رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إجعلني كخاتم على قلبك، كخاتم على ساعِدك (نش 8: 6) كلمة خاتم هنا معناها ختم. فيكون القلب مختوما به، وكذلك يكون الساعد (الذراع) مختوما، مثلما قال الرب للمدينة المقدسة " نقشك علي كفي" (أش 49: 16). عبارة الختم علي القلب تعني الحب والعاطفة. و الختم علي الساعد تعني العمل الجاد. فالمساعدة مشتقة من الساعد. و الختم علي كليهما يعني العاطفة التي تعبر عن ذاتها بالعمل. فلا يكفي فقط أن تحبني، بل أن تكون يدك معي أيضا، تعمل معي. ومن جهة التأمل في هذه الأية: يمكن أن تؤخذ كأنها موجهة من الإنسان إلي الله، ومن الله إلي الإنسان، ومن إنسان إلي إنسان غيره (أي في العلاقات البشرية). فإن كانت لك محبة من نحو الله والناس، ينبغي أن تكون المحبة في قلبك، وأيضا في عملك (في ساعدك). وإن كان سفر النشيد قد تكلم عن الحب، فلم يقصد به مجرد الحب في القلب " حبيبي لي، وأنا له" (نش 2: 16) بل قيل أيضا " شماله تحت رأسي، ويمينه تعانقني" (نش 2: 6). أي أن الساعد مشترك مع القلب. هنا الحب والحنان معا. فالمحبة ليست مجرد عواطف وكلام. بل قال الرسول " لا نحب بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل والحق" (1 يو 3: 18). الأم تحب أبنها، طفلها رضيعها، هو خاتم علي قلبها. وفي نفس الوقت هي تحمله وتحتمله، وتغذيه وترعاه وتنظفه وتداويه. هو خاتم علي ساعدها. و الأب يحب أولاده. محبتهم في قلبه. ولكنه يشتغل ويصرف عليهم (هم في ساعده). و لنتناول هذه الأية من جهة الله ومحبته للأنسان. لقد أحبنا الله " أحب خاصته الذين في العالم، أحبهم حتى المنتهي" (يو 13: 1). هنا المحبة في القلب. ولكنها في الساعد أيضا، في كل أعمال الرعاية، وكذلك في الفداء " هكذا أحب الله العالم، حتى بذل ابنه الوحيد. لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية" (يو 3: 16). *إذن علي الصليب، كان الحب في القلب، وفي الساعدين المبسوطين وفي كل أنواع الرعاية، ظهر عمليا الحب الذي في القلب.. أحب الله الشعب المضطهد من فرعون، فظهرت يده القوية في تخليصهم منه: في الضربات العشر، ثم في شق البحر الأحمر. وبساعده اهتم بهم في البرية، بهدايتهم، وبإتزال المن والسلوى من السماء، وبتفجير الماء من الصخرة.. أحب دانيال الملقي في الجب، هذا عن القلب. وماذا عن ساعده؟ يقول دانيال: إلهي أرسل ملاكه , فسد أفواه الأسود" (دا 6: 22). وبنفس الوضع مع الثلاثة فتية: تمشي معهم في النار، ولم يجعل لها سلطانا عليهم (دا 3). أحب يوسف الصديق، فجعله إنسانا ناجحا، وزوده بموهبة تفسير الأحلام، وأخرجه من السجن ليكون " رئيسا علي كل أرض مصر" (تك 45: 8). وظهر قلب الله وساعده، فيما أجراه من معجزات. كانوا خاتما علي قلبه في قول الكتاب " لما أبصر الجموع تحنن عليها" (مت 9: 36) (مت 14: 14) (مر 6: 34). وفي معجزة الخمس خبزات والسمكتين، في قوله " إني أشفق علي الجموع.. لئلا يخوروا في الطريق" (مت 15: 32). ولم يكتف بالإشفاق، بل أعطاهم ليأكلوا وإشبعهم.. وأرملة نايين الباكية لموت ابنها وحيدها " لما راها الرب، تكنن عليها" (لو 7: 13). هذا من جهة القلب. أما عن ساعده، فأقام ابنها ودفعه إلي امه.. و ساعده أيضا يظهر في معجزات الشفاء، إذ كانوا يقدمون له المرضي، فيضع يديه علي كل واحد فيشفيهم" (لو 4: 40). *قلبه وساعده يظهران أيضا في أعمال المعونة والإنقاذ. وبهذا يتغني داود النبي في المزمور فيقول " لولا أن الرب كان معنا حين قام الناس علينا، لابتلعونا ونحن أحياء.. مبارك الرب الذي لم يسلمنا فريسة لأسنانهم. نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين. الفخ انكسر ونحن نجونا عوننا من عند الرب.." (مز 124). أحب لعازر. وقيل " بكي يسوع". ولما راه اليهود يبكي، قالوا " أنظروا كيف كان يحبه" (يو 11: 25، 16). ولم يكتف بحب القلب، بل أقام لعازر. هنا ساعده.. *قلبه وساعده ظهرا أيضا في أعمال المغفرة. لا شك أن مغفرة الله للخطاة تدل علي محبته، وأنهم خاتم علي قلبه. ومن أجمل الأمثلة هنا، معاملته لزكا العشار، الذي كان أيضا خاتما علي ساعده، فدخل إلي بيته، ولم يبال بانتقاد اليهود الذين تذمروا لدخوله إلي بيت رجل خاطئ. بل أكثر من هذا أنه دافع عن زكا وقال "إذ هو أيضا ابن إبراهيم " لذلك صرح قائلا " اليوم حصل خلاص لأهل هذا البيت" (لو 19: 9). مثال اخر محبته لتوما الذي شك في قيامته. وهكذا ظهر له، ومد ساعده وقال لتوما " هات أصبعك إلي هنا، وابصر يدي.. ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنا " وهكذا فعل أيضا في أزالة شكوك كل تلاميذه (لو 24: 36 – 43). وظهرت محبته للموأة المضبوطة في ذات الفعل، أنه مد يده وكتب علي الأرض (غالبا خطايا المتامرين عليها). ونجاها منهم قائلا لهم " من كان منكم بلا خطية، فليرمها بأول حجر" (يو 8: 7). كذلك مع الخروف الضال: لم يكن فقط خاتما علي قلبه، بل أيضا ذهب وبحث عنه حتى وجده. وامتد ساعده فأخذه " وحمله علي منكبيه فرحا" (لو 15: 5). وهكذا فعل أيضا مع الدرهم المفقود (لو 15: 8). *قلب الله وساعده ظهرا أيضا في أعمال الرعاية: إنه ليس فقط يحب غنمه، بل أيضا " يبذل نفسه عن الخراف" (يو 10: 11) بل يقول أيضا " وأنا أعطيها حياة أبدية، ولن تهلك إلي الأبد. ولا يخطفها أحد من يدي" (يو 10: 28). لماذا؟ لأنها " خاتم علي ساعده". ولأنها خاتم علي ساعده، لا يجعلها معوزة شيئا، بل " في مراع خضر يربضها، وغلي ماء الراحة يوردها. يهديها إلي سبل البر" (مز 23). وهكذا يقول " أنا أرعي غني وأربضها.. واطلب الضال، واسترد المطرود، وأجبر الكسير، وأعصب الجريح.." (حز 34: 15، 16). أليست هذه أعمال ساعده؟.. ومن عمل ساعده في أعمال الرعاية، قوله إذا وقع خروفك في يوم سبت، ألا تقيمه؟ (مت 12: 11) ز هذا يقودنا إلي نقطة أخري هي: *قلب الله وساعده في عمل التوبة والخلاص: إننا خاتم علي قلبه " يريد أن الجميع يخلصون، وإلي معرفة الحق يقبلون" (1 تي 2: 4). ولا يسر بموت الخاطئ، بل أن يرجع ويحيا" (حز 18: 23).. ولكنه لم يكتف هنا بأن نكون مجرد خاتم علي قلبه، بل جعلنا أيضا خاتما علي ساعده. وكيف؟ بأن أرسل إلينا الأنبياء والوحي والوصايا. وكلف رسله بخدمة المصالحة، ينادون لنا " أن اصطلحوا مع الله" (2 كو 5: 20). وبالإضافة إلي هذا، منحنا النعمة وعمل روحه القدوس "يبكتنا علي خطية" (يو 16: 8) ويذكرنا بكل ما قاله الرب لنا (يو 14: 26). وأرسل إلينا ملائكته " كأرواح خادمة، مرسلة للخدمة، لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص" (عب 1: 14). اه يا رب، أنا أعرف أنك جعلتني خاتما علي قلبك، إجعلني أيضا خاتما علي ساعدك، وساعدني بكل قوتك علي خلاص نفسي. لا تتركني.. من جهة البشر: تكلمنا عن الله – تبارك اسمه – وكيف أنه جعلنا خاتما علي قلبه وخاتما علي ساعده. وبقي أن اسأل: هل يفعل البشر هكذا في علاقتهم مع الله؟ كلنا نقول إننا نحب الله، وقد جعلناه خاتما علي قلوبنا. فهل جعلناه أيضا خاتما علي سواعدنا؟ وهل يظهر هذا في حياتنا العملية؟ أمثلة توضح كيف يكون الله خاتما علي سواعدنا، ولا يكون كذلك: *كان السيد المسيح خاتما علي قلب بطرس، حينما قال له بطرس " ولو أنكرك الجميع لا أنكرك " " لم شك فيك الجميع، فأنا لا أشك" (مت 26: 33) (مت 26: 35) " أنا مستعد أن أذهب معك إلي الموت وإلي السجن" (لو 22: 33). ولكنه لم يجعل السيد علي ساعده، حينما أنكره ثلاث مرات، وسب ولعن وقال " لا أعرف الرجل" (ت 26: 74). كان علي ساعده (و إنما بطريقة خاطئة) حينما سئل سيفه دفاعا عنه وقطع أذن العبد (يو 18: 10) وحينما جاهد من أجله فيما بعد. وقال " ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس " (أع 5: 29) وأيضا حينما صلب بسب إيمانه به، كان الرب خاتما علي قلبه، وخاتما علي ساعده. *أيضا باقي التلاميذ كان الرب خاتما علي قلوبهم (مت 26: 35) ولكنه لم يكن خاتما علي سواعدهم حينما هربوا وقت القبض عليه (مت 26: 56) ثم أصبح الرب خاتما علي قلوبهم وسواعدهم بعد حلول الروح القدس عليهم (أع 2). *أيضا الذين أنكروا الرب في عصر الاستشهاد ثم عادوا فتابوا، كان الرب خاتما علي قلوبهم، ولم يكن خاتما علي سواعدهم وقت إنكارهم. *أما الشهداء والمعترفون، فكان الرب خاتما علي قلوبهم وعلي سواعدهم.. وكذلك أيضا كل أبطال الإيمان، الذين جاهدوا واحتملوا بسب إيمانهم. عناصر في جعل الله خاتما علي سواعدنا: 1-في عمل الرعاية وبناء ملكوته: قال السيد الرب لبطرس " أتحبني.. ؟.. أرع غنمي.. أرع خرافي" (يو 21: 15، 16). أي إن جعلتني خاتما علي قلبك، فاجعلني خاتما علي ساعدك برعاية أولادي.. كإنسان يقول للرب: أنا جعلتك خاتما علي قلبي. والدليل علي ذلك إنني أحمل أولادك علي ذراعي.. ينطبق هذا علي كل بناة الملكوت، كل الرسل والمعلمين الحقيقيين. 2-كل الذين يتعبون في الخدمة من أجل الله. مثلما قال بولس الرسول " جاهدت الجهاد الحسن.. حفظت الإيمان" (2 كو 11: 23). وكما قال لتلميذه تيموثاوس " اعكف علي الكلمة" " عظ، وبخ، انتهر، بكل أناة وتعليم " (2 تي 4: 2). 3-يحفظ الوصايا، وحياة القداسة. قال الرب " إن حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي" (يو 15: 10). " من يحبني " أي من يجعلني خاتما علي قلبه. يحفظ وصاياي، أي يجعلني خاتما علي ساعده، بأن يجاهد في تنفيذ أوامري. وبهذا يكون نقيا في قلبه. هنا الارتباط الوثيق بين الخاتم علي القلب والخاتم علي الساعد. قال القديس يوحنا الرسول في رسالته الأولي " من قال قد عرفته وهو لا يحفظ وصاياه، فهو كاذب وليس الحق فيه. وأما من حفظ كلمته، فحقا في هذا قد تكملت محبة الله" (1 يو 2: 4، 5). 4-تجعل الرب خاتما علي ساعدك، بالطاعة. *أبونا إبراهيم أبو الاباء، كان الرب خاتما علي قلبه، ومن أجله ترك أهله وعشيرته وبيت أبيه (تك 12: 1) ومضي وهو لا يعلم إلي أين يذهب (عب 11: 8). بهذا كلن الله علي ساعده أيضا، وبالأكثر حين أطاع الله في تقديم ابنه وحيده الذي يحبه إسحق، ورفع ساعده بالسكين ليقدمه محرقة لله (تك 22). *الملائكة يحبون الله، هو خاتم علي قلوبهم، وهم أيضا يجعلونه خاتما علي سواعدهم، يقول الكتاب عنهم " الفاعلين أمره عند سماع صوت كلامه" (مز 103: 20). 5-نجعل الله خاتما علي سواعدنا، بالاهتمام ببيته. *حينما سمع نحميا أن أورشليم مهدمة وأبوابها محروقة بالنار، يقول " لما سمعت هذا، جلست وبكيت، ونحت أياما وصمت وصليت" (نح 1: 4) هنا كان الله خاتما علي قلبه. ولكنه لم يكتف بهذا، بل كلم الملك أرتحشستا وذهب فعلا وبني سور أورشليم، واحتمل في سبيل ذلك الكثير. فكان الرب بذلك خاتما علي ساعده. *كذلك كان داود النبي، حينما أعد كل العدة لبناء بيت الله. *وكذلك كل من يصرف علي تعمير الكنائس والأديرة، مثلما كان يفعل المعلم إبراهيم الجوهري. وأيضا من يهب بيته ليكون كنيسة كما فعلت مريم أم مرقس الرسول (أع 12: 12). وكما فعل أكيلا وبريسكلا (رو 16: 5). وكما فعل نمفاس في لاوديكية (كو 4: 15) وغيرهم. كل هؤلاء، كان الله خاتما علي قلوبهم، وعبروا عن ذلك بأن وهبوا بيوتهم لله. وبرهنوا بذلك علي أن الله خاتم علي سواعدهم. وفي هذه النقطة لا ننسي ما فعلته: الملكة القديسة هيلانة. 6- أيضا جعلوا الرب خاتما علي سواعدهم: اولئك المتوحدون والنساك: بسب محبتهم للملك المسيح، كان خاتما علي قلوبهم. وعبروا عن كونه خاتما علي سواعدهم، بأن تركوا من أجله العالم وكل مشتهياته، احتملوا الام الوحدة ومتاعب الطبيعة، والنسك والصوم والسهر. 7- كذلك الذين يحيون حياة التسبيح والصلاة الدائمة. سواء كانوا من السواح والرهبان. ومثل طائفة السارافيم الذين يسبحون قائلين " قدوس قدوس قدوس.." (أش 6: 3). ومن يجاهدون في الصلاة وفي التأمل قدر طاقتهم، ويأخذون طقس مريم التي جلست عند قدمي المسيح، تسمع وتتأمل (لو 10: 39). 8-نضم إلي هؤلاء: الذي يعترف باسم الرب، ويجاهر باسمه. مثال ذلك يوسف الرامي في قصة صلب المسيح. كان التلاميذ خائفين، والبعض أنكر. أما هو فذهب إلي بيلاطس، وطلب جسد يسوع بعد موته (مر 15: 43). ولم يخف، وكفنه، ودفنه في قبرجديد له، معلنا إيمانه به، واهتمامه بجسده وهو ميت. 9-يجعل الرب خاتما علي ساعده أيضا، من له غيرة مقدسة في الدفاع عن أسم الرب. مثال ذلك الشاب داود, لما سمع جليات الجبار يجدف علي اسم الرب وشعبه. حينئذ أخذته الحمية , وقال: من هذا الأغلف حتى يعير صفوف الله؟.. لا يسقط قلب أحد بسببه (1 صم 17: 26، 32). ولم يبال بقوة الرجل وجبروته، وبأن الجيش كله خائف منه. بل ذهب ليحاربه وهو لا يملك سوي المقلاع وبعض حصوات ملساء! 10-أيضا يجعل الرب خاتما علي ساعده، من يضبط جسده ونفسه. و يقول مع القديس بولس الرسول " اقمع جسدي واستعبده" (1 كو 9: 27). من أجل محبة الله الذي جعله خاتما علي قلبه، يجاهد شهواته، ويصلب الجسد مع الأهواء (غل 6: 24). وبهذا يجعل الرب خاتما علي ساعده، لأنه يعمل من أجله مجاهدا نفسه، متأثرا بتوبيخ الرسول الذي قال " لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية" (عب 12: 4). 11-عبارة " اجعلني خاتم علي قلبك، كخاتم علي ساعدك " تشمل الإيمان والأعمال. " خاتم علي قلبك " تشير إلي الإيمان. و" خاتم علي ساعدك " تشير إلي الأعمال. ولا يمكن أن تستقيم حياة الإنسان الروحية بدون الاثنين معا. فالخاتم علي الساعد ثمر للإيمان , ثمر للخاتم علي القلب. 12-أحيانا تكون وسائط النعمة خاتما علي ساعدك، وليست خاتما علي قلبك! مجرد عمل خال من الحب. *كالعبادة التي تتحول إلي روتين، وتخلو من العاطفة والحب. وقد وبخ الرب أمثال هؤلاء قائلا "هذا الشعب يكرمني بشفتيه، وأما قلبه فمبتعد عني بعيدا" (مت 15: 8). فهو ليس خاتما علي قلبه. وبالمثل ما قاله الرب عن كل العبادات المرفوضة منه.. *وهكذا كان الفريسيون، يدققون كثيرا في تنفيذ الشريعة، بدرجة وصلت إلي الحرفية، كأنها خاتم علي سواعدهم! وفي نفس الوقت لم يكن الله خاتما علي قلوبهم. إذ كانت قلوبهم مركزة في الذات والعظمة! ونجد مثالا واضحا لذلك في قصة الفريسي والعشار. حيث قال الفريسي "أشكرك يا رب أني لست مثل سائر الناس الخاطفين الظالمين الزناة، ولا مثل هذا العشار. أصوم مرتين في الأسبوع، وأعشر كل ما أقتنيه" (لو 18: 11 , 12). كان الله خاتما علي ساعده بكل هذه الأعمال.. ولكنه لم يكن خاتما علي قلبه. لذلك لم ينزل من الهيكل مبررا (لو 18: 14). *مثال اخر: من يدق صليبا علي ذراعه، ومن تعلق صليبا علي صدرها. و يكون كل منهما بعيدا عن محبة الله. فالله خاتم علي ساعده وليس خاتما علي قلبه! وبالمثل كل من هن مسيحي بمجرد الاسم.. في معاملات الناس: *هناك النخوة والشجاعة، في القلب وفي العمل. مثال ذلك موقف ابينا إبراهيم، لما سمع عن سبي لوط ضمن سبي سادوم. كان لوط خاتما علي قلبه، فلم يحتمل أن يتركه مسبيا، وتحركت النخوة في قلبه. ولكنه لم يكتف بهذا. بل يقول المتاب: فلما سمع ابرام أن أخاه سبي، جر غلمانه المدربين، ولدان بيته ثلاثمائة وثمانية عشر". وهكذا حارب ورد سبي لوط وسادوم (تك 14: 14 – 16). بهذا اشترك ساعده مع قلبه. *مثال اخر هم دفاع الجندي عن وطنه. بمحبته لوطنه، يكون وطنه خاتما علي قلبه. ولكنه يصبح أيضا خاتما علي ساعده، حينما يحمل هذا الجندي سلاحا ويدافع عن وطنه. وقد يجرح ويقتل من أجله. أمثلة أخري، يكون فيها الخاتم علي القلب، خاتما علي الساعد: *موقف بولس الرسول من أنسيموس عبد فليمون: كان خاتما علي قلبه، في قوله عنه " ابني أنسيموس الذي لودته في قيودي.. الذي هو أحشائي" (فل 10، 12) " لا كعبد فيما بعد، بل أفضل من عبد، أخا محبوبا ولاسيما إلي" (فل 16).. وكان أنسيمس خاتما علي ساعد القديس بولس، في قوله عنه لفليمون " إن كان ظلمك بشئ. ولك عليه دين، فاحسب ذلك علي. أنا بولس كتبت بيدي، أنا أوفي" (فل 18، 19). *مثال اخر في معجزة الخمس خبزات والسمكتين: لم يكتف السيد الرب باشفاقه علي الشعب وعدم صرفهم جوعانين. وإنما جعلهم خاتما علي ساعده، حينما بارك الخبز القليل وأعطاهم، فشبعوا وفضل عنهم.، إعطانا درسا حينما قال لتلاميذه "أعطوهم ليأكلوا" (لو 9: 13). إذن لا يكفي أن نظهر اشفاقنا علي الفقراء، وأن نكتب ذلك في مقالات. فالخاتم علي القلب وحده لا يكفي. إنما يجب أن نعطيهم ليأكلوا، بذلك يكونون خاتما علي سواعدنا أيضا. *كذلك أيضا في معاملاتنا للأطفال، لا يكفي فقط أن نحبهم، إنما نظهر حبنا لهم بما نقدمه من هدايا ومن ملاطفة. إن العاطفة خاتم علي القلب. أما العطاء فهو خاتم علي الساعد، وتعبير عملي عن الخاتم الذي علي القلب. و السيد المسيح لم يأمر تلاميذه فقط بأن يتلمذوا الناس ويعمدوهم ويعلموهم (مت 28: 19، 20). إنما قال لهم أيضا: " اشفوا مرضي، طهروا برصا، اقيموا موتي، اخرجوا شياطين" (مت 10 ك 8). وبذلك يكون الناس خاتما أيضا علي سواعدهم.. وقال كذلك " مهما فعلتموه بأخوتي هؤلاء الأصاغر، فبي قد فعلتم" (مت 25: 40). *فمثلا ابن يحب أباه، ويجعله خاتما علي قلبه. يحب أيضا أن يجعله خاتما علي ساعده: بأن يحترمه، ويهتم به في شيخوخته ويعوله، كما فعل يوسف الصديق مع أبيه يعقوب في أرض مصر (تك 47). هناك أمثلة عكسية لا يتفق فيها الخاتمان معا (القلب والساعد) *يعقوب أبو الأباء: لاشك أنه كان يحب أباه إسحق ويحترمه ويجعله خاتما علي قلبه ويطلب بركته ويسعي إليها. لكنه لم يجعل أباه خاتما علي ساعده، حينما خدع أباه وكذب عليه وقال له "أنا عيسو بكرك" (تك 27: 19). *كذلك في قصة أصحاب أيوب، لما أتوا إليه في تجربته، أظهروا أنه كان خاتما علي قلوبهم حينما حزنوا عليه " ورفعوا أصواتهم وبكوا، ومزق كل واحد جبته، وذروا ترابا فوق رؤسهم.." (أي 2: 12). ولكنه لم يكن خاتما علي سواعدهم في كلامهم معه، حينما أخزوه، ولم يراعوا شعوره، بل اتهموه ظلما وأثاروه.. *نحن نحب ملكوت الله ونجعله خاتما علي قلوبنا، فهل جعلناه خاتما علي سواعدنا بالعمل لأجله. إننا نقول "مساكنك محبوبة أيها الرب إله القوات" (مز 84: 1). فكما أنها هكذا خاتم علي قلوبنا، هل جعلناها خاتما علي سواعدنا، بالخشوع فيها ودوام التردد عليها؟! |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
تأمل إجعلنى كخاتم على قلبك - بالموسيقى - البابا شنودة الثالث |
كخاتم على قلبك كخاتم على ساعدك لأن المحبة قوية كالموت.. |
كخاتم على قلبك |
إجعلني كخاتم علي قلبك .. كخاتم علي ساعدك |
اجعلني كخاتم على قلبك |