرب إلى حضن الله إنَّ حرب الأفكار أثناء الضيقة هي أخطر أنواع الحروب، لأنها قد تشمل أفكار التشكيك في الإيمان، أو أفكار الخوف والقلق، أو أفكار اليأس، أو الهروب من المسئولية والواجب، أو أفكار خيانة الأمانة، ولكن ما هو سبيل النجاة من هذه الأفكار المظلمة؟ أمر الملاكان لوط بالهرب خارج المدينة ودائرتها سريعًا لكي لا يهلك، بقولهما: "أَسْرِعِ اهْرُبْ إِلَى هُنَاكَ لأَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَفْعَلَ شَيْئًا حَتَّى تَجِيءَ إِلَى هُنَاكَ. لِذلِكَ دُعِيَ اسْمُ الْمَدِينَةِ صُوغَرَ" (تك 19: 22) ولكننا نلاحظ أن الملاكان قد وعدا لوط أن لا يحرقا المدينتين قبل خروجه هو أسرته، فلماذا إذًا هذه العجلة ما دام هما المتحكمان في الأمر؟! لقد حثَّ الملاكان لوط على السرعة خوفًا عليه وعلى أسرته، لأن الإنسان إن لم يهرب سريعًا من أفكار الشر وقت التجربة، تحاصره نيران الشر، كما لو كان وسط نيران حريق يزداد لهيبه لحظة بعد لحظة حتى يحاصر ضحيته فيهلك، لأن وقت النجاة قد فات. لقد هرب يوسف الصديق من الخطية سريعًا بعد أن ترك رداءه ورائه، لئلا يعطله عن الهرب. وقد أمر الرب بالهروب من ضيق آخر الأيام سريعًا، بقوله: "وَالَّذِي عَلَى السَّطْحِ فَلاَ يَنْزِلْ إِلَى الْبَيْتِ وَلاَ يَدْخُلْ لِيَأْخُذَ مِنْ بَيْتِهِ شَيْئًا، وَالَّذِي فِي الْحَقْلِ فَلاَ يَرْجِعْ إِلَى الْوَرَاءِ لِيَأْخُذَ ثَوْبَهُ" (مر 13: 15، 16). قد يهرب الإنسان من مكان يشعر فيه بالخطر، لكن كيف يهرب من أفكار الخوف أو اليأس أو الهم؟ إن الهروب إلى حضرة الرب بالصلاة هو الملجأ، الذي يرفع عن المجربين أمثال هذه الأفكار المظلمة، كقول المرنم: "اَللهُ لَنَا مَلْجَأٌ وَقُوَّةٌ. عَوْنًا فِي الضِّيْقَاتِ وُجِدَ شَدِيدًا لِذلِكَ لاَ نَخْشَى وَلَوْ تَزَحْزَحَتِ الأَرْضُ، وَلَوِ انْقَلَبَتِ الْجِبَالُ إِلَى قَلْبِ الْبِحَارِ" (مز 46: 1، 2). إن الصلاة تُثمر فينا فرحًا لأن الله يسكب فينا محبته بالروح القدس وقت الصلاة، كقوله: "وَالرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي، لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا" (رو 5: 5). القارئ العزيز... لا تستمع لفترات طويلة للأخبار السلبية الهدامة. درب نفسك على الهرب سريعًا حينما تهجم عليك الأفكار المظلمة... إلجأ لله بالصلاة بطريقة منتظمة لتقضِ على الضيق الذي يتسلل إلى نفسك، ولا تستسلم إذا شعرت بعدم شوق إلى الصلاة، بل اغصب نفسك، حينئذ ستجد عونًا وعزاءً سماويًا وستمتلئ بنعمة عظيمة.. |
||||
26 - 12 - 2022, 06:31 PM | رقم المشاركة : ( 73 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب صانع الخيرات 100 رسالة تعزية للمتضايقين - القس بيشوي فايق
الرب قال له سب داود بينما كان داود الملك هارب من ابنه أبشالوم، الذي قاد تمرد مسلح ضده، خرج رجل من سبط بنيامين اسمه شمعي بن جيرا، وأخذ يرشقه بالحجارة، ويسبه، قائلًا: "وَهكَذَا كَانَ شِمْعِي يَقُولُ فِي سَبِّهِ: "اخْرُجِ! اخْرُجْ يَا رَجُلَ الدِّمَاءِ وَرَجُلَ بَلِيَّعَالَ!" (2صم 16: 7). فثار قواد جيش الملك، وطلبوا من الملك الإذن بمطاردة شمعي وقتله، ولكن الملك رفض باتضاع قلب، قائلًا: "لَعَلَّ الرَّبَّ يَنْظُرُ إِلَى مَذَلَّتِي وَيُكَافِئُنِي الرَّبُّ خَيْرًا عِوَضَ مَسَبَّتِهِ بِهذَا الْيَوْمِ" (2صم 16: 12). لم يتذمر داود الملك من سوءِ حاله، ولا اهتمّ بكرامته الشخصية، لأنه أحس بحاجته الماسة لرحمة الله أكثر من أي أمرٍ آخر. لم يَدَعِ داود أنه بار ولا أنه لا يستحق الإهانات التي أصابته من ابنه أبشالوم، أو من شتيمة شمعي له، لكنه استرجع في قلبه ضعفاته، وتذكر خطاياه، فأعلن صراحة أمام شعبه، استحقاقه لكل ما يأتي عليه، قائلًا: إن الرب هو الذي قال لشمعي سبَّ داود. لقد استفاد الملك من سبِّ شمعي له في تعميق مشاعر الاتضاع أمام الله، معتبرًا الذل والخزي الذي لحق به علانية فرصة للتذلل أمام الله، الذي يرفع المتضعين، كقوله: "لعل الرب ينظر إلى مذلتي". طلب داود الملك مراحم الله كضعيف ومسكين واثقًا أن الله سيقبل تضرعه، كقول الكتاب: "اُفْرُجْ ضِيقَاتِ قَلْبِي. مِنْ شَدَائِدِي أَخْرِجْنِي. انْظُرْ إِلَى ذُلِّي وَتَعَبِي، وَاغْفِرْ جَمِيعَ خَطَايَايَ" (مز 25: 17، 18). â†گ انظر كتب أخرى للمؤلفهنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت. القارئ العزيز... إن وقتَ الضيقِ هو وقتٌ مناسب جدًا لفحص الذات، واكتشاف خطاياك وتقصيراتك، لأن الإنسان في ذلك الوقت يشعر بالضعف، فلا تضيع تلك الفرصة التي ستكشف لك حقيقة نفسك واحتياجك لنعمة الله. أنسَ ذاتك ومواهبك وإنجازاتك، واهدأ واجلس في مخدعك، واتضع أمام الله متذكرًا خطاياك، كقول إرميا النبي: "يَجْلِسُ وَحْدَهُ وَيَسْكُتُ، لأَنَّهُ قَدْ وَضَعَهُ عَلَيْهِ. يَجْعَلُ فِي التُّرَابِ فَمَهُ لَعَلَّهُ يُوجَدُ رَجَاءٌ" (مرا 3: 28، 29). احذر أن يلهيك العدو الشرير بالتذمر والبكاء على حالك، أو بالشعور بالبر وعدم الاستحقاق لما قد أتى عليك من تعب، قاوم ذلك الفكر إن أتاك، وتذكر قول داود يوم ضيقه: "... دَعُوهُ يَسُبَّ لأَنَّ الرَّبَّ قَالَ لَهُ: سُبَّ دَاوُدَ. وَمَنْ يَقُولُ: لِمَاذَا تَفْعَلُ هكَذَا؟" (2صم 16: 10). |
||||
26 - 12 - 2022, 06:33 PM | رقم المشاركة : ( 74 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب صانع الخيرات 100 رسالة تعزية للمتضايقين - القس بيشوي فايق
اهتمّ بإنسانك الباطن "لِكَيْ يُعْطِيَكُمْ بِحَسَبِ غِنَى مَجْدِهِ، أَنْ تَتَأَيَّدُوا بِالْقُوَّةِ بِرُوحِهِ فِي الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ" (أف 3: 16). باطن الإنسان يحمل مبادئه، مشاعره، صفاته، مميزاته، قوته، احتماله وطباعه. وقد اعتاد الناس أن ينسبوا الصفات السابقة لروح الإنسان، فيقولون مثلًا: فلان "روحه حلوة". أما معلمنا بولس الرسول فقد ذكر أن هناك إنسان باطني داخل الإنسان، ولعله يقصد بهذا روح الإنسان، التي يعمل فيها الله بنعمته. إن قوة الإنسان ليست في جسده وعضلاته فقط، ولكنها بالأولى في الإمكانات التي لروحه أو لإنسانه الباطن، وقد أعطى الكتاب أهمية عظمى للقوة الروحية للإنسان أكثر من الجسدية، بقوله: "رُوحُ الإِنْسَانِ تَحْتَمِلُ مَرَضَهُ، أَمَّا الرُّوحُ الْمَكْسُورَةُ فَمَنْ يَحْمِلُهَا؟" (أم 18: 14). إن الإنسان الداخلي (الروح) الخالي من نعمة الله حينما يكون ضعيف يتألم، ويعاني دون وجود سبب حقيقي، كقول الكتاب: "وَأَجْعَلُ وَجْهِي ضِدَّكُمْ فَتَنْهَزِمُونَ أَمَامَ أَعْدَائِكُمْ، وَيَتَسَلَّطُ عَلَيْكُمْ مُبْغِضُوكُمْ، وَتَهْرُبُونَ وَلَيْسَ مَنْ يَطْرُدُكُمْ" (لا 26: 17). وقد أعطى سفر الأمثال صفات كثيرة جيدة لروح الإنسان المملوء من نعمة الله، نذكر منها: الأمين الروح، المتواضع الروح، الوقور الروح، الطويل الروح وهكذا... إن الضيقات والمشاكل التي يتعرض لها الإنسان، يضعف مفعولها على الإنسان الروحاني الملتصق بالله، ويزداد تأثيرها بصورة مبالغ فيها على الإنسان الضعيف روحيًا. ويخطئ من يظن أن الضيق يقاس بمقدار بالأحداث المؤسفة التي يتعرض لها الإنسان، ولكن الضيق يقاس باتسعاع القلب أو قوة الروح واحتمالها. وخير دليل على ذلك قول معلمنا بولس: "... لأَنِّي مُسْتَعِدٌّ لَيْسَ أَنْ أُرْبَطَ فَقَطْ، بَلْ أَنْ أَمُوتَ أَيْضًا فِي أُورُشَلِيمَ لأَجْلِ اسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ" (أع 21: 13)، لقد بيّنَ الرسول لأهل كورنثوس حاجتهم لنعمة الله التي تهبهم اتساع القلب، قائلًا: "لَسْتُمْ مُتَضَيِّقِينَ فِينَا بَلْ مُتَضَيِّقِينَ فِي أَحْشَائِكُمْ. فَجَزَاءً لِذلِكَ أَقُولُ كَمَا لأَوْلاَدِي: كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مُتَّسِعِينَ!" (2كو 6: 12، 13). ويمد الله الإنسان دائمًا بنعمه ومواهبه عن طريق عمل روحه القدوس فيه، فيغنيه داخليًا، ويصيره قويًا، كقوله: "فَتَقَوَّ أَنْتَ يَا ابْنِي بِالنِّعْمَةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (2 تي 2: 1). ولذلك أمر القديس يعقوب الرسول من يعاني من ضيقات، قائلًا: "أَعَلَى أَحَدٍ بَيْنَكُمْ مَشَقَّاتٌ؟ فَلْيُصَلِّ. أَمَسْرُورٌ أَحَدٌ؟ فَلْيُرَتِّلْ" (يع 5: 13). فيا ليتنا نلجأ بثقة وإيمان لله، حتى يتقوى إنساننا الباطن. |
||||
26 - 12 - 2022, 06:34 PM | رقم المشاركة : ( 75 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب صانع الخيرات 100 رسالة تعزية للمتضايقين - القس بيشوي فايق
الضيقة أداة التجديد والنمو كلما تقدم الإنسان في العمر كلما شعر بعناء هذه الحياة وبمرور الوقت يزداد إحساسه بضعفه أكثر فأكثر، ولكن البعض قد يتعجب عندما يرى الضيقات والآلام تصيب أولاد الله، حسبما ذكر معلمنا بولس الرسول، بقوله: "مُكْتَئِبِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لكِنْ غَيْرَ مُتَضَايِقِينَ. مُتَحَيِّرِينَ، لكِنْ غَيْرَ يَائِسِينَ مُضْطَهَدِينَ، لكِنْ غَيْرَ مَتْرُوكِينَ. مَطْرُوحِينَ، لكِنْ غَيْرَ هَالِكِينَ" (2كو 4: 8، 9). لقد أكد الرسول أن هذه الضيقات تتحول إلى بركة في حياة المؤمنين بالله، وأكد أيضًا أنها لن تضرهم لكنها على العكس دافع لتقدمهم في معرفة الله وفي الإيمان به، وأيضًا دافع لنجاحهم في حياتهم العملية، كقوله: "لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ، بَلْ وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا الْخَارِجُ يَفْنَى، فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا" (2 كو 4: 16). إن قوة الله تصاحب المتألمين والمتضايقين المتكلين عليه، وتعمل في ضعفهم، كقوله: "لِذلِكَ أُسَرُّ بِالضَّعَفَاتِ وَالشَّتَائِمِ وَالضَّرُورَاتِ وَالاضْطِهَادَاتِ وَالضِّيقَاتِ لأَجْلِ الْمَسِيحِ. لأَنِّي حِينَمَا أَنَا ضَعِيفٌ فَحِينَئِذٍ أَنَا قَوِيٌّ" (2كو 12: 10). إن الضيقات تُخلص الإنسان الروحاني من التنعم والرفاهية الزائدة، التي توقع بالكثيرين في خطايا الكبرياء والأنانية، كما أنها تساعده على الانسحاق أمام الله الذي يرفعه، كوعده الصادق: "اتَّضِعُوا قُدَّامَ الرَّبِّ فَيَرْفَعَكُمْ" (يع 4: 10). فأوقات الشدة لها أهمية كبيرة في خلاص الإنسان، لأنها تعمل على نموه في النعمة. وتُعَلَّمنا الطبيعة أن بعض الحيوانات الزاحفة مثل (الثعابين) يلزمها تغيير جلدها القديم بانتظام حتى تتمكن من النمو، وذلك بالاحتكاك بجسم صلب (مثل الصخرة). كذلك الأوقات العصيبة في حياة الناس لها فائدة عظيمة لمن يحسن استغلالها. إنها كثيرًا ما تساعد الإنسان على التخلص من طباعه السيئة وشهواته المتمكنة منه، لكي يتجدد وينمو، ويحقق أمر الكتاب القائل: "أَنْ تَخْلَعُوا مِنْ جِهَةِ التَّصَرُّفِ السَّابِقِ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ الْفَاسِدَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ الْغُرُورِ، وَتَتَجَدَّدُوا بِرُوحِ ذِهْنِكُمْ، وَتَلْبَسُوا الإِنْسَانَ الْجَدِيدَ الْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ اللهِ فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَقِّ" (أف 4: 22-24). لقد أتت الضيقات التي سمح بها الله لشعبه إسرائيل في أرض العبودية في مصر بثمارها، كقوله: "وَلكِنْ بِحَسْبِمَا أَذَلُّوهُمْ هكَذَا نَمَوْا وَامْتَدُّوا. فَاخْتَشَوْا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ" (خر 1: 12). وفيما بعد أتت الضيقة بأعظم ثمارها في حياة يوسف الصديق الذي نما في النعمة والحكمة، فأنقذ الله به العالم من الموت جوعًا. |
||||
26 - 12 - 2022, 06:35 PM | رقم المشاركة : ( 76 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب صانع الخيرات 100 رسالة تعزية للمتضايقين - القس بيشوي فايق
أحضان الله الدافئة إن أي ابن يحمل في خلايا جسده صفات أبيه الوراثية، وهي التي تجعله يشبه أباه، وهي التي تشهد له أنه ابن لذلك الأب دون غيره. أما الروح القدس الموهوب لنا من الله فهو الذي يهبنا نعمة البنوة لله، كقوله: "ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخًا: يَا أَبَا الآبُ" (غل 4: 6). ("يا أبا" تعبير لغوي يعبر عن الدالة القوية لله الآب). إننا بالروح القدس نشعر بحب أبونا السماوي لنا، وبه أيضًا نشتاق لله ونحبه كأولاد له، وبدون سكناه فينا نفقد قوة بنوتنا لله. لقد سكن فينا روح الله القدوس، لكي لا نعاني اليتم، كقوله: "لاَ أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى. إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ" (يو 14: 18). إن الأحضان الأبوية هي أول وأهم نعمة أبوية يتمتع بها الابن، لأنها تعبر عن الحب الأبوي الصادق. في مَثل الابن الضال فتح الأب ذراعيه ليحتضن ابنه الأصغر الراجع إليه من عمق الخطية، كقوله: "فَقَامَ وَجَاءَ إِلَى أَبِيهِ. وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيدًا رَآهُ أَبُوهُ، فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ" (لو 15: 20). يحتاج الإنسان في هذه الحياة المليئة بالأوجاع والضيقات والأحزان للأحضان الإلهية الدافئة المعزية. لقد رأت جموع الشعب في الرب يسوع المسيح الأبوة والحب الذي جذبهم إليه، كقوله: "وَلِلْوَقْتِ كُلُّ الْجَمْعِ لَمَّا رَأَوْهُ تَحَيَّرُوا، وَرَكَضُوا وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ" (مر 9: 15). وقد انجذب الجمع نحوه، لأنه شعر بآلامهم وأوجاعهم، ورحَّبَ بهم، كقوله: "فَالْجُمُوعُ إِذْ عَلِمُوا تَبِعُوهُ، فَقَبِلَهُمْ وَكَلَّمَهُمْ عَنْ مَلَكُوتِ اللهِ، وَالْمُحْتَاجُونَ إِلَى الشِّفَاءِ شَفَاهُمْ" (لو 9: 11). أخي الحبيب... أنت تحتاج وقت ألمك وضيقك للأحضان الإلهية المفتوحة لك على الدوام، إن أحضان الرب يسوع المسيح المصلوب المفتوحة للجميع على الصليب هي خير دليل على حبه للبشرية جمعاء. إنه يقبلك، ويعانقك وقت الصلاة، ليعزيك، ويخلصك من غمّك... هو ينتظرك على الدوام، كوعده الصادق: "كُلُّ مَا يُعْطِينِي الآبُ فَإِلَيَّ يُقْبِلُ، وَمَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ لاَ أُخْرِجْهُ خَارِجًا" (يو 6: 37). فهل تستجيب لروح أبيك السماوي الذي يحثك على الصلاة؟ وهل ترتمي في أحضانه الإلهية؟ لقد كشف داود النبي شدة أشواقه للأحضان الإلهية المُشبعة والمُروية وقت تعبه، قائلًا: "يَا اَللهُ، إِلهِي أَنْتَ. إِلَيْكَ أُبَكِّرُ. عَطِشَتْ إِلَيْكَ نَفْسِي، يَشْتَاقُ إِلَيْكَ جَسَدِي فِي أَرْضٍ نَاشِفَةٍ وَيَابِسَةٍ بِلاَ مَاءٍ" (مز 63: 1). |
||||
26 - 12 - 2022, 06:37 PM | رقم المشاركة : ( 77 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب صانع الخيرات 100 رسالة تعزية للمتضايقين - القس بيشوي فايق
قد ماتَ الَّذين يطلبون نفسَ الصبيِّ "هَلُمَّ يَا شَعْبِي ادْخُلْ مَخَادِعَكَ، وَأَغْلِقْ أَبْوَابَكَ خَلْفَكَ. اخْتَبِئْ نَحْوَ لُحَيْظَةٍ حَتَّى يَعْبُرَ الْغَضَبُ" (إش 26: 20). أدخل الله نوح ومن معه الفلك في الشهر الثاني من عام ستمائة من عمره، واستقر الفلك على جبل أراراط بعد توقف الطوفان، ونقصان المياه عن سطح الأرض، وبالرغم من أن المياه كانت قد جفت عن وجهِ الأرضِ، وقد تأكد نوح من ذلك، لما أتته الحمامة بورقة زيتون، إلاَّ أنه لم يخرج من الفلك، كقوله: "وَكَانَ فِي السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ وَالسِّتِّ مِئَةٍ، فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ، أَنَّ الْمِيَاهَ نَشِفَتْ عَنِ الأَرْضِ. فَكَشَفَ نُوحٌ الْغِطَاءَ عَنِ الْفُلْكِ وَنَظَرَ، فَإِذَا وَجْهُ الأَرْضِ قَدْ نَشِفَ" (تك 8: 13). لقد بَقَّى نوح البار ومن معه في الفلك إلى أن أخرجه الله بأمره، كقوله: "وَفِي الشَّهْرِ الثَّانِي، فِي الْيَوْمِ السَّابعِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ، جَفَّتِ الأَرْضُ. وَكَلَّمَ اللهُ نُوحًا قَائِلًا: اخْرُجْ مِنَ الْفُلْكِ أَنْتَ وَامْرَأَتُكَ وَبَنُوكَ وَنِسَاءُ بَنِيكَ مَعَكَ" (تك 8: 14-16). لم يخرج نوح من الفلك، إلا حينما أمره الله بالخروج، لأن الله هو الذي أدخله الفلك، وهو الذي أغلق عليه بابه. فإن كان الله قد أغلق فمن يجرؤ أن يفتح؟! كقوله: "... الَّذِي يَفْتَحُ وَلاَ أَحَدٌ يُغْلِقُ، وَيُغْلِقُ وَلاَ أَحَدٌ يَفْتَحُ" (رؤ 3: 7). لقد سلَّم نوح أمر حمايته ورعايته في زمن الكارثة لله، فكيف يتجرأ ويخرج بحسب رأيه الشخصي أو رأي إنسان؟! إن نوح لم يكن يعرف ولا يفهم ما خَلَّفَهُ الطوفان من آثارٍ؟! ولكن الله هو الذي كان يعلم دقة التغييرات التي حدثت بسبب الطوفان، وهو يعلم كيف يعد الظروف المواتية للحياة مرة أخرى بعد الطوفان، لذلك كان لا بد أن ينتظر نوح الأمر الإلهي الصادر له بالخروج، ولا يعتمد على فهمه القاصر، كقوله: "تَوَكَّلْ عَلَى الرَّبِّ بِكُلِّ قَلْبِكَ، وَعَلَى فَهْمِكَ لاَ تَعْتَمِدْ. فِي كُلِّ طُرُقِكَ اعْرِفْهُ، وَهُوَ يُقَوِّمُ سُبُلَكَ" (أم 3: 5، 6). القارئ العزيز... يتضجّر البعض من القيود التي فرضتها عليه الضيقة، ويستعجل في ممارسة حياته بطريقة طبيعية، كما كانت قبل الضيقة، لكن ذلك ليس من الحكمة. إن التسليم لله وانتظار أوامره المقدسة أمر هام فلا تستعجل الأمور، إن كان الله قد وضع عليك بعض القيود فترة ما لحمايتك، فانتظر حتى تتأكد أن الله قد أزال الخطر من أمامك. تمثل بالقديس يوسف النجار الذي احتمل هو ومعه العذراء القديسة الإقامة في الغربة في مصر، إلى أن أصدر الله الأمر له، قائلًا: "... قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّهُ قَدْ مَاتَ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَ الصَّبِيِّ" (مت 2: 20). |
||||
26 - 12 - 2022, 06:38 PM | رقم المشاركة : ( 78 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب صانع الخيرات 100 رسالة تعزية للمتضايقين - القس بيشوي فايق
تقبل معونته، بدلًا من أن تخاصمه تبع فرعون مصر وجيشه بني إسرائيل حتى لم يعد لهم مفر، لأن البحر الأحمر كان أمامهم، فضاقت نفوسهم جدًا، وصرخوا متذمرين، قائلين لموسى النبي: "أَلَيْسَ هذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي كَلَّمْنَاكَ بِهِ فِي مِصْرَ قَائِلِينَ: كُفَّ عَنَّا فَنَخْدِمَ الْمِصْرِيِّينَ؟ لأَنَّهُ خَيْرٌ لَنَا أَنْ نَخْدِمَ الْمِصْرِيِّينَ مِنْ أَنْ نَمُوتَ فِي الْبَرِّيَّةِ" (خر 14: 12). ولكن الله كلم موسى النبي، قائلًا: "... مَا لَكَ تَصْرُخُ إِلَيَّ؟ قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَرْحَلُوا وَارْفَعْ أَنْتَ عَصَاكَ وَمُدَّ يَدَكَ عَلَى الْبَحْرِ وَشُقَّهُ، فَيَدْخُلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ عَلَى الْيَابِسَةِ" (خر 14: 15، 16). لقد كان الله مستعدًا للتدخل في الوقت المناسب، لكن الشعب انشغلوا بالتذمر، وتكلموا بالاِفتراء على الرب، وكأن الرب قد أخرجهم من أرض مصر ليُمِيتَهم. لقد نسوا العبودية المرة التي صرخوا لكي يخلصهم الله منها، كقوله: "وَحَدَثَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ الْكَثِيرَةِ أَنَّ مَلِكَ مِصْرَ مَاتَ. وَتَنَهَّدَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ وَصَرَخُوا، فَصَعِدَ صُرَاخُهُمْ إِلَى اللهِ مِنْ أَجْلِ الْعُبُودِيَّةِ" (خر 2: 23). ونسوا أيضًا يد الله القوية، التي حررتهم من عبودية فرعون القاسية. ونسوا أن الله ما زال مستعدًا لتقديم حبه لهم. إن سبب تذمرهم على الله وعلى موسى هو أفكارهم الشريرة نحو الله. لقد افترضوا أن الله سيتركهم يهلكون. ولكن التساؤل الهام هو: لماذا لم يروا الله الحنون المستعد أن ينجي؟ كقوله: "أَمَّا خَلاَصُ الصِّدِّيقِينَ فَمِنْ قِبَلِ الرَّبِّ، حِصْنِهمْ فِي زَمَانِ الضِّيقِ... وَيُخَلِّصُهُمْ، لأَنَّهُمُ احْتَمَوْا بِهِ" (مز 37: 39، 40). ويعاتب الرب أمثال هؤلاء المتذمرين، بقوله: "فَعَلِمَ يَسُوعُ أَفْكَارَهُمْ، فَقَالَ: لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ بِالشَّرِّ فِي قُلُوبِكُمْ؟" (مت 9: 4). إن العدو الشرير كثيرًا ما يعمي أذهان البشر عن عون الله المقدم لهم في وقت شدتهم، بل أكثر من هذا يدفعهم إلى التذمر على الله ومخاصمته، كما حدث مع أيوب البار، الذي وبخه صديقه أليهو بن برخئيل، لأنه تجرأ وتذمر على الله، قائلًا: "لِمَاذَا تُخَاصِمُهُ؟ لأَنَّ كُلَّ أُمُورِهِ لاَ يُجَاوِبُ عَنْهَا" (أي 33: 13). القارئ العزيز... قف أمام الله وقت شدتك، وتضرع له بخشوع. احذر لئلا يدفعك إبليس للافتراء والتذمر على الله الصالح الرحوم، فتتهمه بأمور رديئة، وتنسى حبه لك، أن من يقبل ضلال إبليس سيهلك لا محالة، كقول الكتاب لبني إسرائيل: "هَلاَكُكَ يَا إِسْرَائِيلُ أَنَّكَ عَلَيَّ، عَلَى عَوْنِكَ" (هو 13: 9). |
||||
26 - 12 - 2022, 06:39 PM | رقم المشاركة : ( 79 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب صانع الخيرات 100 رسالة تعزية للمتضايقين - القس بيشوي فايق
الامتلاء يتطلب جهاد ذهب الرَّبُ يسوع المسيح إلى البرية ليجرب من إبليس بعد عماده من يوحنا المعمدان، كقوله:"أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئًا مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ" (لو 4: 1). ولكن البعض يستعجب من صوم الرب بعد امتلائه من الروح القدس، كما ذكر الكتاب: "أَرْبَعِينَ يَوْمًا يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ. وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ..." (لو 4: 2). إن صوم الرَّب وجهاده بعد عماده وهو ممتلئ من الروح القدس، خير دليل أن حلول روح الله القدوس وسكناه في المؤمنين ليس ضمان لعدم تعرض أبناء الله للتجارب، وأيضًا دليل على ضرورة الجهاد للامتلاء من الروح القدس، إننا معرضون للتجارب والضيقات ما دمنا في الجسد، كقوله: "اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ" (1بط 5: 8). لقد اُضطهد الآباء الرسل بعد حلول الروح القدس عليهم. أما هم فقد صاموا، لكي يملئهم روح الله من كل قوة ونعمة وسلامٍ وحكمة وقداسة، فيثبتوا ضد مكائد إبليس، كقول الرب لهم: "فَقَالَ لَهُمْ: هذَا الْجِنْسُ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَخْرُجَ بِشَيْءٍ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ" (مر 9: 29). إن الامتلاء من الروح القدس ضرورة لضمان نصرة وغلبة أولاد الله على العالم، ولكن لا امتلاء بدون الصلاة وطلب نعمة الروح القدوس، كقوله: "... فَكَمْ بِالْحَرِيِّ الآبُ الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ، يُعْطِي الرُّوحَ الْقُدُسَ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ؟" (لو 11: 13). القارئ العزيز... إنَّ امتلاؤك من الروح القدس الحال فيك يصاحبه قوة ونعمة جبارة، وهو سبب كل غلبة على ضعفك، وأيضًا على الخطية المحاربة في أعضائك. لقد صلى الآباء الرسل طالبين أن ينزع الله عنهم الخوف، لأن رؤساء الكهنة هددوا القديسَّين بطرس ويوحنا، لكي لا ينطقا باسم المسيح البتة، ولكن تلاميذ الرب المجتمعين معًا صلوا، وبالفعل استجاب الله لصلاة الكنيسة، كقوله: "وَلَمَّا صَلَّوْا تَزَعْزَعَ الْمَكَانُ الَّذِي كَانُوا مُجْتَمِعِينَ فِيهِ، وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَكَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِكَلاَمِ اللهِ بِمُجَاهَرَةٍ" (أع4: 31). إن قوة فعل روح الله فيك يحتاج لامتلائك بالروح القدس، وذلك بالصلاة والصوم كما ذكرنا سابقًا. أما الكنيسة فهي تهيئ لك فرص الامتلاء من روح الله القدوس عن طريق الأصوام والصلوات الجماعية الكنسية طوال العام، فلا تسمح أن تضيع منك هذه الفرص العظيمة. |
||||
26 - 12 - 2022, 06:41 PM | رقم المشاركة : ( 80 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب صانع الخيرات 100 رسالة تعزية للمتضايقين - القس بيشوي فايق
مسحاء الرب "... لاَ تَمَسُّوا مُسَحَائِي، وَلاَ تُسِيئُوا إِلَى أَنْبِيَائِي" (مز 105: 15) أمر الرَّبُ في العهد القديم بمسح الأنبياء والملوك والكهنة بالدهن المقدس، ليكرسوا للعمل الذي دعوا إليه، ومثال ذلك قول الرب لإيليا النبي: " فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: اذْهَبْ رَاجِعًا فِي طَرِيقِكَ إِلَى بَرِّيَّةِ دِمِشْقَ، وَادْخُلْ وَامْسَحْ حَزَائِيلَ مَلِكًا عَلَى أَرَامَ، وَامْسَحْ يَاهُوَ بْنَ نِمْشِي مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَامْسَحْ أَلِيشَعَ بْنَ شَافَاطَ مِنْ آبَلَ مَحُولَةَ نَبِيًّا عِوَضًا عَنْكَ" (1مل 19: 15، 16). إن الملك أو النبي أو الكاهن الممسوح من قبل الله في العهد القديم قد تكرّس لحساب الله، وهو مُلزَمًا أن يعمل بقوة هذه المسحة ولحساب الله بمقتضى الشريعة والناموس. أما في العهد الجديد فكل مؤمن معمد هو مخصص لله ويجب عليه أن يسلك بما تمليه عليه الوصايا الإنجيلية، كقوله: "فَقَطْ عِيشُوا كَمَا يَحِقُّ لإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، حَتَّى إِذَا جِئْتُ وَرَأَيْتُكُمْ، أَوْ كُنْتُ غَائِبًا أَسْمَعُ أُمُورَكُمْ أَنَّكُمْ تَثْبُتُونَ فِي رُوحٍ وَاحِدٍ، مُجَاهِدِينَ مَعًا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ لإِيمَانِ الإِنْجِيلِ" (في 1: 27). لقد مُسحَ المؤمنين بالميرون المقدس في العهد الجديد، لأنه من خلال هذا السرّ يعمل الروح القدس بقوة في حياة المؤمنين. إن عمل هذا السرّ هو تثبيت المؤمنين في الرب، ليعينهم وسط أتعاب ومصاعب العالم. إنه سرُّ نصرتهم وقت الضيق والشدة، لأنه يرشدهم للحق، ويسكب في قلوبهم محبة الله، ويقودهم في طريق الحق فيقويهم، ويبكتهم على خطاياهم. إنه بالإجمال يثبت المؤمنين في الرب، كقوله: "وَأَمَّا أَنْتُمْ فَالْمَسْحَةُ الَّتِي أَخَذْتُمُوهَا مِنْهُ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، وَلاَ حَاجَةَ بِكُمْ إِلَى أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ، بَلْ كَمَا تُعَلِّمُكُمْ هذِهِ الْمَسْحَةُ عَيْنُهَا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَهِيَ حَق وَلَيْسَتْ كَذِبًا. كَمَا عَلَّمَتْكُمْ تَثْبُتُونَ فِيهِ" (1يو2: 27). تُختم الأشياء بخاتم صاحبها لإثبات ملكيته لها. وقد صرنا ملكًا لله، لأننا خُتمنا بالروح القدس من خلال سرّ الميرون المقدس، كقوله: "وَلاَ تُحْزِنُوا رُوحَ اللهِ الْقُدُّوسَ الَّذِي بِهِ خُتِمْتُمْ لِيَوْمِ الْفِدَاءِ" (أف 4: 30). إن هذا السرّ هو ختم الله للأتقياء خائفي الله، وهو ضمان رعايته وحمايته لهم، كوعده الصادق، كما جاء في سفر الرؤيا: "... لاَ تَضُرُّوا الأَرْضَ وَلاَ الْبَحْرَ وَلاَ الأَشْجَارَ، حَتَّى نَخْتِمَ عَبِيدَ إِلهِنَا عَلَى جِبَاهِهِمْ" (رؤ 7: 3). نحنُ مسحاءُ الرَّبِ وعبيده نحيا له وبه، ووجه الرب علينا في كل حين، كقوله: "أُعَلِّمُكَ وَأُرْشِدُكَ الطَّرِيقَ الَّتِي تَسْلُكُهَا. أَنْصَحُكَ. عَيْنِي عَلَيْكَ" (مز 32: 8). فياليتنا نحيا له على الدوام. |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
احبوا أعدائكم باركوا لاعنيكم أحسنوا-القس بيشوي فايق-عظة قداس الاحد |
كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق |
صانع الخيرات |
يا صانع الخيرات |
كتاب رسالة تعزية للراهب كاراس المحرقي |