منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12 - 03 - 2014, 03:59 PM   رقم المشاركة : ( 51 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

طوبى للرحماء فإنهم يرحمون

بعد أن طوّب السيد المسيح الجياع والعطاش إلى البر لأنهم يشبعون قال "طوبى للرحماء فإنهم يرحمون" (مت5: 7).


الرحمة

الرحمة صفة من صفات الله الرحيم كما هو مكتوب عنه: "الرب الرب إله رحيم ورؤوف، بطئ الغضب وكثير الإحسان والوفاء" (خر34: 6).
"الرب رحيم ورؤوف طويل الروح وكثير الرحمة. لا يحاكم إلى الأبد ولا يحقد إلى الدهر. لم يصنع معنا حسب خطايانا، ولم يجازنا حسب آثامنا. لأنه مثل ارتفاع السماوات فوق الأرض قويت رحمته على خائفيه. كبعد المشرق عن المغرب أبعد عنّا معاصينا. كما يترأف الأب على البنين يترأف الرب على خائفيه" (مز103: 8-13).
"لأن الرب إلهك إله رحيم لا يتركك ولا يهملك ولا ينسى عهد أبائك الذي أقسم لهم عليه" (تث4: 31).
"وأنت أيها الرب الإله، أنترؤوفورحيم. أنت طويل الروح وكثير الرحمة وصادق. انظر إلىّ وارحمني. أعط عزّة لعبدك، وخلِّص ابن أمتك" (مز85: 15، 16).
"الرب رحيمٌ وصدّيقٌ، وإلهنا يرحم. الذي يحفظ الأطفال هو الرب. اتضعت فخلصني" (مز114: 5، 6).

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
"جلال وبهاء عمله، وعدله دائم إلى أبد الأبد. ذكر جميع عجائبه. رحيم هو الربورؤوف" (مز110: 3، 4).
"نور أشرق في الظلمة للمستقيمين. رحيمٌ الرب الله ورؤوف وبار" (مز111: 4).
"الرب حنان ورحيم طويل الروح وكثير الرحمة. الرب صالح للكل ومراحمه على كل أعماله" (مز145: 8، 9).
"من ثم كان ينبغي أن يشبه إخوته في كل شيء لكي يكون رحيمًا ورئيس كهنة أمينًا فيما لله حتى يكفر خطايا الشعب" (عب2: 17).
والرحمة عند الله لا تتعارض مع عدله وحقه، لأن الله رحيم في عدله وعادل في رحمته. فصفات الله كلُّ لا يتجزأ. ونحن نتكلم عنها على سبيل التفاصيل وليس على سبيل الفصل، كما قال قداسة البابا شنودة الثالث -أطال الرب حياة قداسته.
لهذا كما أوردنا قول المزمور "عدله دائمإلى الأبد.. رحيم هو الرب ورؤوف" (مز110: 3، 4).
وقيل أيضًا عن الخلاص العجيب الذي صنعه الرب على الصليب، "لأن خلاصه قريب من جميع خائفيه. ليسكن المجد في أرضنا. الرحمة والحق تلاقيا. والعدل والسلام تلاثما. الحق من الأرض أشرق، والعدل من السماء تطلع" (مز84: 9-11).
وعن تلازم الرحمة والحق قيل "لا تدع الرحمة والحق يتركانك. تقلدهما على عنقك. أكتبهما على لوح قلبك فتجد نعمة وفطنة صالحة في أعين الله والناس" (أم3: 3، 4). وقيل أيضًا "أما يضل مخترعو الشر. أما الرحمة والحق فيهديان مخترعي الخير" (أم14: 22)،وأيضًا "بالرحمة والحق يستر الإثم وفي مخافة الرب الحيدان عن الشر" (أم16: 6). وعن الملك قيل "الرحمة والحق يحفظان الملك وكرسيه يُسند بالرحمة" (أم20: 28)، وكذلك قيل عن تلازم العدل والرحمة "التابع العدل والرحمة يجد حياة حظًا وكرامة" (أم21: 21).
وهذه نصيحة ثمينة يقدّمها الكتاب: "قد أخبرك أيها الإنسان ما هو صالح. وماذا يطلبه منك الرب إلا أن تصنع الحق وتحب الرحمة وتسلك متواضعًا مع إلهك" (مي 6: 8).
فكما أن الرحمة هي صفة من صفات الله، ينبغي أيضًا أن يتصف بها أولاده كما قال السيد المسيح: "فكونوا رحماء كما أن أباكم أيضًا رحيم" (لو6: 36).
الرحمة تقترن بالعطف والحنان والرأفة وطول الروح وتدل على المحبة وطيبة القلب.
ونحن في صلواتنا الكنسية نطلب الرحمة باستمرار قائلين: [يا رب ارحم أو كيرياليسون]. كذلك عندما نتذكر الدينونة الأبدية نصرخ قائلين: [كرحمتك يا رب ولا كخطايانا].
الرحمة تطرد القساوة من القلب، وتجعل الإنسان مستحقًا لمراحم الرب الكثيرة والفائقة.
وينبغي أن يتدرب الإنسان على ممارسة أعمال الرحمة المتنوعة متذكرًا تطويب الرب للرحماء. ولا يمكن أن ينتظر الإنسان أن يعامله الرب برحمة إن لم يرحم غيره ويرحم المساكين والضعفاء (فإنه ليس رحمة في الدينونة لمن لم يستعمل الرحمة) (قطع نصف الليل-الخدمة الثالثة).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
مثل السامري الصالح

سأل رجل ناموسي السيد المسيح: "من هو قريبي؟" فحكى له السيد المسيح قصة السامري الصالح الذي صادف رجلًا يهوديًا "كان نازلًا من أورشليم إلى أريحا فوقع بين لصوص فعرّوه وجرّحوه، ومضوا وتركوه بين حيٌ وميتٌ.. ولكن سامريًا مسافرًا جاء إليه ولما رآه تحنن. فتقدم وضمد جراحاته وصب عليها زيتًا وخمرًا وأركبه على دابته وأتى به إلى فندق واعتنى به".. وسأل السيد المسيح الرجل الناموسي عمن صادفوا الرجل المجروح "أي هؤلاء.. ترى صار قريبًا للذي وقع بين اللصوص؟ فقال (الناموسي): الذي صنع معه الرحمة. فقال له يسوع: اذهب أنت أيضًا واصنع هكذا" (انظر لو10: 29-37).
وقد أشار الكتاب إلى أهمية الرحمة بالمساكين لكي ينال الإنسان رحمة وغفرانًا عن خطاياه لسبب ممارسته للرحمة ودخوله في مراحم الرب.
فقيل في سفر دانيال للملك بلطشاصر "لذلك أيها الملك فلتكن مشورتي مقبولة لديك وفارق خطاياك بالبر وآثامك بالرحمة للمساكين لعله يطال اطمئنانك" (دا4: 27). وبالطبع من المفهوم أن غفران الخطايا يلزمه توبة ولكن التوبة لا تصير مقبولة إذا كان القلب قاسيًا وغير رحيم، لأن الرب يستخدم الرحمة مع القلوب الرحيمة.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
الرحمة بالمساكين

في الصوم الكبير المقدس تبدأ قراءات الكنيسة في أحد الرفاع بفصل من الإنجيل عن الصلاة والصدقة والصوم، يبرز فيه أهمية اقتران الصوم بالصلاة وبالرحمة بالمحتاجين والمتضايقين.
ولذلك ترتل الكنيسة في ألحان الصوم الكبير طوال الصوم الكلمات التالية:
طوبى للرحماء على المساكين فإن الرحمة تحل عليهم
والمسيح يرحمهم في يوم الدين ويحل بروح قدسه فيهم
هناك أناسًا يصومون أصوامًا عنيفة ولا يتذكّرون أن الصوم هو فرصة لمشاركة المساكين وللتحنن عليهم. الصوم يقترن بالمسكنة والاتضاع والتوبة والصلاة والرحمة لهذا قال الرب في سفر إشعياء: "أليس هذا صومًا أختاره؟.. أليس أن تكسر للجائع خبزك. وأن تُدخل المساكين التائهين إلى بيتك. إذا رأيت عريانًا أن تكسوه وأن لا تتغاضى عن لحمك" (إش58: 6، 7).
من الواضح أن الصوم المقبول من الله هو الذي يقترن بالرحمة على الضعفاء والمساكين. وقد وردت إنذارات في الكتاب المقدس للأغنياء الذين لا يستعملون الرحمة مع المحتاجين مثل قول يعقوب الرسول: "هلّم الآن أيها الأغنياء ابكوا مولولين على شقاوتكم القادمة. غناكم قد تهرأ وثيابكم قد أكلها العث. ذهبكم وفضتكم قد صدئا، وصدأهما يكون شهادة عليكم. ويأكل لحومكم كنار. قد كنزتم في الأيام الأخيرة. هوذا أجرة الفعلة الذين حصدوا حقولكم المبخوسة منكم تصرخ وصياح الحصادين قد دخل إلى أذنيّ رب الجنود. قد ترفهتم على الأرض وتنعمتم، وربيتم قلوبكم كما في يوم الذبح" (يع5: 1-5).
ما أصدق قول داود النبي في كلام النشيد الذي قال للرب: "مع الرحيم تكون رحيمًا. مع الرجل الكامل تكون كاملًا. مع الطاهر تكون طاهرًا، ومع الأعوج تكون ملتويًا. وتخلص الشعب البائس وعيناك على المترفعين فتضعهم" (2صم22: 26-28).
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 03 - 2014, 04:02 PM   رقم المشاركة : ( 52 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

طوبى للأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله

بعد أن طوّب السيد المسيح الرحماء قال: "طوبى للأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله" (مت5: 8).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
نقاوة القلب

النقاوة هي عطية من الله يمنحها لمن يطلبها بلجاجة، يجاهد من أجل الحصول عليها. ففي صلاة المزمور الخمسين يتضرع المرنم "قلبًا نقيًا اخلق فيَّ يا الله، وروحًا مستقيمًا جدد في أحشائي" (مز50: 10).
والكتاب يقول: "إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة" (2كو5: 17)، الله يخلق للإنسان قلبًا جديدًا بالولادة الجديدة في المعمودية، ويلزم أن يجاهد الإنسان ليحفظ لهذا القلب نقاءه بعدما استنار بالنعمة وصار أهلًا لفهم الأسرار والمقاصد الإلهية.
نقاوة القلب هي خلوه من الشر، ومن نوازع الشر، ومن محبة الخطية، ومن الميل إليها. ولن يصل القلب إلى هذه الحالة إلا إذا امتلأ من محبة الله، ومحبة البر.. أي إذا امتلأ من الروح القدس.
فليست نقاوة القلب هي فقط خلوه من محبة الخطية والميل إليها، بل من الناحية الإيجابية ينبغي أن يمتلئ القلب من محبة الله وبالتالي من محبة البر.

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
كان القديس الأنبا أبرام أسقف الفيوم يظل طوال الليل يردد هذه العبارة في صلاته: "قلبًا نقيًا اخلق فيَّ يا الله، وروحًا مستقيماً جدد في أحشائي" إدراكًا منه لأهمية نقاوة القلب في السعي نحو ملكوت السماوات.
وقد مدح الكتاب أيضًا نقاوة القلب في المزمور بقوله: "من يصعد إلى جبل الرب، أو من يقوم في موضع قدسه. الطاهر اليدين، النقي القلب" (مز23: 3، 4).
وحينما أوصى الرب قائلًا: "فوق كل تحفظّ احفظ قلبك، لأن منه مخارج الحياة" (أم4: 23)، كان يقصد أن يحفظ الإنسان قلبه نقيًا وطاهرًا، لأن منه مخارج الحياة.
والحواس هي أبواب القلب. فلكي يحفظ الإنسان قلبه الداخلى، ينبغي أن يحفظ حواسه الخارجية. لهذا قال السيد المسيح: "سراج الجسد هو العين. فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيرًا. وإن كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلمًا، فإن كان النور الذي فيك ظلامًا، فالظلام كم يكون؟" (مت6: 22، 23). والعين هي إحدى الحواس الخمس في الإنسان.
ويلزم لاقتناء نقاوة القلب أن يقتنى الإنسان نقاوة الحواس. وأن يحفظ حواسه الجسدية من العثرات والشرور.. وأن يمتلئ بالروح القدس وتتقوى حواسه الروحية وتنمو، وتصير قادرة على التطلع نحو السماويات.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
يعاينون الله

الأنقياء القلب يعاينون الله، يعاينونه بأعين قلوبهم.. لأن حواسهم الروحية قد استنارت بالنعمة.
يعاينونه بالإيمان وقد وعد السيد المسيح قائلًا: "الذي عنده وصاياي ويحفظها، فهو الذي يحبني. والذي يحبني يحبه أبى وأنا أحبه وأظهر له ذاتي" (يو14: 21).
الذين يولدون من الماء والروح بالميلاد الفوقاني، قال عنهم السيد المسيح إنهم هم الذين يدخلون ملكوت السماوات ويعاينونه (انظر يو3: 5).
فالميلاد الفوقاني هو الذي يجدد طبيعة الإنسان، ويمنحه نقاوة القلب حتى يؤهل لمعاينة مجد الله وملكوته السماوي.. يؤهل لمعاينة السيد المسيح في مجده.
أنقياء القلب يعاينون الله، لأنهم سوف يعاينون السيد المسيح في مجده، ويتمتعون برؤيته إلى أبد الدهور.
القلب النقي لا يشتهى شرًا، بل يشتهى معرفة الله. ولا يحمل ضغينة أو كراهية، بل يمتلئ بالحب، شهوته دائمًا هي الخير مثل قول الكتاب "شهوة الأبرار خير فقط" (أم11: 23).
إن تطويب السيد المسيح لأنقياء القلب، يدعونا للسعي نحو النقاوة التي تؤهلنا أن نراه بالإيمان. وأن نراه في مجده..
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 03 - 2014, 04:03 PM   رقم المشاركة : ( 53 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

طوبى لصانعي السلام

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
بعد أن طوّب السيد المسيح أنقياء القلب قال التطويب السابع: "طوبى لصانعي السلام، لأنهم أبناء الله يدعون" (مت5: 9).
دُعي السيد المسيح "رئيس السلام" (إش9: 6)، و"ملك السلام" (عب7: 2). وقيل عنه: "لنمو رياسته وللسلام لا نهاية" (إش9: 7).
وسبب هذه التسمية أن السيد المسيح قد صالحنا مع الله أبيه بدم صليبه مثلما كتب معلمنا بولس الرسول للأمم "أنتم الذين كنتم قبلًا بعيدين، صرتم قريبين بدم المسيح. لأنه هو سلامنا الذي جعل الاثنين واحدًا، ونقض حائط السياج المتوسط أي العداوة. مبطلًا بجسده ناموس الوصايا في فرائض. لكي يخلق الاثنين في نفسه إنسانًا واحداً جديدًا صانعًا سلامًا. ويصالح الاثنين في جسد واحد مع الله بالصليب قاتلًا العداوة به" (أف2: 13-16).
فكما صالح السيد المسيح الإنسان مع الله، صالح الإنسان مع أخيه الإنسان. وأعطى تلاميذه من الرسل القديسين خدمة المصالحة بحسب قصد الآب السماوي وتدبيره. وقد أشار القديس بولس الرسول إلى ذلك فقال: "ولكن الكل من الله الذي صالحنا لنفسه بيسوع المسيح، وأعطانا خدمة المصالحة. أي أن الله كان في المسيح مصالحًا العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم، وواضعًا فينا كلمة المصالحة. إذًا نسعى كسفراء عن المسيح كأن الله يعظ بنا. نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله" (2كو5: 18-20).
فبعدما قدّم السيد المسيح ذبيحة الفداء على الصليب، وقام من الأموات وظهر للأحد عشر وهم مجتمعون في عشية يوم أحد القيامة قال لهم: "سلام لكم. ولما قال هذا أراهم يديه وجنبه. ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب. فقال لهم يسوع أيضًا سلام لكم. كما أرسلني الآب أرسلكم أنا. ولما قال هذا نفخ وقال لهم: اقبلوا الروح القدس، من غفرتم خطاياه تغفر له، ومن أمسكتم خطاياه أمسكت" (يو20: 19-23). لقد بشرهم بالسلام، وأعطاهم السلطان أن ينشروه لكل من يرغب.
وبهذا حقق السيد المسيح وعده لتلاميذه بأن يمنحهم عطية السلام الفائقة للطبيعة إذ قال: "سلامًا أترك لكم. سلامي أعطيكم" (يو14: 27).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
عطية السلام

عطية السلام التي منحها "رئيس السلام" لتلاميذه هي عطية فائقة للعقل.. لهذا قال معلمنا بولس الرسول لأهل فيليبي: "وسلام الله الذي يفوق كل عقل، يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع" (فى4: 7).
إن عطية السلام هي عطية إلهية يمنحها الآب السماوي باستحقاقات دم ابنه الوحيد بواسطة الروح القدس.
لهذا فإن السلام هو من ثمار الروح القدس في حياة المؤمنين كقول الكتاب: "وأما ثمر الروح، فهو محبة فرح سلام.." (غل5: 22).
من يمتلئ من الروح القدس يمتلئ من السلام، ويستطيع أن يصنع السلام ويستحق أن يُدعى ضمن أبناء الله، ويستحق التطويب.
كانت إرسالية السيد المسيح إلى العالم هي إرسالية صلح وسلام، ومن أراد أن يتشبه بابن الله ينبغي أن يكون من صنّاع السلام.. السلام المبنى على الحق كقول المزمور "العدل والسلام تلاثما" (مز84: 10).
وقد أوصى بولس الرسول باتباع السلام فقال: "اتبعوا السلام مع الجميع، والقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب" (عب12: 14).
كما أوضح يعقوب الرسول أهمية السلام كعلامة للحكمة الممنوحة من الله "أما الحكمة التي من فوق فهى أولًا طاهرة، ثم مسالمة، مترفقة، مذعنة، مملوءة رحمة وأثمارًا صالحة، عديمة الريب والرياء. وثمر البر يزرع في السلام من الذين يفعلون السلام" (يع3: 17، 18).
الذي يزرع الخصومات بين الإخوة المتحابين يصير مكروهًا من الله،كقول الكتاب "هذه الستة يبغضها الرب. وسبعة هي مكرهة نفسه. عيون متعالية، لسان كاذب، أيدٍ سافكة دمًا بريئًا، قلب ينشئ أفكارًا رديئة، أرجل سريعة الجريان إلى السوء، شاهد زور يفوه بالأكاذيب، وزارع خصومات بين إخوة" (أم6: 16-19).
ولكي يتحاشى الإنسان تهييج الخصام يحتاج إلى اقتناء الاتضاع والبعد عن الغضب لأن الكتاب يقول "المنتفخ النفس يهيج الخصام" (أم28: 25) وأيضا "الغضوب يهيج الخصام" (أم29: 22).
كان الرسل صانعي سلام وكانوا دائمًا يطلبون السلام للتلاميذ "لتكثر لكم النعمة والسلام" (1بط1: 2، 2بط1: 2). لقد نشروا سلام المسيح على الأرض..
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 03 - 2014, 04:06 PM   رقم المشاركة : ( 54 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

طوبى للمطرودين من أجل البر

في التطويب الثامن قال السيد المسيح: "طوبى للمطرودين من أجل البر لأن لهم ملكوت السماوات" (مت5: 10). وردت كلمة "المطرودين من أجل البر"بمعنى "المضطهدين من أجل البر". فالطرد هو مظهر من مظاهر الاضطهاد. والمطاردة أيضًا مظهر مشابه من مظاهر الاضطهاد.
المولود أعمى الذي شفاه السيد المسيح طرده اليهود خارج المجمع لأنه دافع عن الذي شفاه وشهد للحق. وقد تعرض للشتم ثم طردوه خارجًا. فوجده يسوع وأعطاه المزيد من النعمة والبركة بأن أعلن له أنه هو ابن الله. فآمن الرجل بالمسيح وسجد له.
لقد كافأه السيد المسيح على ما تعرض له من تحقيقات وتعييرات انتهت بطرده من الجماعة، فمنحه أعظم عطية في الوجود وهى: معرفة ابن الله الوحيد والإيمان به.. هذا هو الطريق المؤدى إلى الحياة الأبدية.
وعندما قُتل إسطفانوس رئيس الشمامسة وأول الشهداء خارج مدينة أورشليم، حدث اضطهاد على الكنيسة في أورشليم فالذين تشتتوا جالوا مبشرين بالكلمة. وبدأت الكنيسة تنتشر خارج أورشليم (انظر سفر أعمال الرسل الأصحاح الثامن).
إن احتمال الآلام والاضطهادات من أجل السيد المسيح هو شرف يناله الإنسان. لذلك فإن الآباء الرسل حينما ألقى كهنة اليهود القبض عليهم ووضعوهم في الحبس العام وفتح لهم ملاك الرب أبواب السجن ليلًا وأخرجهم وقال لهم امضوا وقفوا في الهيكل وكلموا الشعب بجميع كلمات تلك الحياة. فدخلوا الهيكل نحو الفجر وطفقوا يعلمون، فقبضوا عليهم مرة أخرى وانتهروهم وتشاوروا على قتلهم. ولما ردهم غمالائيل عن ذلك دعوهم "وجلدوهم وأوصوهم أن لا يتكلموا باسم يسوع ثم أطلقوهم. وأما هم فذهبوا فرحين من أمام المجمع لأنهم حسبوا مستأهلين أن يهانوا من أجل اسمه. وكانوا لا يزالون كل يوم في الهيكل وفي البيوت معلمين ومبشرين بيسوع المسيح" (أع5: 40-42).

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
لقد اعتبر الرسل الإهانة والجلد من أجل اسم السيد المسيح هو شرف لا يستحقونه وفرحوا أنهم حسبوا مستحقين لذلك.. هذه هي النظرة المسيحية الأصيلة لاحتمال الاضطهادات من أجل المسيح.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
المحبة تختبر بالآلام

إن المحبة تختبر بالألم. فالمحبة الحقيقية هي التي تتألم من أجل من تحب.
السيد المسيح أظهر محبته لنا حينما تألم عنا.. حينما احتمل الجلد عوضًا عن الخطاة. وقال عن ذلك القديس بطرس الرسول: "الذي بجلدته شفيتم" (1بط2: 24).
وليس هناك حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه من أجل أحبائه.. هكذا وضع السيد المسيح نفسه عن خرافه، حسب قوله المبارك: "وأنا أضع نفسي عن الخراف" (يو10: 15).
القديسون يعتبرون الألم فرصة ثمينة تتاح لهم ليعبروا عن محبتهم لفاديهم المسيح وعِرفانهم بفضله وجميله في موته بعدما تألم ليخلّصهم من الهلاك الأبدي.
إن الكنيسة تبادل عريسها المسيح محبته وتفرح بأن تتألم من أجله. وتقهر الشيطان بشركتها مع المسيح؛ كقول بولس الرسول: "لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه متشبهًا بموته" (فى3: 10)، وقوله: "من أجلك نُمات كل النهار قد حسبنا مثل غنم للذبح.. يعظم انتصارنا بالذي أحبنا" (رو8: 36، 37). وقيل عن الشهداء "وهم غلبوه (أى الشيطان) بدم الخروف وبكلمة شهادتهم ولم يحبوا حياتهم حتى الموت" (رؤ12: 11).
إن الشيطان يتذكر هزيمته بالصليب حينما يرى المسيحيين وهم يحتملون الآلام في شركة المحبة الحقيقية مع المصلوب. أولئك الذين آمنوا بقوة الدم الإلهي في هزيمة الشيطان وتحطيم سلطته، يغلبون الشيطان وهم متحدون بالدم المقدس في سر الافخارستيا، ومؤمنون بفاعليته، ويشهدون للمسيح بكلمة الشهادة.. بكلمة الحق.. ببشرى الخلاص بالصليب والقيامة.
إن إيمان الشهداء بالقيامة إيمانًا حقيقيًا -جعلهم يستخفون بالموت.. وإيمانهم بالحياة الأبدية وما فيها من سعادة لا تقاس بآلام هذا الزمان الحاضر- جعلهم يستعذبون الآلام إعلانًا عن محبتهم للملك المسيح.
كانت دماؤهم هي التي روت بذار الإيمان في حياة الكثيرين،لأن حبة الحنطة التي وقعت في الأرض وماتت لا يمكن أن تذهب إلى لا شيء ولكنها تأتى بالثمر الكثير.
لقد انتشرت المسيحية بدماء الشهداء الذين قبلوا الآلام والموت بكل فرح في محبتهم للسيد المسيح.
لهذا كله قال القديس يعقوب الرسول: "احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة. عالمين أن امتحان إيمانكم ينشئ صبرًا" (يع1: 2، 3).
إن امتحان الإيمان هو امتحان لمدى اقتران الإيمان بالمحبة. فالإيمان الذي يخلو من المحبة لا يعتبر إيمانًا بل هو ميت.
المحبة تمتحن بالآلام وتظهر في الصبر.. المحبة التي "تحتمل كل شيء.. وتصبر على كل شيء" (1كو13: 7). وقد حذّر السيد المسيح تلاميذه ليستعدوا للصعاب التي ستواجههم. فقال لهم في ليلة آلامه: "إن كان العالم يبغضكم فاعلموا أنه قد أبغضني قبلكم.. اذكروا الكلام الذي قلته لكم ليس عبد أعظم من سيده. إن كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم، وإن كانوا قد حفظوا كلامي فسيحفظون كلامكم. لكنهم إنما يفعلون بكم هذا كله من أجل اسمي لأنهم لا يعرفون الذي أرسلني" (يو15: 18، 20، 21).
كذلك الآباء الرسل حذّروا المؤمنين من التعجب مما يصيبهم من آلام، مثل قول الرسول بطرس: "أيها الأحباء لا تستغربوا البلوى المحرقة التي بينكم حادثة.. كأنه قد أصابكم أمر غريب. بل كما اشتركتم في آلام المسيح افرحوا، لكي تفرحوا في استعلان مجده أيضًا مبتهجين. إن عيرتم باسم المسيح فطوبى لكم لأن روح المجد والله يحل عليكم" (1بط4: 12-14).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
والرسول هنا يشير إلى حقيقتين:

الأولى: إن من يشترك مع المسيح في الآلام سيتمتع بمجده.
والثانية: إن احتمال الآلام والتعييرات من أجل اسم المسيح يؤدى إلى الامتلاء من الروح القدس "روح المجد والله يحل عليكم".
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 03 - 2014, 04:07 PM   رقم المشاركة : ( 55 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

طوبى لكم إذا عيروكم وطردوكم

الأقاويل الكاذبَة

في التطويب التاسع قال السيد المسيح: "طوبى لكم إذا عيروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من أجلى كاذبين، افرحوا وتهللوا لأن أجركم عظيم في السماوات، فإنهم هكذا طردوا الأنبياء الذين قبلكم" (مت5: 11، 12).
قد يفرح الإنسان باحتمال الآلام والطرد من أجل السيد المسيح كما شرحنا. ولكن الأمر الأكثر صعوبة هو أن يفرح بأن تُقال عليه كل كلمة شريرة من أجل السيد المسيح كذبًا وافتراءً.
ربما يقلق الإنسان الروحي إذا قيل عليه كلام افتراء خشية أن يسبب ذلك عثرة للآخرين. خاصة إذا كان هذا الإنسان خادمًا للمسيح، مطالبًا بأن يعتني بأمور حسنة قدام جميع الناس، وأن يكون هو نفسه قدوة في الأعمال الصالحة لمنفعة الذين يخدمهم.
هنا تكمن الصعوبة في أن يفرح بأن تقال عليه أقاويل شريرة قد تسئ إلى سمعته وتشوه صورته، وتهدم ما بناه في الخدمة من أجل السيد المسيح.

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
والعجيب هنا أن السيد المسيح هو نفسه الذي يمنح التطويب لمن يتعرض لهذا الحال المثير للحيرة والاضطراب.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
ما هي أسباب الفرح

نحتاج هنا إلى مناقشة أسباب الفرح في مثل هذه الظروف:
أولًا: السيد المسيح قال: "افرحوا وتهللوا لأن أجركم عظيم في السماوات". من أسباب الفرح أن لهذا الأمر أجرًا عظيمًا في ملكوت السماوات.
ثانيًا: اختبار شركة الآلام والأمجاد مع المسيح:
إن السيد المسيح قد احتمل التعييرات على الصليب، ونسبت إليه اتهامات باطلة كثيرة، واختار له اليهود الموت صلبًا. "لأن المعلق (على الخشبة) ملعون من الله" (تث21: 23) حسب الشريعة اليهودية. وبهذا يُثبتون عليه أنه ملعون من الله، وبالتالي لا يستحق التقدير كمرسل من الآب إلى العالم كما كان يقول عن نفسه.
احتمل السيد المسيح كل سخرية اليهود، واستهزائهم، وكذلك هزء وسخرية الجند الرومان الذين كانوا يسخرون منه حينما سمعوا أن المؤمنين قد لقبوه "ملك اليهود".
وقد سبق داود النبي فتنبأ في المزمور عن سخرية اليهود من السيد المسيح فقال: "أنا.. عار عند البشر ومحتقر الشعب. كل الذين يرونني يستهزئون بي. يفغرون الشفاه وينغضون الرأس قائلين: اتكل على الرب فلينجه. لينقذه لأنه سُرّ به" (مز22: 6-8).
ولكن داود عاد وتنبأ في نفس المزمور عن قيامة السيد المسيح فقال: "أخبر باسمك إخوتي في وسط الجماعة أسبحك.. لأن للرب المُلك وهو المتسلط على الأمم" (مز 22: 22، 28).
وقد سجل معلمنا متى الإنجيلي تعييرات اليهود للسيد المسيح فقال: "وكان المجتازون يجدفون عليه وهم يهزون رؤوسهم قائلين: "يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيام، خلّص نفسك. إن كنت ابن الله فانزل عن الصليب وكذلك رؤساء الكهنة أيضًا وهم يستهزئون مع الكتبة والشيوخ قالوا: خلّص آخرين، وأما نفسه فما يقدر أن يخلصها. إن كان هو ملك إسرائيل فلينزل الآن عن الصليب فنؤمن به. قد اتكل على الله فلينقذه الآن إن أراده. لأنه قال أنا ابن الله" (مت27: 39-43).
ولما قام السيد المسيح وصار الرسل يبشرون بقيامته شعر اليهود أن قيامة السيد المسيح قد بددت كل مؤامراتهم،وظهر بر المسيح، لأن الآب أقامه من الأموات، ناقضًا أوجاع الموت. لهذا طلب رؤساء اليهود بإلحاح من الآباء الرسل أن لا يكرزوا بقيامة السيد المسيح وقالوا لهم: "تريدون أن تجلبوا علينا دم هذا الإنسان" (أع5: 28). بمعنى أن القيامة حينما تتأكد حقيقتها فإنها تظهر أن الرب يسوع قد حكم عليه بالموت ظلمًا، وأن على اليهود دم برئ سوف يطالبهم الله به.
لذلك قال معلمنا بطرس الرسول: "يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما أنتم أيضًا تعلمون. هذا أخذتموه مسلّمًا بمشورة الله المحتومة وعلمه السابق وبأيدي أثمة صلبتموه وقتلتموه. الذي أقامه الله ناقضًا أوجاع الموت إذ لم يكن ممكنًا أن يمسك منه" (أع2: 22-24).
إذن فجميع الادعاءات الباطلة التي نطق بها اليهود ضد السيد المسيح، قد أزالتها القيامة المجيدة.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
الإيمان بعمل الله وقدرته

إن من يؤمن بعمل الله وقدرته، يمكن أن يفرح إذا قيلت ضده افتراءات ومزاعم كاذبة.. لأن الله قادر أن يرد على هذه الافتراءات.
إن الرب له طريقة عجيبة في الدفاع عن سُمعة قديسيه ومختاريه.. لذلك لا ينبغي أن يقلق أحد في وسط أعاصير الاتهامات الباطلة.. لأن الرب سوف يقاتل عنه.. ولن يسمح بأن تصير هناك عثرة إن كان هو بريئًا من هذه الاتهامات.
حتى لو اضطرت الظروف الإنسان أن يصمت.. أو ألا يدافع عن نفسه.. فإن الرب سوف يدافع عنه، ويريه كيف يستطيع أن يتمجد سلاح البر ذات اليمين وذات اليسار.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 03 - 2014, 04:08 PM   رقم المشاركة : ( 56 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

أنتم ملح الأرض

بعد انتهاء التطوبيات قال السيد المسيح لتلاميذه: "أنتم ملح الأرض، ولكن إن فسد الملح فبماذا يملّح؟! لا يصلح بعد لشيء إلا لأن يُطرح خارجًا ويُداس من الناس" (مت5: 13).
الملح هو الذي يعطى للطعام مذاقه.. كما أنه يستخدم في حفظ الأطعمة من الفساد. وبعض أنواع الأملاح تستخدم لتسميد الأراضي الزراعية.
حينما يقول السيد المسيح: "أنتم ملح الأرض" يقصد أن المسيحي الحقيقي هو الذي يعطى لحياة البشر مذاقتها. فبالرغم من أن كميته تكون قليلة إلا أنه يملح طعامًا كثيرًا. هكذا يستطيع تلميذ الرب بقدوته الصالحة أن يؤثر في حياة الكثيرين ويجتذبهم إلى الحياة مع الله. كما أنه يمنع الفساد الروحي عن كثير من البشر، كقول الكتاب "من رد خاطئًا عن ضلال طريقه، يخلص نفسًا من الموت ويستر كثرة من الخطايا" (يع5: 20).
ولعلنا نذكر قصة سدوم وعمورة حينما قال الله لإبراهيم أنه لو وُجد في المدينة عشرة من الأبرار، لما أهلك من أجل العشرة (انظر تك18: 32).
إن مجرد وجود إنسان قديس في وسط أناس كثيرين، يمنع بلايا ومصائب كثيرة، ويمنع غضب الله من أن يحل على المكان بسبب شرور بعض الموجودين فيه.
إن وُجد مثل هذا القديس يعطى أملًا أن ينصلح شأن ذلك المكان، وأن يعود الأشرار عن خطاياهم بالتوبة لسبب سيرة هذا القديس التي تهز مشاعرهم وتوبّخ خطاياهم.
ومن خصائص الملح الذي يوضع في الطعام، أنه يذوب ويتلاشى ويختفي، ولكنه يؤثر تأثيرًا قويًا في هذا الطعام.

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
هكذا أولاد الله في هذا العالم؛ يخفون ذواتهم ويبذلون أنفسهم من أجل مجد الله وخلاص الناس. ولكن بالرغم من إخفائهم لذواتهم إلا أن تأثيرهم يكون قويًا.. وبالرغم من بذل أنفسهم إلا أنهم لا يضيعون، بل على العكس كما قال السيد المسيح "من وجد حياته يضيعها، ومن أضاع حياته من أجلى يجدها" (مت10: 39).
إن الذات هي أكبر معطل لعمل الله في حياة الإنسان تعطّل خلاص الإنسان وتعطّل عمل الله فيه. بينما يتمجد الله كثيرًا من خلال النفس المبذولة، كما تمجد من خلال ذبيحة ابنه الوحيد على الصليب الذي تألم من أجل خلاصنا، وبعدما قام من الأموات قال لتلاميذه: "كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده" (لو24: 26).
الإنسان المسيحي الحقيقي عليه مسئولية كبيرة تجاه خلاص الآخرين والمحافظة عليهم من الفساد الموجود في العالم. لهذا قال السيد المسيح لتلاميذه: "أنتم ملح الأرض، ولكن إن فسد الملح فبماذا يملح؟!" (مت5: 13).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
فساد الملح

المفروض أن يكون الملح هو الحافظ للطعام من الفساد.
المفروض أن يكون الخدام هم الحافظين للمخدومين من الفساد.
المفروض أن يكون الوعّاظ هم أنفسهم قدوة للآخرين في أفعالهم قبل أقوالهم.
المفروض في الكهنة أن يمارسوا حياة التوبة والقداسة، وأن يقودوا غيرهم في هذا الطريق.
المفروض في الإنسان المسيحي عمومًا أن يكون سبب بركة وخلاص وحفظ للعالم من الشرور والفساد.
فإذا فسد الملح فكيف يحفظ غيره من فساد الخطية؟
إن شجرة ردية لا تقدر أن تصنع أثمارًا طيبة كما قال السيد المسيح: "هل يجتنون من الشوك عنبًا، أو من الحسك تينًا؟!" (مت7: 16).
قبل أن نسعى لخلاص الآخرين، علينا أن نعتني بخلاص أنفسنا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وقبل أن ندعو الآخرين للتوبة، علينا أن نقود أنفسنا في حياة التوبة، كقول معلمنا بولس الرسول: "أقمع جسدي وأستعبده حتى بعدما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضًا" (1كو9: 27).
يُطرح خارجًا ويُداس من الناس
"إن فسد الملح فبماذا يُملّح؟ لا يصلُح بعد لشيء إلا لأن يُطرح خارجًا ويُداس من الناس" (مت5: 13).
إنه موقف خطير، وموقف مهين أن يفسد الملح الذي كان المفترض فيه أن يحفظ غيره من الفساد.
الذي يقول للناس لا تكذبوا، أيكذب؟!
والذي يقول للناس لا تسرقوا، أيسرق؟!
والذي يقول للناس عيشوا بالقداسة، أيدنّس هو المقدسات؟!
إن من يتبع السيد المسيح فكما سلك ذاك، ينبغي أن يسلك هو أيضًا وإلا صار موضع هزء وسخرية وازدراء من الآخرين. لأنه فيما هو يدّعى أنه يخدم المسيح، فإن الاسم الحسن يجدف عليه بسببه. علينا أن نلاحظ أنفسنا باستمرار لكي نكون ملحًا جيدًا في هذه الأرض.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 03 - 2014, 04:09 PM   رقم المشاركة : ( 57 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

أنتم نور العالم

بعد أن قال السيد المسيح لتلاميذه "أنتم ملح الأرض.. "أكمل قائلًا: "أنتم نور العالم. لا يمكن أن تخفى مدينة موضوعة على جبل. ولا يوقدون سراجًا ويضعونه تحت المكيال، بل على المنارة، فيضئ لجميع الذين في البيت. فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السماوات" (مت5: 14-16).
العالم يحتاج إلى النور. وحينما كان السيد المسيح في حياته على الأرض قال: "ما دمت في العالم فأنا نور العالم" (يو9: 5).
ولأن السيد المسيح كان سوف يصعد إلى السماء من حيث أتى، قال لتلاميذه: "أنتم نور العالم" أي أنهم سوف يعكسون نور السيد المسيح بحياتهم المقدسة.
السيد المسيح هو النور الحقيقي كما كُتب في الإنجيل "كان النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان آتيًا إلى العالم" (يو1: 9). أي أن الرب يسوع المسيح باعتباره الله الكلمة الظاهر في الجسد يملك شخصيًا هذا النور - إذ هو والآب بنفس الجوهر الإلهي الواحد- لذلك فهو النور الحقيقي.

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
كما قالقداسة البابا شنودة الثالث- أطال الرب حياته- إن الفرق بين السيد المسيح وبين تلاميذه من حيث أنه هو نور العالم، والتلاميذ هم نور العالم، أن التلاميذ يعكسون نور المسيح. أما المسيح فهو نور في ذاته ولا يعكس نورًا خارجيًا.. لهذا دعى بلقب "النور الحقيقي". وقيل عن الله أنه نور "الله نور وليس فيه ظلمة" (1يو1: 5). فحينما يُقال عن السيد المسيح أنه هو النور الحقيقي فذلك لأنه هو الله الكلمة وهو الحق. وكتب معلمنا بولس الرسول عن السيد المسيح أنه هو "بهاء مجد الله الآب" (انظرعب1: 3).
كذلك قال القديس يوحنا في إنجيله عن الرب يسوع المسيح: "رأينا مجده مجدًا كما لوحيد من الآب مملوءًا نعمةً وحقًا" (يو1: 14).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
بين النور والظلمة

منذ بداية خلق العالم "فصل الله بين النور والظلمة. ودعا الله النور نهارًا، والظلمة دعاها ليلًا" (تك1: 4، 5).
قبل خلق النور المادي "كانت الأرض خرِبة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة، وروح الله يرف على وجه المياه" (تك1: 2).
"وقال الله: ليكن نور فكان نور. ورأى الله النور أنه حسن. وفصل الله بين النور والظلمة.." (تك1: 3، 4).
باستمرار الله يريد أن يفصل بين النور والظلمة، وبالأكثر في الأمور الروحية. لهذا قال الرب بفم إشعياء النبي: "ويل للقائلين للشر خيرًا، وللخير شرًا. الجاعلين الظلام نورًا، والنور ظلامًا. الجاعلين المر حلوًا، والحلو مرًا" (إش5: 20).
وقال معلمنا بولس الرسول: "لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين.. لأنه أية شركة للنور مع الظلمة" (2كو6: 14).
النور يشير إلى معرفة الحق، والظلمة تشير إلى الجهل به.
لهذا قال السيد المسيح: "من يتبعني فلا يمشى في الظلمة، بل يكون له نور الحياة" (يو8: 12).
وقيل في سفر الحكمة "أما الجاهل فيسلك في الظلام" (جا2: 14).
النور يشير إلى الحياة، والظلمة تشير إلى الموت.
لهذا قيل عن السيد المسيح: "أبطل الموت وأنار الحياة" (2تى1: 10).
النور يشير إلى سلطان الله، والظلمة تشير إلى سلطان إبليس.
مثلما كلّم السيد المسيح شاول الطرسوسى (أي بولس الرسول) عندما ظهر له في نور من السماء أفضل من لمعان الشمس قائلًا: "قم وقف على رجليك لأني لهذا ظهرت لك لأنتخبك خادمًا وشاهدًا بما رأيت وبما سأظهر لك به. منقذًا إياك من الشعب ومن الأمم الذين أنا الآن أرسلك إليهم، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات إلى نور، ومن سلطان الشيطان إلى الله. حتى ينالوا بالإيمان بي غفران الخطايا ونصيبًا مع المقدسين" (أع26: 16-18).
النور يشير إلى ملكوت السماوات، والظلمة تشير إلى موضع الهلاك الأبدي.
مثلما قيل عن أورشليم السمائية: "والمدينة لا تحتاج إلى الشمس ولا إلى القمر ليضيئا فيها. لأن مجد الله قد أنارها والخروف سراجها" (رؤ21: 23). وقيل عن الهلاك الأبدي: "والعبد البطال اطرحوه إلى الظلمة الخارجية. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان" (مت25: 30).
النور يشير إلى حياة القداسة، والظلمة تشير إلى حياة الخطية. مثلما قال السيد المسيح: "وهذه هي الدينونة أن النور قد جاء إلى العالم وأحب الناس الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة. لأن كل من يعمل السيآت يبغض النور، ولا يأتي إلى النور لئلا توبخ أعماله. وأما من يفعل الحق، فيُقبل إلى النور لكي تظهر أعماله أنها بالله معمولة" (يو3: 19-21).
النور يشير إلى الفرح والرجاء، والظلمة تشير إلى الخوف والحزن واليأس وقطع الرجاء.. لذلك يقول المرنم: "نور أشرق للصديقين، وفرح للمستقيمي القلوب. افرحوا أيها الصديقون بالرب" (مز96: 11، 12). فالنور والفرح متلازمان. أما عن الأشرار وطريقهم فيقول النبي: "لأن الأنبياء والكهنة تنجسوا جميعًا، بل في بيتي وجدت شرهم يقول الرب. لذلك يكون طريقهم لهم كمزالق في ظلام دامس، فيطردون ويسقطون فيها. لأني أجلب عليهم شرًا سنة عقابهم يقول الرب" (أر23: 11، 12).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
لا يمكن إخفاء النور

العالم يحتاج إلى النور. وأولاد الله مطلوب منهم أن يكونوا نورًا للعالم، هذه هي رسالتهم التي طلبها منهم السيد المسيح. والنور يضئ في الظلمة، كلما زادت الحاجة إلى النور. لذلك فكلما زادت خطايا البشر في جيل من الأجيال، كلما ازدادت الحاجة إلى قديسين ينيرون في وسط هذا الجيل. كقول القديس بولس الرسول: "لكي تكونوا بلا لوم وبسطاء، أولادًا لله بلا عيب، في وسط جيل معوج وملتوٍ، تضيئون بينهم كأنوار في العالم" (فى2: 15).
إن مصباحًا واحدًا يستطيع أن يضئ حجرة بأكملها.. هكذا يستطيع قديس واحد أن ينير مدينة بأكملها، ومهما حاول القديس أن يخفى قداسته، فإنه لا يستطيع كقول المزمور عن عمل الرب أنه "يُخرج مثل النور برك" (مز37: 6).
لهذا قال السيد المسيح: "لا يمكن أن تخفى مدينة موضوعة على جبل. ولا يوقدون سراجًا ويضعونه تحت المكيال، بل على المنارة فيضئ لجميع الذين في البيت. فليضئ نوركم هكذا قدام الناس" (مت5: 14-16). إن النور إذا وضع داخل مصباح من الزجاج فإنه لا يحتجب، هكذا مهما حاول القديس إخفاء فضائله فإنها تنكشف بزيادة إذ يشتد نور المسيح في حياته من خلال فضيلة الاتضاع، وتزداد شفافيته مثل الزجاج الشفاف، لسبب البساطة التي في المسيح.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 03 - 2014, 04:10 PM   رقم المشاركة : ( 58 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

ما جئت لأنقض بل لأكمل

بعد أن عدّد السيد المسيح التطويبات الرائعة ودعوته لتلاميذه أن يكونوا ملحًا للأرض ونورًا للعالم، انتقل في موعظته الخالدة إلى مجال آخر من التعليم: وهو شرح علاقة وصايا العهد الجديد بوصايا العهد القديم، وعلاقة ما كتبه الأنبياء في العهد القديم بما سوف يُكتب في الأناجيل المقدسة وباقي أسفار العهد الجديد فقال: "لا تظنوا أنى جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل" (مت5: 17).
الله هو هو نفسه الذي أعطى شريعة العهد القديم وشريعة العهد الجديد.. الذي تكلم مع موسى على جبل سيناء هو نفسه الذي تكلم مع التلاميذ في الموعظة على الجبل.. الله لم يتغيّر على الإطلاق، ولكن حال الإنسان هو الذي تغيّر بمجيء المخلص. كقول إشعياء النبي "الشعب السالك في الظلمة أبصر نورًا عظيمًا" (إش9: 2).
لم يقصد السيد المسيح أن ينقض شريعة العهد القديم، بل احتفظ بكل جوهرها.. لهذا قال بفمه الإلهي: "ما جئت لأنقض بل لأكمّل" (مت5: 17).
ففي وصية "لا تزن" (خر20: 14، تث5: 18) التي قيلت للقدماء، لم يكتف السيد المسيح بعدم الزنى الفعلي بل قال: "كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه" (مت5: 28).
أي أن الإنسان ينبغي أن يتحرر من الخطية من الداخل، وليس من الخارج فقط. لأن السيد المسيح قد جاء ليحرر الإنسان من سبى الخطية، ومن عبودية الشيطان وتأثيراته. وقال للجميع: "إن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارًا" (يو8: 36).

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
الحرية الكاملة من الخطية داخليًا وخارجيًا يلزمها عطية النعمة التي منحها الله لأولاده في العهد الجديد.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
شريعة الكمال

وصايا العهد الجديد هي كمال الوصية، ولذلك تطلق الكنيسة على السيد المسيح (مشرع شريعة الكمال وواضع ناموس الأفضال).
* إن وصية عدم الزنى الفعلي؛ تطوّرت إلى عدم الزنا لا بالفعل ولا بالفكر.
* ووصية عدم القتل؛ تطوّرت إلى وصية عدم الغضب وعدم الكراهية في القلب.
* ووصية عدم الحنث بالقسم؛ تطوّرت إلى وصية عدم القسم على الإطلاق.
* ووصية محبة القريب وبغض العدو؛ تطوّرت إلى وصية محبة الأعداء، والإحسان إليهم، والصلاة من أجل خلاصهم من الهلاك الأبدي وعبودية الشيطان. واتسع مفهوم القريب إلى كل إنسان في البشرية، وانحصر مفهوم بغضة العدو في بغضة الشيطان والشر بصفة عامة.
* ووصية من طلق امرأته (لأي سبب) فليعطها كتاب طلاق؛ تطوّرت إلى عدم السماح بالطلاق بين زوجين مسيحيين إلا لعلة الزنا.. ولا زواج للمطلقين لخطئهم.
لقد عاشت البشرية في ظل شريعة الناموس وهى شريعة الجسد أو شريعة العبودية زمنًا طويلًا حتى جاء السيد المسيح وأعطى شريعة البنوة التي هي شريعة الكمال. وإلا فما فائدة تجسد ابن الله الوحيد ومجيئه إلى العالم وصلبه وموته وقيامته وإرساله الروح القدس لتولد الكنيسة في يوم الخمسين؟!
البعض ينتقدون شريعة العهد القديم. ولكن هذا النقد غير لائق. لأن الإنسان لم يكن يحتمل أن يحيا حسب شريعة الكمال بدون الفداء، والميلاد الفوقاني، ومعونة الروح القدس وعمله في أسرار الكنيسة السبعة.
الوصية مقدسة؛ ولكن الإنسان لم يكن بإمكانه أن ينفذ أكثر مما ورد في شريعة موسى قبل إتمام الفداء.
ربما توجد لمحات أو تجليات في ظروف خاصة أشارت إلى حياة العهد الجديد مثل امتناع داود الملك الممسوح عن قتل شاول الملك المرفوض، الذي كان يطارده بغية قتله؛ لأنه قال: "حاشا لي من قِبل الرب أن أمد يدي إلى مسيح الرب" (1صم26: 11). ولكن داود النبي في موقف آخر قتل قائدًا مخلِصًا من قواده في الجيش هو "أوريا الحثي" في محاولة منه لإخفاء خطيته مع بتشبع زوجة أوريا (انظر 2صم 11).
لم يكن من الممكن أن يُطالب الله البشر من أبنائه بحياة الكمال وبوصايا الكمال إلا في عهد النعمة والمصالحة والخلاص والتجديد.
كيف يطالب الله الإنسان بمحبة الأعداء، قبل أن يمنحه قلبًا جديدًا نقيًا مؤيدًا بقوة الروح القدس الذي يمنح الإنسان المتمتع بالخليقة الجديدة ثمرة المحبة. لأن "ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان" (غل5: 22).
إن ثمرة المحبة التي يمنحها الروح القدس للإنسان هي ثمرة فائقة للطبيعة بقدرات فائقة لا يقوى عليها البشر العاديون. ولكن ينالها المؤمنون الذين يقبلون الروح القدس بعد التجديد بحميم الميلاد الجديد.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
تجديد الروح القدس

تكلّم معلمنا بولس الرسول عن حالة الإنسان في العهد الجديد الذي يؤمن إيمانًا حقيقيًا بالمسيح وينال العماد المقدس بواسطة الكنيسة وينقاد بالروح القدس، متحررًا من الإنسان العتيق الذي ولد به بحسب الجسد من أبويه؛ فقال في رسالته إلى تلميذه الأسقف تيطس: "ولكن حين ظهر لطف مخلصنا الله وإحسانه لا بأعمال في بر عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلصنا بغُسْل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدسالذي سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلصنا" (تى3: 4-6).
هذا هو السر في وصايا العهد الجديد: إن الإنسان بنيله البنوة لله والتجديد بالميلاد الفوقاني، وبثباته في المسيح بوسائط النعمة، يستطيع أن يسلك في شريعة الكمال المسيحي. ويتحقق فيه قول السيد المسيح: "كونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات هو كامل" (مت5: 48)،وكذلك قول معلمنا بطرس الرسول: "نظير القدوس الذي دعاكم كونوا أنتم أيضًا قديسين في كل سيرة" (1بط1: 15).
إن الرب لم يتغيّر بين العهد القديم والعهد الجديد. ولكن الإنسان هو الذي تغيّر وهكذا كان يلزم أن تأتى الوصية في كمالها بعد حدوث التغيير لأن "المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح" (يو3: 6).
في العهد القديم كان الناموس والكهنوت اللاوي والذبائح الحيوانية، وفي العهد الجديد جاءت وصايا الكمال والكهنوت المسيحي والذبيحة الكاملة لابن الله الوحيد "فإن الناموس يقيم أناسًا بهم ضعف رؤساء كهنة. وأما كلمة القسم التي بعد الناموس فتقيم ابناً مكملًا إلى الأبد" (عب7: 28).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
إله العهدين

البعض يتصورون أن إله العهد القديم يختلف عن إله العهد الجديد. ولكن الله لم يتغيّر، وهذا هو السبب في الوصول بالإنسان إلى وصايا الكمال التي للعهد الجديد.
الفرق بين شريعة العهد القديم وشريعة العهد الجديد يجعلنا نشعر بقيمة الفداء والتجديد الذي أجراه السيد المسيح بموته المحيى، وبإرساله للروح القدس حسب وعد الآب لخلاص المؤمنين.
لم يكن من الممكن أن يطالب الله الإنسان بأكثر مما طلبه منه في شريعة العهد القديم مثل وصية "تحب قريبك وتبغض عدوك" (مت5: 43). لأن محبة القريب في حد ذاتها لم تكن سهلة على الإنسان الذي عاش في العداوة مع الله ومع نفسه ومع أخيه الإنسان.
هذه العداوة القديمة التي سببتها الخطية قد هدمها السيد المسيح بصليبه المحيى مثل قول الكتاب "ويصالح الاثنين في جسد واحد مع الله بالصليب قاتلًا العداوة به" (أف2: 16).
لم يكن الإنسان أيضًا في العهد القديم يملك سيف الروح الذي قال عنه السيد المسيح "أُعطيكم فمًا وحكمة لا يقدر جميع معانديكم أن يقاوموها أو يناقضوها" (لو21: 15) وقال أيضًا: "لستم أنتم المتكلمين بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم" (مت10: 20). ولذلك كان أسلوب الإنسان المتعبد لله في مقاومته لحروب الوثنيين يختلف في العهد القديم عنه في العهد الجديد.
الله لم يتغيّر، ولكن حال الإنسان هو الذي تغيّر بمصالحته مع الله وبتجديده "بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس" (تى3: 5).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
الناموس والأنبياء

قال السيد المسيح لتلاميذه بعد الصلب والقيامة: "لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب عنى في ناموس موسى والأنبياء والمزامير" (لو24: 44)
وبهذا أوضح الرب أهمية أسفار العهد القديم، وأنها موحى بها من الله، وأنها كلام إلهي، كل ما فيه صدق ولابد أن يتحقق.
وعندما ظهر لتلاميذه بعد القيامة "حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب" (لو24: 45).
إن كتب العهد القديم في شهادتها للسيد المسيح وكل ما يخص رسالته الخلاصية هي من أعظم الأدلة على صدق الديانة المسيحية.. لأن الله قد سبق فأنبأ بفم أنبيائه القديسين عن "الخلاص الذي فتش وبحث عنه أنبياء الذين تنبأوا عن النعمة التي لأجلكم باحثين أي وقت أو ما الوقت الذي كان يدل عليه روح المسيح الذي فيهم إذ سبق فشهد بالآلام التي للمسيح والأمجاد التي بعدها. الذين أُعلن لهم أنهم ليس لأنفسهم بل لنا كانوا يخدمون بهذه الأمور التي أُخبرتم بها أنتم الآن بواسطة الذين بشّروكم في الروح القدس المرسل من السماء" (1بط1: 10-12).
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 03 - 2014, 04:11 PM   رقم المشاركة : ( 59 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة

بعد أن أوضح السيد المسيح أنه لم يأت لينقض الناموس أو الأنبياء، وأنه ما جاء لينقض بل ليكمل. أكد هذه الحقيقة بقوله:
"فإني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض، لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل" (مت5: 18).
ورد في إنجيل القديس يوحنا قوله أن "الناموس بموسى أعطى وأما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا" (يو1: 17).
استلم موسى النبي الوصايا العشر المكتوبة بأصبع الله على لوحين من حجارة.
وأعطاه الرب تعاليم أخرى كثيرة تظهر قداسة الله ومقاصده وتدابيره من نحو البشر. وكانت الوصايا والتعاليم المعبّرة عن المقاصد الإلهية هي بإلهام من الروح القدس. وهذا الإلهام هو أمر فائق للطبيعة يتجاوز قدرات الإنسان الطبيعية، ويتجاوز اعتبارات الزمان والمكان "لم تأتِ نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (2بط1: 21).

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
وكانت الكلمات الموحى بها من الله تحمل في طياتها مسائل غاية في الدقة والإتقان. وبالرغم من أن كتبة الأسفار المقدسة قد استخدموا اللغة التي يفهمونها، والمعرفة التي تلقونها.. إلا أن الروح القدس قد أوحى بما سجلوه من كلمات في اللغات الأصلية للكتب المقدسة لكي تعبر تعبيرًا دقيقًا عن مقاصد الله.
لذلك فكل كلمة، وكل حرف، وكل نقطة لها مغزاها ومعناها الكبير. خاصة عند كتابة أسفار بلغة يتغير فيها المعنى بتغيير النقاط التي فوق أو تحت الحروف. وهذا معروف في اللغة العبرية، كما هو معروف في اللغة العربية.
ومن أمثلة أهمية دقة التعبير في الكتاب المقدس، ما أشار إليه القديس بولس الرسول في قوله: "وأما المواعيد فقيلت في إبراهيم وفي نسله. لا يقول وفي الأنسال كأنه عن كثيرين بل كأنه عن واحد. وفي نسلك الذي هو المسيح" (غل3: 16). هنا يشير معلمنا بولس الرسول إلى وعد الله لإبراهيم المدون في سفر التكوين "ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض" (تك22: 18). ومن الواضح أن الكلمة كما وردت في النص الأصلي بصيغة المفرد "نسلك" وليس في صيغة الجمع "الأنسال". ويؤكد القديس بولس أن المقصود هو شخص السيد المسيح على وجه التحديد وليس كل نسل إبراهيم.
كذلك في نبوة إشعياء النبي "ها العذراء تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمه عمانوئيل" (إش7: 14). وردت الكلمة في النص العبري لتعنى "عذراء"وليس مجرد "فتاة"أو "شابة". والكلمة مقصودة لتشير إلى الحبل البتولي بدون زرع بشر للسيدة العذراء في السيد المسيح كقول الملاك ليوسف خطيبها: "أن الذي حُبل به فيها هو من الروح القدس" (مت1: 20). وبالرغم من غرابة التعبير في وقت كتابته في زمن إشعياء النبي إلا أن الروح القدس قد قصد ذلك بصورة مؤكّدة.
لقد تحققت جميع أقوال الله في الكتب المقدسة، وكان الناموس ضروريًا للتمهيد لمجيء السيد المسيح كقول القديس بولس: "إذًا قد كان الناموس مؤدبنا إلى المسيح لكي نتبرر بالإيمان" (غل3: 24).
فعلًا لم تتحطم الأقوال التي أعلن بها الله مقاصده في الناموس ولذلك قال السيد المسيح: "إلى أن تزول السماء والأرض، لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل" (مت5: 18).
أي سوف تتحقق كل أقوال الناموس ولن تزول حتى تتحقق،فعبارة "حتى يكون الكل" تُعنى حتى يتحقق كل ما قيل في الناموس، وكل ما أشار إليه الناموس من رموز تشير إلى مجيء السيد المسيح وعمله في خلاص البشرية حتى نهاية الدهر.
لم يكن عبثًا على الإطلاق ما دوّنه موسى في أسفاره الخمسة وسوف تظل أقوال الله مصدرًا للإلهام على مدى الأجيال.
وها نحن نقف في انبهار أمام كلمات داود النبي والملك "اكشف عن عيني فأرى عجائب من شريعتك.. طريق وصاياك فهمني فأناجى بعجائبك.. دربني في سبيل وصاياك لأني به سررت.. أتلذذ بوصاياك التي أحببت. وأرفع يدي إلى وصاياك التي وددت وأناجى بفرائضك.. شريعة فمك خير لي من ألوف ذهب وفضة.. لكل كمال رأيت حدًا. أما وصيتك فواسعة جدًا" (مز118).
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 03 - 2014, 04:14 PM   رقم المشاركة : ( 60 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

من نقض إحدى هذه الوصايا

بعد أن تكلم السيد المسيح عن شريعة الكمال المسيحية في ضوء شريعة العهد القديم التي شهدت للمسيح ومهدت لمجيئه ولشريعته الكاملة قال: "فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلّم الناس هكذا يُدعى أصغر في ملكوت السماوات. وأما من عمل وعلّم فهذا يُدعى عظيمًا في ملكوت السماوات. فإني أقول لكم إنكم إن لم يزِد بركم على الكتبة والفريسيين، لن تدخلوا ملكوت السماوات" (مت5: 19، 20).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
ما هو بر الكتبة والفريسيين؟

يقول معلمنا بولس الرسول عن مثل هؤلاء: "لأنهم إذ كان يجهلون بر الله، ويطلبون أن يثبتوا بر أنفسهم لم يخضعوا لبر الله لأن غاية الناموس هي المسيح للبر لكل من يؤمن" (رو10: 3، 4).
أي أن الكتبة والفريسيين قد أرادوا أن يثبتوا بر أنفسهم بممارسة بعض الأمور الشكلية في الناموس ولم يبحثوا عن قصد الله الحقيقي من الوصية كقول بولس الرسول أيضًا: "وأما غاية الوصية فهي المحبة من قلب طاهر وضمير صالح وإيمان بلا رياء، الأمور التي إذ زاغ قوم عنها انحرفوا إلى كلام باطل يريدون أن يكونوا معلمي الناموس وهم لا يفهمون ما يقولون ولا ما يقررونه" (1تى1: 5-7). باسم الناموس صلب الكتبة والفريسيون السيد المسيح لأنهم زاغوا عن الحق ولم يفهموا الوصية.
لذلك وبّخ بطرس الرسول اليهود على قساوة قلوبهم واندفاعهم وراء مشورة المرائين فقال: "ولكن أنتم أنكرتم القدوس البار وطلبتم أن يوهب لكم رجل قاتل ورئيس الحياة قتلتموه الذي أقامه الله من الأموات ونحن شهود لذلك" (أع3: 14، 15).
وقد وبّخ السيد المسيح الكتبة والفريسيين المرائين الذي يطيلون الصلوات للتباهي ويعشرون الشبث والنعنع.. وفي نفس الوقت يأكلون بيوت الأرامل وتركوا عنهم أثقل الناموس الرحمة والحق والإيمان (انظر مت23: 23).
كذلك وبَخ القديس بولس الرسول أمثال هؤلاء فقال: "هوذا أنت تسمى يهوديًا وتتكل على الناموس وتفتخر بالله، وتعرف مشيئته، وتميز الأمور المتخالفة متعلمًا من الناموس، وتثق أنك قائد للعميان ونور للذين في الظلمة، ومهذّب للأغبياء، ومعلّم للأطفال، ولك صورة العلم والحق في الناموس. فأنت إذًا الذي تعلّم غيرك ألست تعلّم نفسك. الذي تكرز أن لا يُسرق، أتسرق؟ الذي تقول أن لا يُزنى، أتزني؟ الذي تستكره الأوثان، أتسرق الهياكل؟ الذي تفتخر بالناموس، أبتعدي الناموس تُهين الله؟ لأن اسم الله يُجدّف عليه بسببكم بين الأمم كما هو مكتوب" (رو2: 17-24).
لهذا قال السيد المسيح لتلاميذه: "إن لم يزِد بركم على الكتبة والفريسيين لن تدخلوا ملكوت السماوات" (مت5: 20). أي أنه ينبغي أن يسلكوا الوصية الإلهية بحسب غايتها الحقيقية وهى المحبة لله وللقريب من قلب طاهر وضمير صالح وإيمان بلا رياء،وحتمًا، يكون هذا الإيمان هو في المسيح الذي أعلن لنا محبة الله وقداسته وصالحنا مع الله أبيه لنسلك في القداسة والوصية الإلهية بكل حرص وبلا لوم.
عن هذا المعنى قال معلمنا بولس الرسول: "وأما الآن فقد ظهر بر الله بدون الناموس، مشهودًا له من الناموس والأنبياء. بر الله بالإيمان بيسوع المسيح إلى كل وعلى كل الذين يؤمنون" (رو3: 21، 22). لم يفرق الله بين اليهود والأمم في دعوة الجميع إلى الخلاص بالإيمان والتوبة والمعمودية والثبات في المسيح.
أما عن قول السيد المسيح: "من نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلّم الناس هكذا" (مت5: 19). فهو يقصد أن الكتبة والفريسيين كما سبق أن شرحنا كانوا ينقضون الوصايا في الخفاء أو العلن. وفي نفس الوقت يعلمون الناس حفظ الوصية. فمثل هؤلاء يسلكون في الرياء ويكونون محتقرين وليس لهم موضع في ملكوت السماوات. "وأما من عمل وعلّم فهذا يدعى عظيمًا في ملكوت السماوات" (مت5: 19).
  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
من كتاب مشتهى الأجيال: صعود المسيح
من كتاب مشتهى الأجيال: من القدس إلى قدس الأقداس
من كتاب مشتهى الأجيال: التجربة على الجبل
من كتاب مشتهى الأجيال: مصير العالم يتأرجح
من كتاب مشتهى الأجيال: يأس المخلص


الساعة الآن 09:46 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024