منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 14 - 07 - 2014, 03:59 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

تفسير الأصحاح الثاني من سفر زكريا النبي

قياس أورشليم
الملاك والغلام
الأشجار المخصبة
سكان أورشليم الإلهية
الرب سور أورشليم
الهروب من الشمال
المعنى الرمزي للأربع الرياح
خيرات خلاصية تتبع سكن الله في وسط المدينة المتألقة
ختام
تفسير العلامة القديس ديديموس تفسير الأصحاح الثاني من سفر زكريا النبي
فرفعت عيني ونظرت وإذا رجل وبيده حبل قياس، فقلت إلى أين أنت ذاهب. فقال لي لأقيس أورشليم لأرى كم عرضها وكم طولها. وإذا بالملاك الذي كلمني قد خرج وخرج ملاك آخر للقائه، فقال له أجسر وكلم هذا الغلام قائلًا. كالأعراء تسكن أورشليم من كثرة الناس والبهائم فيها وأنا يقول الرب أكون لها سور نار من حولها وأكون مجدًا في وسطها.
يا يا أهربوا من أرض الشمال يقول الرب. فإني قد فرقتكم كرياح السماء الأربع يقول الرب: تنجي يا صهيون الساكنة في بنت بابل. لأنه هكذا قال رب الجنود: بعد المجد أرسلني إلى الأمم الذين يلبوكم لأنه من يمسكم يمس حدقة عينه. لأني هاأنذا أحرك يدي عليهم فيكونون سلبًا لعبيدهم. فتعلمون أن رب الجنود قد أرسلني. ترنمي وأفرحي يا بنت صهيون لأني هاأنذا آتي وأسكن في وسطك يقول الرب: فيتصل أمم كثيرة بالرب في ذلك اليوم ويكونون لي شعبًا فأسكن في وسطك فتعلمين أن رب الجنود قد أرسلني إليك والرب يرث يهوذا نصيبه في الأرض المقدسة ويختار أورشليم بعد. اسكتوا يا كل البشر قدام الرب لأنه قد استيقظ من مسكن قدسه" زك: ص3.
"فَرَفَعْتُ عَيْنَيَّ وَنَظَرْتُ وَإِذَا رَجُلٌ وَبِيَدِهِ حَبْلُ قِيَاسٍ. فَقُلْتُ: «إِلَى أَيْنَ أَنْتَ ذَاهِبٌ؟» فَقَالَ لِي: «لأَقِيسَ أُورُشَلِيمَ، لأَرَى كَمْ عَرْضُهَا وَكَمْ طُولُهَا». زك 2 1: -2.
تفسير العلامة القديس ديديموس تفسير الأصحاح الثاني من سفر زكريا النبي
قياس أورشليم

أن عيني الإنسان الداخلي ترتفع لكي نتأمل المناظر الخاصة بها. فالنبي يرفع عينيه ويرى إنسانًا ممسكًا بيده حبل قياس، وعليه أن يقيس به كمهندس معماري ماهر طول أورشليم وعرضها لكي يضع أساساتها ويعيد بناءها، لأن أعداءها هدموها.
"من هو ذلك الإنسان الذي ظهر للنبي. سَلْ نفسك هل هو نفسه الرجل الراكب على فرس أحمر وهو واقف بين الأس الذي في الظل" زك1: 8.
هذا حسب التفسير الذي ذكرناه هو الرب المخلص يشير إليه زكريا النبي عندما يقول: "وَكَلِّمْهُ قَائِلًا: هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ قَائِلًا: هُوَذَا الرَّجُلُ «الْغُصْنُ» اسْمُهُ. وَمِنْ مَكَانِهِ يَنْبُتُ وَيَبْنِي هَيْكَلَ الرَّبِّ" زك6: 12. هو النور الحقيقي الذي يقول عنه يوحنا المعمدان: "هوذا الذي قلت عنه أن الذي يأتي بعدي صار قدامي لأنه كان قبلي" يو1: 15. وهو باني أورشليم، رسم الأساس ووضعه على طريقة مهندس معماري.
وإذا قد تهدمت أورشليم بما قام به الأعداء الذين حاصروها فإنه يقيس طولها وعرضها لكي يضع الأساسات التي ترتفع عليها الأسوار في الأماكن المناسبة في ترتيب وتنسيق.
ويكتب بولس الرسول عن هذه المدينة الإلهية التي كان ينتظرها كل الذين ارضوا الرب بإيمانهم: "كان ينتظر المدينة التي لها الأساسات التي صانعها وبارئها الله" عب11: 10.
ويقول حزقيال النبي أيضًا: "إذا برجل منظره كمنظر النحاس وبيده خيط كتان وقصبة القياس وهو واقف بالباب" حز40: 3.
ويقول أشعياء النبي: "على أسوارك يا أورشليم أقمت حراسًا لا يسكتون كل النهار وكل الليل على الدوام. يا ذاكري الرب لا تسكتوا" أش62: 6.
وكثيرًا ما كان تفسير أورشليم تفسيرًا روحيًا مثلثًا: في الروح الثابتة في الفضيلة، وهي الكنيسة المجيدة التي بلا دنس، "كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غصن أو شيء من مثل ذلك، أف 5: 27، بسبب كمال قداستها، وهي المدينة السماوية لله الحي: "مدينة الله الحي أورشليم السماوية" عب12: 22.
تفسير العلامة القديس ديديموس تفسير الأصحاح الثاني من سفر زكريا النبي
الملاك والغلام

"وإذا بالملاك الذي كلمني قد خرج ملاك آخر للقائه فقال له أجر وكلم هذا الغلام قائلًا" زك3: 3-4.
مما لا شك فيه أن إعلان السر موجه إلى شخص قدم كأنه شاب. فالرجل القديس في نظر ملائكة الله شاب، بالأخص عندما يلبس الإنسان الجديد ويمكن أن ينطبق عليه هذا القول من سفر الأمثال المقدس: "الولد أيضًا يعرف بأفعاله هل عمله نقي ومستقيم" أم20: 11. وكيف لا يكون طريق من يسلك في القداسة مستقيما؟ ويقول يوحنا الرسول في رسالته عن الذين يسهمون في الفضيلة: "كتبت إليكم أيها الأحداث لأنكم أقوياء وكلمة الله ثابتة فيكم وقد غلبتم الشرير" 1يو2: 14. فمن كان هكذا شابًا في الروح، فإنه يتلقى تعاليم الملاك الذي يخرج لكي يعلن الإعلانات التي نراها في بقية النبوة.
ولننظر أيضًا أليس معنى خروج الملاك هو ما يتضمنه النص الآتي الذي يعني الخروج من خورس الصديقين: "خرجت لخلاص شعبك لخلاص مسيحك" حبقوق3: 13، وأيضًا: "خرجت من قبل الله وأتيت" يو8: 42، ويكون الخلاص واستعلان الله للجنس البشري الذي طرد من الفردوس بسبب تعدي النواميس الإلهية، عندما يخرج المسيح لكي يعيد المَنْفي بطاعته ووفق تعاليمه الإلهية إذ يقول: "اليوم تكون معي في الفردوس" لو23: 43.
فالملاك الخارج يخبر بأنه سيأتي بإعلانات عظيمة عن أورشليم الروحانية كما يبين ذات النص التالي:

"كَالأَعْرَاءِ تُسْكَنُ أُورُشَلِيمُ مِنْ كَثْرَةِ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ فِيهَا. وَأَنَا، يَقُولُ الرَّبُّ، أَكُونُ لَهَا سُورَ نَارٍ مِنْ حَوْلِهَا، وَأَكُونُ مَجْدًا فِي وَسَطِهَا" زك2: 4- 5.
تفسير العلامة القديس ديديموس تفسير الأصحاح الثاني من سفر زكريا النبي
الأشجار المخصبة

كما أن كل أشجار الفردوس تأتي بثمار كثيرة، هكذا تكون أورشليم المدينة المقدسة مكتظة بالسكان، وفيها جمع غفير من الناس. لأنه ليس معقولًا ألا يؤتي بثمر في المدينة المقدسة الإلهية طالما أن"كل شجرة لا تصنع ثمرًا جيدًا تقطع وتلقى في النار" مت7: 19. وذلك ما حدث لذلك الذي قيل عنه: "أيضًا يهدمك الله إلى الأبد. يخطفك ويقلعك من مسكنك ويستأصلك من ارض الأحياء" مز52: 5، بينما يقول بشكر ذلك الذي يبقى في بيت الله: "أما أنا فمثل زيتونة خضراء في بيت الله"مز52: 8.
وكيف لا يتسربل بقوة النور الإلهي من يسكن في بيت الرب ويقضي وقته في عمل ما يجب عمله وفي التأمل في تعاليم الرحمة، هكذا كان ذلك الرجل المطوب في المزمور الأول كالشجرة المثمرة فقيل عنه: "فيكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه. التي تعطي ثمرها في أوانه. وورقها لا يذبل" مز1: 3.
ويقول أرميا النبي: "مبارك الرجل الذي يتكل على الرب وكان الرب متكلة فإنه يكون كشجرة مغروسة على مياه وعلى نهر تمد أصولها ولا نرى إذا جاء الحر ويكون ورقها اخضر وفي سنة القحط لا تخاف ولا تكف عن الأثمار" أر17: 7- 8.
تفسير العلامة القديس ديديموس تفسير الأصحاح الثاني من سفر زكريا النبي
سكان أورشليم الإلهية

وبعد فإن مؤسس مدينة أورشليم المقدسة، برحمته العظيمة، لا يجعل سكانها ممن تكون أعمالهم وأفكارهم حسب المنطق والمعرفة فحسب، بل من البسطاء ذوي الفكر المتضع أيضًا. "كَالأَعْرَاءِ تُسْكَنُ أُورُشَلِيمُ مِنْ كَثْرَةِ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ فِيهَا" زك2: 4.
فالمخلصون هم الخراف التي تسمع صوت يسوع "خرافي تسمع صوتي وأنا اعرفها فتتبعني" يو10: 27.
ويقول الرب يسوع الذين يعملون ويفكرون حسب العقل وحسب المعرفة: "أنتم تدعونني معلمًا وسيدًا وحسنًا تقولون لأني أنا كذلك" يو13: 13. أنتم فعلًا تخدمونني بكل قلبكم بعملكم كما يجب وبتعلمكم ما يجب معرفته.
أيضًا في أورشليم جميع من الذين يستطيعون أن يقولوا عن ملك أورشليم السمائية: هو يرعانا إلى الأبد. ويقول عنهم: "ويقف ويرعى بقدرة الرب" ميخا5: 4. حتى يصرخ كل من ترعاه عنايته مرتلًا بتهليل: "الرب راعي فلا يعوزني شيء. في مراع خضر يربضني. إلى مياه الراحة يوردني" مز23: 1- 2.
تفسير العلامة القديس ديديموس تفسير الأصحاح الثاني من سفر زكريا النبي
الرب سور أورشليم


تفسير العلامة القديس ديديموس تفسير الأصحاح الثاني من سفر زكريا النبي
أورشليم، تلك المدينة الخصبة المكتظة بمختلف الأجناس، لا يكون لها حارس يحميها سوى الرب الذي يحيط بها مثل سور من نار يدفئ ويحرق في آن واحد. لأنه يدفئ الذين يكونون داخل المدينة التي يحميها وينير عليهم لكي يصيروا (حارين في الروح) (رو 11:12) وعلى النقيض من ذلك فإنه يحرق الذين يأتون من خارج لكي يضروهم (لأن إلهنا نار آكلة) عب 29:12. أنهم يخرجون (شوكًا وحسكًا) عب 8:6، فيقطعون ويلقون خارجًا، لأنهم بدل الثمار الجيدة يعطون ثمار الموت والدمار. وقيل في المزامير بطريقة مشابهة أن الرب يحيط بشعبه مثلنا يحيط هنا بالمدينة المقدسة. فكما كان هناك سور من نار حول أورشليم المخصبة، هكذا يصير مجدا في وسطها، لأن الذين يسكنون المدينة المقدسة التي يحيط بها الله يشتملون بالمجد والسعادة الإلهية التي ترنم بها المرتل أو بالحرى خاطبها قائلا: (قد قيل بك أمجاد يا مدينة الله) مز 3:87 وأيضًا: (عظيم هو الرب وحميد جدا في مدينة إلهنا جبل قدسه) مز 1:48.
ونحن أيضًا سوف نعطى بنعمة الله الرحوم أن نثمر ثمار الروح. ليت الرب يحيط بنا مثل سور نار يضئ علينا ويحمينا ويحرق أعداءنا الذين يأتون ليهدمونا. حينئذ نصرخ بهتاف النصر ونشير إلى المدينة التي لا تقهر: (لنا مدينة قوية. يجعل الخلاص أسوار ومترسة) أش 1:26.
تفسير العلامة القديس ديديموس تفسير الأصحاح الثاني من سفر زكريا النبي
الهروب من الشمال

«يَا يَا، اهْرُبُوا مِنْ أَرْضِ الشِّمَالِ، يَقُولُ الرَّبُّ. فَإِنِّي قَدْ فَرَّقْتُكُمْ كَرِيَاحِ السَّمَاءِ الأَرْبَعِ، يَقُولُ الرَّبُّ. تَنَجَّيْ يَا صِهْيَوْنُ السَّاكِنَةُ فِي بِنْتِ بَابِلَ" زك 2 6-7.
تهدف الكلمة إلى أن توقظ المتفرقين في الشمال حيث ينفخ الشر على سكان الأرض، لأنها ترغب في نجاتهم من البلايا المشار إليها بكلمة الشمال (من الشمال ينفخ الشر على كل سكان الأرض) أر 14:1.
ولذلك يكرر كلمة التشجيع قائلًا: (يا يا أهربوا من أرض الشمال) فالهروب من البلايا التي هي أدوات مجازاة الله، هو الخروج من الشر بتوبة صادقة فعبارة (أهربوا من أرض الشمال) معناها: أهربوا من الشر. (وحد عن الشر واصنع الخير) مز 14:34. وأيضًا: (اغتسلوا تنقوا أعزلوا شر أفعالكم من أمام عيني كفوا عن فعل الشر) أش 16:1 ويتم ذلك عندما نمتنع عن كل أنواع الشر ونتمسك فقط بما يكون ممدوحًا نرجوه حسب وصية بولس الرسول: (امتحنوا كل شيء، تمسكوا بالحسن. امتنعوا عن كل شبه شر) 1تس 5: 21-22 فإن من ينظر إلى الخير كأنه مرغوب فيه ويكلمه. فذاك وحده الذي يهرب من البلايا.
ومن السهل الهروب من الشمال عندما يجمع الله تعالى في صلاحه وفي عنايته سكان أورشليم المتألقة الذين كانوا متفرقين في الأربع الرياح. ولكي يجعل الهروب سهلا ميسورًا، يبين أين يكون الخلاص للذين يهربون من أرض الشمال، وفي أية مدينة (تهب ريح الشمال الباردة) حكمة يشوع 20:43 أن مكان الخلاص هو صهيون المقدسة حيث يمكن أن يخلص السكان الذين كانوا يسكنون أولا بنت بابل بكل أمان. وكما أن اسم بابل معناه (بلبله)، فكل من كانت روحه مضطربة هو بابلي، ويليق بنا أن نتخلص من تلك الحالة بالمواقف المعنوية والاستعدادات، إذا كنا نرغب في الرجوع إلى صهيون. حينئذ ننشد المدائح ونعزف على الآلات تكريمًا لله، لأنه هناك يليق أن نغنى ونعزف تكريمًا لله كما هو مكتوب: (لذلك ينبغي التسبيح يا الله في صهيون ولك يوفى النذر) مز 1:65 وأيضًا: (رنموا للرب الساكن في صهيون. أخبروا بين الشعوب بأفعاله) مز 11:9.
وبما أنه يستحيل علينا أن نرنم ونعزف لله عندما لكن في بنت بابل وفي الشمال، لذلك يصيح الروح القدس بملء الصوت (يا يا اهربوا من أرض الشمال يقول الرب). احتموا في صهيون يا سكان بنت بابل لأني سوف أجمعكم من الأربع الرياح، أي من أقاصي الأرض كلها.
تفسير العلامة القديس ديديموس تفسير الأصحاح الثاني من سفر زكريا النبي
المعنى الرمزي للأربع الرياح

كما يقول مخلصنا الصالح في الإنجيل: (فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت فيجمعون مختاريه من الأربع الرياح من أقصى السموات إلى أقصائها) مت 31:24.
فطالما نعتبر صهيون بنت بابل مجازًا، يجب أيضا أن نفحص معنى الرياح الرمزي. يمكن أن تكون القوات الروحية. أو التيارات المختلفة للتعاليم التي تأرجح وتحمل هنا وهناك أولئك الذين يسلكون بدون لياقة في تفكيرهم، لهم أفكار شريرة وأعمال باطلة.
يقول بولس الرسول: (كي لا نكون في ما بعد أطفالا مضطربين ومحمولين بكل ريح يعلم بحيلة الناس بمكر إلى مكيدة الضلال) أف 14:4.
وقد تعنى التجارب والظروف الصعبة، ويذكر الإنجيل مع المطر والسيول الجارفة، الرياح التي تهبط وتثور على مسكن الذين يسمعون كلمات الرب يسوع على أنها لا تستطيع أن تهدم الذين يعملون بكلام السيد أو تقبلهم، لأن هؤلاء قد بنوا على أساس حجر الخلاص، وعلى النقيض فإنها تقلب مسكن ذاك الذي بعد أن يسمع الكلمات الإلهية، لا يعمل بها، لأنه بنى بيته على الرمل.
فكل من يسمع أقوالي هذه ويعمل به أشبهه برجل عاقل بني بيته على الصخر. فنزل المطر وجاءت الأنهار وهبت الرياح ووقعت على ذلك البيت فلم يسقط، لأنه كان مؤسسًا على الصخر وكل من يسمع أقوالي هذه ولا يعمل بها يشبه برجل جاهل بني على الرمل. فنزل المطر وجاءت الأنهار وهبت الرياح وصدمت ذلك البيت فسقط. وكان سقوطه عظيما) مت 9: 24-27.
ومهما كان تفسير الرياح، فإن الله يجمع الهاربين من أرض الشمال الساكنين في بيت بابل ويحميهم جميعًا منها ليخلصهم في صهيون التي قال عنها بولس الرسول: (بل قد أتيتم إلى جبل صهيون وإلى مدينه الله الحي أورشليم السماوية وإلى ربوات هم محفل ملائكة وكنيسة أبكار مكتوبين في السموات وإلى الله ديان الجميع وإلى أرواح أبرار مكملين وإلى وسيط العهد الجديد يسوع وإلى دم رش يتكلم أفضل من هابيل) عب 12: 23-24
وهذه هي فعلا الطريقة الوحيدة التي بها يمكننا أن نفهم النبوة التي نحن بصددها بمعناها السامي.
* لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: بَعْدَ الْمَجْدِ أَرْسَلَنِي إِلَى الأُمَمِ الَّذِينَ سَلَبُوكُمْ، لأَنَّهُ مَنْ يَمَسُّكُمْ يَمَسُّ حَدَقَةَ عَيْنِهِ. لأَنِّي هأَنَذَا أُحَرِّكُ يَدِي عَلَيْهِمْ فَيَكُونُونَ سَلَبًا لِعَبِيدِهِمْ. فَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَبَّ الْجُنُودِ قَدْ أَرْسَلَنِي. (زك 2: 8-9).
يلزم أن نفهم من عبارة (بعد المجد) ما يأتي بعد الكائن فوق الكل. فان الله غير المخلوق الأبدي كائن قبل كل شيء.
طلب موسى من الله أن يراه بوضوح. فرد عليه قائلًا: (ثم ارفع يدي فتنظر ورائي، وأما وجهي فلا يرى) خر 23:33.
ويقول الكتاب: (هذا هو إلهنا ولا يحسب آخر تجاهه هو وجد كل طريق التأديب وأعطاها ليعقوب غلامه وإسرائيل المحبوب منه. بعد هذا على الأرض ظهر ومع الناس تصرف باروخ 3: 36-38.
أن مثل هذه الإقامة بين الناس رسالة آتية بعد مجد المعترف به أنه الله القادر على كل شيء،لم يرسل المسيح كقادر على كل شيء / بل كمن أخذ شكل العبد، تنازلا منه بعد أن أخلى ذاته. (الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله لكنه أخلى نفسه آخذا صورة عبد صائرًا في شبه الناس) في 2: 6-7.
يقول: (لأنه من يمسكم يمس حدقة عينه) زك 8:2.
أي أن من يضرب الأبرار يضر نفسه أكثر كثيرًا مما رام أن يضرهم به، ويشبهه بمن يضرب حدقة عينه ويمكن تأبيد هذا الرأي بفصول كثيرة من الكتاب المقدس.
فعندما أراد قايين أن يضرب هابيل، قتل نفسه سلفًا بقراره قتل أخيه. وحدث نفس الشيء لشاول عندما كان يطارد داود لكي يقتله، ولأبشالوم المتمرد ضد أبيه لكي يأخذ منه الملك.
وفى هذا الفصل من النبوة التي نحن بصددها تعنى لفظة (يمس يضر، وتضخ بالأكثر في الكلمات التي يوجهها الله نفسه للذين يضمرون القتل لرجاله: (لا تمسوا مسحائي ولا تسيئوا إلى أنبيائي) مز 6 15:10.
وتشير إلى اتصال منكر في النص القائل: (وأما من وجهة الأمور التي كتبتم لي عنها فحسن للرجل أن لا يمس امرأة) 1كو 1:7
ومتى أيضا اللمس كما قال المسيح: (من لمس ثيابي) مر 30:5 في الوقت الذي لمست فيه نازفه الدم هدب ثوبه راغبة في أن تنال الشفاء.
يقول القديس: تلك هي معاني كلمة (يمس) التي جالت بخاطرنا الآن، ويبين نص النبوة التي نفسرها أن هذه الكلمة مستعملة بمعنى (إلحاق الأذى عن قوة)، وان من يريد أن يسئ معاملة الذين يحميهم الله، فهو يمس حدقة عينه الداخلية.
ويبين الكتاب كيف يكون ذلك إذ يقول، هاأنذا أحرك يدي عليهم) زك 9:2 أي القدرة التي بها أقوم: يصيرون هم أنفسهم غنيمة الذين أخذوهم كغنيمة عندما أسروهم، ويصيرون عبيدًا للذين كانوا يستعبدونهم قهرًا، ومتى صار ذلك تصلون (أن رب الجنود قد أرسلني، لتكميل النبوات.
كما أنه في زمن السبي كان النحيب والأنين عند العبرانيين لأن الرب ابتعد عن المسبيين، هكذا يعطى لهم عند عودتهم إلى الأم الروحية المدعوة صهيون، الأمر بالترنم والفرح لأن الرب أتى وسكن في وسطها: فقد أقيم فعلا الهيكل وجعل الله مسكنه فيه لذلك يقول النبي (ترنمي وافرحي يا بنت صهيون)
هذا التهليل بالفرح الذي تدعو إليه الكلمة الإلهية، هو ذات الفرح ثمر الروح القدس الذي يقترن بمحبة الله وبالسلام الذي نغبط عليه ويشير إلى ذلك الرسول القديس بولس عندما يكتب (وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان وداعة تعفف) غل 5 22-23.
أن المسبيين المخلصين يتمتعون بهذا الأمان فيقولون: (عندما رد الرب سبى صهيون صرنا مثل الحالمين. حينئذ امتلأت أفواهنا ضحكًا وألسنتنا ترنمًا) مز 126: 1-2.
ونجد نفس الفكرة في مزمور آخر: (ليت من صهيون خلاص. عند رد الله سبى شعبه يهتف يعقوب ويفرح إسرائيل) مز 6:53. كانوا يئنون عندما تفرقوا عن وطنهم في قيود السبي، فمن الطبيعي أنهم يتهللون ويفرحون عندما يرجعون، لأن الرب ينبوع الفرح والتهليل قد سكن في وسطهم.
وما هو سبب الفرح والتهليل، أن لم يكن التمتع بالمياه المزيدة للنهر الفائض الذي كتب عنه: (سواقي الله ملآنة ماء) مز 9:65 وأيضًا: (نهر سواقيه تفرح مدينة الله مقدس مساكن العلى، الله وفي وسطها فلن تتزعزع) مز 46:4-5 لأن الله لن يبتعد عنها ولن يتركها، إذ أنه في صلاحه يسكن في وسطها دائمًا.
تفسير العلامة القديس ديديموس تفسير الأصحاح الثاني من سفر زكريا النبي
خيرات خلاصية تتبع سكن الله في وسط المدينة المتألقة

أن أممًا كثيرة قد لجأوا إلى الرب في توبتهم في ذلك اليوم الذي ينيره شمس البر، (ولكم أيها المتقون أسمى تشرق شمس البر والشفاء في أجنحتها) ملاخي 2:4، ذلك اليوم الذي اشتهاه أب الآباء إبراهيم، (أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي فرأى وفرح) يو 56:8، وفرح برؤيته، هو والذين صاروا بالإيمان والأعمال، أبناءه وأولاده (اعلموا إذًا أن الذين هم من الإيمان أولئك هم بنوا إبراهيم) غل 7:3.
وهذا الفرح يجعلهم يقولون: (هذا هو اليوم الذي صنعه الرب نبتهج ونفرح فيه) مز 24:118.
شعب الله، إذا كانت أمم كثيرة قد التجأت إلى الرب، فيتبع ذلك أنهم يدعون شعبًا لذلك وجدوا عنده ملجأ لأنهم لا يبقون بعد شعوبًا بلا إله ولا رجاء أنكم كنتم في ذلك الوقت بدون مسيح أجنبيين عن رعوية إسرائيل وغرباء عن عهود الموعد لأرجاء لكم وبلا إله في العالم ولكن الآن في المسيح يسوع انتم الذين كنتم قبلا بعيدين صرتم قريبين بدم المسيح) أف 2: 12-13.
ويقول الله عنهم بالنبي: (وأقول للوعمي أنت شعبي وهو يقول أنت إلهي) هو 23:2.
(سأعود الذي ليس شعبي شعبي والتي ليست محبوبة محبوبة) رو25:9 حتى يمكن أن ندعوهم: (وأما أنتم فجنس مختار وكهنوت ملوكي أمة مقدسة شعب اقتناء لكي تخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب) 1 بط 9:2.
فالذين لجأوا إلى الله بالطريقة التي أشرنا إليها، يقول لهم: أنتم عندي الجنس المختار، الأمة المقدسة، الكهنوت الملوكي، شعبي الذي اقتنيته ليشيد بفضائلي.
ويكنون بعد أن صاروا شعب الله وسط صهيون الطوباوية السماوية، نعم حينئذ يعرفون بصورة إلهية كاملة أن الرب القادر على كل شيء قد أرسل فادى صهيون الذي يقول عن أبيه: (روح السيد الرب على لأن الرب مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأعصب منكسري القلب لأنادى المسبيين بالعتق والمأسورين بالإطلاق) أش 1:61.
ولكي يبشر المساكين بالروح يسكن في وسط صهيون يسوع المسيح بالروح القدس وبقوة الله، انه يخبر أولاد صهيون بالخلاص من الأعداء غير المرئيين الذين يأسرونهم.
وهكذا لا يبقى إذن الذين جاء من أجلهم، والذين وهب لهم الخلاص الأبدي، بعد في ضياع. وتعترف أورشليم التي سوف لسكنها، كنيسة الله الحي، بهذا الإيمان وتكمل أعمال القداسة.
وهكذا تظل موضوع اختيار ذلك الذي غسلها في دمه ذاته وجعلها تتألق.
(اسكتوا يا كل البشر قدام الرب. لأنه قد أستيقظ من مسكن قدسه) زك 13:2.
لنمتلئ كل إنسان خوفًا في حضرة الرب الإله الذي أعلن وأظهر حضوره عندما كملت النبوة القائلة: (يرون قدام الله في صهيون) مز 7:84.
(ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوء نعمة وحقًا) يو 14:1.
تفسير العلامة القديس ديديموس تفسير الأصحاح الثاني من سفر زكريا النبي
ختام

لنجمع في أذهاننا هذه النصوص ذات المعاني الروحية، ولنجعل لنا قلوبًا لحمية مطيعة لأوامر ووصاياه، ولتطهر مخافتنا له. حينئذ يزيد الله إحسانه للقلوب اللحمية غير الحجرية، ويثبت فيه بروحة القدوس كتابًا إلهياُ يساعدنا على أن نصير كاملين.
(أنتم رسالتنا مكتوبة في قلوبنا معروفة ومقروءة من جميع الناس. ظاهرين أنكم رسالة المسيح مخدومة منا مكتوبة لا يجبر بل بروح الله الحيّ. لا في ألواح حجرية بل في ألواح قلب لحمية) 2 كو 3: 2-3.
وإذ نرتفع هكذا عن أسلوب النظر الجزئي الرمزي، نرى الحق وجهًا لوجه، (فإننا ننظر الآن في مرآة في لغز لكن حينئذ وجها لوجه. الآن أعرف بعض المعرفة لكن حينئذ سأعرف كما عرفت) 1 كو 12:13.
والمجد لله دائمًا.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كتاب نص تفسير العلامة القديس ديديموس الضرير لسفر زكريا النبي - المقدس يوسف حبيب
تفسير العلامة القديس ديديموس تفسير الأصحاح الخامس من سفر زكريا النبي
تفسير العلامة القديس ديديموس تفسير الأصحاح الرابع من سفر زكريا النبي
تفسير العلامة القديس ديديموس تفسير الأصحاح الثالث من سفر زكريا النبي
تفسير العلامة القديس ديديموس الأصحاح الأول من سفر زكريا النبي


الساعة الآن 09:30 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024