على المسيحي أن يتنقَّل بين كل هذه الآداب، بحسب نصيحة القديس، تماماً مثل النحلة التي تتنقل بين الزهور لتجمع الرحيق وتصنع العسل، وهذه الزهور هي بالنسبة للبشر مقبولة فقط لأنها جميلة المنظر وعطرة الرائحة لكن النحلة ترى في الزهور أكثر من المتعة والسرور، هكذا كل من يطالع الكتابات والآداب متطلعاً إلى ما هو أبعد من المتعة فإنَّه يجني فائدة كبيرة لروحه. النحلة تتنقل بين الزهور لكن بتمييز وتأخذ من الزهرة ما يناسبها ويفيدها هكذا علينا أن نأخذ من الآداب غير المسيحية بتمييز وحسن اختيار وبمعرفة وفقط ما يفيدنا. وهكذا نتجنب الأشواك وكل ما هو زائف لكي نجمع عسلاً هو المعرفة الحقيقية. يقول القديس:" طالما أنه يجب علينا بالضرورة أن نبلغ بالحياة لتكون بحسب الفضيلة، فيجب على انتباهنا أن يتركز أولاً على مقاطع من الشعراء والمؤرخين وخصوصاً الفلاسفة والتي في هذه المقاطع تُمدَحُ الفضيلةُ عينها ". يريد القديس بهذا أن تصبح الفضيلة عادةً مألوفة بالنسبة إلى الشاب كونه يدرسها في صِباه لأنه كما نقول في المثل الشائع " العلم في الصغر كالنقش على الحجر" فنفس الشاب تكون طرية تتقبل ما تتلقاه بسهولة. أما إن لم تكن النفس معتادة منذ صباها على الفضيلة فإنه ينطبق عليها ما كتبه هزيود:" قاسية هي البداية وصعبة، وطريق شديدة الانحدار ومليئة بالتعب والألم تلك التي تقود إلى الفضيلة". لكن عندما يبلغ المرء إلى القمة يرى الطريق سهلاً ورائعاً أكثر من الطريق التي تقود إلى الرذيلة.