منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18 - 10 - 2017, 10:46 AM   رقم المشاركة : ( 11 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

وهكذا أخذ كلَّ ما أعطاه ومضى حزيناً باكياً قائلاً في نفسِه: «من أيِّ درجةٍ في الصومِ هبطتَ، وفي أيِّ حالةٍ حصلتَ»؟ ثم أنه قال لنفسِه: «إن لم أفعل ما أمرني به أكونُ قد خالفتُ الله، لأني قد عاهدتُه أنه مهما قال لي أفعله كمِن فمِ الله، والآن يا ربُّ، انظر إلى شقاوتي وارحمني واغفر لي خطيئتي، لأني مضطرٌ أن أعملَ خلافَ هواي». وجاء إلى قلايتهِ باكياً، وتمَّم ما قاله له الشيخُ، وعكف على الصلاةِ عكوفاً بليغاً، وكان إذا ما أكل، يبلُّ الخبزَ بدموعِه قائلاً: «يا الله قد أُهملتُ وخُذلت من يدِك». فلما رأى الله حزنَه وبكاءَه ومسكنته، عزَّى قلبَه وكشفَ له السببَ، فشكر الله واعترف بالقول النبوي: «إن كلَّ برِّ الإنسانِ مثل خرقة الطامث». وأيضاً: «إن لم يبنِ الربُّ البيتَ ويحرس المدينةَ، فباطلاً سهر الحارسُ». وهكذا عاد إلى الشيخ منهوكَ الجسمِ متوعكاً أكثرَ مما كان وهو يطوي الأسابيع صائماً. فلما رآه الشيخ متذلِّلاً متمسكناً، قبله بفرح بوجهٍ طلق، وصلَّيا وجلسا صامتين مدة ساعةٍ، ثم قال الشيخُ: «يا ولدي، إن الله المحبَّ للبشرِ قد تعاهدك، ولم يمكِّن العدوَ من الاستيلاء عليك، لأنه من عادتِه دائماً خداع من يسلك مسلكَ الفضيلةِ بوجوه تتبين أنها واجبةٌ ويسوقهم بها إلى مرض الكبرياء، ويأمرهم أن يخوضوا في خوضٍ عظيمٍ من الفضائلِ حتى من هذه الوجهة يُهبطهم هبوطاً عظيماً، لأنه ليس عند الله شيءٌ مرذولٌ مثل مرض الكبرياء. ولا ثمة فضيلة تساوي التواضع، فتأمَّل الأمرين مِن مَثل الفريسي والعشار، لأن بعضَ الشيوخِ يقولون إن بعض الإفراطات من أعمالِ الشياطين، فاسلك طريقاً ملوكيةً كما يقول الكتاب، ولا تمل يُمنى ولا يُسرى، اتبع التوسط في الأمورِ، وفي كلِّ عشيةٍ يكونُ غذاؤك، وإن دعت الضرورةُ لمرضٍ أو عارضٍ يعرض، فاسلك للوقت بحسب ما تقتضيه الحال، كذلك إن اقتضى الأمرُ حلَّ الساعة المحدودة فلا تحزن، وإن اقتضى أن تتناول في يومٍ غير مطلق، فتناوله، لأننا لسنا تحت ناموسٍ بل تحت نعمةٍ. فإذا أكلت فلا تمتلئ بل اقتصر سيما من الأطعمة اللذيذة، وأحب أبداً ما كان دوناً، واحفظ قلبَك لأن النبي يقول: الذبيحة لله روحٌ منسحقة، والله لا يُرذل القلبَ المتواضع المنكسر. وقد قال أيضاً: تواضعتُ فخلَّصني الربُّ. والربُّ يقول بلسان إشعياء النبي: إلى من أنظر إلا إلى الوديع الخائف من كلامي. فألقِ يا بُني جميعَ اتكالِك على الربِّ واسلك طريقَك بسلامٍ وهو يفعل لك الخيرَ، ويُخرج عدلَك كضوءٍ وحُكمك كالظهيرةِ». وبعد أن دعَّم الأخَ بأقوالٍ كثيرةٍ، أخلى سبيلَه مسروراً بالربِّ، وإذ كان يمضي ترنَّم قائلاً: «خائفوك وعارفو شهاداتك ليردُّوني، وأدباً أدَّبني الربُّ وإلى الموتِ لم يُسلِّمني، ويؤدبني الصديقُ برحمةٍ ويوبخني». وقال لنفسه: «ارجعي يا نفسي إلى موضع راحتك لأن الربَ قد أحسن إليك، وبقية القول». وهكذا جاء إلى قلايته، وقضى بقيةَ عمرِه حسب مشورة الشيخ.
  رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
بستان الرهبان كامل مسموع
زهور من بستان - كتاب بستان الرهبان
تحميل كتاب بستان الرهبان كامل مسموع
كتاب بستان الرهبان لبيلاديوس
كتاب بستان الرهبان


الساعة الآن 03:09 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025