كذلك قال: «النيةُ هي المطلوبةُ في كلِّ موضعٍ، لا الموضعَ، فإنَّ آدم كان جالساً في الفردوسِ، وأطاع مشورةَ الشيطانِ، وتبعَ هواه وعصى وصيةَ اللهِ، وأيوبَ كان جالساً على المزبلةِ، وقاوم الشيطانَ، وضبطَ هواه، وحفظ وصيةَ الإله».
كما قال: «إنَّ المسيحيين الحقيقيين، هم أفضلُ الأممِ، والرهبان (الحقيقيين) أفضل المسيحيين».
كان رئيسُ ديرٍ أباً لمائتي راهب، هذا زاره السيد المسيح بصورةِ شيخٍ مسكينٍ، فسأل البوابَ أن يقولَ للمعلمِ عنه، فدخل، فوجده يخاطب آخرين، فصبر، ثم عرَّفه، فقال له: «دعنا في هذا الوقتِ»، فتأخر البوابُ. وعند الساعةِ الخامسةِ زارهم رجلٌ مُوسِرٌ، فتلقاه رئيسُ الديرِ بسرعةٍ، فتقدم ربنا سائلاً قائلاً: «أريدُ يا معلم أن أكلمَك»، والرئيسُ دخل مع ذلك الغني مسرعاً ليصلحَ له طعاماً، بمعنى أنه غريبٌ، وبعد الأكلِ شيَّعه إلى البابِ، ونسي المسكين إلى المساءِ، ولم يَقبل الغريبَ المسكين. ثم انصرف الربُّ، بعد أن راسله على لسانِ البوابِ قائلاً: «قل للمعلمِ إن كنتَ ترى كرامةً وتشريفاً، فذلك لأجلِ سالفِ تعبك، إني مرسلٌ لك أقواماً يزورونك من أربعِ جهات الدنيا، وأما خيرات ملكوتي، فلا تذوقها». فعرف حينئذ أن الشيخَ المسكين، هو الربُّ، وتندم وتألم.