قالوا كثيرًا في الحكمة، واختلفوا في شأنها اختلافًا واسعًا؛ وذلك بسبب اتصال الحكمة بعدد من العلوم والقوى الخلقية والعقلية. وحين يقف الإنسان الموقف الذي عليه أن يقفه، فإنه يكون قد أنجز إنجازًا ليس بالقليل.
في بعض الأحيان يكون هناك نوع من الغموض والالتباس أو نوع من التقاطع بين المعطيات المعرفية، أو نوع من ضعف الإدراك للمنافع والمضار، وحينئذ فإن قلّة قليلة من الناس هي التي تتمكن من فهم المحيط واتخاذ القرار الصحيح.
قيل ان مدينة كان يقيم أهلها كل سنة ملكا غريبا عليهم وعند نهاية السنة يفاجئه أهل المدينة من حيث لا يدرى فيخلعونه من ملكه ويطوفون به المدينة ثم ينفونه الى جزيرة يموت فيها جوعا وحزنا . فحدث ان رجلا حكيما ملكوه عليهم ، أدرك الأمر واستطاع أن يعلم ما سيجرى له فشرع يبنى فى تلك الجزيرة دورا وقصورا وأخذ يرسل اليها كل ما ملكت يداه حتى نفى اليها وكان قد أعد فيها كل خير ونعمة فعاش فيها غنيا ورغدا مطمئنا. فلو كنا نتصرف فى أمورنا الروحية تصرف هذا الرجل الحكيم لاستطعنا أن ننتقل من هذه الحياة مطمئنين لأننا أعددنا لأنفسنا فى بيتنا الأبدى كل وسائل راحتنا .
فيا أيها المسافر الى الحياة الابدية لا يهمك عدم اجلال الناس لك واذا أعياك تعب الطريق فلا تغتم .
(عن كتاب طريق السماء للقس منسى يوحنا )