الكنيسة تُصلي
«والآن يا رب، انظر إلى تهديداتهم، وامنح عبيدك أن يتكلَّموا بكلامك بكل مُجاهرة»
نحتاج بشدة أن نسأل أنفسنا عن المكان الذي تشغَلَـهُ الصلاة الجماعية، والأهمية التي تُحيط بها في الكنيسة في أيامنا الحاضـرة. أ ترانا نحسب الصلاة الجماعية سلاحًا فعَّالاً ضمن أسلحتنا الروحية؟ لعلَّه من قبيل التشجيع أن نذكـر نموذجًا لهذا الطراز من الصلاة؛ صلاة الكنيسة استمدادًا للقوة إزاء الاضطهاد ( أع 4: 24 -31)، وفيها نرى كيف استجاب الله صلوات القدِّيسين سريعًا. لقد كان محور هذه الصلاة الشهادة للمسيح في أورشليم. فإن المجمع اليهودي كان قد حكم بإدانة بطرس ويوحنا، وأصدر المتآمرون اليهود أمرهم للرسولين بالكَّـف عن الكلام والتعليم باسم ربنا يسوع، ولكنهما أصرَّا على أن يظلا في موقف الأمانة سامعين لله.
وتحت هذه الظروف لم يتصرَّفـا متأثرين بانفعالات الثبات على المبدأ غير حاسبين حسابًا لصعوبات الطريق، بل نراهما كرَجُلي الله، يركضان إلى الصلاة اعترافًا منهما بضعفهما. ولم يُصلِّ كل منهما على حدة كما فعل إيليا، بل كعضوين في جسد المسيح عرضا الأمر على «رُفقائهما» (ع23). فاتفق القدِّيسون كجماعة واحدة «ورفعوا بنفسٍ واحدة صوتًا إلى الله» (ع24). كانت هناك وحدة في الطلب. والقول الذي نقرأه في هذه المناسبة «بنَفسٍ واحدة» قول يُعبِّر عن طابع كان يُميِّز تاريخ الكنيسة في سفر الأعمال ويَدُّل على أنه كان بين المؤمنين يومئذٍ فكر واحد، نفس واحدة، وفم واحد ( رو 15: 6 ). وتلك عيِّنة مُبكِّرة عن الصلاة المشتركة التي ينبغي أن تُميِّز تصرُّفات كل جماعـة.
ومن دراسة صلاتهم نتبيَّن أن المُجتمعين أقرُّوا بسلطان الله واقتداره (ع24)، واستخلَصوا من سفر المزامير أن القوى عينها التي تصدَّت للرب يسوع تتصدَّى يومئذٍ لهم؛ لعبيد الرب يسوع وخدامه (ع25- 28)، وأنهم طلبوا القوة والعون لكي يتسنَّى لهم أن يتكلَّموا بكلمة الله بكل مُجاهـرة (ع29).
وماذا كانت نتيجة هذا النشاط الذي يسوده التوافق والاتفاق؟ «ولمَّا صلُّوا تزعزع المكان الذي كانوا مُجتمعين فيهِ، وامتلأ الجميع من الروح القدس، وكانوا يتكلَّمون بكلام الله بمُجاهـرة» (ع31). كان الروح القدس في وسط الكنيسة كالشاهـد الكُلِّي القدرة على الأرض. فليس من عجَب أن يمضي التلاميذ في سبيلهم، يتكلَّمون بكلمة الله بمجاهرة نتيجة لصلاة المشاركة.