04 - 03 - 2014, 04:38 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تأملات في القيامة - البابا شنوده الثالث
الروح والجسد إن الجسد هو الجهاز التنفيذي للروح أو للنفس أو للعقل. الروح تميل إلي عمل الخير، والجسد هو الذي يقوم بعمل الخير. يجري ويتعب ويشقي ويسهر ويحتمل. أفلا تكون له مكافأة عن كل ما اشترك فيه من خير مع الروح؟! أم تتنعم الروح وحدها، وكل تعب الجسد يضيع هباء؟! وهل يتفق هذا مع عدالة الله الكلي العدالة؟! ولنأخذ الجندي في الميدان مثالًا لنا: الجندي تدفعه روحه إلي أعمال البسالة والبذل والفداء، وتشتعل روحه بمحبة وطنه ومواطنيه. ولكن الجسد هو الذي يتحمل العبء كله، ويدفع الثمن كله. الجسد هو الذي يتعب ويسهر ويحارب، وهو الذي يجرح ويتمزق وتسيل دماؤه. فهل يعد كل هذا تتمتع الروح وحدها، والجسد لا يشترك معها في المكافأة؟! وكأنه لم ينل أرضًا ولا سماء؟! إن العدل الإلهي لا يوافق إطلاقًا علي هذا. إذن لا بد أن يقوم الجسد من الموت، ليشترك مع الروح في أفراحها. ونفس الوضع نذكره أيضًا في عمل الشر الذي يشترك فيه الجسد مع الروح، بل قد يكون نصيب الجسد أوفر.. الجسد هو الذي ينهمك في الملاذ المادية، من أكل وشرب وسكر ومخدرات وزني ورقص وعبث ومجون، ويلذذ حواسه باللهو. وهل بعد هذا كله، تدفع الروح الثمن وحدها في الأبدية، ولا يلحق بالجسد شيء من العذاب أو من المجازاة؟! كلا، فهذا لا يتفق مطلقًا مع العدل الإلهي، الذي لا بد أن يجازي الإنسان كله روحًا وجسدًا. إذن لا بد أن يقوم الجسد من الموت ليشترك في المجازاة. ويكون الحساب لكليهما معًا، لأنهما اشتركا في العمل معًا، سواء بدأت الروح، وأكمل الجسد. أو اشتهي الجسد، واستسلمت الروح له واشتركت معه في شهواته.. ولنضرب مثلًا واحدًا للشركة بين الروح والجسد، وهو العين: الروح تحب أو تشفق، ويظهر الحب والإشفاق في نظرة العين. والروح تغضب أو تميل إلي الانتقام. وتري في العين نظرة الغضب أو نظرة الانتقام. الروح تتجه إلي الله بالصلاة، وتري في العين نظرة الابتهال، أو تغرورق العين بالدموع من تأثر الروح.. والروح الوديعة المتضعة يشترك معها الجسد بنظرات وديعة متضعة. والروح المتكبرة المتغطرسة المتعالية، يشترك معها الجسد أيضًا بنظرات التكبر والغطرس والتعالي. وكما تشترك العين، تشترك أيضًا كل ملامح الوجه، كما تشترك دقات القلب، ومراكز المخ، وأعضاء أخري من الجسد.. هذه أمثلة من الشركة بين الروح والجسد.. وفي مجال الجد والاجتهاد، نري هذا أيضًا. ويوضح هذا قول الشاعر: وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجساد إذن تكون المكافأة في الأبدية للروح الكبيرة التي أرادت الخير وصممت علي عمله، وأيضًا للجسد الذي حمل عبئ التنفيذ، وتعب وجاهد واحتمل وصبر، حتى يحقق للروح رغبتها. وهكذا كما اشترك معها في العمل، ينبغي ان يقوم ليشترك معها في الجزاء وفي حمل المسئولية. فالمجازاة هي للإنسان كله.. ونحن علي الأرض أيضًا نكافئ الجسد، ونعتبر هذا أيضًا مكافأة للروح في نفس الوقت. ألسنا نمجد أجساد الشهداء والأبرار، ونجعل مقابرهم مزارًا، ونضع عليها الورود، ونصلي هناك من أجلهم..؟ ولا نعتبر هذا كله مجرد اكرام للجسد أو للعظام أو للرفات أو التراب، وإنما للإنسان كله،لأننا فيما نفعل هذا، إنما نحيي روحه أيضًا. فالإنسان عندنا هو الإنسان كله، غير متجزئ.. إن كان يستحق الإكرام، نكرم جسده ونحيي روحه أيضًا. وإن كان لا يستحق، ينسحب الإهمال علي جسده وروحه معًا. فالمجرمون الذين يحكم عليهم بالإعدام أو بالسجن، تنال أجسادهم جزاءها. وفي نفس الوقت يلحق بأرواحهم سوء السمعة. وتتأثر أرواحهم بما يحدث لأجسادهم.. فإن كانت عدالتنا الأرضية تفعل هكذا، فكم بالحري عدالة الله.. عدالة الله تشمل الإنسان كله، روحًا وجسدًا، لذلك لابد أن يقوم الجسد الذي عاش علي الأرض مشتركًا مع الروح في أعمالها. ينفعل بحالة الروح، بفكرها ومشاعرها ونباتها، الروح تقدم المهابة أو الخشوع، فينحني الجسد تلقائيًا. الروح تحزن فتبكي العين، ويظهر الحزن علي ملامح الوجه وفي حركات الجسد. الروح تفرح، فتظهر الابتسامة علي الوجه. الروح تخاف فيرتعش الجسد، ويظهر الخوف في ملامحه. الروح تخجل، فيعرق الإنسان، أو يبدو الخجل في ملامحه.. إنها شركة في كل شيء، ليس من العدل أن تتحملها الروح وحدها أو الجسد وحده. إنما يتحملها الاثنان معًا، وهذا يحدث في القيامة. إن بعض الذين ينكرون القيامة، يبدو في أسلوبهم احتقار الجسد. علي اعتبار أن الجسد هو من المادة، بينما الروح لها جوهر يسمو بما لا يقاس عن طبيعة الجسد. ولكننا نقول إنه علي الرغم من أن الإنسان من طبيعتين احدهما روحية والأخري مادية، إلا أنهما اتحدا في طبيعة واحدة هي الطبيعة البشرية. والجسد ليس شرًا، وإلا ما كان قد خلقه الله.. إنما الشر هو أن يخضع الجسد للمادة وما يتعلق بها من شهوات. وفي هذا الخضوع تشترك معه الروح. لا ننسي أن الجسد له فضائله. فهو الذي يسجد في الصلاة ويركع ويرفع يديه ونظره إلي الله. وهو الذي يصوم، وهو الذي يتعب في عمل الخير، وهو الذي يبذل ذاته من أجل وطنه، وهو الذي يمد يده ليعطي للفقير وللمسكين. فلماذا ننظر إليه في إقلال لشأنه؟! أليست أصابع الفنان هي التي تتحرك علي آلَة موسيقية، فتتحرك معها القلوب، ويمكنها أن تحركها نحو الخير. أليست أصابع الفنان تتحرك بالرسم أو النحت أو التصوير، فتقدم فنًا-إن أرادت-تحرك به القلوب نحو الخير.. الجسد إذن ليس شرًا في ذاته، إنما يمكن أن يعمل في مجالات الخير والشر، والروح كذلك تعمل في كليهما. ويشتركان معه. كذلك من العدالة أن تقوم الأجساد لتنال تعويضًا عما ينقصها. فالعميان مثلًا، والمعوقون، وأصحاب العاهات، والمشوهون، وكل الذين لم تنل أجسادهم حظًا من الجمال أو الصحة أو القوة، من العدالة أن تقوم أجسادهم في اليوم الأخير، وتقوم بلا عيب، حتى يعوضها الله عما قاسته علي الأرض من نقص. كذلك الذين عاشوا علي الأرض في فقر وعوز وجوع ومرض، كان له تأثيره علي أجسادهم، يحتاجون أن يقوموا بأجساد سليمة تعويضهم عما نالوه علي الأرض، ويتفق هذا الأمر مع عدالة الله.. إننا نفرح بالقيامة، ونراها لازمة وضرورية وممكنة. ونهنئ الكل بعيد القيامة، الذي كانت فيه قيامة المسيح باكورة لقيامة البشر جميعًا. |
||||
04 - 03 - 2014, 04:38 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تأملات في القيامة - البابا شنوده الثالث
مفهوم القيامة وروحياتها
|
||||
04 - 03 - 2014, 04:40 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تأملات في القيامة - البابا شنوده الثالث
إن الموت دخل علي البشرية فعندما خلق الله الإنسان خلقه للحياة.. نفخ فيه نسمة حياة، فصار نفسًا حية. وأراد الله له الحياة والخلود. ولكن حرية الإنسان انحرفت إلي الخطيئة، فجلب لنفسه الموت كنتيجة لخطيئته، لأن "أجرة الخطية هي موت" (رو 6: 23). وهكذا دخل الموت إلي العالم. وساد علي الجميع. لذلك نحن نفرح بالقيامة. لأنها أنتصار علي الموت. وعودة بطبيعة الإنسان إلي الحياة. فالله خلق الإنسان ليحيا، لا ليموت. قيامة المسيح هي عربون لقيامتنا جميعًا، لذلك وصفه القديس بولس الرسول بأنه "باكورة الراقدين" (1 كو 15: 20) هو الباكورة، ونحن من بعده. ولعل سائلًا يسأل: كيف يكون المسيح هو الباكورة، بينما قام من قبله كثيرون؟! إبن ارملة صرفة صيدا اقامة إيليا النبي من الموت (1 مل 17: 22) وابن المرأة الشمونمية اقامة أليشع النبي من بعد أن مات (2 مل 4: 32-36). كما أن هناك ثلاثة أقامهم السيد المسيح نفسه وهم: إبن ارملة نايين، وابنة يايرس، ولعازر. حقًا إن هناك اشخاصًا قاموا من الموت قبل المسيح، ولكنهم بعد قيامتهم عادوا فماتوا ثانية. ومازالوا ينتظرون القيامة العامة. أما قيامة المسيح فهي القيامة التي لا موت بعدها، وهي الباكورة، والشهوة التي يشتهيها كل مؤمن بحب الخلود.. القيامة التي نعينها هي الطريق إلي الأبدية التي لا نهاية لها. ونحن نعلم أن قصة حياة الإنسان علي الأرض هي قصة قصيرة جدًا.. وإذا ما قيست بالأبدية تعتبر كأنها لا شيء. والخلود هو الحلم الجميل الذي تحلم به البشرية. إن القيامة ترفع من قيمة الإنسان، وتؤكد أن حياته لا تنتهي بموته. القيامة تؤكد أن هناك حياة أخري غير هذه الحياة الأرضية، سوف نحياها بمشيئة الرب بعد القيامة. وهكذا نقول في "قانون الإيمان" الذي نتلوه كل يوم في صلواتنا "وننتظر قيامة الأموات، وحياة الدهر الآتي. آمين". إذن لعلنا نقول: إن أهم ما في القيامة. هو ما بعد القيامة. فالقيامة تدل علي أن لحياة الإنسان امتدادًا في العالم الآخر، وأن الموت هو مجرد مرحلة في حياة الإنسان، أو هو مجرد جسر بين حياتين إحداهما أرضية والأخري سمائية. ولا شك أن الحياة الأخرى أفضل بكثير، لأنها حياة في السماء، مرتفعة عن مستوي المادة،كما أنها حياة نقية، لا توجد فيها أية خطية. وفوق كل ذلك فهذه الحياة الأخرى هي عشرة مع الله وملائكته وقديسيه. عبر عنها الكتاب بقوله "ما تره عين، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر علي قلب بشر، ما أعده الله للذين يحبونه" (1 كو 2: 9). ولهذا قال مار اسحق: "إن مخافة الملكوت تزعج قلب الرجل الجاهل. أما الإنسان البار فيشتهي الموت مثلما تشتهي الحياة". ولهذا قال القديس بولس الرسول "لي اشتهاء أن أنطلق، وأكون مع المسيح، فذلك أفضل جدًا" (في 1: 23) حقًا أن الموت يصبح شهوة للذين يحبون الله ويحبون الحياة الأخري، ويرون أنها أفضل جدًا من عالمنا هذا الذي فقد نقاوته. هؤلاء لإيمانهم بالقيامة -لا يرون الموت نهاية حياة، إنما هو انتقال لحياة أخري.. إن القيامة غيرت نظرة الناس لي الموت، فأصبح مجرد أنتقال، جسر يعبر إلي حياة أخري، أو قل هو عملية ارتقاء، لذلك صار شهوة للأبرار. لما حدث أن المسيح داس الموت بقيامته، سقطت هيبة الموت إلي الأبد، ولم يعد القديسون يخافون الموت اطلاقًا، كما أصبحوا لا يخافون مسبباته، كالمرض مثلًا، أو مؤامرات الناس الأشرار واعتداءاتهم. إنما يخاف الموت الإنسان الخاطئ، الذي لم يتب، فيخشي مصيره بعد الموت، والوقوف أمام دينونة الله العادلة. أو يخاف الموت الإنسان الخاطئ، الذي له شهوات يمارسها في هذا العالم. ويخشي أن يحرمه الموت منها. أما البار فلا يخاف الموت اطلاقًا، لأنه يؤمن بالقيامة. والقيامة ترتبط بالإيمان، فالملحدون مثلًا لا يؤمنون بالقيامة.. الإنسان المؤمن يؤمن بقدرة الله علي اقامة الجسد من الموت، فالذي خلق البشر من التراب، وخلق التراب من العدم، هو قادر علي اعادة الجسد إلي الحياة. ليعود فيرتبط بروحه. أما الملحدون فلا يؤمنون بوجود الروح. أو استمرارها بعد الموت، ولا يؤمنون بالحياة الأخري، ولا بالثواب والعقاب.. لهذا قلت إن القيامة ترتبط بالأيمان. والإيمان بالقيامة يقود إلي حياة البر والفضيلة. فهو يؤمن بأنه بعد القيامة، سيقف أمام الله في يوم الدينونة الرهيب، لكي يعطي حسابًا عن كل أعماله، إن خيرًا وإن شرًا. لذلك يقوده هذا الإيمان إلي حياة الحرص والتدقيق خوفًا من دينونة الله العادلة. وبالتالي يحاسب نفسه علي كل عمل، وكل فكر وكل شعور، وكل كلمة، ويقوم نفسه، كما قال القديس مقاريوس "احكم يا أخي علي نفسك، قبل أن يحكموا عليك".. بل إن الإيمان الحقيقي بالقيامة يقود إلي حياة الزهد والنسك. القيامة حولت أنظار الناس إلي أمجاد العالم الآخر، فتصاغرت في أعينهم المتع الزائلة في هذا العالم الفاني. ومن فرط تفكيرهم في غير المنظور، ازدادوا بالمحسوسات والمرئيات. وأصبحوا كما قال الكتاب "غير ناظرين إلي الأشياء التي تري، بل إلي التي لا تري. لأن التي تري وقتية، وأما التي لا تري فأبدية" (2 كو 4: 18). ولو لم تكن القيامة، لتهالك الناس علي هذه الحياة الرضية، وغرقوا في شهواتها.. كالأبيقوريين الذين كان يقولون "لنأكل ونشرب، لأننا غدًا نموت" (1 كو 15: 32). أما الذين يؤمنون بالقيامة ويستعدون لها، فإنهم يضبطون أنفسهم حسنًا. ويدخلون في تداريب روحية لتقويم ذواتهم. ولا ينقادون وراء الجسد ولا المادة. بل يحيون بالروح بأسلوب روحي، ويقمعون أجسادهم وحواسهم وأعصابهم. حب الأبدية جعل الأبرار يشتاقون إلي شيء أكبر من العالم وأسمي.. كل ما في العالم لا يشبعهم، لأن في داخلهم اشتياقًا إلي السماء. وإلي النعيم الروحي الذي يسمو علي الحس. ويرتفع فوق كل رغبة أرضية.. لذلك نظر القديسون إلي الأرض كمكان غربة، واعتبروا أنفسهم غرباء ههنا، يشتاقون إلي وطن سماوي، إلي حياة أخري، من نوع آخر. روحاني نوراني سمائي.. ما لم تره عين.. اشتاقوا إلي العالم الآخر الذي كله قداسة وطهارة وروحانية، وسلام وحب ونقاء.. حيث الله يملأ القلوب. فلا تبقي فيها شهوة لشئ آخر غيره.. القيامة فيها لون من العزاء والتعويض للناس: فالذي لا يجد عدلًا علي الأرض، عزاؤه أن حقه محفوظ في السماء، عند الرب الذي يحكم للمظلومين.. الذي لا يجد خيرًا علي الأرض مثل لعازر المسكين، عزاؤه أنه سيجد كل الخير هناك. وكما كان علي الأرض يتعذب، فهو في السماء يتعزي. فالقيامة تقيم توازنًا في حياة كل إنسان. إذ أن محصلة ما يناله علي الأرض، وما يناله في السماء تشكل توازنًا قوامه العدل. والقيامة تقدم عزاء حقيقيًا لجميع الأصدقاء والمحبين، إذ تجمعهم ثانية، بعد أن يفرقهم الموت. لو كان الأمر ينتهي عند القبر. ولا قيامة، إذن لكان احباؤنا الذين فارقونا بالموت قد أنتهوا، وانتهت صلتنا بهم، وما عدنا نراهم.. وهذا لا شك يتعب القلب، ويسبب فجيعة للمحبين الذين بغير القيامة يفقدون احباءهم إلي غير رجعة. إن القيامة تعطينا أيضًا فكرة عن قوة الله ومحبته. الله القوي الذي يستطيع أن يقيم الأجساد بعد أن تكون قد تحللت وتحولت إلي التراب، ويعيدها بنفس شكلها الأول، ولكن بلون من التجلي.. روحانية ونورانية.. إنه الله المحب الذي لم يشأ أن يتمتع وحده بالوجود، فخلق كائنات أخري. كما لو يشأ أنه يعيش وحده في الخلود، فأنعم بالخلود علي الناس والملائكة، ووهب البشر حياة أبدية بعد قيامهم من الموت. ومن متع القيامة زوال الشر. وزوال كل ما سببته الخطية. ففي النعيم الذي يحياه الأبرار. لا يكون هناك شر ولا خطيئة. بل مجرد معرفة الخطية ستنتهي. ونعود إلي حياة البساطة الكاملة والنقاوة الكاملة. كالملائكة، وكالأطفال في براءتهم وتتخلص النفس من الأمراض التي رسبتها عليها الخطية: كالخوف، والشك، والشهوة، والقلق، وما شابه -ذلك، وعندئذ تلبس النفس اكليل البر، وتزول منها جميع النقائص نفسية كانت أم جسدية. |
||||
04 - 03 - 2014, 04:41 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تأملات في القيامة - البابا شنوده الثالث
رسالة القيامة يسرني أن أهنئكم جميعًا بعيد القيامة المجيد، لأننا إذ نفرح بقيامة السيد المسيح، إنما نفرح أيضًا بالقيامة ذاتها، قيامة جميع البشر. وما تحمله هذه القيامة من معان روحية عميقة، ترفع من قيمة الإنسانية، وتظهر ما اعده الله لها من خير ومتع في العالم الآخر. إنما نقول أولًا إن القيامة هي دليل الإيمان.. إنها تدل بلا شك علي إيمان الإنسان بالله، وإيمانه بالروح وبالخلود وبالحياة الأخري. وإيمانه بالدينونة العامة التي بعد القيامة، بالثواب والعقاب. وبالتالي إيمانه بالسماء والسمائيين، وبملكوت الله.. لأن الملحدين لا يؤمنون بالقيامة ولا بالعالم الآخر.. ومن هنا كانت حياة الإنسان في نظرهم لا تختلف عن حياة الحيوان، من جهة فناء كليهما بالموت. حقًا ما أتفه فناء كليهما بالموت. حقًا ما أتفه حياة الإنسان في نظر الملحدين. إن كانت تقتصر علي بضع سنوات يقضيها علي هذا الكوكب، ثم ينتهي إلي لا شيء..! وما أقسي الموت وأبشع في نظر الملحدين، إذ أنه كممحاة يمحو كل ما في البشر من وجود ومن ذكاء وعلم، وبه يصبحون عدمًا. ومن هذا النوع كان جماعة الصدوقيين الذين قيل عنهم في الإنجيل إنهم كانوا لا يؤمنون بالقيامة ولا بالروح ولا بالملائكة، وكذلك كان الابيقوريون الذين يقولون "لنأكل ونشرب، لأننا غدًا نموت"..! والشيطان بلا شك هو وراء إنكار القيامة.. إنه هو الذي أوحي بهذا الادعاء إلي الملحدين من فلاسفة وجهلاء حتى إذا ما أقنعهم بأنه لا حياة بعد الموت، ينغمسون حينئذ في الحياة الدنيا، ومشاغلها وملاذها، غير مفكرين في أبديتهم ولا في الوقوف أمام الله في يوم الدين، وهكذا يهلكون. أما المؤمنون، ففي إيمانهم بالله يؤمنون بالقيامة واليوم الآخر. فالقيامة تدل علي قدرة الله غير المحدودة.. عند الموت تقف كل قدرة البشر. تقف كل مقدرة الذكاء وكل مقدرة العلم ويظهر الإنسان بكل عقله عاجزًا تمام العجز. ولكن الكتاب يعلمنا أن "غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله" (مر10: 27). إن الله قادر علي كل شيء. بيده الحياة والموت، هو الذي يحيي ويميت. إنه يقدر أن يقيم الإنسان بعد موته، لأنه هو الذي خلق الإنسان من تراب الأرض، فيستطيع أن يرجعه إلي الحياة بعد أن يندمج جسده بالموت في تراب الأرض.. إن الذي له القدرة علي الخلق من العدم، له أيضًا القدرة علي أن يقيم من الموت. والقيامة هي أيضًا دليل علي محبة الله وجوده.. إنه الله الذي لم يشأ أن يكون في الوجود وحده، إنما خلق كائنات فوجدت. ومنها الإنسان. ولما مات الإنسان لم يسمح الله بأن يفني هذا المخلوق، وإنما من جوده ومحبته وهبه حياة بعد الموت، ليستمر وجوده، ليس فقط إلي حين. وإنما إلي الأبد. وهكذا وهب الله للإنسان المائت حياة أبدية.. إن القيامة شيء مفرح. به يلتقي الناس باحبائهم الذين انتقلوا.. ماذا عن الأحباء الذين ترتبط قلوبهم معًا خلال فترة حياتهم معًا علي الأرض. ثم يفترقون بالموت؟ أتراه يكون فراقًا أبديًا إلي غير لقاء؟! يقينًا إن محبة الله لا تسمح بهذا. إنما يلتقي هؤلاء في القيامة. تلتقي أرواحهم بعد الموت. وبالقيامة يلتقون روحًا وجسدًا. إنه لقاء عام، نلتقي، نلتقي فيه ليس بأحبائنا فقط، إنما بكل الأجيال عبر التاريخ. وستكون حفلة تعاف كبري. تلك التي سيقيمها لنا الله بعد القيامة.. تلك الحفلة العجيبة التي نتعرف علي كل شخصيات التاريخ التي قرأنا عنها ولم نرها، ولم نعرف شكلها، ولا لهجتها وأسلوبها. سواء من أحكام أو القادة أو الأدباء أو المفكرين.. ولعل الله سيرسل لنا ملائكة يعرفوننا أيضًا بجميع الآباء والأنبياء: حيث نري أباءنا آدم ونوحًا وإبراهيم وإسحق ويعقوب وأيوب.. ونري أمهاتنا حواء وسارة وأليصابات ورفقة وراحيل، وقد تقدمتهن جميعًا أمنا العذراء القديسة مريم.. وتقدم لنا القيامة أفراحًا أخري، هي أفراح العشرة مع الملائكة والقديسين، بل المتعة بالله نفسه. التي أمامها يقف العقل مبهورًا في دهشة. لا يستطيع ان يعبر. إنما يكفيه أن يذوق ويتمتع.. القيامة تحمل في داخلها عملية توازن وتعويض.. فالذين لم يأخذوا حقهم علي الأرض، يأخذونه كاملًا في السماء بعد القيامة. والذين ظلمتهم البشرية، ينالون العدل الإلهي كاملًا بعد القيامة. كذلك ينال أجرهم هناك، الذين عملوا الخير في الخفاء. ولم يشعر بهم احد ولكن الله كان يسجل لهم كل أعمال برهم ليكافئهم عليها. كذلك سيعطي كل الذين لم يكافأوا علي الخير الذين عملوه في الأرض. ولم ينالوا عليه ما ينتظرونه من تقدير.. سيشعر الناس في القيامة أن أحكام الله غير احكام الناس. وأنه سيكمل عدل الله في السماء. ويتمتع بهذا العدل أيضًا منن قد ولدوا بظروف معينة،أو في بيئات معينة لم تكفل لهم الخير والسعادة والتكافؤ الاجتماعي. سيعوضهم الله عن كل ما تنقصهم في الدنيا. كما تشرح لنا قصة الغني ولعازر (لو 16). وفي القيامة يرد الإنسان إلي رتبته الأولي. ترجع إلي روحه هيبتها، ويرجع إلي الجسد بهاؤه.. ينال الجسد لونًا من التجلي يعطيه مجدًا، وكذلك النفس.. وتخلص الجسد من كل نقائصه. وكذلك النفس.. لذلك حسنًا قال الكتاب عن الجسد إنه "يزرع في هوان، ويقام في مجد. يزرع في ضعف ويقام في قوة. يزرع جسمًا حيوانيًا، ويقام جسمًا روحانيًا" (1 كو 15: 43، 44). بالقيامة يتخلص الجسد من كل أمراضه وعاهاته وتشوهاته، ويظهر كاملًا في بهاء. وكذلك النفس تتخلص من كل أمراضها ونقائصها: من الخوف والشك والتردد والقلق والشهوة والجبن ومال إلي ذلك. والفلاسفة الذين كانوا يبحثون عن السوبر مان، سيجدونه في القيامة. لن يحمل ديوجين مصباحًا فيما بعد، ليبحث عن إنسان، فإنسان القيامة سيكون بالصورة المثلي. ولكن كل واحد حسب مستواه الكل منيرون. ولكن نورًا يقوف آخر في الضياء. ويتحقق حلم البشرية في وجود مجتمع بار كامل.. هناك في مدينة "مدينة الله "التي تشرح شيئًا عنها القديس أوغسطينوس. مجتمع ينتهي فيه الصراع والشقاق. ولا يوجد فيه خلاف ولا كراهية، لا أنانية، ولا تنافس. مجتمع تسوده المحبة وتسوده القداسة. وفي القيامة يحيا الناس الحياة البرئية البسيطة، ويكونون -كما قال الكتاب- " كملائكة الله في السماء". في القيامة تزول الخطية، إذ لا يصبح الجسد خاضعًا للخطية ولا للفساد. بل يتطهر منها تمامًا تمامًا. يغسله الله، فيبيض أكثر من الثلج (مز 50). ويحيا في مستوي روحي يليق بالسماء وطهرها.. وفي القيامة ينتصر الأصيل علي الدخيل.. ينتصر الحق علي الباطل. لأن الحق هو الأقدم، هو الأصيل، والباطل دخيل علي العالم. وفي القيامة تنتصر الحياة علي الموت، لأن الحياة هي الأصيل، والموت دخيل.. الإنسان من روح ومن الجسد. الروح حية بطبيعتها وستبقي هكذا. أما الجسد الذي كان علي الأرض قابلًا للموت، يصبح بعد القيامة جسدًا حيًا روحانيًا لا يموت فيما بعد. وتصبح للإنسان بصيرة روحية، فلا يعتمد كلية علي حواس الجسد.. من أجل هذا كله، يجاهد الإنسان حاليًا للتمتع بأمجاد القيامة هذه.. ذلك لأنه ليس الجميع يتمتعون بكل ما ذكرناه. إنما المتعة هي فقط للمستحقين. إذ أن بعد القيامة الدينونة، ويقف الناس جميعًا أمام عدل الله. الذي يجازي كل واحد حسب أعماله (رؤ 22: 12) وطوبي لمن يكون مستحقًا لأمجاد الأبدية وسعادة العشرة مع القديسين. فليبذل كل منا جهده. وليعمل خيرًا علي الأرض. لكي يلقاه هناك.. وليكن كل واحد أمينًا في علاقته مع الناس، وفي واجبه نحو نفسه، وواجبه نحو المجتمع الذي يعيش فيه، فيصنع خيرًا نحو الكل، وتكون له ذكري طيبة علي الأرض ومكافأة حسنة في السماء. |
||||
04 - 03 - 2014, 04:44 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تأملات في القيامة - البابا شنوده الثالث
كان لابد أن يقوم المسيح 1- كان لا بد أن يقوم المسيح، لأن فيه كانت الحياة. هكذا قال القديس يوحنا الإنجيلي: "فيه كانت الحياة" (يو 1: 4).. والذي فيه الحياة، لا يمكن أن يبقي ميتًا، بل إنه قال لمرثا "أنا هو القيامة والحياة.. من آمن بي ولو مات فسيحيا" (يو 11: 25)، مادام هو الحياة، فكيف إذن لا يقوم؟.. إنه يؤكد نفس المعني بقوله "أنا هو الطريق والحق والحياة" (يو 14: 6).. نعم كيف لا يقوم، هذا الذي قال عن نفسه ليوحنا الرائي "أنا هو الأول والآخر، والحي وكنت ميتًا، وها أنا حي إلي أبد الآبدين آمين.. ولي مفاتيح الهاوية والموت" (رؤ 1: 18).. لهذا كله وبخ ملاك القيامة النسوة قائلًا: "لماذا تطلبن الحي من بين الأموات" (يو 24: 5). 2- نعم، كان لا بد أن يقوم من الموت، لأنه هو نفسه قد أقام غيره من الموت، بمجرد أمره. لقد أقام إيليا ميتًا، ولكن بسبع صلوات.. وأقام أليشع ميتًا بصلوات أيضًا.. أما السيد المسيح، فقد أقام إبنة يايرس، وإبن أرملة نايين، ولعازر، بمجرد كلمة الأمر، إنه معطي الحياة.. في إقامته إبنة يايرس، أمسك بيدها وقال لها: "طليثا قومي "الذي تفسيره: "يا صبية لك أقول قومي "وللوقت قامت الصبية ومشت (مر 5: 41، 42). وفي إقامته إبن أرملة نايين، تقدم ولمس النعش فوقف الحاملون.. فقال "ايها الشاب لك اقول قم، فجلس الميت وابتدأ يتكلم، فدفعه إلي أمه" (لو 7: 14، 15).. وفي إقامته لعازر "صرخ بصوت عظيم: لعازر هلم خارجًا.. فخرج الميت ويداه ورجلاه مربوطات بأقمطة، ووجهه ملفوف بمنديل.. فقال لهم: حلوه ودعوه يذهب" (يو 11: 43، 44). هذا الذي أمر الموتي فقاموا.. أكان صعبًا عليه أن يقوم؟!.. كلا، بل كان لا بد أن يقوم، لأنه مقيم، لأنه مقيم الموتي بأمره. نعم، كان لا بد أن يقوم، هذا الذي قال عنه الكتاب: "كما أن الرب يقيم الأموات ويحيي، كذلك الإبن أيضًا يحيي من يشاء" (يو 5: 21). فهذا الذي يحيي من يشاء، ألا يحيي نفسه؟! 3- وكان لا بد للمسيح أن يقوم، لأن قيامته نبوءة لا بد أن تتحقق. يقول الكتاب بعد شهادة بطرس للمسيح أنه إبن الله "من ذلك الوقت ابتدأ يسوع يظهر لتلاميذه، أنه ينبغي أن يذهب إلى أورشليم ويتألم كثيرًا من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة، ويقتل، وفي اليوم الثالث يقوم" (متي 16: 21).. وبعد معجزة التجلي "فيما هم نازلون من الجبل، أوصاهم يسوع قائلًا: لا تعلموا أحدًا بما رأيتم حتى يقوم ابن الإنسان من الأموات" (مت 17: 19). وبعد أنشفي المصروع وقال "هذا الجنس لا يخرج بشئ إلا بالصلاة والصوم"، قال لهم وهم يترددون في الجليل: "إن ابن الإنسان يسلم إلي أيدي الناس، فيقتلونه، وفي اليوم الثالث يقوم" (متي 17: 22، 23). وبعد أن شرح مثل الكرم، ومن جاء في الساعة الحادية عشرة، أخذ تلاميذه علي أنفراد وقال لهم: "ها نحن صاعدون إلي أورشليم، وابن الإنسان يسلم إلي رؤساء الكهنة والكتبة، فيحكمون عليه بالموت، ويسلمونه إلي الأمم لكي يهزأوا به ويجلدوه ويصلبوه، وفي اليوم الثالث يقوم" (متي 20: 18، 19)، (لو 9: 31-33). لهذا كله حدث تذكير بعد القيامة بذلك. قال ملاك القيامة للمرأتين "إني أعلم أنكما تطلبان يسوع المصلوب.. ليس هو ههنا، لأنه قام كما قال" (متي 28: 5، 6). وعبارة "كما قال "تعني ما تنبأ به عن نفسه من حيث قيامته في اليوم الثالث. بل أن هناك نبوءات في العهد القديم عن قيامته من الأموات. ولذلك فإن السيد المسيح قال لتلاميذه بعد قيامته "هذا هو الكلام الذي كلمتكم به، وأنا بعد معكم، إنه لا بد أن يتم ما هو مكتوب علي في ناموس موسى والأنبياء والمزامير.،حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب.. وقال لهم هكذا هو مكتوب وهكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الموات في اليوم الثالث" (لو 24: 44-46). حقًا ما أكثر النبواءت عن ذلك نتركها الآن لمبحث آخر.. ولعله بسببها نقول في قانون الإيمان "وقام من الأموات في اليوم الثالث كما في الكتب". ولعل من الرموز لهذه القيامة في العهد القديم: قصة يونان النبي: فعندما طلب منه اليهود آية.. قال لهم "جيل فاسق وشرير يطلب آية ولا تعطي له إلا آية يونان النبي.. لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاثة ليال، هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال" (متي 12: 39، 40). 4- كان لا بد أن يقوم المسيح، لأن قيامته كانت في سلطانه هو: لقد مات بارادته.. هو قدم نفسه للموت، ولم يكن مضغوطًا عليه في ذلك.. وقد قال موضحًا هذا الأمر في عبارته الخالدة "إني أضع نفسي لآخذها أيضًا، ليس أحد يأخذها مني، بل أضعها من ذاتي.. لي سلطان أن أضعها، ولس سلطان أن آخذها أيضًا" (يو 10: 17، 18).. حقًا ما أعجب هذه العبارة "ولي سلطان أن آخذها أيضًا "أي أن استرجع هذه الحياة التي وضعتها من ذاتي، ولم يكن لأحد سلطان أن يأخذني مني.. إذن كان لا بد أن يقوم، ويقوم بإرادته.. ولعلنا نسأل: لماذا وضع ذاته؟.. وما فائدة ذلك في القيامة..؟ 5- كان لا بد أن يقوم، لأن موته كان مجرد وضع مؤقت، لأداء رسالة مزوجة. كان ممكنًا أنه لا يموت بحسب طبيعته، ولأن الموت هو أجرة الخطية (رو 6: 23). وهو لم تكن له خطيئة تستحق الموت.. ولكنه قبل أن يموت عوضًا عنا، لكي يفدينا بموته، كما قال الرسول "متبررين مجانًا بنعمته، بالفداء الذي بيسوع المسيح، الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه.. من أجل الصفح عن الخطايا السالفة" (رو 3: 24، 25). كانت هذه هي الرسالة الأساسية للموت، أي الفداء.. وماذا أيضًا..؟ وكان لا بد بعد الفداء، أن يذهب ويبشر الراقدين علي الرجاء، ويفتح باب الفردوس، وينقل هؤلاء الراقدين من الجحيم إلي الفردوس.. وفي هذا يقول القديس بطرس الرسول: "فإن المسيح أيضًا تألم مرة واحدة من أجل الخطايا، البار من أجل الأثمة، لكي يقربنا إلي الله، مماتًا في الجسد، ولكن محيي في الروح، الذي فيه أيضًا ذهب فكرز للأرواح التي في السجن" (1 بط 3: 18، 19).. نعم كرز لتلك الأرواح بالخلاص، ونقلها إلي الفردوس، كما نقل اللص اليمين. ويقول القديس بولس الرسول: "وأما أنه صعد، فما هو إلا أنه نزل أيضًا أولًا إلي أقسام الأرض السفلي، الذي نزل هو الذي صعد أيضًا فوق جميع السموات" (أف 4: 9، 10). 6- وكان لا بد أن يقوم المسيح، لأن لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين. حتى عندما مات.. تقول القسمة السريانية: انفصلت روحه عن جسده.. ولكن لاهوته لم ينفصل قط لا عن روحه ولا عن جسده.. روحه المتحدة باللاهوت نزلت إلي أقسام الأرض السفلي، وكرزت للأرواح التي في السجن، وأصعدتها إلي الفردوس..أما جسده فبقي في القبر متحدًا بلا هوته أيضًا.. فهو قد مات بشريًا من جهة انفصال الروح عن الجسد، ولكنه كان "محيي في الروح".. كانت له الحياة الثابتة في اللاهوت، والتي من أجلها صرخ نيقوديموس وهو يكفنه "قدوس الله.. قدوس القوس.. قدوس الحي الذي لا يموت. نعم كان لا بد أن يقوم هذا الجسد المتحد باللاهوت.. وما كان ممكنًا أن يستمر في الموت. إن الموت لم ينتصر عليه مطلقًا، وما كان ممكنًا أن ينتصر عليه.. بل أنه بموته داس الموت، أي داس علي هذا الموت الذي انتصر علي كافة البشر، فنجاهم السيد من هذا الموت بموته عنهم، ودفع ثمن خطاياهم.. وهكذا قضي علي سلطان الموت. 7- وهذا الذي قضي علي سلطان الموت بموته، كان لا بد أن يقوم. كان لا بد أن يقوم، ليعلن انتصاره علي الموت بقيامته، وليعلن للناس جميعًا أنه لا شوكة للموت، حسب تسبحة بولس الرسول "أين شوكتك يا موت؟.. أين غلبتك يا هاوية؟" (1 كو 15: 55). 8- وكان لا بد للمسيح أن يقوم، لكي يعزي التلاميذ ويقويهم. كان لا بد أن يقوم، لكي يزيل النتائج المرعبة التي نتجت عن صلبه، حيث خاف التلاميذ واختفوا في العلية، وتشتت باقي المؤمنين به خائفين من اليهود وبطشهم.. وأنكر من أنكر، وشك من شك.. وكان لا بد أن يقوم المسيح لكي يقوم بعملية ترميم لإيمان الناس، ويشجعهم لكي يستمروا في إيمانهم، ويصمدوا أمام اضطهادات اليهود.. وهكذا كانت قيامته أكبر دافع لهم علي الكرازة. 9- وكان لا بد له أن يقوم، ليثبت أنه ليس إنسانًا عاديًا يموت كباقي الناس. جميع الناس يموتون، ويستمرون هكذا منتظرين القيامة العامة، لكي يقوموا.. أما السيد المسيح فكان لا بد أن يقوم مباشرة، وإلا حسبوه إنسانًا عاديًا.. إن قيامته قد أثبت لاهوته، وبخاصة أنه قام بذاته دون أن يقيمه أحد. 10- وكان لا بد أن يقوم المسيح، ليكون الباكورة التي علي شبهها يقوم الكل. وهكذا قال القديس بولس "آلان قد قام المسيح من الأموات، وصار باكورة الراقدين.. لأنه كما أن في آدم يموت الجميع، هكذا أيضًا في المسيح أيضًا سيحيا الجميع المسيح باكورة، ثم الذين في المسيح في مجيئه" (1 كو 15: 20-22). ويتكلم عن أهمية قيامة المسيح، فيقول "إن لم يكن المسيح قد قام، فباطل إيمانكم.. أنتم بعد في خطاياكم... إذن الذين رقدوا في المسيح أيضًا قد هلكوا".. ويستطرد "إن كان لنا في هذه الحياة فقط رجاء في المسيح، فإننا أشقي جميع الناس" (1 كو 185: 17-19). 11- نعم.. كان لا بد أن يقوم المسيح، لكي يؤسس المسيحية. ولكي يمكث مع التلاميذ أربعين يومًا يحدثهم عن الأمور المختصة بملكوت الله (أع 1: 3)، ويضع لهم قواعد الإيمان.. ويسلمهم الأسرار والطقوس، وينفخ في وجوهم قائلًا "اقبلوا الروح القدس.. من غفرتم لهم خطاياهم غفرت لهم، ومن أمسكتموها عليهم أمسكت" (يو 20: 22، 23).. ثم يعدهم بحلول الروح القدس عليهم لكي ينالوا قوة، ويكونوا له شهودًا في أورشليم وكل اليهودية وإلي أقصي الأرض" (أع 1: 8).. ثم بعد ذلك يعهد إليهم بالكرازة قائلًا "اذهبوا إلي العالم اجمع، واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها.. من آمن واعتمد خلص" (مر 16: 15، 16).. "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدهم باسم الآب والإبن والروح القدس.. وعلموهم أن يحفظوا جميع ما اوصيتكم به.. وها أنا معكم كل الأيام وإلي انقضاء الدهر" (متي 28: 19، 20). |
||||
04 - 03 - 2014, 04:44 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تأملات في القيامة - البابا شنوده الثالث
حقيقة قيامة المسيح ونتائجها
مقاومة اليهود للقيامة المنديل والأكفان أكذوبة سرقة الجسد |
||||
04 - 03 - 2014, 04:45 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تأملات في القيامة - البابا شنوده الثالث
مقاومة اليهود للقيامة كانت قيامة السيد المسيح من بين الأموات، هي الحدث الأكبر الذي هز كيان اليهود، فحاولوا أن يقاوموه بكافة الطرق. حاولوا مقاومة القيامة قبل حدوثها. وحاولوا ذلك بعد أن حدثت أيضًا. كان السيد المسيح قد بشر بقيامته قبل أن يصلب. فقال للتلاميذ أكثر من مرة إن ابن الإنسان سوف يسلم إلي أيدي الناس الخطاة فيجلدونه ويصلبونه ويقتلونه، وفي اليوم الثالث يقوم. قال لهم ذلك وهم صاعدون إلي أورشليم (متي 20: 18، 19) ؛ (مر 10: 33، 34) ؛ (لو 18: 31-33). وقال ذلك في مضيهم إلي الجليل (متي 17: 22). وقال هذا أيضًا بعد اعتراف بطرس أن المسيح ابن الله الحي (متي 16: 21). وبعد التجلي قال لهم أن لا يتحدثوا بما أبصروا "إلا متي قام ابن الإنسان من الأموات" (مر 9: 9). وقال لهم في يوم الخميس الكبير "ولكن بعد قيامي أسبقكم إلي الجليل" (مر 14: 28) كما ضرب لهم مثل يونان النبي (متي 12: 4). وكان رؤساء الكهنة والفريسيون يعرفون ما تنبأ به الرب عن قيامته. لذلك ذهبوا إلي بيلاطس وقالوا له "تذكرنا أن ذلك المضل قال وهو حي إنني بعد ثلاثة أيام أقوم.. فمر بضبط القبر إلي اليوم الثالث لئلا يأتي تلاميذه ليلًا ويسرقوه، ويقولوا للشعب إنه قام من الأموات، فتكون الضلالة الأخيرة أشر من الأولي" (متي 27: 62-64). فماذا كان "الشر "الذي يخشونه نم القيامة، حتى أنها تكون أخطر من تعليم المسيح الذي لقبوه بالضلالة الأولي؟ كانت قيامة المسيح تدل علي صدقة وصدق نبوءته، كما كانت تدل أيضًا علي قوته، وعلي أن صلبه لم يكن ضعفًا منه، إنما كان تدبيرًا لأجل خلاص البشر. وكل هذا يقود إلي الإيمان به، وإلي تثبيت هذا الإيمان بالأكثر. لذلك قاموا بكل الإجراءات التي تضمن في نظرهم منع القيامة. إذ وضعوا علي باب القبر حجرًا كبيرًا وختموا الحجر، وضبطوا القبر بالحراس (متي 28: 66)ولم يخجلوا أن يفعلوا كل ذلك في عشية السبت "بعد الاستعداد "وخم الذين كانوا يتهمون السيد المسيح لأنه فتح عيني المولود أعمي في يوم سبت (يو 9: 16، 24). ولكن كل احتياطاتهم أصبحت أدلة علي القيامة بالأكثر، غذ قام المسيح علي الرغم من كل ذلك. وإذا بالإجراءات التي اتخذت ضد القيامة، أصبحت دليلًا عليها، وشاهدًا لها وإثباتًا. وجود الختم علي القبر، ووجود الحراس، مع وجود القبر فارغ، كلها كانت إثباتات لقيامة المسيح، لخروجه من القبر وهو مغلق، كما خرج من بطن العذراء وبتوليتها مختومة، وكما دخل علي التلاميذ والأبواب مغلقة. أما الرشوة التي دفعها رؤساء الكهنة للجنود، ليقولوا إن تلاميذه سرقوه، وهم نيام، فإنها كانت حيلة أضعف من أن تقف أمام قوة القيامة، وقوة الكرازة بها.. |
||||
04 - 03 - 2014, 04:47 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تأملات في القيامة - البابا شنوده الثالث
المنديل والأكفان و أيضًا من الإثباتات الواضحة للقيامة، وجود الأكفان موضوعة، والمنديل ملفوفًا في ناحية واحدة. فكيف أمكن الخروج من هذه الأكفان التي كانت لاصقة بالجسد تمامًا؟ وإن كان الجسد قد أخذه أحد، فكيف جرده من أكفانه اللاصقة؟ وما الحكمة من نزعها عنه؟ وما المصلحة في ذلك؟! وكيف أمكن تدبير كل ذلك بكل هدوء، مع وجود الحراس؟ لذلك ليس عجيبًا قول الانجيل إن التلميذ لما رأي المنديل والأكفان مرتبة هكذا "رأي فآمن" (يو 20: 8). |
||||
04 - 03 - 2014, 04:48 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تأملات في القيامة - البابا شنوده الثالث
أكذوبة سرقة الجسد لا يعقل أن يكون تلاميذه قد سرقوه! لأنه لا توجد مصلحة لهم إطلاقًا في هذه السرقة. ولأنهم كانوا خائفين وقد هربوا وقت القبض عليه.. كما أنه من غير المعقول أن يخترعوا قصة القيامة، ويجاهدوا حتى الموت والسجن والجلد من أجل قصة مكذوبة.. ولا يعقل أن يأخذ التلاميذ سيدهم عاريًا، ويجردوه من أكفانه، فليست في ذلك كرامة له ولا لهم. كما أن في ذلك مضيعة للوقت، وتعويض الأمر للانكشاف.. وما مصلحتهم في أن يدعوا قيامته ويموتون من أجل التبشير بها، وهم لا يؤمنون بها.. ومن ناحية التنفيذ توجد استحالة. كيف يخترقون نطاق الحراس؟ كيف يدحرجون الحجر الضخم دون إحداث ضجيج يلفت النظر إليهم؟ ويوقظ الحراس إن كانوا قد ناموا؟ وكيف يحملون جثمانًا في يوم سبت؟ وكيف يفعلون ذلك والأنظار مركزة علي القبر؟ وكيف يمكن تصديق نوم الحراس مع صرامة القانون الروماني؟! وإن أرادوا النوم، لماذا لم يقسموا الوقت بينهم في ذلك، بحيث ينام البعض في نوبات، ويكون البعض الآخر مستيقظًا؟ وإن كانوا قد ناموا كلهم، فكيف لم توقظهم أو توقظ بعضهم عملية سرقة الجسد؟ وكيف لم يحاكموا علي ذلك؟ وكيف لم يجر تحقيق في حادث السرقة؟ ولم يجر تفتيش؟ والتلاميذ معروفون، وكذلك أماكنهم.. واين تراهم وضعوا الجسد بعد سرقته؟ وكيف دفنوه في يوم سبت؟ وإن كان الحراس نيامًا، فكيف عرفوا أثناء نومهم أن تلاميذه أتوا ليلًا وسرقوه؟ S إنها حيلة فكر ضعيف شرير لم تجد قبولًا من أحد، ودلت علي فساد هؤلاء الكهنة في كذبهم، وادعائهم، ودفعهم الرشوة، وتضليلهم للناس، وتمسكهم بالذات. وماذا عن شهوة القيامة وهم كثيرون؟ هل كان كل أولئك كاذبين؟ وكيف أجري الله علي ايديهم معجزات وهم ينشرون خديعة وضلالًا، ويدافعون عن الباطل؟! علي أية الحالات كما حاول رؤساء كهنة اليهود منع القيامة قبل حدوثها حاولوا أيضًا تشويه مجد القيامة بعد تمامها. وبهذا لم يكونوا أهل تدين وصدق. لقد كسروا السبت في ضبط القبر وختمه. وقد كذبوا في موضوع القيامة وأغروا الحراس أيضًا بالكذب، كما قدموا رشوة للجند لينشروا الكذب. وكانوا يستخدمون سلطانهم لدي الوالي خادعين الشعب كله. ثم اضطهدوا التلاميذ ظلمًا وهم يعملون.. وكما أتوا بشهود زور وقت محاكمتهم للمسيح، أتوا أيضًا بشهود زور لكي ينكروا قيامته.. كذلك لم يكن رؤساء كهنة اليهود من اهل الإيمان. لم يؤمنوا بمعجزات المسيح أثناء حياته بينهم، ولم يؤمنوا كذلك بمعجزة القيامة وهي واضحة أمامهم. ولم يؤمنوا بالمعجزات التي حدثت علي أيد التلاميذ وباسم المسيح،كانت قلوبهم مغلقة تمامًا أمام الحق الواضح.. وبرهنوا تمامًا علي أنهم لا يستجيبون إطلاقًا مهما رأوا من معجزات.. كما لم يؤمنوا أيضًا بكرازة التلاميذ. قيامة المسيح كانت ترعبهم، إذ كان وجوده يتعبهم ويكشفهم، وقد فرحوا حينما ظنوا أنهم قد تخلصوا منه وقتلوه.. عبارة "المسيح الحي "عبارة تتعب الخطاة، وإن كانت تفرح الأبرار.. كثيرون مثل كهنة اليهود، يريدون أن يتخلصوا من المسيح، لأن وجوده يبكتهم وبوجوده، يزول وجودهم الخاطئ.. |
||||
04 - 03 - 2014, 04:53 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تأملات في القيامة - البابا شنوده الثالث
بركة القيامة في حياتنا 1- البركة الأولي هي أنه لا مستحيل: يبذل الناس جهودهم في كل مجال. فإن وقفوا أمام الله، كفوا تمامًا عن العمل والجهد، لأنه لا فائدة. وكان هذا هو شعور مريم ومرثا بعد موت لعازر، الذي مضي علي موته أربعة أيام، وقيل (و قد أنتن). فلما أقامه السيد المسيح من الموت، عرفوا أنه لا مستحيل. ولكن لعازر -بعد أن أقامه المسيح- عاد فمات مرة أخري، ولم يقم بعد.. أما السيد المسيح -في قيامته- فقد حطم الموت نهائيًا. بقيامة أبدية لا موت بعدها، حتى نظر بولس الرسول إلي قوة هذه القيامة وقال "إين شوكتك يا موت؟ "لقد تحطم الموت، وأصبح لا مستحيل.. ولم الناس فقط، بأن كل شيء مستطاع عند الله (متي 19: 26) القادر علي كل شيء، بل أن الرسول يقول "استطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" (في 4: 13). قال هذا بعد قوله "لأعرفه وقوة قيامته" (في 3: 10). بل إن الكتاب في اللامستحيل، يعطينا قاعدة عامة هي: "كل شيء مستطاع للمؤمن" (مر 9: 23). إن القيامة أعطت الناس قوة جبارة. وإذ تحطم الموت امامهم، تحطمت أيضًا كل العقبات، واصبح لا مستحيل. وماذا قدمته القيامة أيضًا؟ وما هي بركتها الثانية؟ 2-البركة الثانية هي الشوق إلي الحياة الأبدية:"لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح، فذال أفضل جدًا، هكذا قال الرسول.. أكون مع المسيح، الذي قام، وصعد إلي السماء، وجلس عن يمين الله. وقال "إن ارتفعت، اجذب إلي الجميع". وقال "أنا ماض لأعد لكم مكانًا. وإن أعددت لكم مكانًا آتي أيضًا وآخذكم إلي. حتى حيث أكون أنا، تكونوا أنتم أيضًا" (يو 14: 2، 3). وحب الأبدية جعل الناس يشتاقون إلي شيء أكبر من العالم، وأرقي من المادة، وأعمق من كل رغبة أو شهوة يمكن أن تنال علي الأرض. ونظر القديسون إلي الأرض كمكان غربة، واعتبروا أنفسهم غرباء ههنا، يشتاقون إلي وطن سماوي، وإلي حياة أخري، من نوع آخر، وروحاني، وخالد ومضئ.. اشتاق الناس إلي العالم الآخر، الموضع الذي هرب منه الحزن والكآبة والتنهد، الموضع الذي لا خطية فيه، ولا كراهية بين الناس، ولا صراع، بل يسوده المحبة والفرح والسلام والطهارة، حيث الخير فقط، وينتهي الشر نهائيًا. وهذا يقودنا إلي البركة الثالثة للقيامة وهي: 3- البركة الثالثة للقيامة، هي تجلي الطبيعة البشرية:في القيامة تنجلي الطبيعة البشرية، جسدًا وروحًا. فمن جهة الجسد، تقوم أجساد نورانية روحانية، لا فساد فيها، لا تتعب، ولا تجوع، ولا تعطش، ولا تمرض ولا تنحل،تكون كملائكة الله في السماء، بل تقوم علي "شبه جسد مجده". ما أروع هذا التجلي، الذي تمجد فيه الطبيعة البشرية، ويعيد إلينا صورة جبل طابور. أما الروح فتدخل في التجلي أيضًا، وترجع كما كانت في البدء "صورة الله ومثاله، في نقاوة لا يعبر عنها. |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|