10 - 05 - 2014, 12:30 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: كتاب الشهوة والحب فى المسيحية
حقاً إنَّ الشهوانيّ يعتقد في صميم ذاته أنَّه يُحِب، لكنَّه في الحقيقة يُحِب ذاته لا الآخرين، وهل يمكن لإنسان منتفخ بأنانيته، متّخم بأطعمة العشق الذاتيّ أن يُحِب؟! دعنا نتساءل: كيف يُحِب الشهوانيّ وهو الذي يُطلق حواسه تجول بغير ضابط هنا وهناك؟! كيف يُحِب من لا يهتم إلاَّ بالتوافه والتفاصيل المخزية.. ويبرع في الكشف عن نقائص الآخرين وإظهار ضعفاتهم.. ويتفنن في حشد الأخبار السيئة دون أن يهتم مُطلقاً بمصير القريب الذي يتعقب أخباره..؟! أيّ حُب هذا الذي يجعل الإنسان يُحطّم البشر، لكي يحصل على لذة تافهة، أو شهوة عابرة ... ومتى نالها يتركهم حطاماً؟! والحق إنَّ الشهوة أنانية، والأنانية هى انحلال وتفكك تام للشخصية، والشخص الأنانيّ هو إنسان لا يعرف معنى الحياة ولا يعرف كيف يعيشها، ومثل هذا إن تزوج فلن ينجح! لأنَّ حُبه شهوانيّ، مرتبط بالجسد، وحُب مثل هذا يقتل الروح، ويقلق النفس، ويضعف الجسد، إنَّه حُب مميت! ولو أردنا أن نصف الأنانيّ لقلنا، إنَّه يُشبه حفرة لا قعر لها يُرهق نفسه محاولاً أن يملأها ولكن دون جدوى! ولهذا يعيش في قلق دائم وتوتر مستمر.. ويعاني شعوراً حاسداً حارقاً، لرؤية إنسان آخر يتمتع بأكثر مما يملك، ولأنَّه منشغل دائماً بذاته فهو لذلك لا يعرف الاستقرار أو الهدوء، بل يستمر في حالة من الاضطراب، خوفاً من أن يُحرم من شيء أو يفوته شيء، فهل مثل هذا النوع من البشر يُحِب ذاته محبة حقيقية؟! أعتقد أنَّه يكرهها ويضرها بسمومه! وربَّما كان أتعس البشر هو ذلك الشخص الذاتيّ المُتَوتّر، الذي يحيا في عزلة تامة عن البشر يُراقب دوافعه ويدرس غيره، بحثاً عن منفعة أو لذة يُشبع بها نفسه الحائرة، إنَّه لا ينعم بالحياة الطبيعية التلقائية، لأنَّه يُفكّر في الحياة بطريقة خاطئة بدلاً من أن يعيشها! ومن ثَمَّ فإنَّ حياته لابد من أن تكون حافلة بالتكلف والتصنع وشتّى مظاهر التناقض.. |
||||
10 - 05 - 2014, 12:30 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: كتاب الشهوة والحب فى المسيحية
ولهذا كثيراً ما ينجح الرجل البسيط التلقائيّ في تكوين علاقات طيّبة مع غيره من الناس، لأنَّه يتعامل معهم بصفاء طبيعيّ، ويتذوق حياة التعاطف والصداقة على نحو تلقائيّ، بينما يبقى الإنسان الذاتي عاجزاً عن تحقيق أى تواصل حقيقيّ بينه وبين غيره، لأنَّه لا يكُف بحثاً عن منفعته أو شهوته، دون أن يعمل أى حساب للمحبة أو الواجب أو الصداقة.. ولعل هذا هو السبب في أنَّ حياة كثيرين من الناس البسطاء، هى حياة اجتماعية سويّة، تقوم على روابط طبيعية من المودة، بينما تبدو حياة غيرهم من أهل النفعيّة والمصالح الخاصة.. حياة انعزاليّة أهم سماتها القلق! لا تتعجبوا إنَّ قلت لكم: إنَّ الرجل الأنانيّ لا يُحِب نفسه بالمعنى الصحيح لهذه الكلمة، بل يُحِبها بطريقة خاطئة، مُدمّرة، ربَّما تقوده إلى الهلاك! فالأنانية سلوك يقوم على الانشغال بالذات، دون أن يكون وراء هذا السلوك أيّ حُب حقيقيّ للذات! ولذلك فالإنسان العاجز عن حُب نفسه، عاجز أيضاً عن حُب الآخرين، والدليل: إنَّ الانشغال المَرَضٍيّ بالذات، يجعل الإنسان عاجزاً عن الخروج بعيداً عن نفسه، وهذا الانشغال الدائم بالنفس يقف حاجزاً بينه وبين الآخرين، ويعوق تعلّقه بهم، وتوثيق أواصر المحبة بينه وبينهم! وقد أوضح لنا هذه الحقيقة السيد المسيح عندما قال: " أَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ " (مت19:19). إذن هناك ما يُعرف بحُب النفس، ولولاه ما استطاع الإنسان أن يُحِب غيره! ويبقى السؤال الحائر: ما هو المفهوم الحقيقيّ لحُب النفس؟ هل هو تحقيق رغباتها الشريرة والاستجابة لميولها الشهوانية؟! إنَّ المفهوم الحقيقيّ لحُب الذات هو تحقيق رغباتها الحسنة، لا الرغبات القاتلة التي تقودها للهلاك، وحثّها على حياة الفضيلة، وتوطيد علاقتها بالله من خلال الصلاة والصوم والعمل بوصاياه... وأعتقد أنَّ كل من يسمو بذاته نحو الأفضل حتماً سيخرج من قوقعته الذاتية، وينفتح نحو الآخرين، فيُحِبهم ويخدمهم ولا يعمل ما يضرّهم، وهنا نتذكر قول السيد المسيح: " مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا وَمَنْ يُبْغِضُ نَفْسَهُ فِي هَذَا الْعَالَمِ يَحْفَظُهَا إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ " (يو25:12) فماذا كان يقصد بهلاك النفس؟ أعتقد عدم الاستجابة لرغباتها الشريرة التي تقودها إلى الهلاك! وتتجلى محبة الذات بكل وضوح في سن المراهقة، فالمراهق كثيراً ما يرتدي أقنعة غيره، مبرزاً جماله أو قوته أو رقته أو ذكاءه، وأحياناً حزمه وصرامته... لا لشيء إلاَََّ لكي يستعرض ذاته على الجنس الآخر، الذي يتطـلّع إليه على أنَّه المِِرآة التي تكشف له ذاته! وعندما يستحوذ على قلب فتاة، ففي الحال يفرض عليها نفوذه، ويعاملها تارة بالرقة وتارة بالعنف، وفى كل هذا لا يطلب ما لبنائها، بل ما يؤكد ذاته! وبنفس الروح تُمارس الفتاة المراهقة ما تُسمّيه حُباً، لكي تسيطر على المراهق، لا من أجل رغبة جسدية – فى كل المواقف - وإنَّما بالأكثر للاستحواذ على قلبه، وتأكيد ذاتها بين زميلاتها! |
||||
10 - 05 - 2014, 12:31 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: كتاب الشهوة والحب فى المسيحية
قال أحد الحكماء: تسأل عن الفرق بين الحُب والأنانية؟ الأنانية تبحث عن المتعة، أمَّا الحُب فتعبير عن السعادة، تحوي الأنانية شعوراً مشتعلاً من الخوف الدائم من الخسارة والانفصال، في حين أنَّ الحُب يُغلََّف بشـعور منعش من الوحدة والانصهار. وعلى مستوي الحياة الزوجيّة، إن لم يُهذب الحُب الشهوة المتجسّدة في الرغبة الجنسية، فإنَّ الحياة لن تتعدى مجرد قضاء حاجات، فالشهوة إذا استقلت عن الحُب فإنَّها لا ترى في الآخر سوى جسده، أمَّا الحُب فيرى فيه شخصاً حاضراً في هذا الجسد. الشهوة تبحث في الآخر عن الجنس، وما يجعل هذا الجنس مُغرياً وجذاباً، أمَّا الحُب فيرى في الآخر كل نواحي إنسانيته لا جنسه فقط، فيهتم بأفكاره ومشاعره وأذواقه وميوله ورغباته ومشاكله وآماله وآلامه... وإن كانت الشهوة تنظر إلى الآخر كفريسة لابد أن تُقتَنص بأيّ وسيلة، فإنَّ الحُب فينظر إليه على أنَّه كائن سماويّ يجب أن يُحَب ويُحترم. هدف الشهوة أن تأخذ وتمتلك وتستهلك، أمَّا الحُب فهو يُعطي بقدر ما يأخذ، بل أكثر مما يأخذ، وإن كانت الشهوة تبحث عن المتعة، فإنَّ الحُب يهدف إلى مشاركة الآخر في المتعة وفي كل شيء... ومادمنا نتحدث عن الفرق بين الحُب الحقيقيّ والشهوة المزيفة، يليق بنا أن نتحدث عن الحُب من أول نظرة، الذي ربّما يُخدع ويسقط فيه الإنسان، لمجرد صفة كان قد أحبَّها في آخرين من قبل، أو بسبب جمال جسديّ، أو موهبة، أو لطف في التعامل.. فما هو الحُب من أول نظرة ؟ وما هي خطورته على الإنسان؟ هناك عبارة تقول: نحن نُحِب أشباه الأشخاص الذين أحببناهم من قبل، ونكره أشباه الذين كرهناهم من قبل، ولفظة من قبل تمتد لتشمل الفترة من طفولتنا حتى وقتنا هذا، فالذي يحدث هو الآتي: عندما تولد طفلة، تبدأ في اللعب عادة مع الإخوة والأقارب، الذين يتميز كل منهم بصفات وأشكال مختلفة، ونظراً لتعلّقها بطفل صغير مثلها فهي تُحِب لون الشعر الأصفر، إحدى سمات هذا الطفل نتيجة حُبها البريء له، ثمَّ تكبر الطفلة فتنفتح على الجيران، وإذا بطفل آخر يعطف عليها ويقاسمها لعبه وطعامه، فتُحِبه وتُحِب لون عينيه الأخضر إحدى ميزاته الظاهرة، وعندما تدخل المدرسة تُعجب بزميلها المتفوق فى الدراسة ذي البشرة البيضاء.. ويستمر هذا الإعجاب سواء كان بالملامح أو الصفات إلى أن تصل الفتاة إلى سن المراهقة، وتدخل الكلية، وهناك تتقابل مع شخص يحمل نفس صفات الأشخاص الذين قد أحبتهم الفتاة من قبل: البشرة البيضاء، العينان الخضراويتان، الشعر الأصفر... فتُحِب الشخص، لا لشخصه بل للصفات التي أحبتها في الآخرين قبله، ثمَّ بعد قليل تكتشف أنَّه ليس فتى الأحلام الذي كانت تحلم به، فالحبيب يحمل نفس الصفات التي أحبتها في غيره، لكنَّه لا يحمل نفس شخصياتهم، ولا أخلاقهم، ولا تفوقهم، ولا أيّ شيّ مما كانت تتمناه الفتاة..! |
||||
10 - 05 - 2014, 12:31 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: كتاب الشهوة والحب فى المسيحية
إنَّ هذا الحُب أشبه بالخدعة السينمائية، التي تُظهر الأبطال على غير حقيقتهم، فقد تُحِب فتاة ممثلاً لدور مثّله وليس لشخصه، فإن تزوّجته وجدته شخصاً آخر، وهو هكذا حقاً لأن الممثل شيء والدور الذي مثّله شيء آخر! ولهذا فالحُب الحقيقيّ يستلزم ثلاث مراحل ألا وهى: + النظرة التي من خلالها يُدرك الإنسان أبعاد الصورة التي أمامه بكل ملامحها. + التطابق ما بين هذه الصورة التي يراها، والصورة التي يرغبها أو يبحث عنها في وجدانه، وهذا التطابق يتم في مراكز المخ العصبية ويحتاج إلى وقت، فربَّما تُعجب بفتاة لأنَّها تُشبه أُمّك وهنا تكون الكارثة لو أنَّك تزوجتها! لأنَّ هذا هو ما يُعرف فى علم النفس بالعقدة الأُديبية!! + ظهور علامات الحُب على الإنسان، حيث تزداد سرعة دقات القلب، وتحمر العينان، ويتلعثم اللسان... وذلك عند رؤية الطرف الآخر. إذن فالحُب الحقيقيّ يبدأ في المراكز العصبيّة في المخ، ويحتاج لعدة مراحل، وهذه المراحل تحتاج إلى فترة زمنية، لأنَّ هذه المراحل الثلاث لا يمكن أن تتم من النظرة الأولى. ومن المعروف أنَّ الخيال يلعب دوراً هاماً في نشوء الحُب، والحُب الناضج هو الذي يتخطى شيئاً فشيئاً هذه الخيالات الدافئة التي تكوّنت في الطفولة، لكي يقبل الآخر بصفاته وإمكاناته، ويُحِبه من أجل شخصه لا من أجل الأحلام التى نُسجت حوله، لأنَّ الحقيقة لابد أن تُعرف، ويكتشف الإنسان أنَّه لا يُحِب في الآخر سوى التخيلات التى أحاطه بها، عند ذاك يموت حُبَّه الذي لم يوجد بالفعل منذ البداية! ولم يكن له ميلاد حقيقيّ! ولا نُنكر أنَّ الشهوة تُسيطر علينا عندما نبتعد عن الله، فالشهوة تصل إلى ذروتها في لحظات الهبوط النفسيّ والروحيّ، ففي تلك اللحظات تكون النفس على استعداد للتقبل المَرَضيّ والاستقبال الشاذ! وفى مثل هذه اللحظات يستطيع أي موضوع كائناً ما كان، أن يأتي فيُحدث تأثيره على العقل القلٍق، أو على الأقل يترك انطباعه في تلك العقلية المضطربة! وفى تلك اللحظات إن لم يسقط الإنسان، فعلى أقل تقدير يمكن أن يرتبط ولو ارتباطاً وهمياً بمن تصادفه ولو في الطريق! وسواء كانت من صادفها صغيرة أم كبيرة، متعلّمة أم جاهلة، ساقطة أم تائبة.. فهو على استعداد أن يرتبط بها بأي شكل كان! |
||||
10 - 05 - 2014, 12:31 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: كتاب الشهوة والحب فى المسيحية
هنا يبدو للإنسان أنَّ هذه الشخصية التي قد صادفه رؤياها، هي التي تُعزيه حينما ينزل بساحته الهم، وتأخذ بيده حينما يستبد به الضعف، وترسم له طريق الحياة، وتقدم له يد المعونة.. على الرغم من أنَّ هذه الشخصية قد تكون عاجزة بالفعل عن تحقيق كل هذه الأوهام، بل عاجزة عن حل مشاكلها وتحقيق السعادة لنفسها. إنَّها حالة أقرب إلى الخيال ومع هذا يقنع بها الإنسان! لأنَّه في بعض اللحظات يريد أن يحيا هذا الوهم، أو يستغرق في ذاك الخيال! مثل هذه الأوهام كثيراً ما قد تحدُث في مرحلة المراهقة، فتدفع بالواحد منهم إلى الشعور بالحاجة إلى الجنس الآخر، كما يشعر الجوعان بالحاجة إلى الطعام، فما أن يظهر على مسرح حياته امرأة - شابة كانت أم كهلة – فسرعان ما يسند إليها الفتى دور البطولة! والسبب: إنَّ الفتى في مرحلة المراهقة، يكون في حالة سلبية من الانفعال، مثله في ذلك كمثل جسمنا، حينما يكون في حالة ضعف أو إعياء، فيقع تحت أول جُرثومة تُهاجمه من الخارج، وعندئذ يأتي المؤثر العاطفيّ- كائناً ما كان- فيوقعه في الحُب مع من يتصادف مقابلتها في الطريق أو أيّ مكان آخر! نعترف بأنَّ الحُب أيسر الأمور وأعسرها في وقت واحد، فهو أعسرها: لأنَّه يتطلب منَّا أن نتنازل عن أنانيتنا الجامحة، وحبنا المَرَضيّ لأنفسنا، وبحثنا الدائم عن منفعتنا.. ولكنَّه في نفس الوقت أيسرها لأنَّه: لا يتطلب سوى بساطة ذهنية ووضوح وتلقائية. |
||||
10 - 05 - 2014, 12:32 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: كتاب الشهوة والحب فى المسيحية
الشـهوة والحُب راجع الكتاب الأصليّ وقدّم له الأستاذ الدكتور / رسمي عبد الملك عميد شعبة التخطيط بالمركز القوميّ للبحوث وعميد معهد الدراسات القبطية ومعهد الرعاية الراهب كاراس المحرقيّ غلاف الكتاب يرمز إلى الحُب بملاك يختم أولاد الله على جباههم لكي يُميَّزهم ويُقدَّس فكرهم، أمَّا الشهوة فيرمز إليها بالوحش الذي له 7 قرون، ولأنَّ الحُب هو تعبير عن كل ما هو طاهر وجليل، والشهوة هى حركة هابطة يُراد منها كل ما هو تافه ووضيع، فإنَّ الأبرار أعلى، أمَّا الوحش فأسفل. (رؤيا3:7،3:12) |
||||
10 - 05 - 2014, 02:35 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الشهوة والحب فى المسيحية
مشاركة جميلة جدا ربنا يبارك حياتك |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|