31 أغسطينوس وخصائصه الشخصية:
أ أنه شاب متزن، يميل إلى التفكير والتأمل، لم يفقد كرامته ولا هيبته حتى عندما انزلق في اللذائذ الجسدية مع رفاقه الخلعاء، في ريعان شبابه، بقى رزينًا، جديًا، فيه رصانة الحكيم.
ب إنه شاب طموح يجوز احترام رفاقه وتقديرهم ولاسيما محبتهم متميزًا في دروسه ومواقفه لدرجة جلية الوضوح.
ج يبدو أنه أصيب بالملاريا في السابعة والعشرين، وبمرض في الصدر في الثانية والثلاثين، ويلاحظ أن هذه الأمراض الثلاثة لم يدم أي منها طويلًا.
د نشيط في حياته الطويلة، حيث العمل اليومي الشاق طيلة أربعين سنة، فالمؤلفات الجمة التي كتبها دليل واضح على ذلك النشاط، ومثلها أيضًا الأعمال اليومية التي كان يقوم بها مثل: إدارة أملاك كنيسته، الوعظ، الفصل في الأمور، الإجابة على الأسئلة والاستشارات التي كانت تردده من كل حدب وصوب، مقابلة المستفسرين، مجاوبة أهل البدع، والمانويين بمحاججتهم شفهيًا وكتابيًا.
ه كان أغسطينوس يميل شيئًا فشيئًا نحو الاستقلال والابتعاد عن رفاق السوء، وكانت شخصيته تنمو باتجاه المزيد من الاتزان والرصانة، ولاسيما الاعتدال في الحكم على الأمور دون تسرع أو تهور.
و شغف أغسطينوس بالإطلاع وقدرته على الفهم: نراه حسب "اعترافاته" شابًا يتمتع بذكاء حاد وموهبة الغوص، فهو يقرأ بشغف وقدرة كذلك كان يتحرق شوقًا لقراءة الكتب الفلسفية أينما وجدها وكتب فرجيل والشعراء الكبار.
ز ينكشف لنا تمتعه بذاكره فائقة، إذ يذكر لنا أحيانًا تفاصيل عن ماضية شديدة الدقة.
ح حساسيته المرهفة ومشاعره ففيها مثلًا انه كان في طفولته يستشيط غضبًا من التأنيب أو الملامة، سريع الانفعال، وحتى في شبابه نجد أنه بقى على تلك الحالة من رقة التأثر، فوفاة صديق له دفعته إلى القنوط والمرارة، أما وفاة أمه فقد أحدثت فيه جرحًا عميق
ط إن الناحية الوجدانية لأغسطينوس تحتل قطاعًا بارزًا في شخصيته، فإذا أحب بقوة وإذا مال لجهة مال بعنف، وإذا كره كانت مواقفه صارمة إلا إن قلبه الكبير يسع الجميع.
ى يتمتع بطاقة كبرى على الإنتاج الفكري والكتابي، تلك القدرة التي لا تعرف الكلل والإرادة الصارمة على الجهد، لقد سقط مرارًا.
ل إن ثقافة أغسطينوس المدرسية (الكلاسيكية) أدبية إلى حد بعيد فالخطابة والبلاغة والنحو والموسيقى والآداب هي ما تعلمه في المدرسة، أما ثقافته الفلسفية أو تحوله الفلسفي فقد أتى متأخرًا.
م من الواضح أن أغسطينوس كان اجتماعيًا، ولا يلاحظ عليه أنه يميل للعزلة، بل نراه أميل للانفتاح، واللقاءات مع الآخرين الذين قاموا بدور كبير جدًا في تكوينه النفسي وتطوره، حيث كان محاطًا دائمًا بالأصدقاء.