رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
صَوْتِي إِلَى اللهِ، فَأَصْرُخُ. صَوْتِي إِلَى اللهِ، فَأَصْغَى إِلَيَّ [1]. إذ صرخ المرتل إلى الله بكل قلبه، بغيرة وفي إخلاص تحرك الله - إن صح التعبير - ليصغي إليه. الصرخات التي تحرك القلب تحرك الله نفسه الذي يسكن في القلب ويقيم منه هيكلًا . المؤمن الذي يصرخ بقلبه لا يحرك شفتيه فحسب، إنما يتحرك كل كيانه الجسدي والنفسي والروحي. إن كانت الخطية تجعل الإنسان بعيدًا عن الله، لذا يصرخ كمن يتحدث مع من هو بعيد عنه، لكنها ليست صرخات مسموعة بالأذنين، إنما صرخات قلب يطلب أن يتقدس، فيشعر أنه في حضن الله، أو يسترد وضعه في الأحضان الإلهية بالنقاوة والقداسة خلال غنى نعمة الله وعمل روحه القدوس. يرى القديس چيروم أن الحوار مع الله يتحقق بالعمل، فصراخ المرتل هنا لله هو خلال العمل الصالح حسب وصية الله، واستجابة الله أيضًا بالعمل. * "بصوتي إلى الرب أصرخ... فيصغي إليّ، في يوم ضيقي التمست الرب". اُنظروا كيف كان مضطربًا، فإنه يصرخ عاليًا ملتمسًا الله... الصرخة العالية ضرورية للغاية عندما يكون القلب المضطرب بعيدًا. هذا هو ما يقوله: هذا هو ما أقوله: "بسبب خطاياي صرت بعيدًا عنك، لهذا وجب عليّ أن أصرخ إليك لكي ما تحتملني في رحمتك المتحننة . القديس چيروم * عندما نكون في اضطراب نُرفض ولا نفكر في شيء إلاَّ في تعبنا، ولكن أفضل ما نعمله في وقت الضيق هو الصلاة بغيرة... إن وَجَدت الله، ففيه استرد كل شيء . القديس چيروم * لاحظوا أن أعمالنا الصالحة تصرخ إلى الرب، حتى ونحن صامتون. ولهذا السبب جاء في الكتاب المقدس: "كانت كلمة الرب عن يد حجِّي النبي" (حج ١: ١، ٣). لم تأت كلمة الله بالكلام، وإنما باليد - بالعمل. بنفس الروح يقول إرميا: "ليته لا تكون راحة لعينيّ". اُنظروا فإنه حتى حدقة عيننا ليست صامتة. بالحقيقة نصرخ لله بأيادينا في دفعات كثيرة، كما نصرخ إليه بدموعنا . القديس چيروم * في أوقات شدتي صرخت متضرعًا إليه، وطالبًا منه الفرج. وبما أن صراخي كان مستحقًا الإجابة، استجاب لي، ونجاني من أحزاني. فإذًا اعلم يا يدوثون أن الله سميع وقريب لمن يسأله بما يليق. الأب أنثيموس الأورشليمي يرى القديس أغسطينوس أن المؤمن يصرخ إلى الرب وقت ضيقه، لا لكي يتخلص من الضيق، وإنما لكي يثب (يدوثون) فوق كل العالم وكل متاعبه، يقفز ليكون في حضن الرب، طالبًا الرب نفسه. فالضيقة بالنسبة له لا تخص أمرًا معينًا بذاته، بل الحياة كلها بكل متاعبها، لتستقر النفس في موطنها السماوي. كثيرًا ما أطال القديس أغسطينوس أحاديثه في ضرورة الوثب أو القفز فوق كل المتاعب لأجل اقتناء الرب نفسه والتمتع بأحضانه الإلهية. * كثيرون يصرخون إلى الرب من أجل مثل هذه الأمور (الزمنية)، لكن نادرًا ما يصرخ أحد من أجل الرب نفسه. من السهل على الإنسان أن يطلب من الرب شيئًا، ولا يطلب الرب نفسه. كما لو كان بالحقيقة أن ما يهبه الرب أكثر عذوبة من أن يعطي الرب ذاته. لذلك من يصرخ إلى الرب لأجل شيء ما ليس بالشخص الذي يثب... إنه بالحق يسمع لك في الوقت الذي تطلبه هو، وليس من خلاله تطلب شيئًا ما. يقال عن قبل هذا : "يصرخون ولا مخلص. إلى الرب فلا يستجيب لهم" (مز 18: 41) . القديس أغسطينوس * عندما تكون في ضيق ماذا تطلب؟ إن كان السجن هو سبب الضيق، تطلب أن تخرج منه. إن كانت الحمى هي سبب الضيق، تطلب الصحة. إن كان الجوع هو علة الضيق، تطلب الشبع. إن كانت الخسارة هي سبب الضيق، تطلب الربح... أتريد أن تكون إنسانًا يثب؟ في وقت ضيقك أطلب الله، ولا تطلب شيئًا خلال الله، فإنه لهذه الغاية ينزع الله عنك الضيق حتى ما تلتصق بالله دون قلق. القديس أغسطينوس |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|