إنَّ الاحتفالَ بسرِّ الزواج، هو بالأحرى، لحظةٌ في غايةِ الأهميّةِ بالنسبةِ لكلِّ الجماعةِ الكنسيّةِ، لأنَّ الاستبصارٌ والوعي بالحبِّ مُؤسسٌ فقط على الثِّقةِ في العَلاقةِ، ويمكن التَّحقَّقُ منه وإثباتُ صحته فقط مِن خلالِ العَلاقاتِ، وبالتَّالي مِن خلالِ الجماعةِ. فينبغي أنْ يُعترفَ بهذا الحبِّ كحبٍّ له نفسُ خصائصِ حبِّ الله، فهو حبٍّ أكثرُ مِن الحبِّ الإيروس، بمعنى أنَّه ليس مُوجَّه فقط إلى شخصٍ واحد، الشَّخصِ المحبوبِ، إنَّما يجب أنْ يتحوَّل باستمرارٍ إلى حبِّ أغابي مع الآخرين أيضاً؛ وبالتَّالي فهو حبٍّ يدخل في عَلاقاتِ مع الآخرين ومع العالمِ، وهو بمثابةِ حريةٍ منـزه عن المصلحةِ الشَّخصيّةِ، في سخاءٍ وإخلاصٍ، ورسوخٍ. وإنْ كان حبُّ الله هو حبٌّ مُطلقٌ، بمعنى أنَّه عطاءٌ كاملٌ لذاته، فلذلك ينبغي على الزَّوجين وعلى الكنيسةِ أيضاً أي جماعةِ المؤمنينِ التحقُّقَ، قبل الزواج، ومِن خلالِ العَلاقاتِ، مِن مدى كون حبُّهما له نفسُ خصائصِ الحبّ الإلهي؟ ففي فترةِ الخطوبةِ، عندما كان كلاهما يرى الآخر في شموله، يختبر الشَّريكان أنَّ الحبَّ كان يقنعهما بمعنى التَّضحيّةِ بأنفسهما؛ فقوةُ الحبِّ تُعرف حقاً، مِن خلالِ الاختبار الحياتي الذي يؤدي بالشخص إلى التخلّي عن مبدأِ إثباتِ الذَّات الأنانيِّ في سبيل إسعاد الآخر.
وبهذا المعني، تقدّر الكنيسةُ مُنذ نشأتها الدَّورَ الكبيرَ الذي يحتله الجنسُ، بحيث يستطيع الشَّخصَ أنَّ يتركَ الانجراف وراءِ الإشباعِ الجنسيّ، مِن أجل ثقته الكاملةِ في العَلاقةِ. فإنْ كان هناك حبٌّ بين شخصين، ولم يبلغ هذا الحبُّ إلى قدرته في تقديرِ الآخر والذَّاتِ معاً بشكل شامل، وكذلك تقديرهما أيضاً في كلِّ العَلاقاتِ الأخرى، فالفعلُ الجنسيّ هنا لم ينضج بَعدُ. عندئذٍ يتلاشى المضمونُ الشَّاملُ للعَلاقةِ والذي يُعاش في الثِّقةُ واليقينُ في العَلاقة، كما لو أخذنا كتلةً مِن جبل الثَّلجِ الذّي تحتها دون النظر إلى الجبلَ الذي يحملها.