ومن هنا نستطيع أن نُميز ونُفرِّق بين أولاد الحق وأولاد الباطل، لأن من ثمارهم تعرفونهم، فأولاد الحق يحافظون على كلمة سيدهم محفورة بدقة في قلوبهم، عاملين بها في واقعهم اليومي المُعاش، وآلامه الخلاصية – من أجل الجميع – ماثلة أمام أعيُنهم، لذلك يصلون دائماً من أجل الجميع لكي يعرف طريق الحياة الجديدة في المسيح يسوع، وهم – بسبب طبعهم السماوي – لا يجزعون من شيء، ولا يخافون من الذين يقتلون الجسد، ولا يحزنون على أي خسارة في العالم، مهما ما كان ثميناً وحتى لو كانت مباني عبادتهم، بل دائمي الشكر بسرور من يحب إله خلاصه مستودعاً حياته بين يديه، وكل رغبتهم أن يكونوا شهوداً لله في المسيح بأعمال حسنة تمجد أبيهم السماوي من الجميع، لأننا – في واقعنا المسيحي الاختباري – صرنا منظراً أمام الملائكة والناس، وبسبب طاعتنا لروح الله في المسيح، تمتلئ قلوبنا سلاماً عجيباً راسخاً مُدعماً برجاء حي بقيامة يسوع، يُثمر فينا شوق غامر لفعل الخير حسب مسرة مشيئة الله، وحينما نُطيع هذا الشوق المتولد فينا نمتلئ بالروح وتصير إراداتنا دائماً مستقيمة، فنعمل أعمالنا بغيرة حسنة في أمانة التقوى، فنرفع أيدينا نحو القدير بمحبة وشكر ونسأله ان ينظر إلينا بعين رعايته لينقينا أن كان هناك ميلاً باطلاً لا يُرضي صلاحه، وأن يغسلنا من أي خطأ سواء عن عثرة أو بدون قصد أو غفلة أو غفوة أو هفوة أو أي شيء خفي أو ظاهر، لأن صلاتنا إليه دائماً: اختبرني يا الله واعرف قلبي، امتحني واعرف أفكاري. وانظر أن كان في طريقٌ باطلٌ واهدني طريقاً أبدياً (مزمور 139: 23 و24).
فيا إخوتي الأحباء في كنيسة الله، أعلموا يقيناً أن علامة المؤمن الحي بالله هي في قلبه: بساطة الإيمان في الحق، وعدم الضغينة الظاهر في سرّ المصالحة مع إخوته في كل مكان، وكل ما يزعجه بشدة ويؤرق نفسه جداً ويرعبه هو الانشقاق والانقسام، وما يجرح نفسه هو بُعد الناس عن المخلص وسعيهم نحو الموت سواء عن قصد أو غفلة وعدم وعي، فيذرف الدمع على خطايا قريبه (الذي هو أي إنسان وكل إنسان) ويحسب زلاته هي زلته الخاصة ليقدم صلاة محبة لله في المسيح وباسمه لكي ينال قريبه سرّ المصالحة مع الله الحي، لأن راحة كل من يحيا مع الله بسر المحبة في المصالحة وارتباط الكل بالرأس الواحد شخص ربنا يسوع، لأن بذلك الارتباط سيصير الكل واحد طبيعياً دون جهد، لأن الروح واحد والفكر فكر المسيح الرب الواحد، لأن كل من يرتبط بالرأس طبيعياً سيرتبط بالجسد وبسهولة دون مشقة ولا صراع.
إخوتي الأحباء في الله الحي، إن رسالتي إليكم اليوم ليست سوى تحذير لنفسي ولكل من يحب ربنا يسوع في عدم فساد، لئلا نغترّ في أنفسنا ونظن أننا وصلنا إلى الكمال، فنطعن أنفسنا بالأوجاع دون أن ندري، فننتفخ ونقع في أعظم الخطايا شراً ورأسها الذي هو عجرفة الكبرياء، لأن الكبرياء هو الشيطان عينه، أن لبسه أحد فقد قتل نفسه وانتفخ وارتفع فوق وصية الله بغباوة حتى انه يصير مقاوماً لها باسم التقوى كما فعل الشيطان نفسه في التجربة حينما تكلم بكلمة الله لكي بمكر يخدع ربنا يسوع، دون أن يدري أو يعي أنه يقاوم رب الحياة نفسه مصدر الوصية والنبع الحي المتدفق بالحياة الأبدية، هكذا كل من هو من الشرير، يذبح أخاه بالوصية لأنه يغش كلمة الله وبكل مكر يستخدمها حتى أنه يخدع البسطاء فيضلهم عن الحق لمصلحة ذاته، وبذلك يكون قاتل أخاه مشتركاً في جريمة قايين عينها.
أن كل قلب له آذان مدربة على سماع صوت الروح يستطيع ان يميز أقوال الله ويحيا في سلام، أما من يحور الكلمات لمعاني أُخرى ليعوج الطريق المستقيم لكي تغفو الناس عن خلاصها وتحقق قصد الله الحي، أو لكي يثبت أن الحق يدفعنا أن ننقسم ونحرم بعضنا البعض ليُبرر أفعاله المُشينة التي هي ضد مشيئة الله وتدبيره، فقد تصلف وهو لا يفهم شيئاً لأنه رافضاً أن تعمل فيه محبة الله، لأن الحقد ملأ قلبه حتى أُصيب بالعمى وسار في طريق بلعام الذي وضع معثرة أمام الشعب، فاحذروا الذئاب الذي لهم صورة الحملان وهم خاطفين ومبددين القطيع لأن كل عملهم كالحية الماكرة التي تبث السم بنعومة، إذ بكل حيلة تضل الناس وتسحرهم حتى يقبلوا سمها القاتل الذي يُسكرهم ويخدر كل قواهم فيسيروا في نفس طريق الخطاة الذين صارت خطيئتهم عظيمة لأنهم يفرقون ولا يستطيعوا أن يجمعوا حسب القصد الإلهي.