04 - 01 - 2014, 03:54 PM | رقم المشاركة : ( 21 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب معالم الطريق الروحي - البابا شنودة الثالث
فوائد التغصب يصلح التغصب كثيرً في الانتصار على العادات الخاطئة التي عاشت في الإنسان مدة، وأخضعته وأذلته واستعبدته. وليس من السهل أن تطوعه وهو يقودها في اتجاه عكس اتجاهه السابق. إن التغصب هو بلا شك ثورة على تدليل النفس، أو هو حرب ضد الذات. كلنا نعرف أن الإنسان لو ترك نفسه إلى رغباته وشهواتها، وإلى محبة الراحة والاسترخاء، فأنه لا شك يضيعها. أما بالتغصب فإنه لا يترك نفسه إلى أهوائها، بل يأمرها فتطيع فتخضع، ولو يرغمها على غير ما تود، إلى حين أن تصل إلى محبة الخير ومحبة الله... إننا نستعمل التغصب أحيانًا في تربية أطفالنا وأولادنا. لأننا لو دللناهم وتركناهم حسب هواهم لكانت النتيجة هي ضياعهم وهلاكهم. ونستعمل هذا الغصب لخيرهم، إن فشلت طرق الحب والطيبة والحيلة والاقناع... يونان النبي لما لم يغصب نفسه إلى الطاعة غصب الله عليه. وبعد أن هرب من الله، أمر الله حوتًا عظيمًا فابتلعه بسرعة ولم يرجعوا إلى الله حبًا، فرجعوا إليه غصبًا، بتجارب وآلام منوعة. وخير للإنسان أن يغصب نفسه بإرادته، من أن تغصبه التجارب والأحداث. الفرق بين القديسين والأشخاص العاديين، أن القديسين غصبوا أنفسهم على الفضيلة في بادئ الأمر حتى تعودوها وأحبوها... كانت لهم أجساد تجوع وتعطش، وغصبوها على الصوم. وكانت لهم أجساد تتعب، ولكنهم غصبوها على السهر، كما حدث مع القديس الأنبا بيشوى الذي قطع على نفسه عهدًا حينما قال: لا أدخل إلى مسكن بيتي، ولا أصعد على سرير فراشي، ولا أعطي لعيني نومًا، ولا لأجفاني نعاسًا، ولا راحة لصدغي، إلى أن أجد موضعًا للرب (مز131). |
||||
04 - 01 - 2014, 04:00 PM | رقم المشاركة : ( 22 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب معالم الطريق الروحي - البابا شنودة الثالث
نصائح وتداريب حول فضيلة التغصب لذلك لا تستجيبوا لمحبة الراحة، ولا لنداء الرغبات، ولا تدللوا أنفسكم واعرفوا أن التغصب سوف يستمر معكم، فما أن تجدوا لذة في حياة الفضيلة حتى يزول التغصب تلقائيًا وتبدأ حياة الحب... وفي كل ذلك ضعوا أمامكم قاعدة روحية هامة وهي: إن أكبر حرب نجتازها في حياتنا الروحية، هي الحرب ضد أنفسنا وإذا انتصرنا في الداخل بالتغصب سننتصر على كل حرب خارجية.. لا تنفذوا كل فكر يأتي إليكم، ولا أية رغبة تطرق قلوبكم. وإن لم تستطيعوا أن تمتنعوا، أجلوا الأمر فترة من الوقت، ثم اغصبوا أنفسكم على مداومة التأجيل.. ربما خلال التأجيل تفتقدكم النعمة وتريحكم... واعملوا أن التغصب يدخل في وصية حمل الصليب التي أمر الرب (متى16: 24) فهؤلاء هم الذين " صلبوا الجسد مع الأهواء" (غل5: 24). حاول أن تعلن الثورة على ذاتك وعلى رغباتك. وإن تضع لنفسك نظامًا روحيًا ثابتًا، تغصب نفسك على تنفيذه. ولا تسامح مع نفسك بالتنفيذ، بكثير من الاستثناءات التي توحي بعدم الجدية في العمل الروحي، وبروح التراخي واللامبالاة. إن مبدأ التغصب يظهر في قول الرب " إن أعثرتك عينك فاقلعها.. وإن أعثرتك يدك اليمني، فاقطعها والقها عنك" (متى5: 29، 30). وهكذا تغصب ذاتك، فلا تستسلم عينيك للنظر بل تمنعها. وكذلك يدك. وهكذا في منع اللسان عن الكلام نري القديس يعقوب الرسول يستخدم عبارات: يلجم، يلل، يضبط.. وكلها عبارات تدل على التغصب. من أجل التغصب، وضعت الدول القوانين والعقوبات ووضع الله وصايا وأيضًا عقوبات. والمطلوب روحيًا أن يغصب الإنسان نفسه على ترك الشر، وعلى عمل الخير، قبل أن يغصبه القانون والوصية والعقوبة. المطلوب أن ينبع الخير من داخل قلبه، بإرادته، بإكراهه لنفسه على ترك الخطأ دون أن يضطر إلى ذلك اضطرارًا، وبلا أجر... اجعل ضميرك هو الذي يغصبك وليس القانون. وارتفع فوق مستوي القانون... لتصل إلى محبة الخير اغصب نفسك على عمل الخير قبل أن تغصب غيرك عليه. وإن أخطأت عاقب نفسك، بدلًا من أن تأتيك العقوبة من الخارج. |
||||
04 - 01 - 2014, 04:01 PM | رقم المشاركة : ( 23 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب معالم الطريق الروحي - البابا شنودة الثالث
السلوك الروحي واستقامته الإنسان الروحي يسلك حسب الروح: حسبما الروح يقوده ويرشده وليس حسب الجسد، أي ليس حسب مشيئة الجسد ورغباته وماديته... والذي يسلك حسب الروح، يكون مقبولًا أمام الله، بينما الذي يسلك حسب الجسد يقع تحت الدينونة. ولذلك قال القديس بولس الرسول: "لا شئ من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع، السالكين ليس حسب الجسد، بل حسب الروح" (رو8: 1). المفروض في الإنسان الروحي أن يهتم بروحه: في غذائها وصحتها ونموها... يعطي روحه ما تحتاج إليه من غذاء يحفظها في قوة وفي نمو، مثل كل وسائط النعمة من صلاة وصوم، وقراءات روحية، وتأمل ومطانيات واجتماعات روحية، وخلوة روحية، وارشاد روحي. كما يحتاج أن ينمي روحه بحياة الفضيلة التي يسلك فيها وبالمحبة التي تربطه بالله وبحياة التوبة التي تحفظ روحه نقيه. غير أن غالبية الناس يهتمون بأجسادهم إهتمامًا كبيرًا يفوق اهتمامهم بأرواحهم. يضعون كل الاهتمام في الجسد وكل ما يختص به من مأكل وملبس ومسكن وترفيه وزينة، بل يهتمون برغبات هذا الجسد، وتحقيق شهواته وملاذه، بشكل يشمل كل الفكر وكل العاطفة، حتى لو تعارض هذا كله مع نقاوة أرواحهم. وينسي كل هؤلاء قول الرسول: اهتمام الجسد هو موت، ولكن اهتمام الروح هو حياة وسلام، اهتمام الجسد هو عداوة لله.. فالذين هم في الجسد لا يستطيعون أن يرضوا الله... (رو8: 6 8). لذلك يسمون هؤلاء جسدانيين.. ولا يستطيع الجسدانيون أن يرثوا ملكوت الله، لأنه ملكوت روحي، يعيش فيه فقط، الروحانيون السالكون حسب الروح. ولذلك فعندما تكلم الرسول عن محبة العالم التي هي عداوة لله، قال " لأن كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العين وتعظم المعيشة" (1يو2: 16). وهكذا وضع شهوة الجسد في مقدمة العالميات. هنا نسأل سؤالًا يفرض نفسه: هل الجسد إذن خطية؟ |
||||
04 - 01 - 2014, 04:02 PM | رقم المشاركة : ( 24 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب معالم الطريق الروحي - البابا شنودة الثالث
هل الجسد خطية؟ كلا، إن الجسد ليس خطية ولا شرًا، وإلا ما كان الله يخلقه. يكفي أن السيد المسيح أخذ جسدًا وكذلك قال لنا الرسول: "ألستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل الروح القدس الذي فيكم"، "ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح" (1كو6: 19، 15). فإن كان جسدنا كذلك فهو ليس شرًا إطلاقًا. وهذا الجسد سيقيمه الله في اليوم الأخير. جسدًا روحانيًا نورانيًا (1كو15). ونحن نكرم أجساد القديسين. ولو كان الجسد خطية، ما كنا نكرم هذه الأجساد. إن الجسد شيء مقدس، نزل إلى ماء المعمودية وتدشن وصار طبيعة جديدة، ومسح بزيت المسحة المقدسة في سر الميرون. وصار هيكلًا للرب (1كو2: 16، 17). هذه هي النظرة السليمة التي نحترم بها الجسد، وننظر إليه في وقار، سواء كان جسدنا الخاص أو جسد آخرين.. متذكرين في ذلك قول الرسول " من يفسد هيكل الله فسيفسده الله" (1كو2: 17). وقوله أيضًا "فمجدوا لله أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله" (1كو6: 20). إذن يمكن أن نمجد الله أجسادنا ونمجده بأجسادنا... أليس الجسد يشترك مع الروح في عبادة الله. الروح تصلي. والجسد يقف أو يركع أو يسجد أو يرفع أيادي طاهرًا إلى فوق. والجسد يصوم، والجسد يبارك الله في المطانيات. والجسد يتعب في الخدمة ومعونة الآخرين... إن احترمنا الجسد هكذا، لا يمكننا أن نمتهنه أو ندنسه في أنفسنا أو في الآخرين.. ننظر إلى الجسد ككنيسة صغيرة مقدسة مدشنة بالميرون، يسكنها روح الله. والمفروض أن هذه الكنيسة تخرج منها تسابيح وصلوات وتراتيل ومزامير وأغاني روحية (أف5: 19) ترتفع إلى الله كرائحة بخور. كما قال المرتل في المزمور: "فلنستقيم صلاتي كالبخور قدامك، وليكن رفع يدي ذبيحة مسائية" (مز141: 2). هذه هي النظرة الروحية إلى الجسد. إذن الجسد ليس خطية، إن استعملناه بطريقة روحية، وفهمناه بطريقة روحية كشيء مقدس مثل جسد آدم وحواء قبل الخطية. ومثل أجساد الأبرار في القيامة العامة ومثل كل جسد مقدس من أجساد الأحياء يبارك الله. |
||||
04 - 01 - 2014, 04:03 PM | رقم المشاركة : ( 25 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب معالم الطريق الروحي - البابا شنودة الثالث
خضوع الجسد للروح يكون الجسد مقدسًا إن خضع لقيادة الروح، ولم يدعها هي تخضع له. إن حدث ذلك يسلك بطريقة روحية بل ينطبق عليه قول الرسول " اطلب إليكم أيها الأخوة برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة.. ولا تشاكوا هذا الدهر" (رو12: 1، 2). إذن يمكن أن يكون الجسد ذبيحة حية مقدسة.. أما إن قاوم الروح، ولم يخضع لها، فحيئنذ ينطبق عليه قول الكتاب: " الجسد يشتهي ضد الروح، والروح يشتهي ضد الجسد، وهذان يقاوم أحدهما الآخر" (غل5: 17). يقول الرسول هذا، ليس عن كل جسد، وإنما عن الأجساد الخاطئة المقاومة لعمل الروح، والتي تشتهي ضد الروح، والتي توقع الإنسان في صراع داخلي بين جسده وروحه، ولكن القديسين ليسوا هكذا، وإنما أجسادهم تشترك مع أرواحهم في العمل الروحي، وتبذل ذاتها. لذلك يكافئ الله الجسد بأن يتنعم مع الروح بإخضاع الجسد، فلا يسلك في طريق مادي بل في طريق روحي. وهكذا قال القديس بولس الرسول " بل أقمع جسدي واستعبده، حتى بعد ما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضًا" (2كو9: 27). وهكذا فعل كل الأباء في البراري والقفار، حتى جسدهم تمامًا للروح وشارك في عملها، باصوام وأسهار وسجود، وعدم اعطاء الجسد ما يشتهيه. إذن ليس الجسد ذاته خطية، إنما شهوات الجسد هي خطية. وقد سقط أبوانيا الأولين في شهوة الجسد، حينما نظرًا إلى شجرة معرفة الخير والشر، فإذا الشجرة للأكل وبهجة للعيون وشهية للنظر (تك2: 6). وبدأ الانحراف إلى اشتهاء كل ما هو مادي، وما هو جسدانى. وهنا يأتي تحذير الكتاب لنا، بقول الرسول: " لأنه إن عشتم حسب الجسد فستموتون، ولكن إن كنتم بالروح تمتون أعمال الجسد فستحيون" (رو8: 13). ولهذا يدخل القديسون في أعمال الإماتة هذه شهوات الجسد وهكذا نطلب إلى الرب يسوع في صلاة الساعة التاسعة قائلين "أمت حواسنا الجسدانية" وإن ماتت الحواس الروحية وتتحرك بمحبة الله، ولذلك يقول الكتاب: " وأما أنتم فلستم في الجسد، بل في الروح، إن كان روح الله ساكنًا فيكم" (رو8: 9). وإن عاش الإنسان بالروح، وفي الروح، وصار الجسد خاضعًا، فحينئذ يتمتع بحياة الانتصار كائنًا واحدًا، وليس كيانين متصارعين، بل على العكس لا يوجد فيه صراع داخلي بين الجسد والروح، لأن جسده أصبح يشتهي ما تشتهيه روحه، ويتعاون معها في كل أعمال البر. وحينئذ لا يخطئ الجسد... |
||||
04 - 01 - 2014, 04:04 PM | رقم المشاركة : ( 26 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب معالم الطريق الروحي - البابا شنودة الثالث
الجسد والخطية فالجسد الذي يخطئ، هو الجسد المتمرد على الروح، أو هو الجسد الذي يسيطر على الروح ويخضعها لرغباته، فتتدنس معه وتفقد صورتها الإلهية، وتقع معه تحت الدينونة في ذلك اليوم الرهيب. والجسد الذي يخطئ، إنما يدنس هيكلًا من هياكل الله. لأن الجسد هو هيكل الله، فإن أخطأ، فيكون كمن يحطم كنيسة مقدسة كان روح الله يحل فيها. وهو يتمرد ليس فقط على روحه، إنما أيضًا على روح الله الساكن فيه. وإن كان الإنسان الذي تنتصر فيه روحه، وتقود الجسد معها إلى حياة القداسة يصير كملائكة الله في السماء. فإن الإنسان الذي يتمرد فيه الجسد على الروح ويقودها، يصبح في مستوي الحيوانات. والجسد الذي يعيش في شهواته، إنما يعتبر ميتًا، مهما كان ينبض بالحياة. وكما قال الرسول " فالجسد ميت بسبب الخطية" (رو8: 10). ولذلك قال الرب راعي كنيسة ساردس " إن لك إسمًا أنك حي وأنت ميت" (رؤ3: 1). وقال الرسول عن الأرملة المتنعمة فقد ماتت وهي حية" (1تى5: 6). لأن الحياة الحقيقية هي في الله ومن ينفصل عن الله بالخطية، يعتبر ميت، وهو حي. وبهذا قال الآب عن الإبن الضال " أبني هذا كان ميتًا" (لو15: 24). والذي يتوب، إنما يعود إلى حياة مرة أخرى. ولذلك قيل عن الإبن الضال في توبته " كان ميتًا فعاش". لهذا ينبغي أن يهتم الإنسان بروحه في ذلك بأبديته. |
||||
04 - 01 - 2014, 04:05 PM | رقم المشاركة : ( 27 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب معالم الطريق الروحي - البابا شنودة الثالث
الاهتمام بالروح يقول الرسول " اهتمام الروح هو حياة وسلام" (رو8: 6). يضع أمامه أن له روحًا واحدة إن قادها في طريق الخلاص، ربح كل شيء. وإن خسر هذه الروح، خسر كل شيء. وكما قال السيد المسيح " ماذا ينتفع لو ربح العالم كله وخسر نفسه". الذي يسلك في الطريق الروحي، يضع كل اهتمامه في نقاوة روحه، واتصال روحه بالله والسعي لأن ترث هذه الروح ملكوت الله في الأبدية السعيدة. يسلك بالروح، وينمو في الروح، ويصبح إنسانًا روحانيًا. يعود صورة الله ومثاله، ويحتفظ بنفسه باستمرار صورة لله. فالروح هي النفخة التي نفخها الله في الإنسان، فصار نفسًا حية أما الجسد فهو العنصر الترابي، لأن جبل من تراب الأرض. وبالسلوك بالروح يصير الإنسان شبة الملائكة، ويكون له صداقة وعشرة مع الله وملائكته ومع العالم الروحي كله، بل يصير هو ملاكًا عند الله. تصبح تصرفاته روحية، وكلماته كلمات روحية، وكل علاقاته علاقات روحية، وتسيطر الروح على كل حياته. لذلك تأمل يا أخي نفسك كيف تسلك: هل بالروح أم بالجسد؟ فالكتاب يقول " اسلكوا بالروح، فلا تكملوا شهوة الجسد" (غل5: 16). بل يقول بالأكثر " امتلئوا بالروح" (أف5: 18). وهنا يبدو النمو في الحياة الروحية: من سلوك بالروح إلى امتلاء بالروح. |
||||
04 - 01 - 2014, 04:06 PM | رقم المشاركة : ( 28 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب معالم الطريق الروحي - البابا شنودة الثالث
علاقة روحك بروح الله الإنسان الروحي يخضع جسده لروحه، وتخضع روحه لروح الله. ويصبح هذا دليلًا على بنوته لله. وفي هذا يقول الكتاب " لأن كل الذين ينقادون بروح الله، فأولئك هم أبناء الله" (رو8: 14). وإن كان روح الله هو الذي يقوده فلن يخطئ، والشرير لا يستطيع أن يمسه (1يو3: 9) (1يو5: 18). حقًا بهذا "أولاد الله ظاهرون". ولا يقتصر الأمر على الناحية السلبية من جهة البعد عن الخطية، وإنما إيجابيًا تظهر فيه ثمار الروح. وهذه قال عنها الرسول " وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان وداعة تعفف" (غل5: 22). قال القديس بولس هذا عن السالكين بالروح "الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات" (غل5: 24) وقال بعدها مباشرة " إن كنا نعيش بالروح، فلنسلك أيضًا بحسب الروح". لأنه كيف نقول إننا أولاد الله، إن كنا لا ننقاد بروح الله؟ وكيف نقول إننا نعيش بالروح، إن كانت لا تظهر في حياتنا ثمار الروح؟ والذي ينقاد لروح الله، لا يطفئ الروح، ولا يحزن روح الله في داخله ولا يقاوم روح الله، وإنما يستسلم تمامًا لعمل الروح فيه. ويكون أداة طيعة للروح القدس، يصنع الله به مشيئته المقدسة. لا يخون الله ويفتح أبواب قلبه أو فكره للخطيئة التي تقاوم عمل الروح. بل على العكس: يشترك مع روح الله في العمل: وبهذا يدخل في شركة الروح القدس (2كو13: 14) ويكون شريكًا للطبيعة الإلهية (2بط1: 4) في العمل لأجل خلاصه وخلاص الآخرين. إذن فالسلوك بالروح، هو سلوك بروحك وبروح الله. وعندئذ تتجمل روحك بالفضائل، وتستعد لمقابلة الله " كعروس مزينة لعريسها". تتزين بالفضائل، بالمحبة بالاتضاعالإيمان بالتعب من أجل الله. تتزين بما قال عنه القديس بطرس الرسول " زينة الروح الوديع الهادئ الذي هو قدام الله كثير الثمن" (1بط3: 4). اهتم إذن بجمال روحك، حتى عندما تخلع جسدك، تكون روحك مقبولة في السماء. لها رائحة المسيح الذكية. وتأخذ روحك حتى في هذا العالم هيبة أمام الشياطين. " يسقط عن يسارك ألوف، وعن يمينك ربوات، وأما أنت فلا يقتربون إليك" (مز91: 7). أتريد إذن أن تختبر روحك وسلوكك بالروح؟ إليك هذا السؤال: هل أنت تخاف الشياطين، أم أن الشياطين تخافك، لسكنى روح الله فيك؟ اسلك يا أخي بالروح، وأنت تصل إلى هذا المستوى. وكل عمل تعمله تأكد من أن الله يشترك معك فيه بروحه القدوس. واحتفظ بسكني الروح داخلك. |
||||
04 - 01 - 2014, 04:06 PM | رقم المشاركة : ( 29 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب معالم الطريق الروحي - البابا شنودة الثالث
معنى الاستقامة الإنسان الروحي هو إنسان مستقيم في فكره، وفي ضميره، وفي سلوكه. أمام الله والناس. فما معنى هذه الاستقامة integrity؟ وما علاماتها؟ وكيف تكون؟ وما محارباتها؟ وكيف نميزها؟ إن الإنسان المستقيم، هو إنسان حقاني، لا يسلك في الباطل، سواء إن كان يدري. ولا يجمع بين الحق والباطل..! يسير في طريق مستقيم لا ينحرف عنه. وكما قال الوحي الإلهي " لا تمل يمنه ولا يسره" (أم4: 27). أي لا تنحرف، سواء نحو اليمين أو نحو اليسار. لا يكن لك تطرف هنا أو تطرف هناك. |
||||
04 - 01 - 2014, 04:07 PM | رقم المشاركة : ( 30 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب معالم الطريق الروحي - البابا شنودة الثالث
الاستقامة ضد التطرف المبالغة في الطريق الروحي، غير مقبولة: سواء كانت مبالغة في الكلام أو في الوصف، أو في السلوك. فالمبالغة في الكلام نوع من الكذب المبالغة في الوصف، ولا تعطي هذه ولا تلك صورة حقيقية عن الواقع. والمبالغة في السلوك ليست مستقيمة لأنها لون من التطرف، وقد تتحول إلى فريسة. وفي ذلك قال القديس بولس الرسول عن حياته السابقة للإيمان "حسب مذهب عبادتنا الأضيق عشت فريسيًا" (أع26: 5).. والذين يضيقون على نفوسهم، يتعودون هذا التضييق على الآخرين! وتكون أحكامهم ظالمة وقاسية وغير مستقيمة وقد وبخ السيد المسيح الكتبة والفريسيين على ذلك لأنهم يحملون الناس أحمالًا ثقيلة عسره الحمل (متى23: 4). وبهذا يقعون في خطية القسوة، وأيضًا في خطية الإدانة، بسبب التطرف غير المستقيم. وربما بهذا الأسلوب، يصيرون ملكوت الله صعبًا أمام الآخرين، ويوقعونهم في اليأس إذا لم يستطيعوا وهكذا يغلقون ملكوت السموات أمام الناس. فما يدخلون هم، ولا يجعلون الداخلين يدخلون (متى23: 13). والتطرف ليس له ثبات... ربما يتطرف إنسان في طريقة صومه ويستمر على هذا فترة. وقد يظن أنه ارتفع إلى درجة روحية عالية ولكنه فجأة لا يستطيع أن يستمر. وقد يرجع إلى الوراء، إلى مستوي أقل بكثير من الذين في الطريق بتؤدة وتدرج وهدوء. وبالمثل التطرف في المطانيات، وفي كل أعمال التقشف والنسك. وفي الصمت أيضًا... ففي البعد عن خطايا اللسان، قد يتطرف الإنسان فيفرض على نفسه تدريب صمت عنيف، لا يستطيع أن يستمر فيه! كما أن هذا الصمت في تطرفه قد يوقعه في أخطاء عديدة جدًا، ويسئ معاملاته مع الناس. ولا يكون تصريفًا مستقيمًا... إن الخط الذي يعلو ويهبك في غير استقرار، ليس هو خطأ مستقيمًا. ولا يتفق مع نصائح الآباء... فقد كان الآباء الروحيون ينصحون أبناءهم بعدم التطرف. لأن التطرف لا يتفق مع الحق من جهة، كما أنه من جهة أخرى لا يتصف بالدوام. وقد يتحول فيه الشخص من الضد إلى الضد. وهذه الذبذبة في الحياة الروحية لا يتفق مع الاستقامة في المسيرة الروحية السليمة. لهذا كان الآباء ينصحون بالتدرج من بداية سهلة ممكنه بعيدة عن العلو والافتخار، تنمو قليلًا قليلًا حتى تصل. وكانوا يقولون: قليل دائم، خير من كثير متقطع: أي عمل روحي بسيط يبدأ الإنسان به، راسخة... فهذا أفضل بكثير من قفزة روحية عالية، لا تستمر طويلًا، ثم تعقبها رجعة إلى الوراء...! إن القفزات في الحياة الروحية خطيرة وغير ثابتة. وغالبًا ما يحصدها شيطان المجد الباطل... الاستقامة إذن هي ضد التطرف، كما أنها أيضًا ضد الباطل... |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|