27 - 09 - 2014, 03:52 PM | رقم المشاركة : ( 21 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة و روحانية مار فرنسيس
الرهبانية الثالثة
سنة1223، أقرّ البابا هونوريوس الثالث رسمياً الرهبانية الفرنسيسية، التي ما برح الناس يتواردون عليها من جميع النواحي، بغية خدمة الله، وإعلان اسمه إلى العالم. وكان نحو سنة 1221، أن غصنا جديداً أخذ ينمو على الجذع الأصيل، إلى جانب الإخوة الأصاغر وراهبات كلارا، وهو الرهبانية الثالثة، ووضع لها قانوناً يرمي إلى تقديس حياة أولئك، من غير أن يتركوا العالم.بهذا تمّ شوق الكثيرين الشديد إلى حياة الزهد والكمال، في رهبانية دعيت أولاً "رهبانية إخوة التوبة"، ثم "الرهبانية الفرنسيسية الثالثة". فانضمّ إليها أقرب الناس إلى فرنسيس، ومن كل سنّ وطبقة ومقام، من كهنة وأساقفة وباباوات وأمراء وملوك. حقّاً! أرادت العناية الربانية هذه الرهبانية، التي ادهشت العالم في نسيانه لانجيل الخلاص. فقد بعثت فيه حياة جديدة، واعلت شأن المساكين، وردّت أسلحة الانتقام، ونشرت الحب في القلوب والأفكار والأفعال. إن الانتماء إلى الرهبانية الثالثة نور وهدى لحياتنا الروحية، في درب الكمال المسيحي. |
||||
27 - 09 - 2014, 03:52 PM | رقم المشاركة : ( 22 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة و روحانية مار فرنسيس
مذود غريتشو
اقترب عيد الميلاد سنة1223، وأخذتالترانيم الرعوية تنعش الآفاق. فراودت فرنسيس، وهو الكثير الشغف بيسوع الطفل، قال: "الشوق يلحّ بي أن أحيا ليلة الميلاد السماوية، وأن أرى بعيني يسوع الطفل، كما ولد في بيت لحم، مضجعاً فقيراً مسكيناً في مغارة حباً لنا. فانطلق إلى الغابة، وابحث بين الصخور عن مغارة واسعة، وأقام فيها مذوداً، وأنثر على الأرض تبناً، وأحضر ثوراً وحماراً، فنحتفل إخوة وشعباً بحلول ابن الله في أرضنا". هكذا ولد من قلب فرنسيس المولع بالمسيح ذلك المهد، الذي يحرّك عواطفنا كل سنة، إذ يحملنا على أن نحيا سرّ الحب المتجلي في الميلاد المقدس. ولما أعدَّ كل ما يفتقر إليه الاحتفال بالليلة المقدسة، سارع الإخوة من المساكن المجاورة والبعيدة، وتوارد المسيحيون، رجالاً ونساء، من الضياع القريبة، وبأيديهم المشاعل، وألَّفوا شبه إكليل ضمن المغارة. وعند منتصف الليل، اقيم القداس الإلهي، وخدم فيه فرنسيس كشماس انجيلي. وبعد إعلانه الانجيل، ألقى على الحاضرين خطبة في سرّ ميلاد المخلص العظيم. ومنذ ذلك الحين، جرت العادة أن تقام مغاور الميلاد، وأن تدخلهذه السرور على قلوب الملايين من الصغار، وتبعث من الجمودمئات الملايين من القلوب. |
||||
27 - 09 - 2014, 03:52 PM | رقم المشاركة : ( 23 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة و روحانية مار فرنسيس
فرنسيس يحرر اليمامات
كان فرنسيس ينجذب بحب وفرح إلى جميع المخلوقات، كان الإخوة تربطه بها، وتخصه على أن يرقّ لها. وقد اتفّق ذات يوم ان سار في الحقول، فلقي صبياً معه قفص فيه عدة يمامات. فأخذته الشفقة، إذ خطر بباله أنهن سيبعن أو سيذبحن. فقال للصبي: "أسألك أن تهب لي هذه اليمامات الوديعة. فهي، في الكتاب المقدس، صورة للنفوس الطاهرة الأمينة، ولا يجوز أن يسلّم لأيدٍ قد تذبحها". فنظر الصبي إلى فرنسيس، وقد أصابته الدهشة. لكن عذوبة كلماته حملته على إعطائه اليمامات من ساعته. أما فرنسيس، فطفح منه السرور، وبادر إلى تناول اليمامات، وأخذ في مخاطبتهن قائلاً "يا اخوتي اليمامات الساذجات البريئات، لماذا وقعتنّ في الفخاخ؟ مرادي أن انقذكنّ من الهلاك، وأن تعدن إلى أقفاصكنّ، وتكثرن وفق وصية الربّ". ثم شكر الصبي، وأخذ اليمامات إلى كنيسة سيّدة الملائكة، ووضعهن في أقفاص الحرية. وهناك حادث آخر جدير بالذكر. أهدى أحدهم فرنسيس حملاً لمناسبة عيد الفصح. فأحب فرنسيس الحمل، إذ بعثه على التفكير بالمسيح، حمل الله المضحى من أجل خلاصنا. وصار الحمل يتبعه ويطيعه كأنه كائن يدرك. وإلى ذلك، كان ينضم خاشعاً إلى فرنسيس وأخوته وهم يصلّون. لنتعلّم أن نرى في المخلوقات شعاعاً وصورة لجمال الله وصلاحه. |
||||
27 - 09 - 2014, 03:52 PM | رقم المشاركة : ( 24 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة و روحانية مار فرنسيس
فرنسيس يعظ العصافير
مرّ فرنسيس يوماً بإحدى الضياع، فرأى تلاّ تكدّست فيه العصافير المختلفة الأجناس والأشكال، كأنها تلاقت لموعد غريب. فسأل من معه أن يقفوا، ريثما يذهب إلى إخوته العصافير، ويرى ما تعمله. فأقام وسطها، وأوعز إليها بأن تصغي إلى كلام الله، قال: "إخوتي العصافير، عليكم بتسبيح ربّنا ومحبته في كل حين، لأنه كساكم ثياباً بهية الألوان، وأطلق لكم أن تطيروا، ويجود عليكم بما إليه تحتاجون، ويوليكم أن تسكنوا حيثما شئتم. أنتم لا تزرعون ولا تحصدون، وهو يحفظكم ويعتني بأمركم، من غير أيّ عناء منكم". عند هذه الكلمات، هّبت العصافير تعرب عن بهجتها. فمدّ فرنسيس يده، ولمسها بثوبه الخشن فرحاً، ثم باركها وصرفها بعلامة الصليب. فقامت ورفرفت على رأسه، وعادت إلى أعشاشها. إن هذا الحدث ليحثّنا جميعاً على أن تسبّح في كل آن الإله، الذي هو مصدر كلّ هبة، وأن نلقي عليه الاتكال. فلا شيئ يعجز قدرته جلّ جلاله. |
||||
27 - 09 - 2014, 03:52 PM | رقم المشاركة : ( 25 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة و روحانية مار فرنسيس
نحو العلى
لا تزدهر حياة النفس ولا تسمو إلاّ بالصلاة والتأمل. وهذا ما كان يحدو فرنسيس على التردّد إلى العزلة لمناجاة الله. كتب أحد الإخوة بهذا الشأن: "كثيراً ما كان يوم، ويخلد إلى أمكنة توفّر الطمأنينة والاختلاء، بغية أن يكون مع الله وحده، وأن ينفض عن نفسه ما قد يكون علق بها من غبار العالم". فهنالك كان، باسم يسوع المصلوب وأمه المجيدة، وبجناحي الروح، يحلّق في العلى، وينجذب شديد الانجذاب إلى رؤى الفردوس. وكانت الأمكنة، التي ألِف فرنسيس الانقطاع إلى عزلتها، كانت توحي إليه بذكريات الأمكنة الانجيلية: بيت لحم، جبل صوم المسيح، الجلجلة. فأصبحت، على غرار هذه، واحات مناجاة لله، وكوّنت قداسة فرنسيس. وحضور فرنسيس فيها قدّسها بدوره، وجعلها حتى اليوم أمكنة يغتني فيها أبناؤه روحياً، كي يكونوا أكثر شبهاً بمعلمهم، ويشهدوا للرب ولأنفسهم وللآخرين، بأن حياتهم موقوفة لله، في ضوء مثالية القديس فرنسيس. |
||||
27 - 09 - 2014, 03:52 PM | رقم المشاركة : ( 26 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة و روحانية مار فرنسيس
فرنسيس والافخارستيا
من أين كان يستمدّ فرنسيس غذاء المحبة؟ كان ذلك من الافخارستيا أولاً. فهي تمدّ النفس بما تفقتر إليه هذه، كي تتمكن من محبة الله والقريب محبة فائقة الطبيعة. إن المحبة هي السبيل إلى الاتحاد بالله، والافخارستيا هي ما يجمعنا بالله: "من أكل جسدي وشرب دمي، أقام فيّ وأقمت فيه". فالمحبة الكاملة تكون بالبقاء في الشخص المحبوب، بل بالتحول إليه. وقد قال القديس يوحنا: "من أقام في المحبة، أقام في الله، وأقام الله فيه". فإن كان الله في نفس ذاك الذي يتناوله، فهذا يقيم في المحبة، بل يقيم فيها بنوع يزداد كمالاً. وعليه، ففي الافخارستيا، ألقى فرنسيس مركز كل نشاطه النابض. كان يقدم على التناول بأقدس عواطف الاستعداد، وينجذب أشد الانجذاب إلى ملاقاة عطيّة الربّ بالمحبة، وعرفان الجميل، ويجد الراحة بمَن هو الخير غير المحدود، مستطيراً فرحاً روحياً، ومعانقاً في قلبه جميع الذين فداهم المسيح. وكان، في مناجاته الافخارستية، يصرخ إلى الرب: "يا رب، اجعلني أداة لسلامك! لنبشر بالحب حيث الحقد ولنبن السلام حيث الخصومة ولنوقظ الإيمان حيث الشك ولنبعث العزم حيث الكآبة والحزن ولنبذل الصفح حيث الإهانة ?ولنعلن الحقيقة حيث الضلال ولنحيَ الرجاء حيث اليأس ولنشعّ النور حيث الظلمة". أجل، كان فرنسيس يشعر بأن الافخارستيا جعلته واحداً مع المسيح. وهذا ما دفع البابا بندكتس الخامس عشر على أن يشهد بأن فرنسيس "أكمل صورة وجدت على الأرض للمسيح". |
||||
27 - 09 - 2014, 03:53 PM | رقم المشاركة : ( 27 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة و روحانية مار فرنسيس
وسم المسيح
في شهر أيلول سنة1124، رحل فرنسيس إلى جبل "فرنا"، مستصحباً بعض الإخوة. فكانت صلاته تزداد اضطراماً هناك يوماً فيوماً. وارتفع دعاؤه عالياً بين الدموع والتنهدات: "أيها الرب يسوع المسيح، أسألك أن تظفّني بنعمتين قبل مماتي: الأولى أن أشعر في نفسي وجسدي، ما أمكن، بما اضطرمت به من الحب العجيب، الذي حملك، أنت ابن الله، على أن تموت لأجلنا نحن الخطأة المساكين". ثم صمت، ومكث مصلوب الذراعين، حتى بدأ وكأنه شبح، انهكه الصوم والألم. لكن وجهه ظَلَّ يشع نوراً، من جراء لهيب الحب الذي كان يلتهمه. وبينما كان فرنسيس يلتفت إلى الشرق عديم الحركة، إذ رأى بغتة سروفياً هابطاً من السماء، وقد وقف تجاهه مرتفعاً في الجو، وله أجنحة منيرة ملتهبة، وهو يحمل صورة المصلوب مطبوعة في جسمه. وعند ذاك، أحاط بجبل فرنا نور ساطع، أضاء ما حوله من الجبال والأدوية. أما فرنسيس، فقد شعر بأن جرحاً فادحاً ثخن جسمه، فيقي مغمياً عليه. ولما توارت الرؤيا، شهد، وهو مرتعش من الكآبة والمسرّة، مسامير صليب المسيح في يديه ورجليه، وأبصر جنبه الأيسر دامياً بجرح الشهيد المصلوب: "لقد وسم بوسم المسيح الأخير فحمله في جسمه طيلة سنتين".(دانته،الفردوس11) |
||||
27 - 09 - 2014, 03:53 PM | رقم المشاركة : ( 28 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة و روحانية مار فرنسيس
نشيد في الخلائق
اشتدّ سوء الحال بفرنسيس اشتداداً عظيماً، في أواخر عمره. فكانت الجراحات تؤلمه، والعينان لا تطيقان النور، والمعدة لا تطيق الطعام. فانطلق به الإخوة إلى دير القديس داميانس، حيث كلّمه المصلوب للمرة الأولى، بغية التفريج عنه. وكان قد اقبل شتاء1224-1225. فاعتزم فرنسيس أن يؤلف: نشيداً في الخلائق قال أحد الآباء الفرنسيسيين: "إن نشيد الخلائق هو عهد القديس فرنسيس، هو أشادته بالحياة على عتبة الموت، ومعانقته البشر في ساعة الفراق والرحيل، والغناء وسط التلوي من الألم، والحب الذي يفوق الألم، وبدء فنّنا، وسرّ وسمنا المسيحي، ورمز خلودنا". |
||||
27 - 09 - 2014, 03:53 PM | رقم المشاركة : ( 29 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة و روحانية مار فرنسيس
زهرة تحترق بأشعة الشمس
ها قد اقتربت ساعة دعوة الرب لفرنسيس إليه. "فاستقبل الموت منشداً"، على حدّ قول أحدهم، وكان بودّه أن يموت قريباً من كنيسة البورسيونكلا (الجزء الصغير). وقبل ذلك، استغفر الجميع، وبارك أبناءه وبناته، وبارك أسيزي، مدينته العزيزة، وغاص في الصلاة: "أهلاً بأخي الموت ... ها إن الرب يدعوني ..." وكان مساء اليوم الثالث عشر من شهر تشرين الأول سنة 1226. الآفاق صافية كأنها على أهبة لقبول أنفاس فرنسيس الأخيرة، ونور ضئيل يبدو في وجه القديس المشرف على التلف، تعلو محيّاه ابتسامة رقيقة. وفي وسط الصمت السائد، سراب من "إخوته القنابر" يبادر ويغّني. والحاضرون ينحنون على وجه من شمع، لعله يوحي برمق من الحياة. ولكن الفم أمسى جامداً لا يتحرك. فقد مات فرنسيس من غير ضجّة أو عراك، كزهرة تحترق على جذعها بأشعة الشمس. أجل، هكذا برحت نفس فرنسيس هذه الدنيا. فظل جثمانه على الأرض، يشع نوراً، وتفوح منه رائحة الزنابق، بين أعجاب الحاضرين من أمره. وتقبيل الإخوة له. ثم حمل الجثمان ودفن في كنيسة القديس جرجس، حتى اليوم الذي شاد الأخ ايليا الكنيسة الكبرى، على اسم أبيه القديس. إلى هناك نقل جثمان فرنسيس. وهناك أصبح قبر القديس الساروفي محطّ حجّ للعالم كله. فما زال الملايين يقصدونه من كل دين وطبقة، ويجثون راكعين أمامه، ملتمسين منه نوراً وقوة وسنداً وسلاماً. إن هذا القبر قد جعل من أسيزي أورشليم الغرب. |
||||
27 - 09 - 2014, 03:53 PM | رقم المشاركة : ( 30 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة و روحانية مار فرنسيس
خاتمة
إن فقير أسيزي قد أنشد أصفى أفراح الأرض، ورفع شأن ما بها من آلام وتضحية وموت. إنه قد بكى طغيان البشر وظلمهم، وعلَّمنا أن يحب بعضنا بعضاً، حب إخوة في المسيح. زهد في نفسه زهد الأبطال، وقدّم ذاته وأعماله قرباناً على مذبح الرب. أشاد بالصليب راية، وبالانجيل ناموساً، وبالمحبة أختاً. ومن بين المدائح التي خصَّه الناس بها، مديح الكنيسة هذا: "إن فرنسيس، الذي كان فقيراً وضيعاً حباً للمسيح، قد أصبح أهلاً لدخول السماء بين أناشيد الملائكة". |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
يارب إنقلنا إلي سيرة روحانية واعطنا روحانية |
حياة القديس فرنسيس الأسيزي |
حياة القديس فرنسيس الأسيزى |
القديس فرنسيس.. حياة كالصلاة |
مريم العذراء في روحانية القديس فرنسيس |