ميلاد صديقنا السماوي
" وبينما هما هناك تمت أيامها لتلد، فولدت ابنها البكر وقمطته وأضجعته في المذود إذ لم يكن لهما موضع في المنزل " (لو 2: 6 – 7)
كيف دخل المسيح البكر إلى العالم وهو بعيد عن العالم بطبيعته ويختلف عن الجبلة البشرية بطبيعتها؟
دخله بأن الله صار إنسانا، ومع أنه ابن الله الوحيد إلا أنه بكر لنا لأننا جميعنا أخوة له وبذلك أصبحنا أبناء الله.
وجد الله أن الإنسان قد انحط إلى مستوى الحيوان ولذلك وضع نفسه كطعام في المذود حتى إذا نبذنا الطبيعة الحيوانية ارتفعنا إلى درجة الفهم والإدراك التي تليق بالطبيعة الإنسانية، فباقترابنا إلى المزود إلى مائدته الخاصة لا نجد طعامُا ماديُا بل خبزًا سمائيًا هو الجسد الحي.
لم يجد له موضعا بين البشر، إنما وجد له موضعا في المذود، بين البسطاء والأبرياء، لهذا قال الرب في الإنجيل: " للثعالب أوجرة ولطيور السماء أوكار، وأما ابن الإنسان فليس له أين يسند رأسه ".
بينما استقبلت الأرض خالقها في صمت رهيب، لكن لم يكن ممكنا للسماء أن تصمت فقد جاء ملاك الرب إلى جماعة من الرعاة الساهرين الأمناء في عملهم وربما كانوا في بساطة قلوبهم منشغلين بخلاصهم، جاءهم ووقف بهم ومجد الرب أضاء حولهم، فخافوا خوفا عظيما، " فقال لهم الملاك: لا تخافوا، فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب، إنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب، وهذه لكم العلامة تجدون طفلُا مقمطُا مضجعُا في مذود" (لو 2: 10 – 12).
هؤلاء الرعاة هم رمز للرعاة الروحيين الذين يظهر لهم الرب يسوع المسيح فيبشرون باسمه في كل مكان كما بشر رعاة بيت لحم بالمسيح في بلدتهم هذه على أثر سماعهم أنشودة الفرح والأبتهاج من الملائكة الأطهار.
لننظر مجد المسيح على الأرض وقد تلألأ بالنور وسطع على الرعاة وجمهور الملائكة ينشدون أناشيد الفرح والسرور فقد تنبأ موسى منذ قرون عديدة فقال: " تهللوا أيها الأمم شعبه ".
إشعياء النبي قال: " ها العذراء تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمه عمانوئيل، زبدا وعسلا يأكل متى عرف أن يرفض الشر ويختار الخير لأنه قبل أن يعرف الصبي أن يرفض الشر يختار الخير " (أش 7: 14 – 15).
هوذا " بيت لحم " تضاهى السماء، فتسمع فيها أصوات تسبيح الملائكة من الكواكب، وبدلا من الشمس أشرق شمس البر في كل جانب.