منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12 - 01 - 2014, 07:59 AM   رقم المشاركة : ( 51 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث

مفهومنا الخاطئ للتأخير في استجابة الله
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث

نحن نقول انتظر الرب. فهل ننتظر الرب حتى يبدأ العمل، واثقًا أنه سوف يعمل؟ كلا. فهذه تعبيرات مقدمة للمستوي البشري في الفهم. فما الحقيقة إذن؟
انتظر الرب واثقًا، ليس أنه سيعمل، بل واثقًا أنه يعمل فعلًا. وربما قبل أن نطلب منه نحن.
ربما كنيسة محتاجة إلي كاهن يرعاها، وتطلب من الرب هذا، ويبدو أن الرب قد تأخر عليها عامين أو ثلاثة، حتى أرسل لها الكاهن المطلوب..! بينما تكون الحقيقة أن الله كان يعد لها هذا الكاهن منذ ثلاثين أو أربعين عامًا مضت، قبل أن تطلب يعده بروحيات معينة، ويعلم ومعرفة وحكمة وتداريب، ويعده ربما بتجارب وضيقات، وبخبرات روحية، تجعله الشخص النافع والمناسب لهذه الكنيسة.. ونحن الذين لا نري ولا نعرف إعدادت الله، ونظنه قد تأخر!!
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 01 - 2014, 08:01 AM   رقم المشاركة : ( 52 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث

أسباب وحكمة ما نظنه تأخيرًا في استجابة الله

1- ربما يكون مجالًا لتعميق صلواتك وروحياتك.
هذا (التأخير) يجعلنا نصلي، ونتضرع ونداوم اللجاجة بقوة ومن عمق القلب، ومن عمق الاحتياج، وربما نضيف إلي الصلاة صومًا، وتذللًا أمام الله ونذرًا. مثال ذلك حنة أم صموئيل: لما كانت عاقرًا، وقد تأخر عليها الإنجاب وكانت ضرتها تغيظها، يقول الكتاب إنها "صلت غلي الرب، وبكت بكاء، ونذرت نذرًا" (1 صم 1: 9-12) وتعهدت بأن الابن الذي يعطيها الرب إياه يكون نذيرًا للرب يخدمه كل أيام حياته. وهكذا استفادت من هذا (التأخير). أو قل أن الرب وجد أن الوقت المناسب لمنحها نسلًا، هو الوقت الذي تصل فيه إلي هذه الحالة الروحية، بدون تأخير.
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
2- ربما يكون السبب أن الرب يعد طريقًا أفضل:
لو استجاب الرب ليوسف الصديق منذ أول إلقائه في السجن، ربما كان مصيره أن يخرج ليخدم فوطيفار أو سيدًا أخر، أو في أية وظيفة مماثلة ولكن (التأخير) لم يكن تأخيرًا، وإنما انتظارًا للحلم الذي يحلمه فرعون، ويفشل في معرفة تفسيره، ويكون رئيس سقاته معه، فيخبره بيوسف، ويوسف الحلم بحكمة ويصير الوزير الأول لمصر وأبًا لفرعون إذن ما بدا تأخيرًا، كان إعداد لوضع أفضل.
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
3- وربما يكون السبب هو اختيار إيماننا:
هل نتضايق حينما لا تستجاب صلواتنا في ذات الوقت؟ هل نتذمر؟ هل نلجأ إلي غيره؟ هل يشكو للكل؟ هل نجدف عليه؟ أم أننا نصبر في إيمان وفي رجاء وثقة؟.. إنه اختبار من الله لإيماننا، اختبار منا لأنفسنا. حتى إن وجدنا في أنفسنا ضعفًا، نعالجه.
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
4- وربما يكون السبب هو أن نحصل علي انسحاق القلب:
إن استجابة كل صلاة في وقتها، ربما تؤدي بنا إلي الافتخار والمجد الباطل. بينما هذا (التأخير) قد يوصلنا إي التواضع والانسحاق، فندرك أننا لسنا شيئًا..
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
5- وقد يكون السبب هو أن نصطلح مع الله:
فإن (تأخر) علينا في الاستجابة، قد نراجع أنفسنا، هل نحن أخطأنا إلي الرب، فلم يستجب بسبب خطايانا؟ وهنا نتذكر قول الرب "ارجعوا إلي فارجع إليكم" (ملا 2: 7) يقودنا هذا الأمر إلي التوبة،ويكون وصلنا إلي التوبة هو الموعد المناسب الذي حدده الله، بلا تأخير.
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
6- ربما يكون السبب هو أن ما نناله بسرعة، لا نشعر بقيمته:
وقد لا نشكر عليه، فإن (تأخرت) الاستجابة، يزداد تعلقنا بالمطالبة وشعورنا بقيمة تحقيقها، فإذا ما استجيبت بعد حين، يزداد شكرنا لله ولا ننسي إحسانه إلينا. وهذا يعمق ارتباطنا به، كذلك نحرص علي ما نلناه منه فلا نفقده بسرعة..
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
7- وربما يصبر الله علينا في الضيقة، لننال بركاتها:
إن استجاب لنا الله في التو واللحظة، ورفع عنا الضيقة، فلا يمكن أن ننال البركات التي ننالها كلمة طالت مدة الضيقة، واحتملنا وصبرنا ونأخذ بسبب ذلك أكاليل، بل نأخذ خبرات روحية أيضًا. ونأخذ فضيلة الصبر والتسليم وانتظار الرب.
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
8- وقد يكون السبب فيما نظنه تأخيرًا، هو أن الله يعد لنا بديلًا أفضل مما نطلبه:
ذلك لأن الله يعطينا دائمًا ما ينفعنا وما يناسبنا، وليس مجرد الذي نطلبه.
إن الله لا يستجيب حرفية صلواتنا، بل روحها. هو يعرف احتياجاتنا أكثر مما نعرف نحن. وهو يعرف الصالح لنا أكثر مما نعرف نحن. ويكفي أن نقول له إننا نريد، وهو يختار بحكمته ما يراه نافعًا لنا، وما يراه مطابقًا لمشيئته المقدسة المملوءة حكمة.
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
9- ربما شعورنا أن الله قد تأخر علينا، هو تعبير عن عدم إجادتنا لعبارة "لتكن مشيئتك".
إننا نقولها في الصلاة. ولكننا غالبًا لا ندخل إلي عمقها ولا ندركها ولا نغنيها. فإن تأخرت استجابة ما نطلب، علينا أن نقول له: نحن يا رب لا نفرض عليك مشيئتنا، إنما نصارحك بما في داخلنا من رغبات ومن طلبات. فإن وجدتها نافعة حققها في الوقت الذي تختاره. وإلا فلتكن مشيئتك، بكل رضي قلوبنا..
إنه تدريب علي حياة التسليم، والمبنية علي الثقة بتدابير الله.
المهم أن ننتظر الرب، بقلب مملوء بالسلام والاطمئنان، شاعرين أن قضيتنا قد استقرت في يد الله الأمينة وفي قلب الله الحنون. وهذا يكفي.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 01 - 2014, 08:02 AM   رقم المشاركة : ( 53 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث

الله العطوف

حقًا أن الله يحب أن يكون الإنسان قويًا في شخصيته، قويًا في حياته الروحية، قويًا في احتماله، في خدمته، في فهمة، في كل شيء.
ولكنه مع ذلك هو إله الضعفاء أيضًا.
يسندهم في ضعفهم، يشجعهم ويقويهم، ولا يتركهم.. بل عن مثل هؤلاء، قال السيد المسيح "روح السيد الرب علي. لأن الرب مسحني لأبشر المساكين، أرسلني لأعصب منكسري القلب، لأنادي للمسبيين بالعتيق، وللمأسورين بالإطلاق.. لأعزي كل النائحين... لأعطيهم جمالًا عوضًا عن الرماد، ودهن فرح عوضًا عن النوح، ورداء تسبيح عوضًا عن الروح اليائسة" (أ 61: 1-3).
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
نعم إنه يسند هؤلاء اليائسين والمنكسرين والنائحين. ويقول عنه:
معين من لي سله معين، ورجاء من ليس له رجاء.
عزاء صغيري النفوس، ميناء الذين في العاصف. أي انه ميناء السلامة للذين في سفن تتقاذفها الأمواج والعواصف.. كما حدث للتلاميذ، في يوم ريح شديدة وكانت. سفينتهم في وسط البحر معذبة من الأمواج. فأبصروه قادمًا إليهم ماشيًا علي الماء وقال لهم "أنا هو، لا تخافوا".. وسكنت الريح (مت 14: 24 - 32).
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
حقًا إنه معين من ليس له معين، وكمثال ذلك:
شفاؤه مريض بيت حسدا الذي له إنسان يلقيه في البركة..
حينما تقف وحيدًا، وليس لك إنسان يهتم بك، ستجد الله حتمًا إلي جوارك حينما تهرب من عيسو الجبار الذي يريد أن يقتلك، حينئذ ستري لسمًا بين السماء والأرض، صوت الله يطمئنك قائلًا "ها أنا معك، وأحفظك حيثما تذهب.." (تك 28: 15). حينما يطاردك فرعون حتى إلي البحر، وتصغر نفسك، سيشق لك الله في البحر طريقًا.. لا تصغر نفسك أمام الشدائد. وإن صغرت، اسمع قول الرسول:
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
"شجعوا صغار النفوس، اسندوا الضعفاء" (1 تس 5: 14).
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
كذلك أنت، إن رأيت إنسانًا حائرًا يائسًا منهارًا، لا تستصغره. وإن رأيته ساقطًا، لا تحتقره، وقل له كلمة ترفع معنوياته، أعطه كلمة رجاء. افتح له طاقة من نور تضئ له الطريق.
يا أخي إن كنت علي قمة الجبل، فلا تحتقر الذين علي السفح أو في الوادي، أو حتى الذين في المستنقع.. وإن أعطاك الرب نعمة ووصلت، فلا تنظر إلي الناس من فوق، ولا تحتقر الذين لم يصلوا. أو حتى اليائسين وصغار النفوس. بل تذكر قول الرب:
"انظروا. لا تحتقروا أحد هؤلاء الصغار" (مت 18: 10).
مهما وصلت إليه حالتهم، فالله قادر أن يقيمهم، كما أقام من قبل أوغسطينوس وبيلاجية وموسي الأسود.،حتى إن كان شجرة غير مثمرة، وعلي وشك أن تقطع، فإن الكرام الحنون يشاء أن يتركها هذه السنة أيضًا، وينقب حولها ويضع زبلًا، فريما تأتي بثمر فيما بعد (لو 13: 6-9).. إنه إلهنا الطيب الذي قيل عنه:
قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة مدخنة لا يطفئ (مت 12: 20)
ربما يعصب القصبة المرضوضة فتستقيم، وينفخ في الفتيلة المدخنة فتشتعل..
إن الله يعطي فرصة لكل أحد. لأنه لا يشاء موت الخاطئ، بل أن يرجع ويحيا (حز 18: 23، 32).. وطالما الإنسان علي قيد الحياة، لا تزال أمامه فرصة للتوبة، ولا يفقد الرجاء. فاللص اليمين آمن وعاد إلي الله، وهو في الساعات الأخيرة من حياته علي الأرض.. لقد كان هو أيضًا قصبة مرضوضة.
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
عبارة جميلة معزية قالها ربنا يسوع المسيح وهي:
ما جئت لأدين العالم، بل لأخلص العالم (يو 12: 47).
ليست في فمي كلمة دينونة، بل كلمة حب، كلمة خلاص ومغفرة.. بل الدينونة التي عليكم أنتم، سأحلها أنا بدلًا منكم، وأمحوها عنكم بدمي.. حقًا يا رب فمك حلاوة وكله مشتهيات (نش 5: 16). تقول ما جئت لأدين، بينما الدينونة كلها للابن! (يو 5: 22).
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 01 - 2014, 08:03 AM   رقم المشاركة : ( 54 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث

أمثلة من عطف الله

إن البشرية الضعيفة المسكينة الساقطة،، سندها الله بالأنبياء.
حتى عندما رفضوه. أتي ليجتذبهم إليه.. عندما تركوه، وحفروا له آبارًا مشققة لا تضبط ماء (أر 2: 13)، لم يتركهم بل حدثهم عن ينبوع المياه الحية.. ولما عبدوا العجل الذهبي، وقالوا هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر (خر 32: 4).. لم يفنهم الرب، بل رجع عن حمو غضبه، وقبل شفاعة موسي النبي فيهم.. ولا يزال الرب يصبر ويحتمل، ويقيم الساقطين ويحل المربوطين (مز 145).
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
في صغر نفسك قد تيأس من خلاصك! ولكن الله لا ييأس من اجتذابك إليه.
لقد جاء يطلب ويخلص ما قد هلك (لو 19: 10). سعي وراء العشارين والخطاة وجلس علي موائدهم. وقال "ما جئت لأدعو أبرارًا بل خطاة إلي التوبة"، "لا يحتاج الأصحاء إلي طبيب بل المرضي" (لو 5: 31، 32).. مدح العشار الذي لم يجرؤ أن يرفع عينيه إلي فوق، وقد وقف من بعيد.. وفضله علي الفريسي، وخرج من عنده مبررًا (لو 18: 13، 14).
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
حتى المرأة الخاطئة المضبوطة في ذات الفعل.

كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
المرأة الغارقة في الخزي وصغر النفس، التي اجتمع، حولها الكتبة والفريسيون ليرجموها.. أنقذها الرب من هؤلاء، وقال لها "ولا أنا أدينك. اذهبي ولا تخطئ أيضًا" (يو 8: 3-11).
وكذلك الخاطئة التي بللت قدميه بدموعها، ومسحتهما بشر رأسها، رفع معنويتها، وفضلها علي الفريسي، وقال إن خطاياها الكثيرة قد غفرت لها (لو 7: 37 - 47).
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
من أجل معرفة داود النبي، بحنان الله الذي يشجع صغار النفوس، قال له في توبته:
اغسلني، فأبيض أكثر من الثلج (مز 50). وعبارة "أكثر من الثلج "توضح مدي غني حنان الله علي الخطاة، حتى قال عنه المرتل في مزموره الجميل المعزي "باركي يا نفسي الرب، ولا تنسي كل حسناته.." قال: "كما يتراءف الأب علي البنين، يتراءف الرب علي خائفيه"، "لم يصنع معنا حسب خطايانا، ولم يجازنا حسب آثامنا. لأنه مثل ارتفاع السموات فوق الأرض، قويت رحمته علي خائفيه. كبعد المشرق عن المغرب، ابعد عنا معاصينا.. لأنه يعرف جبلتنا يذكر أننا تراب نحن" (مز 103: 10- 14).
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
إن الله ليس فقط يغفر لنا خطايانا، بل يقول:
"ولا أذكر خطيتهم بعد" (أر 31: 34).
يقول عن الخاطئ التائب "كل معاصيه التي فعلها لا تذك عليه" (حز 18: 22) "كل خطيته التي أخطأ بها لا تذكر عليه" (حز 33: 16). ويقول بولس الرسول عن عمل الفداء "إن الله كان في المسح مصالحًا العالم لنفسه، غير حاسب لهم خطاياهم" (2 كو 5: 19). ويقول المرتل في المزمور "طوبي للذي غفر إثمه وسترت خطيته. طوبي لرجل لا يحسب له الرب خطية" (مز 32: 1، 2). ويكرر القديس بولس الرسول هذه الآية في رسالته إلي رومية (رو 4: 8).
فالذي يصيبه صغر نفس بسبب خطاياه، فليتذكر أنها لا تحسب عليه في توبته.
الله يمحوها في التوبة، ولا يعود يذكرها "إن كانت خطاياكم كالقرمز، تبيض كالثلج" (اش 1: 18). بل أكثر من الثلج (مز 50).
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
ولنأخذ مثالًا لبطرس الرسول الذي أنكر المسيح:
بل أنه أخذ "يلعن ويحلف أني لا أعرف هذا الرجل الذي يقولون عنه" (مر 14: 17) (مت 26: 74). ونسي قوله للسيد "وإن شك فيك الجميع، فإنا لا أشك"، "اضطررت أن أموت معك لا أنكرك" (مر 14: 29، 31) (مت 26: 33، 35).. وهوذا الآن وقد أنكره ثلاث مرات.. لذلك وقع في صغر النفس، وبكي بكاءً مرًا (مت 26: 75).
ولكن الرب لم يترك تلميذه بطرس لصغر النفس، بل شجعه بأساليب كثيرة.
فبعد القيامة قال للمريمات "اذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس أنه يسبقكم إلي الجليل هناك تروني" (مر 16: 7). ولم يدمج بطرس وسط التلاميذ، لأنه كان محتاجًا إلي اهتمام خاص ليرفع نفسيته بعد إنكاره... ولما ظهر السيد المسيح لسبعة من تلاميذه عند بحر طبرية، قال لبطرس "أتحبني أكثر من هؤلاء؟ أرع غنمي.. أرع خرافي.." (يو 21: 15-17). ليظهر له أنه لم يسقط من درجته الرسولية بإنكاره له.. بل إن بولس الرسول يقول عن ظهورات الرب بعد قيامته، أنه ظهر لصفا ثم للاثني عشر (1 كو 15: 5).
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
وبالمثل فعل الرب مع توما في شكه.
كانت نفسه أصغر من أن تؤمنون أن تري.. كل التلاميذ آمنوا، ما عداه فلم يتركه الرب إلي شكه وصغر نفسه، بل ظهر له وأراه جروحه،وقال له "هات يدك وضعها في جنبي. ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنًا" فآمن توما وقال "ربي وإلهي" (يو 20: 27، 28).
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
لننظر معاملة الرب لموسي الثقيل الفم واللسان (خر 4: 10).
كان موسي يعرف عن نفسه هذا الضعف، وأنه لا يصلح بسببه وقد قال للرب "لست أنا صاحب كلام، منذ أمس ولا أول من أمس، ولا من حين كلمت عبدك" (خر 4: 10). وقال له أيضًا "ها أنا أغلف الشفتين، فكيف يسمع لي فرعون" (خر 6: 30). ولكن الله شجعه، ولم يتركه لصغر النفس.
بل إن هذا الأغلف الشفتين صار كليم الرب.
وقال له اذهب الآن، وأن أكون مع فمك، وأعلمك ما تتكلم به". وها هو هارون أخوك "تكلمه وتضع الكلمات في فمه. وأنا أكون مع فمك ومع فمه. وأعملكما ماذا تصنعان... هو يكون لك فمًا، وأنت تكون له إلهًا" (خر 4: 12-16).
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
كذلك شجع الله صغار السن، والخائفين من المسئولية:
لما قال أرميا "إني لا أعرف أن أتكلم لأني ولد "قال له الرب "لا تقل إني ولد.. لا تخف من وجوههم، لأني أنا معك لأنقذك يقول الرب "ومد الرب يده ولمس فم ارميا وقال له "ها قد جعلت كلامي في فمك. انظر. قد وكلتك هذا اليوم علي الشعوب وعلي الممالك،لتقلع وتهدم، وتهلك وتنقض، وتبني وتغرس" (أر 1: 6-10). ثم شجعه بالأكثر وقال له "هأنذا قد جعلتك اليوم مدينة محصنه وعمود حديد وأسوار نحاس علي كل الأرض... فيحاربونك ولا يقدرون عليك، لأني أنا معك يقول الرب لنقذك" (أر 1: 18، 19).
وبنفس الوضع شجع الرب يشوع بعد موت موسي.
لم يكن سهلًا علي يشوع أن يملأ المكان الكبير الذي كان يشغله موسي النبي العظيم، لذلك كان صغيرًا في عيني نفسه. ولكن الرب شجعه قائلًا:
"لا يقف إنسان في وجهك كل أيامك. كما كنت مع موسي، أكون معك. لا أهملك ولا أتركك. تشدد وتشجع.. أما امرأتك. تشدد وتشجع. لا ترهب ولا ترتعب، لأن الرب إلهك معك حيثما تذهب" (يش 1: 5-9)..
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
قصة عن القديس الأنبا ايسيذيروس قس القلالي:
قيل عنه في البستان: إن أي أخ كان يفشل الآباء في إصلاحه ويطردونه كان الأنبا ايسيذيروس يأخذه ويطيل أناته عليه حتى يخلص. ولذلك فإن الأنبا موسي، حينما جاء إلي الدير، وكان منظره مخيفًا، حولوه إلي القديس ايسيذيروس احدي عشرة مرة. فلما نصحه بالذهاب إلي قلايته، أجاب: "لا أستطيع يا معلم"، لأن الأفكار كانت تضغط عليه بشدة. وأطال القديس أناته عليه، حتى تحول موسي الأسود إلي قديس.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 01 - 2014, 08:03 AM   رقم المشاركة : ( 55 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث

نصائح في مساندة الضعفاء

حاولوا دائمًا أن ترفعوا من نفسية الناس ومعنوياتهم "اسندوا الضعفاء" إن رأيتم إنسانًا يبكته الكثيرون، وينتقدونه، ويتهكمون عليه، وهو ذليل أمامهم: حاولوا أن تحتضنوه، وتقولوا فيه إن أمكنكم كلمة طيبة.. تأكدوا أنه لن ينسي هذا الموقف النبيل منكم كل أيام حياته.. إن هذه رسالة القلوب الكبيرة المحبة الحنونة، نحو صغار النفوس
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
إن وجدت إنسانًا مربوطًا بالخطية، فلا تعيره، بل فكه من رباطاته.
لا تكن مثل رجل رأي شابًا يصارع الغرق في البحر. فظل يوبخه ويقول له: يا ابني، مادمت لا تتقن العوم، فلماذا تنزل إلي البحر؟! فقال له الشاب: أنقذني يا سيدي من الغرق، ثم وبخني بعد ذلك كما تشاء..! هكذا أنت لا تعير أحد بفشله. بل أعطه رجاء في النجاح.
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث

كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
لا تقل: نصحت كثيرًا ولا فائدة. بل أطل أناتك. هوذا الرسول يقول ".. اسندوا الضعفاء. تابوا علي الجميع" (1 تس 5: 14) إن الانتصار علي خطية متأصلة، يحتاج إلي وقت وإلي صبر فأصبر علي الضعفاء، ريثما تفتقدهم النعمة وتنجيهم،واذكر أنك أيضًا تحت الآلام مثلهم. ضع أمامك قول الرسول "اذكروا المقيدين كأنك مقيدون معهم، والمذلين كأنكم أيضًا في الجسد" (عب 13: 3)..
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
تذكر أن الذين ثبطوا همة الشعب، لم يسمح لهم الله بدخول أرض الموعد. أولئك الذين قالوا "لا نقدر أن نصعد إلي الشعب لأنهم أشد منا... قد رأينا هناك الجبابرة بني عناق.. فكنا في أعيننا كالجراد" (عد 13: 31، 33).. ولم يدخل الأرض سوي يشوع بن نون وكالب بن يفنه، الذي قال في رجاء "إننا نصعد ونمتلكها، لأننا قادرون عليها" (عد 13: 30)..
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
ابحث عن النقط البيضاء في حياة الإنسان الخاطئ أو الضعيف. أظهِرها وامتدحها.
فهكذا فعل السيد المسيح مع المرأة السامرية، علي الرغم من خطاياها. قال لها "حسنًا قلت ليس لي زوج.." "ها قلت بالصدق" (يو 4: 17، 18). ووسط هذا المديح شجعها علي الاعتراف. وربح نفسها للتوبة..
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
هناك إنسان تشجعه بكلمة طيبه، وآخر صالحة، أو بذكر قصص وآيات أو بتهوين المر عليه، أو بالتحدث عن نعمة الله وعملها.. كذلك بالتغاضي عن كثير من أخطائه. لأن التوبيخ علي كل خطأ قد يوقع في اليأس.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 01 - 2014, 08:08 AM   رقم المشاركة : ( 56 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث

الله الذي يبدأ

هناك أسلوبان في حياة التوبة، وفي العلاقة بين الله والإنسان:
1-أن يأتي الإنسان إلي الله، فيقله الله..
وذلك حسب وعد الله الصادق "من يقبل إلي، لا أخرجه خارجًا" (يو 6: 37). وهذا هو الذي حدث للابن الضال: شعر بسوء حالته، وقال أقوم واذهب إلي أبي. وفعلًا ذهب إليه، فقبله أبوه فرحًا (لو 15: 17 - 24). ويطلب الله منا هذه التوبة وهذا الرجوع إليه، فيقول "ارجعوا إلي فأرجع إليكم" (ملا 3: 7).
2-الأسلوب الثاني: أن يبدأ الله العلاقة مع الإنسان.
هو الذي يذهب إليه. يسعي إلي خلاصه، كما سعي وراء الخروف الضال حتى وجده وحمله علي منكبيه فرحًا (لو 15: 4، 5)، وعن هذه المبادرة الإلهية، يقول "أنا واقف علي الباب أقرع. من يفتح لي، ادخل وأتعشى معي، وهو معي" (رؤ 3: 20). ونود في هذا الفصل، أن نركز علي بدء الله بالعمل معنا.
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
الإنسان قد لا يبدأ مع الله، لأسباب عديدة:
ربما لأنه مغلوب من شهواته.
تضغط عليه الشهوة من داخل قلبه، أو تحاربه بشدة من الخارج، وتؤثر عليه وتأسره. بحيث أصبح يحب الخطية، ولا يريد أن يبرأ منها (يو 5: 6). فماذا يفعل مثل هذا الإنسان؟ هل ييأس ويفقد الرجاء؟ أم أن الله يبدأ العمل معه: يفتقده، ويقرع علي بابه، ويجتذبه إليه؟ يقينًا إن هذا يحدث.
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث

كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
وربما الإنسان لا يبدأ، لأنه مشغول عن الله بأمور كثيرة:
وهذه المشغوليات لا تترك له وقتًا يتفرغ فيه لله.. كما قال الرب لمرثا: "أنت تهتمين وتطربين لأجل أمور كثيرة، ولكن الحاجة إلي واحد" (لو 10: 41، 42).. إنسان ليس لديه وقت لله.. ليس وقت للصلاة، ولا للقراءة والتأمل، ولا للخدمة.. يحتاج إلي يد قوية، تنزعه من كل هذا..
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
وربما الإنسان لا يبدأ، بسبب الجهل. لا يعرف كيف يبدأ.
مثل أهل نينوى الذين قيل عنهم إنهم "لا يعرفون يمينهم من شمالهم" (يون 4: 11)،فبدأ الله معهم، وأرسل إليهم يونان النبي ليهديهم إليه. ومثل شاول الطرسوسي، الذي كان بجهل يضطهد الكنيسة (1 تي 1: 13). فكان لابد أن يظهر له المسيح ويجتذبه إليه. وأيضًا حينما تأثر بهذا الظهور وآمن، قال "ماذا تريد يا رب أن أفعل؟" (أع 9: 6). عبارة "ماذا أفعل؟" قالها أيضًا الشاب الغني (مت 19: 16). وقالها أيضًا اليهود في يوم الخمسين (اع 2: 37). ويقولها كثيرون..
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
وربما الإنسان لا يبدأ، بسبب الضعف.
· فهو يقول "الشر الذي لست أريده إياه أفعل"، "الإرادة حاضرة عندي، وأما أن أفعل الحسني فلست أجد"، "أري ناموسًا آخر في أعضائي، يحارب ناموس ذهني، ويسبيني إلي ناموس الخطية"، "ويحي أنا الإنسان الشقي، من ينقذني من جسد هذا الموت" (رو 7: 18-24).
· إذن لابد أن يبادر الله، وينقذ مثل هذا الإنسان..
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
وهنا لعل إنسانًا يسأل:
إذا لم استطيع أنا أن أبدأ، هل الله مستعد أن يبدأ معي؟
نعم يا أخي، هو مستعد أن يبدأ. بل هذا هو أسلوبه باستمرار. والكتاب المقدس مزدحم بأمثلة كثيرة فيها كان الله هو الذي يبدأ، منذ خلق الإنسان، وقبل خلقه أيضًا. ولنحاول أن نتأمل كل هذا معًا..
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
هناك حقيقة ثابتة، يسجلها الكتاب المقدس، وهي:
علاقة الله بالإنسان، الله هو الذي بدأها..
· بدأت العلاقة بأن الله خلق الإنسان. وطبعًا لو لم يخلقه ما كانت هناك علاقة. وأضاف الله إلي هذا، إنه خلقه علي صورته ومثاله كشبهه، ومنحة الروح الذي به ينشئ علاقة معه..
وإلي جوار الخلق: لما سقط الإنسان الله هو الذي بدأ العلاقة.
لم يبدأ الإنسان بالسعي إلي الله ليعترف بخطيته ويطلب المغفرة والمصالحة، بل العكس لقد هرب من الله واختبأ وراء الشجر. فذهب الله إليه، وكلمة وشجعه علي الاعتراف. ووعده بالخلاص، حينما قال إن نسل المرأة يسحق رأس الحية (تك 3). وكأن الله كان يقول لآدم: هل أنت خائف مني يا آدم؟ لا تخف، أنا سأغفر لك. سأعد لك طريق الخلاص..
ولا شك أن الله هو الذي بدأ بإعداد هذا الخلاص العجيب.
هو الذي علم البشرية عقيدة الفداء والكفارة، وموت نفس بريئة طاهرة عن نفس خاطئة مستحقة للموت. وهو الذي وضع للإنسان شرائع الذبائح والمحروقات، وقواعد النجاسة والتطهير. وهو الذي أعطانا التوبة للحياة (أع 11: 18).
* والله هو الذي بدأ بالوحي، وأرسل إلينا الأنبياء.
كل ذلك لتعليمنا وإرشادنا، وتوصيل كلمته إلينا. وهو الذي أعطي هؤلاء الرسل "خدمته المصالحة" (2 كو 5: 18). حتى أن القديس بولس الرسول قال "نسعى كسفراء عن المسيح، كأن الله يعظ بنا. نطلب عن المسيح: تصالحوا مع الله" (20 كو 5: 20). إذن الله هو الذي يبدأ عملية المصالحة، ويرسل رسله لتمهيدها.
هو الذي تجسد، ونزل إلينا، ليفدينا ويخلصنا.
وما كنا نحن نعرف شيئًا عن التجسد والفداء، وما كنا نطلبه. ولكن الله أظهر محبته لنا، بهذا الخلاص العجيب" هكذا أحب الله العالم، حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية" (يو 3: 16).
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
وفي علاقته بالإنسان، الله هو الذي بدأ بالدعوة.
سواء بالنسبة إلي النبوة، أو الرسولية، أو الكهنوت.. الله هو الذي دعا أبانا نوح، وكلفه بصنع الفلك، والدخول فيه، ليخلص هو وأسرته، ولكي يستبقي الله حياة علي الأرض (تك 6-8). وكان الفلك في الماء رمزًا إلي المعمودية "الذي فيه خلص قليلون، أي ثماني أنفس بالماء. الذي مثاله يخلصنا نحن الآن، أي المعمودية" (1 بط 3: 20، 21).
وكما دعا الله نوحًا، دعا أبانا إبراهيم، ليكون له شعبًا يسير في طريق الخلاص.
إبراهيم لم يبدأ هذه العلاقة، غنما بدأها الله معه. دعاه ليتبعه في الأرض التي يريه إياها، وباركه. وقال له تتبارك فيك جميع قبائل الأرض" (تك 12: 1-3). وأيضًا "تتبارك في نسلك جميع أمم الأرض" (تك 22: 18)
ونفس الموعد أعطاه الرب لأبينا يعقوب، فقال له "ويتبارك فيه وفي نسلك جميع قبائل الأرض" (تك 28: 14).
الله هو الذي بدأ، فمنح البركة.
منح البركة منذ البدء لأبوينا الأولين آدم وحواء (تك 1: 28). وكرر نفس البركة لأبينا نوح وبنيه (تك 9: 1). ومنح البركة لأبينا إبراهيم (تك 12: 12) (تك 22: 17، 18). ولأبينا إسحق (تك 26: 24)، ولأبينا يعقوب (تك 28: 14). وكانت أعظم بركة، أن ينتهي من نسلهم المسيح، وبه تتبارك جميع قبائل الأرض بالخلاص الذي يقدمه للعالم. فالخلاص هو الهبة العظمي، الذي بدأ الله بها، وأكملها من أجل محبته للإنسان،لأنه:
"يريد ان الجميع يخلصون، وإلي معرفة الحق يقبلون" (1 تي 2: 4).
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
ومن أجل هذا الخلاص دعاء الأنبياء والرسل:
· دعا موسي النبي، حينما كلمه من العليقة (خر 3: 4). وذلك لكي يرسله لخلاص الشعب، وما كان موسي مفكرًا وقتذاك في هذه الدعوة، ولا في السعي لتخليص الشعب، بل اعتذر عن ذلك أكثر من مرة (خر 4: 10، 13).
ودعا الله أنسًا من بطون أمهاتهم.
كما قال لأرمياء الطفل "قبلما صورتك في البطن عرفتك، وقبلما خرجت من الرحم قدستك. جعلتك نبيًا للشعوب" (أر 1: 15). ومثل أبينا يعقوب (رو 9: 1- 13) (تك 25: 23). ومعلمنا القديس بولس الرسول قال عن دعوته "لما سر الله الذي أفرزني من بطن أمي، ودعاني بنعمته.."(غل 1: 15). ثم لما حل الوقت المناسب، كان الله أيضًا هو الذي بدأ، فقابله في طريق دمشق، وظهر له بنور مبهر ودعاه (أع 9)
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
وجميع رسل السيد المسيح، هو الذي دعاهم، بل قال لهم:
"لستم أنتم اخترتموني، بل أن اخترتكم.."(يو 15: 16).
وأكمل قائلًا "وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر ويدوم ثمركم". وكما اختار الرسل الاثني عشر (مت 10: 1)، كذلك اختار السبعين أيضًا (لو 10: 1). ما فكر بطرس وأندراوس أن يتبعا المسيح، وهما مشغولان بشباكهما. وما فكر متى أن يكون أحد تلاميذ المسيح، وهو موظف في مكان الجباية، وهكذا بالنسبة إلي الباقين.. ولكن الرب هو الذي بدأ بتكوين علاقة ودعاء كل هؤلاء..
"الذين سبق فعرفهم، سبق فعينهم.. وهؤلاء دعاهم أيضًا" (رو 8: 29، 30)
هو الذي يناديك من حيث لا تعلم، وحيث لا تتوقع، ويقول لك "هلم ورائي". وهو الذي يقودك في الطريق، ويمنحك القوة.. المهم أن يكون قلبك مستعدًا.
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
إن ظهورات الرب لتلاميذه بعد القيامة، تعطينا فكرة جميله عن الله الذي يبدأ..
· في تلك الفترة، كان السيد هو الذي يذهب إلي تلاميذه، وما كانوا هم الذين يأتون إليه. ولعل من الأشياء الجميلة التي تستدعي التأمل: أنه ظهر لهم وهو جلوس في العلية، والأبواب مغلقه (يو 20: 19).
هل جربت وقتًا، كانت فيه أبوابك مغلقة، ثم اخترقها المسيح ليتحدث إليك؟!
معقول ومقبول، أن يتحدث المسيح إلينا، حينما تكون أبوابنا مفتوحة له (رؤ 3: 20). أما أن يدخل ويظهر ويتحدث إلينا، والأبواب مغلقة، فهذا هو الأمر العجيب الذي يناسب محبته. علي أنه بالنسبة إلي الرسل، كانت أبوابهم مغلقة بسبب الخوف، لا بسبب الرفض..
وظهر السيد لتلاميذه أيضًا، وهم منهمكون في أمور مادية:
الأصحاح الأخير من إنجيل يوحنا، يشرح لنا كيف ظهر السيد المسيح لسبعة من تلاميذه كانوا يصطادون السمك، ومنهم بطرس ويوحنا.. فقد حدث أنهم رجعوا إلي صيد السمك (يو 21: 3). ومع ذلك ظهر لهم الرب أثناء الصيد. وفي ذلك يقول القديس أغسطينوس "إن المسيح ظهر لبطرس، ليس وهو منهمك في صيد النفوس إنما ظهر له المسيح، وهو منهمك في صيد السمك..". لعل في ذلك تعزية لنا أن الرب مستعد أن يظهر لنا، ليس فقط ونحن في عمل روحي،، بل حتى ونحن في العمل المادي أيضًا.. هو الذي يبدأ: يظهر، ويبدأ الحديث، لصالحنا.
وظهر أيضًا لتلميذين، وهما لا يعرفانه..
إنهما تلميذا عمواس. ظهر لهما وهما لا يعرفانه. بل لما سألهما عن موضوع حديثهما، أجاباه "هل أنت متغرب وحدك في أورشليم، ولم تعلم الأمور التي حدثت في تلك الأيام".. وبدأ المسيح من موسى ومن جميع الأنبياء، يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب (لو 24: 18-27).. وأخيرًا انفتحت أعينهما وعرفاه (لو 24: 31).
إن كنت بعد لم تعرفه، هو مستعد أن يظهر لك، ويكشف لك ذاته، ويفسر لك الأمور المختصة به.. ويجعل قلبك ملتهمًا فيك، وهو يوضح لك الكتب (لو 24: 33). هو الذي يبدأ..
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
حتى في التوبة، غالبًا ما يبدأ الله عمله فينا. وكل ما يطلبه أن نتجاوب معه.
هو الذي بدأ فأعطانا الضمير، وأعطانا التمييز. وأيضًا روحه القدوس يبكتنا علي خطية (يو 16: 8).. كل ذلك لك يدفعنا إلي التوبة. وإن كنا متراخين، ويرسل لنا كلمه تحثنا، عظة مؤثرة، كتابًا نافعًا.
وتتابعنا زيارات النعمة، تدفعنا إلي التوبة.
وربما يسمح الله لنا بمرض أو ألم، ليجعلنا نفيق من غفلتنا، أو يسمح بحادث معين يكون له تأثيره،أو يتكلم في قلوبنا خلال تأثرنا بوفاة أحد أحبائنا. وهكذا إلي سائر الوسائل التي نشعر فيها أن الله ينخس قلوبنا لنتوب. إنما المهم أن نتجاوب، ولا نرفس مناخس (أع 9: 5). أترانا نستطيع أن نصل إلي التوبة بمجرد مجهودنا الخاص؟ كلا، فالرب يقول:
بدوني لا تقدرون أن تعملوا شيئًا (يو 15: 5).
لنا رجاء إذن أنه يعمل فينا لأجل خلاصنا. حتى إن كنا لا نريد، نرجو أن يمنحنا هذه الإرادة. ألم يقل القديس بولس الرسول".. لأن الله هو العامل فيكم أن تريدوا وأن تعملوا لأجل المسرة" (في 2: 13) لذلك "تمموا خلاصكم بخوف ورعدة"..
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
داود النبي أخطأ، وما كان يشعر بخطورة خطيئته:
وظلت خطية تقوده إلي أخري، وهو يتمادي ولا يشعر بما هو فيه، إلي أن أرسل الله إليه ناثان النبي، فضرب له مثلا شعر به بعمق جرمه.. ومن هنا بدأت معه قصة التوبة والدموع والندم، والتي سجلها في كثير من مزامير. وكان الله هو البادئ ليقوده إلى انسحاق النفس..
مثال آخر هو لوط في أرض سادوم.
لقد أختار لوط الأرض المعشبة، مع بيئتها الخاطئة المعثرة، وسكن في سادوم وتمادي فزوج بناته من أهلها. ويقول القديس بطرس في رسالته الثانية عن عمل الرب معه "وأنقذ لوطًا البار مغلوبًا من سيرة الأردياء في الدعارة. إذ كان البار بالنظر والسمع -هو ساكن بينهم- يعذب يومًا نفسه البارة بالأفعال الأثيمة" (2 بط 2: 7، 8).
أوقع الله أهل سادوم. ولما أراد الله حرق المدينة أرسل ملاكين يعجلان لوطا للخروج منها "ولما تواني امسك الملاكان بيده وبيد امرأته وبيد ابنتيه، لشفقة الرب عليه، وأخرجاه ووضعاه خارج المدينة.."(تك 19: 16).
ثق أن الله مستعد ان يعمل معك كما عمل مع لوطا ويخرجك من أرض الخطية فعليك أن تستسلم لقيادته، ولا تنظر إلي الوراء كما فعلت امرأة لوط..
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
صل إذن وقل: اعمل يا رب معي. ولا تنتظر حتى أبدأ أنا، فربما لا أبدًا!
ابدأ معي كما فعلت مع هؤلاء وغيرهم. خذني من سادوم أخرجني منها، بواسطة ملائكتك القديسين. وليظل يدوي في أذني صوتك الحنون "اهرب لحياتك ولا تقف في كل الدائرة.. لئلا تهلك" (تك 19: 17).
أما نحن فليتنا نغني مع المرتل "نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين. الفخ أنكسر ونحن نجونا. عوننا من عبد الرب" (مز 123).
أنت يا رب الذي كسرت الفخ. إذ لا يستطيع عصفور أن يكسر فخ الصيادين..
هل كانت مريم القبطية تفكر في التوبة؟! كلا، بل كانت ماضية لارتكاب مزيد من الخطايا. ثم تدخل الله في حياتها، وحدثت معجزة منه أيقظتها ودفعتها إلي التوبة. واستمر عمل الله معها حتى تحولت إلي ناسكة سائحة.. وبالمثل تدخل الله في حياة أوغسطينوس وبيلاجية وسارة، وحول دفة الحياة إلي طريقه هو وكان هو البادئ..
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
حتى في الخدمة، هو الذي يدعو ويرسل، ويمنح قوة من روحه القدوس لنعمل بها، بل قد يعد لنا كل شيء ويقول لنا:
"أنا أرسلتكم لتحصدوا ما لم تتعبوا فيه" (يو 4: 38).
"آخرون تعبوا، وانتم دخلتم علي تعبهم".. كل شيء يعده لنا حتى الكلمة: هو يمنحنا كلمة عند افتتاح فمنا" (أف 6: 19). وهو الذي يعطي التأثير للسامعين لكي يعملوا بما سمعوه.. فإن كان احد يخاف الخدمة فليذكر دائمًا عمل الله فيها..
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
حتى الأبدية الله هو الذي فيقول عن نصيبنا فيها:
"أنا ماض لأعد لكم مكانًا.." (يو 14: 2).
مباركة هي محبتك يا رب. ليتك تعد لنا هذا المكان. حتى تأتي وتأخذنا إليك وحيثما تكون أنت، نكون نحن أيضًا (يو 14: 3).
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 01 - 2014, 08:11 AM   رقم المشاركة : ( 57 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث

قصص نهايات طيبة

ويحكي لنا الكتاب قصص نهايات طيبة، نذكر من بينها:
1- قصة يوسف الصديق، التي بدأت بخيانة إخوته وقسوتهم، وبيعهم له كعبد، وإشغاله خادمًا في بيت فوطيفار، ثم تلفيق تهمة له، وإلقائه في السجن. ولكن المهم هو النهاية، التي صار فيها أبًا لفرعون (تك 45: 8) والمتسلط علي كل أرض مصر، وفرحته بلقاء أبيه وإخوته الذين بكوا بين يديه طالبين المغفرة. حقًا إن نهاية أمر خير من بدايته: نفي الوضع نقوله عن دانيال والثلاثة فتيه:
دانيال القي في جب الأسود. ولكن انتهي الأمر بأن الله أرسل ملاكه فسد أفواه الأسود (دا 6:22). والثلاثة فتية ألقوهم في أتون النار، ولكن انتهي الأمر بأن رأوهم وسط النار بلا أذي، وقد سار معهم رابع شبيه بابن الآلهة (دا 3: 5). وانتهي الأمر في القصتين بعبادة الإله الحق، وتمجيده في كل المملكة أكثر من كل آلهة الأمم. حقا أن نهاية أمر خير من بدايته.
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث

كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
ونفس الكلام نقول عن أيوب الصديق الذي تعرض لتجربة قد تفوق احتمال البشر، وفقد أولاده وماله وصحته وكرامته.. وبلغت التجربة ذروتها. ولكن ماذا كانت النهاية؟ يقول الكتاب "ورد الرب سبي أيوب. وزاد الرب علي كل ما كان لأيوب ضعفًا.. وبارك الرب آخرة أيوب أكثر من أولاه.. وعاش أيوب بعد هذا مائة وأربعين سنة. ورأي بنيه إلي أربعة أجيال.." (أي 42: 10- 17).. حقًا إن نهاية أمر خير من بدايته.
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
ويعوزني الوقت أن تحدثت عن النهايات الطيبة التي ذكرها الكتاب في تقديم إسحق محرقة، وفي بناء نحميا لأسوار أورشليم بعد أن تهدمت وأحرقت أسوار المدينة بالنار (نح 1)، وكيف نصره الله أخيرًا. كذلك قصة المسبيين في بابل، وكيف عادوا أخيرًا، بعد أن بكوا علي أنهار بابل، وعلقوا قيثاراتهم علي الصفصاف، وقالوا كيف نسبح الرب في أرض غريبة (مز 136) كلها نهايات طيبة، نقول فيها أمر خير من بدايته".
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
نفس الوضع نقوله أيضًا في كل قصص التائبين.
كلما نذكر حياة القديس أوغسطينوس، وكيف بدأ حياة مستهترة ماجنة وكذلك القديس موسي الأسود وكيف بدأ قائلًا قاسيًا. والقديسة مريم القبطية والقديسة بيلاجية، والقديسة سارة، وكيف بدأن بحياة الزنا، وانتهت حياتهن كقديسات عظيمات. ألسنا نقول عن حياة كل من هؤلاء التائبين والتائبات "نهاية أمر خير من بدايته"..
إذن علي كل واحد أن يبحث في كل أمر: كيف تكون النهاية؟.
كل طريق تسلك فيه أسأل نفسك: ما نهاية هذا الطريق؟ وكذلك فكر بنفس التفكير في كل مشروع تبدؤه، وكل علاقة تكون مع آخرين.. شاب مثلًا يحب فتاه ليست من دينه، عليه ان تفكر ماذا تكون نهاية هذه العلاقة؟ ما مصيرها وما مصيره؟! إنسان يختلف مع زوجته، ويحتدم الخلاف بينهما بلا صلح، فليفكر أيضًا: ماذا ستكون نهاية هذا الخلاف، وإلي أين يقوده؟! شاب يبدأ التدخين، ولو بسيجارة واحدة مجاراة لزملائه، أو تجربة لطعم التدخين، عليه أن يفكر كثيرًا: ما نهاية هذا الأمر.
وبنفس الطريقة في كل ممارسة يمكن أن تتحول إلي عادة.
يسأل الإنسان نفسه: وما نهاية هذه الممارسة؟ بل كل لفظة يقولها، وكل غضب يشتغل في داخله، فليسأل نفسه: وما النهاية؟ وماذا ستكون ردود الفعل وتصرفات الطرف الآخر؟ وإلي أين ينتهي به الغضب؟ وإلي أين تنتهي به الكلمة غير المنضبطة.
ذلك أيضًا في مشكلة تحل بك، لا تيأس ولا تضطرب، بل قل لنفسك "نهاية أمر خير من بدايته".
قل لنفسك "مصيرها تنتهي"،هذا الموضع لابد ستكون له نهاية. والنهاية في يد الله. والله رؤوف وحنون. وبلا شك "نهاية الأمر ستكون خيرًا من بدايته".. وهذا اللون من التفكير، لا يكون فقط بالنسبة إلي مشاكلك أنت وحدك، وإنما أيضًا بالنسبة إلي كل مشكلة أو ضيقة تحل بمعارفك وأصدقائك، بل وبالكنيسة نفسها..
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
لعل فكر الشهداء والمعترفين أيضًا كانت تدور به هذه الآية:
ما نهاية العذاب والموت؟ أليس هو الوصول إلي العالم الآخر؟ إلي الفردوس، إلي الأكاليل، إلي النعيم الأبدي في نهاية الأمر كله. وهذا بلا شك أفضل جدًا. إذن أين شوكتك يا موت؟ لقد زالت. ونهاية الأمر خير من بدايته.. الأبدية بلا شك هي نهاية أفضل.. العالم الآخر هو عالم أفضل، حيث "ما لم تره عين ولم تسمع به إذن، ولم يخطر علي بال إنسان، ما أعده الرب لمحبي اسمه القدوس" (1 كو 2: 9)... والجسد الروحاني السماوي الذي نعيش به بعد القيامة (1 كو 15: 44-49) لا شك إنه أفضل من جسدنا النادي هذا... وفي الأبدية عشرتنا مع الله وملائكته وقديسيه، هي أفضل من جسدنا المادي هذا.. وفي الأبدية عشرتنا مع الله وملائكته وقديسيه، هي أفضل بما لا يقاس من عشرة هذا العالم الحاضر. ووجودنا في عالم كله خير، هو أفضل من وجودنا هنا، حيث يوجد الخير والشر، وحيث يعيش الزوان إلي جوار الحنطة..
إذن الأبدية أفضل. فلماذا نخافها؟ ولماذا لا نستعد لها.
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
ولعلنا في الضيقات نذكر العتاب الذي قدمه أرمياء النبي لرب المجد قائلًا له "أبر أنت يا رب من أن أخاصمك. ولكن أكلمك من جهة أحكامك:
لماذا تنجح طريق الأشرار؟ اطمئن كل الغادرين غدرًا؟!" (أر 12: 1).
ويجيب القديس أغسطينوس عن هذا السؤال بالنظر إلي النهاية: فيقول إن الأشرار كالخان، يرتفع دائمًا إلي فوق. وفيما يرتفع وتتسع رقعته يتبدد. بينما النار تبقي أسفل، ولكنها ثابتة وقوية. لذلك فعلي الإنسان أن يهتم بالنهاية قبل كل شيء، مهما كان بدء الأمر فيه تعب أو ضيق..
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 01 - 2014, 08:13 AM   رقم المشاركة : ( 58 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث

نهاية طيبة مع بداية متعبة
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث

الحياة الروحية، تبدأ بالباب الضيق والطريق الكرب (متي 7: 13، 14) , ولكن هذا الضيق يؤدي إلي النعيم الأبدي بينما "واسع الباب، ورحب الطريق الذي يؤدي إلي الهلاك".. ولذلك ما أجمل قول المرتل:
"الذين يزرعون بالدموع، يحصدون بالابتهاج" (مز 125).
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 01 - 2014, 08:14 AM   رقم المشاركة : ( 59 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث

الطفل موسى

طفل صغير، ولد في عصر مظلم، وكان محكومًا عليه بالموت قبل أن يولد، وقد أخفاه أبواه خوفًا لمدة ثلاثة أشهر، وإذ لم يستطيعا إخفاءه أكثر، وضعاه في سفط (سبت)، وألقياه عند حافة النهر، في المياه..
من كان يظن أن هذه الطفل المحكوم عليه بالموت، والملقي في الماء، يصير نبي الله العظيم، وكليم الله..؟!

كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
يصير موسي النبي، الذي نسبت الشريعة إلي اسمه، فيقال شريعة موسى، وناموس موسى.. بل يصير رجل المعجزات والآيات، الذي شق البحر الأحمر بعصاه، وضرب الصخرة فتفجرت ماء، وأنزل من السماء المن والسلوى..!
من كان يظن أن هذا المحكوم عليه بالموت من فرعون، يعيش أربعين سنة في قصر فرعون، كأحد الأمراء، ويدعي ابن ابنة فرعون.. ويصبح فيما بعد القوة الجبارة التي يعمل لها ألف حساب.. يصير الإنسان الذي يصرخ أمامه فرعون ويقول أخطأت (خر 9: 27)، ويتضرع إليه أكثر من مرة أن يصلي من أجله، ليرفع الرب عنه الضربات،من كان يظن أن أن الطفل الصغير الملقي مصيره هكذا؟ ولكنها يد الله حينما تتدخل في الأحداث وتدبر مصائر الناس.. إنه اله الذي قال له أيوب الصديق "علمت أنك تستطيع كل شيء، ولا يعسر عليك أمر".
قصة الطفل موسي تعطينا دسًا في الرجاء، أن الله يستطيع أن يحول الضعف إلي قوة ويغير المصائر حسبما يشاء..
حقًا إن الله يستطيع أن يعمل أعمالًا عجيبة لا تخطر علي بال.
إننا ننظر إلي الحاضر فقط. وقد نري فيه أمورًا صعبة معقدة، تجلب الحزن أو اليأس. أو قد نري فيه أمورنا صعبه معقدة، تجلب الحزن أو اليأس. أو قد نري مخاطر ليس من السهل الخروج منها.. بينما يكون المستقبل، الذي يمسكه الرب في يده، هو غير الذي نراه في الحاضر، غيره تمامًا، وربما عكسه تمامًا
ليتنا بدلًا من أن نظر إلي الحاضر المتعب الذي أمامنا، ننظر بالرجاء إلي المستقبل المبهج الذي في يد الله..
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 01 - 2014, 08:15 AM   رقم المشاركة : ( 60 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث

الأرض الخربة

* هذا الرجاء وضعه الله أمامنا، منذ الآيات الأولي التي تتحدث عن قصة الخليقة، حيث يقول الوحي الإلهي:
· "كانت الأرض خربة وخالية، وعلي وجه الغمر ظلمه" (تك 1: 2). إنها صورة كئيبة للطبيعة من أول القصة. ولكن ليس من الصالح أن نقف عند حدود هذه الصورة فالقصة لم تتم فصولها.. فمع وجود هذه الصورة الكئيبة، كان هناك ما يبعث الرجاء.. كانت هناك عبارة "وروح الله يرف علي وجه المياه "وماذا أيضًا؟

كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
· "وقال الرب ليكن نور، فكان نور، ورأي الله النور أنه حسن" (تك 1). وهكذا فتحت أمام الصورة الكئيبة المظلمة نافذة من نور.
· وإذا كل شيء قد تغير.. وبدأت يد الله تعمل: تنظم هذه الطبيعة، وتنقشها، وتخلق فيها الحياة، وتضع لها النظم، وتلبسها ثوبًا من الجمال والبهاء، وينظر الله إلي كل ما عمله، فإذا هو حسن جدًا.. من كان يظن أن الطبيعة الخربة، الخاوية، المغمورة بالمياه، المغطاة بالظلمة، تتحول إلي هذا الجمال الذي نعيش فيه، الأشجار والأزهار والأثمار، والبحار والأنهار، والطيور والفراشات ذات الألوان، وجمال السماء والقمر والنجوم، والجبال والتلال والبحيرات، جمال يتغنى به الشعراء. ويبدع في رسمه الفنانون.
إن قصة الطبيعة في نشأتها، فيها رمز، وفيها رجاء.
أنها رمزًا لكل حياة خربة وخالية ومظلمة، وتنتظر في رجاء قول الرب "ليكن نور".. تنتظر يد الله في الأيام الستة.. حتى تتكامل صورتها، وتنتهي إلي عبارة "حسن جدًا".. فلا تقف يا أخي عند عبارة "خربة وخالية "وتكتئب،إنما تطلع إلي المستقبل في رجاء، وانتظر الرب... وفي كل يوم يمر عليك. كلما يقول الوحي الإلهي "وكان مساء وكان صباح "ن اهتف من كل قلبك "يا جميع الأمم صفقوا بأيديكم.. هللوا لله بصوت الابتهاج" (مز 46: 1)، قد علمت يا رب أنك تستطيع كل شيء، ولا يعسر عليك أمر..
الله قادر أن يغير كل شيء.. إلي أفضل، وإلي العكس. وليس المهم عنده البدايات، وإنما ما تنتهي إليه الأمور.
  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كتاب حياة الشكر مسموع لقداسه البابا شنوده الثالث
كتاب تأملات في حياة القديسين يعقوب ويوسف - البابا شنوده الثالث
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
كتاب حياة الشكر - البابا شنوده الثالث
كتاب تأملات في حياة القديس أنطونيوس - البابا شنوده الثالث


الساعة الآن 08:00 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024